الجزائر ـ قصة "الاجتماع السري" الذي أغاض قائد الجيش
٣١ مارس ٢٠١٩
منذ انطلاق الاحتجاجات في الجزائر والمحللون ينظرون لتصريحات قائد الجيش الجنرال قايد صالح على أنها معيار لفهم السناريوهات السياسية المحتملة لمآل الحراك الشعبي. فماذا يعني تصريحه الأخير بشأن "جهات تتآمر" ضد الجيش والشعب؟
إعلان
بات من الواضح أن الجيش بدأ بإلقاء كامل ثقله لمواكبة عملية تغيير القيادة السياسية في الجزائر التي فرضها الحراك الشعبي، وهو بذلك يسعى لتعزيز نفوذه السياسي الهائل بضبط أجندة وآليات المرحلة الانتقالية بالعمل من خلف الكواليس لعزل الرئيس المريض وسط تعالي أصوات المحتجين المطالبين بالديمقراطية.
رئيس الأركان ونائب وزير الدفاع، الجنرال أحمد قايد صالح، حذر أمس مما وصفه بـ"الاجتماعات غير الشرعية التي لا تتماشى مع الدّستور"، دون ذكر تفاصيل ما يقصد بالاجتماعات. في تصعيد واضح يدل على أن صبر صالح بدا في النفاذ. فماذا يقصد بـ"الاجتماعات السرية" ومن المشاركين فيها إن جرت فعلا؟
تحّدّثت تقارير إعلامية جزائرية عن اجتماع سرّي جرى أمس (السبت 30 مارس/ آذار 2019) بين سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الجزائري، ورئيس المخابرات السّابق، الجنرال توفيق، فيما بات يوصف بقوى غير دستورية تقود البلاد من وراء الكواليس.
على ماذا يراهن النظام الجزائري بعد الجمعة السادسة؟
39:42
وترك الفريق محمد مدين المعروف باسم الجنرال توفيق رئاسة المخابرات العسكرية في 2015، بعما تخلى عنه بوتفليقة بمساعدة من القايد صالح. وكان يُنظر لتوفيق على نطاق واسع على أنه مركز القوة الحقيقي في الجزائر لدرجة لأنه كان يسمى بـ"رب الجزائر". غير أن الجيش ظل أقوى مؤسسة في البلاد، رغم اتساع نطاق نفوذ حاشية الرئيس، بمن فيهم شقيق بوتفليقة الأصغر سعيد. كما استفادت نخبة صاعدة من رجال الأعمال بشكل كبير من الطفرة المالية عقب الزيادة الهائلة في إيرادات النفط.
الجنرال قايد صالح أكد في بيان صدر أمس على ضرورة تفعيل المادة 102 من الدّستور، التي تنص على إعلان شغور منصب الرّئيس، وأضاف عليها المادتين 08 و07 اللّتين تنصان على أن الشّعب مصدر كل سلطة، الأمر الذي طالب به المحتجون خلال مليونية الجمعة الأخير. كما أكد الفريق قايد صالح، أن خيار إعلان الشغور هو" الإطار الشرعي ويعد الضمانة الوحيدة للحفاظ على وضع سياسي مستقر"، مضيفا "الجيش الوطني الشعبي سيبقى دوما ضمن إطار الشرعية الدستورية والذي يضع مصالح الشّعب فوق كل اعتبار".
ويبدو أنه أيا كان النظام الذي ستتمخض عنه الاحتجاجات في نهاية المطاف تلمح تصريحات صالح إلى أن الجيش يريد الاحتفاظ بالدور الحاسم الذي يلعبه في الشأن الوطني منذ الاستقلال عام 1962.
ح.ز/م.س (رويترز، أ.ف.ب، د.ب.أ)
في صور .. أبرز اللاعبين في المشهد السياسي الجزائري
بعد استقالة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، باتت العملية السياسية أكبر التحديات يواجه البلاد ونخبها السياسية والعسكرية. والسؤال الآن: ما هو البديل السياسي ومن هم اللاعبون البارزون والمرشحون المحتملون لرئاسة الجزائر؟
صورة من: picture-alliance/AP Photo/A. Belghoul
الجنرال أحمد قايد صالح
رجل الجزائر الأقوى كما يراه كثيرون هو الفريق أحمد قايد صالح رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي منذ 2004، ونائب وزير الدفاع الوطني منذ عام 2013. شارك صالح في معارك التحرير وهو في السنة السابعة عشرة من عمره. تولى مناصب قيادية في جبهة التحرير منذ عام 1957. ويمثل امتداداً لنفس الخط السياسي الذي حكم الجزائر في الجمهورية الأولى عام 1962.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/A. Belghoul
رئيس مجلس الأمة
عبد القادر بن صالح (77 عاما)، رئيس مجلس الأمة منذ 17 عاما وسيتولى رئاسة الجزائر بموجب الدستور بعد استقالة بوتفليقة، لمدة أقصاها 90 يوما يتم خلالها انتخاب رئيس جديد.
صورة من: AFP/P. Kovarik
نور الدين بدوي
تولى وزير الداخلية السابق نورالدين بدوي، رئاسة حكومة تصريف الأعمال، في 11 مارس/ آذار إثر إعلان بوتفيلقة عدوله عن الترشح لولاية خامسة، وإرجاء الانتخابات الرئاسية إلى أجل غير مسمى. وترفض معظم أحزاب المعارضة والشارع حكومة تصريف الأعمال لأن رئيسها بدوي مقرب جدا من النخبة الحاكمة. ولذلك من غير المرجح أن يترشح للمنافسة على الرئاسة.
