الجزائر- حراك مستمر يطالب بتغيير بقايا نظام بوتفليقة
٢٨ يونيو ٢٠١٩
خرج آلاف المحتجين بالجزائر للمطالبة بتغيير ما أسموه "بقايا نظام بوتفليقة"، مؤكّدين عدم تراجعهم حتى "الوصول بالبلاد للغاية التي خرج من أجلها الشعب ". التظاهرات جرت وسط انتشار كثيف للشرطة التي اعتقلت عدداً من الأشخاص.
إعلان
ردد محتجون جزائريون اليوم الجمعة (28 حزيران/ يونيو 2019) شعارات مطالبة برحيل بن صالح وبدوي، داعين إلى تطبيق المادتين 07 و08 من الدستور الجزائري اللتين توليان السلطة للشعب، معتبرين أن "البلاد طيلة العشرين سنة الماضية في حكم بوتفليقة كانت رهينة عصابة ". وتنص المادة 07 من الدستور الجزائري على أن "الشعب مصدر كل سلطة والسيادة الوطنية ملك للشعب وحده" في حين تشير المادة 08 إلى أن "السلطة التأسيسية ملك للشعب، يمارس الشعب سيادته بواسطة المؤسسات الدستورية التي يختارها، يمارس الشعب هذه السيادة أيضا عن طريق الاستفتاء وبواسطة ممثليه المنتخبين، لرئيس الجمهورية أن يلتجئ إلى إرادة الشعب مباشرة".
وصباح اليوم، منعت الشرطة المحتجين من الوصول المبكر إلى ساحة البريد المركزي التي تحتضن مظاهرات أسبوعية منذ 22 شباط/ فبراير الماضي، واعتقلت عشرات منهم. كما أغلق رجال أمن كل المنافذ المؤدية إلى قلب العاصمة تحسبا للمظاهرة التي تشهدها الجزائر اليوم. الاحتجاجات الأسبوعية جرت في يوم الجمعة التاسعة عشر ضد النظام، وغداة رفض جديد لمطالب المحتجين من قيادة الجيش.
ومنذ استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في 2 نيسان/أبريل تحت ضغط الشارع وبعد تخلي الجيش عنه، يطالب المتظاهرون برحيل وجوه الفريق القديم وخصوصا الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح ورئيس الوزراء نور الدين بدوي ولكن أيضا رئيس أركان الجيش الفريق قايد صالح المتمسك بالتطبيق الحرفي للدستور.
أثرياء وعسكر وساسة قابعون في السجون... فهل اكتفى الحراك الجزائري؟#مسائية_DW
02:01
وبمجرد انتهاء صلاة الجمعة، بدأت حشود المتظاهرين ملتحفين العلم الوطني السير نحو ساحتي موريس أودان والبريد المركزي، كما كل أسبوع منذ بدء الاحتجاجات في 22 شباط/ فبراير. وردّد المتظاهرون شعارات "سلمية سلمية مطالبنا شرعية" و "الجزائر أمانة باعها الخونة" و"لا نريد حكم العسكر من جديد" و" دولة مدنية لا عسكرية" و"قايد صالح، ارحل".
وانسحبت الشرطة التي احتلت المكان طوال الصباح، إلى مواقعها قرب مبنى البريد المركزي وعلى أطراف الشوارع، بعدما قامت في وقت سابق بالتدقيق في هويات عشرات المتظاهرين واعتقال العديد منهم. وكان ناشطون نشروا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، شعارات هذا اليوم وهي "مرحلة انتقالية تحقق القطيعة مع النظام قبل الانتخابات الرئاسية" للرد على تحذيرات رئيس الأركان الفريق قايد صالح الذي يرى أن المطالبين بفترة انتقالية يسعون إلى "حماية الفساد من خلال تأجيل محاربته".
وسبق لرئيس الأركان أنّ صرّح في 18 حزيران/ يونيو أن "تجميد العمل بأحكام الدستور" -- ما قد يقود نحو مرحلة انتقالية -- "يعني إلغاء كافة مؤسسات الدولة والدخول في نفق مظلم اسمه الفراغ الدستوري، ويعني بالتالي تهديم أسس الدولة الوطنية الجزائرية". وطالت الملاحقات القضائية في حملة "محاربة الفساد" كبار رجال الأعمال والمسؤولين السياسيين وخصوصا رئيسي الوزراء السابقين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال الموجودين رهن الحبس المؤقت في انتظار محاكمتهما. وحذر عدد من رموز الحركة الاحتجاجية ومراقبون من استخدام القضاء في صراع النخب في هرم السلطة، وطالبوا بترك محاربة الفساد للرئيس المنتخب.
وبعد إلغاء الانتخابات الرئاسية التي كانت مرتقبة في الرابع من تموز/ يوليو، لانعدام وجود مرشحين ورفض الحركة الاحتجاجية لها، باتت السلطات أمام وضع معقّد، فالدستور ينصّ على أن يسلّم رئيس الدولة الانتقالي السلطة لرئيس جديد بحلول 9 تموز/ يوليو، وهي مهلة قصيرة جداً لتنظيم انتخابات جديدة.
م.م/ ع.ج (أ ف ب، د ب أ)
في صور .. أبرز اللاعبين في المشهد السياسي الجزائري
بعد استقالة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، باتت العملية السياسية أكبر التحديات يواجه البلاد ونخبها السياسية والعسكرية. والسؤال الآن: ما هو البديل السياسي ومن هم اللاعبون البارزون والمرشحون المحتملون لرئاسة الجزائر؟
صورة من: picture-alliance/AP Photo/A. Belghoul
الجنرال أحمد قايد صالح
رجل الجزائر الأقوى كما يراه كثيرون هو الفريق أحمد قايد صالح رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي منذ 2004، ونائب وزير الدفاع الوطني منذ عام 2013. شارك صالح في معارك التحرير وهو في السنة السابعة عشرة من عمره. تولى مناصب قيادية في جبهة التحرير منذ عام 1957. ويمثل امتداداً لنفس الخط السياسي الذي حكم الجزائر في الجمهورية الأولى عام 1962.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/A. Belghoul
رئيس مجلس الأمة
عبد القادر بن صالح (77 عاما)، رئيس مجلس الأمة منذ 17 عاما وسيتولى رئاسة الجزائر بموجب الدستور بعد استقالة بوتفليقة، لمدة أقصاها 90 يوما يتم خلالها انتخاب رئيس جديد.
صورة من: AFP/P. Kovarik
نور الدين بدوي
تولى وزير الداخلية السابق نورالدين بدوي، رئاسة حكومة تصريف الأعمال، في 11 مارس/ آذار إثر إعلان بوتفيلقة عدوله عن الترشح لولاية خامسة، وإرجاء الانتخابات الرئاسية إلى أجل غير مسمى. وترفض معظم أحزاب المعارضة والشارع حكومة تصريف الأعمال لأن رئيسها بدوي مقرب جدا من النخبة الحاكمة. ولذلك من غير المرجح أن يترشح للمنافسة على الرئاسة.
صورة من: picture-alliance/dpa/B. Bensalem
مصطفى بوشاشي
المحامي والناشط الحقوقي مصطفى بوشاشي، من أبرز وجوه وزعامات الحراك الشعبي ويحظى بتأييد كبير بين المحتجين. ويصر على استمرار الاحتجاجات حتى بعد استقالة بوتفليقة إلى أن تتم الاستجابة لمطالب الشارع برحيل كل رموز النظام. ومن شأن ترحيبه بموقف الجيش طمأنه المؤسسة العسكرية. وبالتالي يمكن أن يحظى بدعم الشارع وتأييد الجيش له، وهو ما يجعله واحدا من أقوى المرشحين للرئاسة، هذا إذا قبل الترشح!
صورة من: DW/T.Bougaada
عبدالرزاق مقري
رئيس حركة مجتمع السلم ومرشحها للتنافس على انتخابات الرئاسة عبد الرزاق مقري. يعرض مبدأ الإطار التوافقي الوطني لحشد الجزائريين حول قوة تخرج ببلدهم من خانق الأزمة. من أشد رافضي الولاية الخامسة لبوتفليقة. حركة مجتمع السلم ليست جزءاً من خارطة السلطة الحاكمة وتعلن أنّ الشعب هو مصدر السلطة.
صورة من: Imago/Zuma/B. Bensalem
علي بن فليس
علي بن فليس هو جزء من النخبة السياسية الحاكمة، وكان رئيسا للحكومة فترتين بين عامي 1999 و2003، ثم تحول الى صف المعارضة بعد فضيحة تزوير الأصوات في انتخابات عام 2004. يترأس حزب طلائع الحريات وهو مرشحه الآن. أعلن بوضوح عن احتمالين في الانتخابات "الأول أن تكون فرصة عظيمة للذهاب إلى نظام ديمقراطي"، أما الاحتمال الثاني فهو "الغموض التام والذهاب نحو المجهول".
صورة من: Imago/Chahine Sebiaa
رشيد نكاز
رشيد نكاز هو مرشح مستقل، ويعد مرشح الشباب والتغيير ويرفض الانتساب لأي حزب. مثير للجدل وقد جرى إبعاده عن انتخابات عام 2014. كبر وتعلم في فرنسا، وقد فاجأ الجميع بإعلان ترشحه للانتخابات الرئاسية الفرنسية عام 2011، ثم تخلى عن جنسيته الفرنسية وبات يروج من خلال صفحته على فيبسوك لبرنامجه الانتخابي في الجزائر الساعي إلى الحد من الهجرة غير القانونية إلى أوروبا. الصورة له وهو يتوسط الحراك الجزائري الجاري.
صورة من: Imago/Zuma/B. Bensalem
عبد المجيد تبون
جزء من النخبة السياسية الحاكمة، ويعد مرشحا توافقياً، وكان رئيس الحكومة قبل تولي أحمد أويحيى المنصب. خلال رئاسته للوزراء مطلع عام 2017، أعلن عن إصلاحات أراد منها الفصل بين السياسة والمال، في محاولة معلنة لمحاربة الفساد المستشري في البلد. لا يملك برنامجا انتخابياً واضحاً، لكنه متحالف بقوة مع الجنرال أحمد قايد صالح.
صورة من: Imago/PanoramiC
شكيب خليل
شكيب خليل من رجال النخبة السياسية التي كانت تدور في فلك بوتفليقة، تولى منصب وزير الطاقة ويشير البعض إلى صلته بمرحلة الرفاه الاقتصادي. وهو من أبرز وجوه فضيحة سوناطراك، وصدرت بحقه مذكرة توقيف دولية عام 2013، لكنّ علاقته الشخصية بالرئيس المستقيل بوتفليقة أنقذته. لا يملك أي برنامج انتخابي أو سياسي.
صورة من: Imago/Imagespic Agency
لويزه حنون
لويزة حنون هي المرأة الوحيدة التي رشحت للمشاركة في السباق على كرسي الرئاسة في الجمهورية "الثانية" المنتظرة بالجزائر. ترشحت عن حزب العمال المعارض، ثم انسحبت بعد إعلان حزب العمال يوم (الثاني من آذار/ مارس 2019) مقاطعته لانتخابات الرئاسة لعام 2019، ولكن هل سيتراجع الحزب عن قراره بعد استقالة بوتفليقة أم يستمر في المقاطعة وعدم المشاركة في الانتخابات؟
صورة من: Reuters
الجنرال المتقاعد علي غديري
أبن الجيش الجنرال المتقاعد علي غديري، طرده المتظاهرون بشارع ديدوش مراد بالعاصمة وظلوا يهتفون ضده بالفرنسية "ديغاج ديغاج" بمعنى "غادر". شغل منصب مدير الموارد البشرية في وزارة الدفاع لمدة 15 سنة، يعلن أنّ برنامجه الانتخابي هو"القطيعة مع ممارسات الماضي وإعلان جمهورية ثانية". ومن آرائه أنّ مشاكل الجزائر ليست اقتصادية وإنما سياسية بالأساس وسببها الفساد السياسي. (صورة من الأرشيف لوحدة من الجيش الجزائري)
صورة من: Reuters
شعب الجزائر قد يدفع بمرشح غير معلن
يبدو أن صوت الشعب الجزائري هو الأعلى في الميادين والشوارع، فهو ما برح يعلن اعتراضه واحتجاجه عبر مظاهرات كل جمعة، والسؤال هنا هو: من يقود قوة الشعب ومن سيحرز ثقته؟ وقد يُقرر شكل الحكم المقبل من خلال انتخاب شخص لم تسلط عليها الأضواء.