الجزائر تتحول من ممر إلى سوق رائجة للمخدرات
٦ يناير ٢٠١٢رحلت ألمانيا الجزائري ل. م. أمين، إلى الجزائر عام 2008، بسبب تناوله المفرط للمخدرات، ولأنه كان عنيفاً مع أغلب من يقابلهم وهو مغيب العقل بسبب السموم التي كان يتناولها، فقد أصدرت السلطات الألمانية أمرا بترحيله للجزائر رغم أن كل عائلته؛ أي والداه وإخوته وزوجته يقيمون في ألمانيا. واشترطت السلطات الألمانية عليه ـ إن أراد العودة إلى عائلته في ألمانيا ـ الخضوع للعلاج في مستشفى تخصصي جزائري يعنى بإعادة تأهيل المدمنين على المخدرات، على أن يحضر شهادة من المستشفى تثبت تخليه عن المخدرات وعزوفه عن العنف، بعد إجراء فحوص بدنية ونفسية. هو يأمل في العودة إلى ألمانيا في أقرب فرصة بعد إنهائه فترة العلاج وإعادة التأهيل.
السوق الجزائرية أخطر وفيها مختلف الأصناف
وعن الوضع الذي قابله في الجزائر يقول أمين لدويتشه فيله: " لقد كان الوضع صعباً جدا بالنسبة لي وأنا المدمن على المخدرات بكل أنواعها، فقد كنت آمل في إيجاد محيط خال من المخدرات يساعدني على العودة إلى عائلتي، فإذا بي أجد سوقاً رائجة للحشيش والحبوب المهلوسة. والأمر الأغرب بالنسبة لي، أن ثمن هذه المخدرات هنا أرخص بكثير مقارنة بألمانيا". ويضيف أمين: "صحيح أن الماريجوانا والهيروين غير متوفرتين في السوق الجزائرية، إلا أن وفرة الحشيش والحبوب المهلوسة قد يجعلان من السوق الجزائرية أخطر من السوق الألمانية". في هذا السياق يصف أمين وضعه بالقول بأنه "كمن هرب عبر سور السجن فوقع على بابه".
دويتشه فيله رافقت أمين في حي الكثبان وضاحية الحراش شرق العاصمة، حيث أشار إلى بعض من الشباب المروج للحشيش غير بعيد عن مراكز الشرطة والأمن. ويندهش المرء وهو يرى عدد الشباب الذين يذهبون إلى البائعين من أجل سيجارة حشيش أو حبة هلوسة. في هذا السياق يعتقد أمين، أن نسبة كبيرة من الشباب دون الخامسة والعشرين قد دخنوا على الأقل سيجارة حشيش منذ بداية مراهقتهم. والنسبة بين الذكور هي أكبر منها عند الإناث، حسب اعتقاده. وتشير مصادر من وزارة الصحة الجزائرية، إلى تناول أكثر من 25 في المائة من الشباب للمخدرات ما بين سن 15 و 25 سنة.
وبخبرته في هذا المجال يعدد أمين أنواع المخدرات الموجودة في السوق:" فإلى جانب الحشيش نجد حبوبا مهلوسة أخرى، مثل الصفراء والحمراء والأوكيال وبراكيتال وباركيديل والأوتافونيل. أما الأخطر منها، والتي بدأت تنتشر بكثرة في السوق، فهي التوتشا التي تؤدي بالمرء إلى ممارسة العنف حتى مع أقرب الناس إليه".
الحرب على المخدرات مازالت مستمرة
إلا أن الحرب على المخدرات التي تشنها السلطات الجزائرية لا تبدو أنها أشرفت على نهايتها رغم الإمكانات التي تتوفر عليها السلطات الأمنية. ويتضح هذا الأمر من خلال عدد القضايا المنظورة في المحاكم، والتي تعالج هذا الموضوع، وكذلك من خلال الكميات الهائلة من المخدرات المصادرة والكميات الأكبر الموجودة في السوق. ويؤكد مصدر أمني من شرطة العاصمة لدويتشه فيله، أن الأمر معقد جدا، مشيرا إلى أن تجار المخدرات "يجربوننا في كل مرة. فهم يضحون أحيانا بكميات معينة قد تصل إلى مائة كلغ، كي يتأكدوا من خلالها من استعدادنا في هذه المنطقة أو تلك، ثم إذا ما لاحظوا تراخيا من جانبنا أغرقوا المنطقة بالحشيش".
وبسبب الخوف من العقاب، فضل شباب في حي عين النعجة غرب العاصمة عدم ذكر أسمائهم، حيث أشاروا صراحة إلى أن بعض رجال الأمن متورطين في الاتجار بهذه السموم، إما مباشرة أو بشكل غير مباشر، حيث يشك في تلقيهم لعمولات من تجار المخدرات، متسائلين في هذا السياق كيف أنه يتم بيع الحشيش والحبوب المهلوسة على بعد مائة متر عن مركز الشرطة؟
في المقابل تتسابق الصحف على نشر أخبار "الحرب على المخدرات"، التي هي حقيقية إلى حد ما، فقد قبض على مئات المهربين وتمت مصادرة أطنان من الحشيش والقناطير الأخرى من الحبوب المهلوسة، كما أن الأحكام القضائية في مثل هكذا قضايا قاسية جدا، وقد تصل إلى الحكم بالسجن المؤبد. ورغم ذلك فإن تهريب المخدرات والاتجار بها ما يزال مستمرا ويمر في أحيان كثيرة دون عقاب؛ تارة بسبب ذكاء المهربين وتارة أخرى بسبب الرشوة المستشرية في البلاد. وقد تورط العشرات من الممرضين والأطباء والصيادلة في بيع الحبوب المهلوسة إلى مدمنين أو إلى تجار يقومون ببيعها للزبائن.
هيثم رباني ـ الجزائر
مراجعة: عبده جميل المخلافي