صورة من: picture-alliance/dpa/B. Bensalem
مصطفى بوشاشي
المحامي والناشط الحقوقي مصطفى بوشاشي، من أبرز وجوه وزعامات الحراك الشعبي ويحظى بتأييد كبير بين المحتجين. ويصر على استمرار الاحتجاجات حتى بعد استقالة بوتفليقة إلى أن تتم الاستجابة لمطالب الشارع برحيل كل رموز النظام. ومن شأن ترحيبه بموقف الجيش طمأنه المؤسسة العسكرية. وبالتالي يمكن أن يحظى بدعم الشارع وتأييد الجيش له، وهو ما يجعله واحدا من أقوى المرشحين للرئاسة، هذا إذا قبل الترشح!
صورة من: DW/T.Bougaada
عبدالرزاق مقري
رئيس حركة مجتمع السلم ومرشحها للتنافس على انتخابات الرئاسة عبد الرزاق مقري. يعرض مبدأ الإطار التوافقي الوطني لحشد الجزائريين حول قوة تخرج ببلدهم من خانق الأزمة. من أشد رافضي الولاية الخامسة لبوتفليقة. حركة مجتمع السلم ليست جزءاً من خارطة السلطة الحاكمة وتعلن أنّ الشعب هو مصدر السلطة.
صورة من: Imago/Zuma/B. Bensalem
علي بن فليس
علي بن فليس هو جزء من النخبة السياسية الحاكمة، وكان رئيسا للحكومة فترتين بين عامي 1999 و2003، ثم تحول الى صف المعارضة بعد فضيحة تزوير الأصوات في انتخابات عام 2004. يترأس حزب طلائع الحريات وهو مرشحه الآن. أعلن بوضوح عن احتمالين في الانتخابات "الأول أن تكون فرصة عظيمة للذهاب إلى نظام ديمقراطي"، أما الاحتمال الثاني فهو "الغموض التام والذهاب نحو المجهول".
صورة من: Imago/Chahine Sebiaa
رشيد نكاز
رشيد نكاز هو مرشح مستقل، ويعد مرشح الشباب والتغيير ويرفض الانتساب لأي حزب. مثير للجدل وقد جرى إبعاده عن انتخابات عام 2014. كبر وتعلم في فرنسا، وقد فاجأ الجميع بإعلان ترشحه للانتخابات الرئاسية الفرنسية عام 2011، ثم تخلى عن جنسيته الفرنسية وبات يروج من خلال صفحته على فيبسوك لبرنامجه الانتخابي في الجزائر الساعي إلى الحد من الهجرة غير القانونية إلى أوروبا. الصورة له وهو يتوسط الحراك الجزائري الجاري.
صورة من: Imago/Zuma/B. Bensalem
عبد المجيد تبون
جزء من النخبة السياسية الحاكمة، ويعد مرشحا توافقياً، وكان رئيس الحكومة قبل تولي أحمد أويحيى المنصب. خلال رئاسته للوزراء مطلع عام 2017، أعلن عن إصلاحات أراد منها الفصل بين السياسة والمال، في محاولة معلنة لمحاربة الفساد المستشري في البلد. لا يملك برنامجا انتخابياً واضحاً، لكنه متحالف بقوة مع الجنرال أحمد قايد صالح.
صورة من: Imago/PanoramiC
شكيب خليل
شكيب خليل من رجال النخبة السياسية التي كانت تدور في فلك بوتفليقة، تولى منصب وزير الطاقة ويشير البعض إلى صلته بمرحلة الرفاه الاقتصادي. وهو من أبرز وجوه فضيحة سوناطراك، وصدرت بحقه مذكرة توقيف دولية عام 2013، لكنّ علاقته الشخصية بالرئيس المستقيل بوتفليقة أنقذته. لا يملك أي برنامج انتخابي أو سياسي.
صورة من: Imago/Imagespic Agency
لويزه حنون
لويزة حنون هي المرأة الوحيدة التي رشحت للمشاركة في السباق على كرسي الرئاسة في الجمهورية "الثانية" المنتظرة بالجزائر. ترشحت عن حزب العمال المعارض، ثم انسحبت بعد إعلان حزب العمال يوم (الثاني من آذار/ مارس 2019) مقاطعته لانتخابات الرئاسة لعام 2019، ولكن هل سيتراجع الحزب عن قراره بعد استقالة بوتفليقة أم يستمر في المقاطعة وعدم المشاركة في الانتخابات؟
صورة من: Reuters
الجنرال المتقاعد علي غديري
أبن الجيش الجنرال المتقاعد علي غديري، طرده المتظاهرون بشارع ديدوش مراد بالعاصمة وظلوا يهتفون ضده بالفرنسية "ديغاج ديغاج" بمعنى "غادر". شغل منصب مدير الموارد البشرية في وزارة الدفاع لمدة 15 سنة، يعلن أنّ برنامجه الانتخابي هو"القطيعة مع ممارسات الماضي وإعلان جمهورية ثانية". ومن آرائه أنّ مشاكل الجزائر ليست اقتصادية وإنما سياسية بالأساس وسببها الفساد السياسي. (صورة من الأرشيف لوحدة من الجيش الجزائري)
صورة من: Reuters
شعب الجزائر قد يدفع بمرشح غير معلن
يبدو أن صوت الشعب الجزائري هو الأعلى في الميادين والشوارع، فهو ما برح يعلن اعتراضه واحتجاجه عبر مظاهرات كل جمعة، والسؤال هنا هو: من يقود قوة الشعب ومن سيحرز ثقته؟ وقد يُقرر شكل الحكم المقبل من خلال انتخاب شخص لم تسلط عليها الأضواء.