1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الجزائر سوق رائجة لقرصنة برامج الكومبيوتر والأفلام السينمائية

١٣ مارس ٢٠١١

ارتفاع معدلات قرصنة البرامج والأفلام في الجزائر لا يؤثر على الشركات العالمية فقط، بل يتجاوزه إلى إلحاق خسائر كبيرة بالشركات المحلية، فالأفلام تُباع في سوق "دي15" قبل عرضها في دور السينما، في ظل غياب الرقابة الحكومية.

بيع نسخ غير مشروعة من الأغاني والأفلام في الجزائر العاصمة حتى على ألأرصفةصورة من: DW / Bougaada

بلغت نسبة القرصنة في الجزائر لبرامج الكومبيوتر والألعاب الالكترونية 85 بالمائة بحسب الأحصائيات الرسمية، وهو معدل يؤشر لدرجة الانتهاكات الخطيرة التي تتعرض لها حقوق الملكية الفكرية لأصحاب هذه البرامج من المؤسسات العالمية. كما أن هذا المعدل يشير من جانب آخر إلى الحجم الكبير لعملية استغلال الأقراص المنسوخة بطريقة غير شرعية، وهذا الأمر ليست حكراً على الأفراد فقط، بل تمتد استعمالات هذه النسخ لإدارات الدولة ومؤسساتها الرسمية.

وشركات إنتاج برامج الكومبيوتر ليست وحدها المتضررة من ظاهرة القرصنة في الجزائر، فقد تكبد الديوان الوطني لحقوق التأليف والحقوق المجاورة الجزائري خسائر مالية، بلغت أكثر من700 مليون دينار جزائري. ونتجت هذه الخسائر بعد تهريب نتاجاته أو تسويقها بطريقة غير شرعية، ودخلت هذه الهيئة في عشرات القضايا القانونية لاسترجاع حقوقها وحقوق المنخرطين من الفنانين والموسيقيين والكتاب.

وبحسب الأرقام المعلنة من قبل الديوان الجزائري لحقوق التأليف والحقوق المجاورة، فإن ولايات وهران والشلف وتيارت وتلمسان تحتل المراتب الأولى في عمليات القرصنة والبيع غير الشرعي للأقراص المستنسخة بطرقة غير شرعية. وتليها ولايات غليزان وبشار وكذا تندوف، هذا بالنسبة لولايات الغرب، ناهيك عن ولايات الوسط والشرق، بعد اكتساح البيع غير الشرعي والرواج الكبير الذي باتت تشهده عمليات القرصنة.

الفنانون واستوديوهات التسجيل أكثر المتضررين

الأرصفة لا تخلو أيضا من الدعاية لشراء نسخ مقرصنة من الأغاني والأفلامصورة من: DW / Bougaada

عمليات القرصنة ألحقت خسائر كبيرة بالفنانين واستوديوهات التسجيل في الجزائر ويتخوف الجميع اليوم بمجرد التفكير في طرح أي ألبوم أو عمل فني في السوق. وحتى محاولات بعض الفنانين في المغامرة مع بداية السنة الجديدة لطرح ألبومات جديدة باءت بالفشل وسرعان ما امتدت لها أيدي القراصنة، الذي قاموا بتهريب أغانيهم قبل طرحها إلى الأسواق مستغلين أداء هؤلاء الفنانين لبعض أغانيهم الجديدة في حفلات رأس السنة الميلادية. وفي هذا الإطار يقول صاحب أستوديو "ستار بلوس": "قررنا هذه السنة الانتظار حتى انقضاء الأشهر الأولى من السنة الجديدة لطرح البومات النجوم الذين نتعامل معهم، خاصة بعد قرصنة بعض الأغاني من حفلات رأس السنة، و هو ما أجبرنا على إجراء تعديلات في الألبومات بإضافة أغان جديدة أخرى، وهو الأمر الذي كلفنا الكثير من المال و الوقت". من جانبه يشير الصحفي الجزائري عثمان ب. إلى أن عمليات قرصنة الأغاني ألحقت في السنة الماضية خسائر كبيرة بالمنتجين والفنانين تقدر بالملايين، دون أن تتحرك أي جهة لمواجهة الظاهرة التي تهدد الإنتاج والإبداع الجزائري في هذا المجال.

فيلم حسني يقرصن قبل عرضه

وما زالت مصالح الدرك الوطني تحقق في قضية قرصنة فيلم المخرج مسعود العايب "الأغنية الأخيرة" الذي يروي قصة المغني الجزائري الراحل "حسني شقرون" المعروف بـ"الشاب حسني"، بعد أن وضعت يدها على الآلاف من النسخ المقرصنة في عدد من محلات ومخازن بأحياء العاصمة، والتي كانت تباع بسعر رمزي يعادل أقل من ثلث دولار واحد. ورفضت مصالح الدرك الوطني الحديث لدويتشه فيله عن هذه القضية حفاظاً على سرية التحقيق.

