الجزائر- حصن منيع ضد الهجرة وسوق واعدة لشركات ألمانيا
١٧ سبتمبر ٢٠١٨
ملفات الاقتصاد والهجرة المهمة تربط بين ألمانيا والجزائر، فالأرقام تشير إلى تطور نوعي في حجم التبادل التجاري بين البلدين والاهتمام منصب على نقل التكنولوجيا الألمانية وشراء السلاح ومنع الهجرة إلى أوروبا.
إعلان
الجزائر سوق واعدة للاقتصاد الألماني
01:25
زارت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل مجدداً الجزائر في زيارة عنوانها العريض "الهجرة والإرهاب العابر للحدود". زيارة أصر الطرفان إذا على إتمامها رغم صعوبة الظروف الصحية للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، وهي الأولى بعد زيارة ميركل الشهيرة قبل عشرة أعوام، والتي تم فيها التوقيع على عدة اتفاقيات تجارية بين البلدين.
وإن كانت زيارة اليوم تحمل هموماً سياسية تشغل الأوروبيين بشكل ملح كملف الهجرة والأزمة الليبية والإرهاب، ولكن الاقتصاد يبقى حاضراً فيها في وقت يبدو أن ألمانيا، الاقتصاد الأقوى في أوروبا، تعيد رسم خريطة علاقاتها التجارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في ظل ما فرضته تطورات السنوات الأخيرة من تحديات سواء على صعيد ملف سياسة الهجرة أو في ما يخص العلاقات الألمانية مع أكثر من دولة في الشرق الأوسط.
الجزائر: سوق كبيرة ومنبع مهم للطاقة
تربط البلدين علاقات اقتصادية مهمة. فبحسب البيانات الصادرة عن وكالة Germany Trade& Invest التابعة لوزارة الاقتصاد الألمانية، فإن ألمانيا حلت عام 2017 في المرتبة الرابعة بعد الصين وفرنسا وإيطاليا في قائمة الدول المصدرة للجزائر. وبلغت قيمة الصادرات الألمانية إلى الجزائر في العام نفسه 3,1 مليار يورو، شكلت صادرات الآليات والسيارات والمركبات وقطع الغيار حوالي 42% في المئة منها، بينما أشارت البيانات الصادرة عن الوكالة إلى أن أكثر من 48% من الصادرات الألمانية للجزائر كانت على شكل صادرات من نوع آخر لم يحدد. في الوقت نفسه ذكرت منظمة CAAT غير الحكومية ومقرها في بريطانيا أن الجزائر احتلت المركز الأول بين الدول المستوردة للأسلحة الألمانية عام 2016 بما بلغت قيمته أكثر من 1,4 مليار يورو. إذا فالسوق الجزائرية سوق كبيرة بالنسبة لقطاعين مهمين للاقتصاد الألماني: السيارات والسلاح.
إلى جانب الصادرات الألمانية المرتفعة إلى الجزائر هناك اهتمام ألماني متزايد بمصادر الطاقة الجزائرية، فالجزائر بلد نفطي، ويشكل النفط والغاز الطبيعي حوالي 95% من عائدات صادرات البلاد، كما أن الصادرات الجزائرية النفطية والبتروكيماوية تقترب بدورها من 95% من مجمل صادرات الجزائر إلى ألمانيا والتي بلغت العام الماضي حوالي 1,2 مليار يورو، حسب أرقام وكالة Germany Trade& Invest.
في حوار له مع DW عربية أوضح الأمين العام للمنظمة العربية الأورومتوسطية للتعاون الاقتصادي الدكتور عبد المجيد العيادي أن الحاجة الجزائرية للمنتجات الألمانية تتعدى ذلك وتصل إلى قطاعات أخرى من أهمها قطاع الطاقة البديلة "الذي يعتبر قطاعاً حيوياً بالنسبة للجزائر وألمانيا على حد سواء" بالإضافة إلى الحاجة الكبيرة لدى الجزائر لإعادة بناء بنيتها التحتية وتطلعها لتحقيق ذلك بخبرات ألمانية حسب قوله.
استقرار جنوب المتوسط على رأس الأولويات
وفي سياق آخر تعتبر الجزائر واحدة من الدول المغاربية التي يعاني شبابها من البطالة. إذ أن نسبة البطالة في الجزائر تجاوزت الـ 11% من مجمل السكان واقتربت من الربع بين الشباب، مما بات يدفع الشباب الجزائري إلى خوض رحلة الهجرة "غير الشرعية".
ويوضح العيادي أن الجزائر، حالها حال باقي دول شمال إفريقيا، باتت دولة عبور للهجرة من إفريقيا السمراء إلى القارة الأوروبية. ويضيف بالقول"في مدن الشمال في دول مثل المغرب أو الجزائر أو تونس أو ليبيا، حوالي 70% من الراغبين بالعبور إلى القارة الأوروبية ليسوا من أصول مغاربية وإنما سنغالية أو نيجيرية أو من أقصى جنوب القارة "
بناء على هذه المعطيات فإن استقرار الأوضاع الاقتصادية في الجزائر لتقليص أسباب الهجرة أمر مصيري بالنسبة لألمانيا وأوروبا بشكل عام في ظل تعقد أزمة الهجرة وصعود اليمين المتطرف في ألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية مستفيداً من تحديات الأزمة. وبالفعل خطت ألمانيا بعض الخطوات في هذا المجال وافتتحت العام الماضي شركة فولكسفاغن في البلاد وبالتعاون مع شركة جزائرية مصنعاً لتركيب سيارات فولكسفاغن وسيات وسكودا، لتنضم الشركة إلى 200 شركة ألمانية أخرى ناشطة في هذه الدولة الشمال إفريقية.
هل تعوض العلاقات مع شمال إفريقيا الشراكة مع الشرق الأوسط؟
وإذا كانت الجزائر تحتضن حوالي 200 شركة ألمانية فإن الشريك التقليدي لألمانيا في شرق المنطقة العربية، المملكة العربية السعودية، فيها 800 شركة ألمانية ناشطة في مختلف قطاعات الاقتصاد ومن أهمها دايملر وزيمنس وباير وبورينغر، كما أن حجم الصادرات الألمانية إلى السعودية بلغ العام الماضي حولي 6,6 مليار يورو. غير أن هذه العلاقات تمر بفترة جفاء متأثرة بالأزمة الخليجية وتبادل التصريحات الناقدة بين البلدين فيما يخص ملفات التسليح وحقوق الإنسان، كما أن الصادرات الألمانية إلى السعودية انخفضت بين 2015 و2017 لحوالي النصف.
يضاف إلى هذه الصعوبات صعوبات أخرى على الجانب الآخر من الخليج، فبعد قيام الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بالانسحاب بشكل منفرد من الاتفاق النووي الإيراني ومن ثم فرضه عقوبات جديدة على طهران مطلع الشهر الماضي، رأت الشركات الألمانية نفسها مضطرة إلى الانسحاب من السوق الإيرانية، فأعلنت زيمنس نيتها الانسحاب من إيران وقبلها كل من دايملر ودويتشه بان وغيرها من الشركات الألمانية. الخبير الاقتصادي العيادي لم يجد في زيارة ميركل للجزائر فرصة لتعويض الفجوة الحاصلة حالياً في العلاقات الاقتصادية الألمانية مع الشرق الأوسط، وإنما أكد على أن هذه العلاقات لها شكل مختلف وتاريخ مختلف أيضاً حسب قوله، منوهاً إلى أن "العلاقات الألمانية المغاربية تسودها مواضيع سياسية وليس فقط اقتصادية". ولكن ورغم الخصوصية التي تتمتع بها العلاقات الألمانية المغاربية، يأتي تحسين العلاقات بين برلين والجزائر في أفضل وقت بالنسبة لألمانيا.
ميسون ملحم
أرقام وحقائق .. هل تعاقب السعودية الشركات الألمانية؟
تراجعت صادرات ألمانيا إلى السعودية بنسبة 5 بالمئة خلال النصف الأول من 2018، وذلك بعد أنباء تحدثت عن رغبة سعودية بمعاقبة ألمانيا بسبب انتقادها لسياسات السعودية. وهذه قائمة بأهم الصادرات والواردات الألمانية السعودية.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
السعودية تسحب سفيرها في برلين
تصاعدت الخلافات بين ألمانيا والسعودية قبل نحو ثمانية أشهر، بعدما انتقد وزير الخارجية الألمانية آنذاك زيغمار غابرييل السعودية وتحدث حينها عن "مغامرة" تتعلق بالسياسة الخارجية. واستدعت المملكة حينها سفيرها من برلين إلى الرياض احتجاجا على ذلك. وحتى الآن لم يتم إعادته. وذكرت أنباء في أيار/ مايو الماضي بأن السعودية تريد أن تعاقب الشركات الألمانية بسبب التوترات السياسية بين البلدين.
صورة من: picture-alliance/dpa/T. Vogler
تراجع الصادرات الألمانية إلى السعودية
أعربت أوساط اقتصادية ألمانية عن استيائها من استمرار تراجع الصادرات الألمانية إلى السعودية. وقال رئيس قسم التجارة الخارجية بغرفة التجارة والصناعة الألمانية فولكر تراير إن الصادرات الألمانية تراجعت بنسبة 5 بالمئة وانخفضت بذلك إلى نحو ثلاثة مليارات يورو خلال النصف الأول من العام الجاري. وأشار تراير إلى أن حجم الصادرات إلى السعودية بلغ 6.6 مليار يورو في 2017، وكان يبلغ 9.9 مليار يورو في عام 2015.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
صناعات الدواء والعقاقير الطبية
حذرت اتحادات صناعة دواء دولية وألمانية السعودية بشأن شروط التوريد الصارمة التي طبقتها الرياض ردا على انتقادات لسياساتها. ويقول مسؤولون ألمان إن شركات مثل سيمنس هيلثينيرز وباير وبوهرنغر إنغلهايم أصبحت مستبعدة من مناقصات الرعاية الصحية العامة بالسعودية. وقال أوليفر أومز من غرفة التجارة والصناعة الألمانية بالرياض "على مدى الأشهر الستة الأخيرة تجد شركات ألمانية صعوبة في العمل في السعودية".
صورة من: picture-alliance/dpa/B. Nolte
السعودية أكبر سوق أدوية في الشرق الأوسط
حسب إحصائيات نشرتها غرفة التجارة والصناعة الألمانية في ولاية بافاريا، وصلت قيم صادرات الدواء والعقاقير الطبية إلى السعودية إلى 600 مليون يورو في عام 2017. وكانت في ارتفاع مستمر في السنوات الأخيرة. والسعودية أكبر سوق أدوية في الشرق الأوسط وإفريقيا بمبيعات بلغت 7.6 مليار دولار العام الماضي وفقا لشركة معلومات الرعاية الصحية إكفيا. وتخلو قائمة أكبر عشرة موردي أدوية إلى المملكة من باير وبوهرنغر.
صورة من: Getty Images/AFP/K. Sahib
صادرات السلاح
شهد قطاع بيع السلاح والمعدات العسكرية تراجعا كبيرا أيضا في 2018. ووافقت الحكومة الألمانية على 4 صفقات أسلحة للسعودية بقيمة 161.8 مليون يورو هذا العام. ويعود انتقاد تصدير أسلحة للسعودية بسبب حرب اليمن. وكان التحالف المسيحي بقيادة المستشارة ميركل، والحزب الاشتراكي الديمقراطي اتفقا خلال مفاوضات تشكيل الائتلاف الحاكم على إيقاف صادرات الأسلحة لكافة الدول المشاركة "على نحو مباشر" في حرب اليمن.
صورة من: Imago/teutopress
صادرات كيماوية
انخفضت قيمة المنتجات الكيماوية في عام 2017 بصورة طفيفة عن عام 2016 ووصلت إلى 604 مليون يورو، بعد أن كانت 624 مليون يورو. فيما شهدت الصادرات الكيماوية أكثر ارتفاع لها في عام 2012 ووصلت حينذاك إلى نحو 800 مليون يورو.
صورة من: Fotolia/Franz Pfluegl
معدات معالجة البيانات وأخرى إلكترونية وبصرية
ارتفعت قيم هذه الصادرات إلى السعودية عام 2017 ووصلت إلى 593 ميلون يورو بينما كانت 455 مليون يورو في 2016، حسب إحصائيات نشرتها غرفة التجارة والصناعة في ولاية بافاريا.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
معدات كهربائية
انخفضت قيم صادرات الأجهزة والمنتجات الكهربائية إلى 401 مليون يورو في 2017، في حين كانت 686 مليون يورو في العام الذي سبقه. وهو أقل مبلغ لهذه الصادرات منذ عام 2011.
صورة من: picture-alliance/U. Baumgarten
صادرات زراعية
حافظت الصادرات الزراعية الألمانية على قيمها في العام الماضي مقارنة بالأعوام الماضية وبلغت 445 مليون يورو.
صورة من: picture-alliance/dpa/L. Mirgeler
السيارات وقطع غيار السيارات
استمرت هذه الصادرات في انخفاضها الحاد ووصلت عام 2017 إلى 705 مليون يورو بينما كانت قد وصلت إلى رقم قياسي في عام 2015 وبلغت آنذاك مليار و 600 مليون يورو.
صورة من: picture-alliance/dpa/B. von Jutrczenka
صناعة المكائن
قطاع صادرات المكائن الألمانية إلى السعودية هو الأكبر في مجال التجارة بين البلدين على الإطلاق. وبلغ مليار و 64 مليون يورو في عام 2017، لكنه أيضا في انخفاض في الأعوام الأخيرة، إذ كان قد وصل إلى أكثر من مليار و800 ميلون يورو في عام 2015.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Weihrauch
الواردات السعودية إلى ألمانيا
بلغت قيمة الواردات السعودية إلى ألمانيا 802 مليون يورو عام 2017 وبارتفاع قدره 28 بالمائة عن عام 2016، إذ بلغت فيه قيم الواردات 623 مليون يورو.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Burgi
النفط
أهم الواردات السعودية كانت النفط والغاز التي وصلت إلى 313 مليون يورو عام 2017. وهي في ارتفاع مقارنة بعام 2016 حيث بلغت آنذاك 200 مليون يورو، لكنها بعيدة جدا عن أرقام عامي 2012 و 2013 حيث تجاوزت مليار و 200 مليون يورو سنويا.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Haider
المنتجات الكيماوية
المنتجات الكيماوية كانت في المركز الثاني في قائمة الواردات السعودية في ألمانيا وبلغت قيمها 266 مليون يورو وبارتفاع وصل إلى 30 بالمائة عن عام 2016.
صورة من: picture-alliance/epa
منتجات سعودية أخرى
تستورد ألمانيا أيضا منتجات بلاستيكية ومطاطية بقيمة 22 مليون يورو، ومنتجات فحمية ومنتجات نفطية بقيمة 23 مليون يورو، ومنسوجات بـ 17 مليون يورو، ومعادن بقيمة نحو 10 ملايين يورو وقطع غيار سيارات بقيمة 8 ملايين يورو.