فاطمة وزان: النسخ المقرصنة تسبب خسائر فادحة للكتاب والفنانينصورة من: DW / Bougaada

من جانبها عبرت كاتبة سيناريو فاطيمة وزان بأنها لن تتنازل عن القضية حتى ينكشف الفاعل، وأضافت في حوار مع دويتشه فيله أن النسخة المقرصنة ليست هي النسخة الأصلية، و هو الأمر الذي "أساء بشكل أكبر إلى الفيلم الذي أنفقت عليه أنا وزوجي الكثير من المال والوقت حتى يخرج في أحسن حلة سينمائية". اللافت أن الفيلم لم يعرض بعد في دور السينما للجمهور وعرض مرة واحدة فقط في إطار أفلام تظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة العربية عام 2007.

كلمة السر "لا أعرف"

في محاولة لمعرفة مصادر النسخ غير المرخصة من البرامج والأفلام والأغاني، قصدنا أحد أكبر أسواق بيع برامج الكومبيوتر والأفلام والموسيقى في الجزائر والمعرف شعبيا بـ"دي15". كل شيء يباع في هذا السوق، الذي تفتح أبوابه على الساعة الرابعة فجراً وتغلق في التاسعة صباحاً، بأبخس الأثمان، حيث لا يتجاوز سعر القرص الواحد هنا 12 ديناراً. أما الأفلام التي كانت تباع هنا فتتنوع من آخر أفلام هوليود التي لم تعرض بعد في دور السينما الأمريكية إلى برامج مكافحة الفيروسات والألعاب الإلكترونية، وأغاني ألبوم الشاب خالد الأخير وسامي يوسف.

حاولنا الحديث إلى البائعين، لكن لم يجبنا أحد على سؤالنا حول المصدر الممون لهم بهذه "الأقراص. فقد رفض الباعة الإجابة على سؤال حول مدى معرفتهم بالقرصنة ودهاليزها، واكتفوا بعبارة واحدة: "لا أعرف، أذهبوا إلى الإنترنت ..إنها مليئة بالأفلام". غير أن وليد، وهو أحد زبائن السوق، أكد لنا أنه يعرف بين الباعة قراصنة "مخضرمين" لا يغادرون شاشة الكمبيوتر وهم على اطلاع آنيّ بكل شارد ووارد من الأفلام والبرامج التي تدخل مواقع إلكترونية محددة، ويؤكد وليد أن القراصنة لا يكشفون عن هويتهم إلا لمن يثقون فيهم من زملاءهم.

"خليج القراصنة".."نجم سات" و"دي زاد سات" ملتقى القراصنة

إحدى متاجر بيع الأفلام وبرامج الكومبيوتر المقرصنة في العاصمة الجزائرصورة من: DW / Bougaada

يعد موقع "thepiratebay" أي"خليج القراصنة" أهم موقع إلكتروني يتبادل فيه قراصنة العالم الأفلام الجديدة أو القديمة، وكل المواد المقرصنة من موسيقى أو وبرامج وثائقية أو برامج الكمبيوتر أو ألعاب. ويعتمد الموقع على مبدأ تبادل المواد المقرصنة بين أعضاء الموقع وزواره، ولم تستطع السلطات الأمريكية إلى اللحظة وضع حد لنشاطه رغم تعرض عدد من أعضاءه إلى الاعتقال لأكثر من مرة. ويلجأ قراصنة إلى "خليج القراصنة" لتحميل ونسخ آخر الأفلام وكل ما هو صالح للبيع من مواد مرئية أو مسموعة، فبعد تحميل الفيلم المطلوب يستخدم القرصان ناسخاً Graveur لينسخ الأفلام بالجملة دون أن يضطر إلى تحميل الفيلم عدة مرات.

ويؤكد حمزة، وهو جامعي مهتم بشؤون الإنترنت والأفلام، أن "خليج القراصنة" موقع لا يستطيع أي قرصان في العالم الاستغناء عنه لأنه يمثل "المورّد الأول" لعشاق الأفلام والموسيقى وكل جديد في مجال الإنتاج السمعي البصري، ويستخدم رواد "خليج القراصنة" برامج "طورنت" و"ليمواير" الشهيرين لتحميل المواد التي يريدون. وبعيداً عن "خليج القراصنة" أطلق الجزائريون مواقع محلية لتبادل الأفلام والخبرات في السمعي البصري وبرامج الكمبيوتر وتشفير القنوات، ومن أشهر المواقع "نجم سات" و"دي زاد سات"، ويجد الأعضاء المسجلون في هذين الموقعين حاجتهم من الأفلام الجديدة أو القديمة، ويعتبر "نجم سات" على وجه الدقة ساحة كبيرة لتبادل الأفلام بين الجزائريين وغيرهم.

جهود غير كافية

سنت الجزائر جملة من القوانين لمحاربة ظاهرة الجريمة الالكترونية بمختلف أبعادها و منها؛ قانون قانون حماية الملكية الفكرية لسنة 2003 وقانون مكافحة الجريمة عبر الإنترنت في 2009، كما قامت باستحداث فرق خاصة على مستوى الشرطة و الدرك لمحاربة هذه الظاهرة، إلا أن ذلك يبقى غير كاف، في ظل التنامي السريع لظاهرة القرصنة التي تتزايد أكثر مع تزايد معدلات البطالة بين الشباب الذين يجدون في السوق الموازية لبيع مثل هذه المنتجات الملاذ الآمن للهروب من لعنة البطالة.

توفيق بوقاعدة – الجزائر

مراجعة: عماد م. غانم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW