الجزائر: مجلس الأمن لم يقر سيادة المغرب المزعومة على الصحراء
عباس الخشالي د ب ا
١٨ نوفمبر ٢٠٢٥
أكدت الجزائر أنها لن تبخل بدعم أي مبادرة للوساطة بين المغرب وبوليساريو، مؤكدة أن ملف الصحراء الغربية "لم يطو" ولا زال مطروحا أمام مختلف الهيئات الأممية، "ومجلس الأمن لم يقر سيادة المغرب المزعومة على الصحراء الغربية".
الصحراء الغربية، سيدة تحمل علم البوليساريوصورة من: Farouk Batiche/AFP
إعلان
أكد وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، أن بلاده لن تبخل بتقديم دعمها لأي مبادرة للوساطة بين المغرب وجبهة البوليساريو، مؤكدا أن ملف الصحراء الغربية لم يطو ولا زال مطروحا أمام مختلف الهيئات الأممية.
وكان مجلس الأمن الدولي قد اعتمد نهاية أكتوبر/ تشرين أول الماضي، القرار 2797، الذي ينص على أن منح الصحراء الغربية "حكما ذاتيا حقيقيا تحت السيادة المغربية قد يكون الحل الأكثر واقعية" للنزاع، مع تجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة "مينورسو" لمدة عام واحد.
وفي تفسيره للقرارا الأممي قال عطاف في مؤتمر صحفي اليوم الثلاثاء (18 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025) : "الأكيد والمؤكد أن ملف الصحراء الغربية لم يطو وبأنه لا يزال مطروحا أمام الأمم المتحدة في جمعيتها العامة وفي مجلس الأمن وفي اللجنة الأممية لتصفية الاستعمار -لجنة الـ 24". وأضاف: "الأكيد والمؤكد أيضا أن مجلس الأمن لم يعتمد الأطروحات المغربية مثلما أنه لم يقر سيادة المغرب المزعومة على الصحراء الغربية. مجلس الأمن لم يفصل لا في أساس المفاوضات ولا في نتيجة ذات المفاوضات التي ترك تحديدها والاتفاق بشأنها لطرفي النزاع المملكة المغربية وجبهة البوليساريو".
وأوضح عطاف أن القرار المعتمد من قبل مجلس الأمن قد حافظ في مضمونه على جميع ثوابت حل قضية الصحراء الغربية دون أن يمس بأي مكون من مكوناتها المترابطة والمتكاملة. وأبرز أن مسار الحل السياسي لقضية الصحراء الغربية يظل تحت رعاية ومتابعة الأمم المتحدة، ولا يخرج عن هذا الإطار الأممي مثلما ينص على ذلك القرار في أغلب فقراته التمهيدية منها والعاملة.
عمت الأفراح المغرب بعد قرار مجلس الأمن بشأن الصحراء الغربية. صورة من: Abu Adem Muhammed/Anadolu/picture alliance
كما أشار الوزير الجزائري إلى ضرورة إجراء مفاوضات مباشرة بين طرفي النزاع، المملكة المغربية وجبهة البوليساريو، وضرورة توافقهما حول الصيغة النهائية للحل، على أن يفضي الحل النهائي إلى حتمية تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه في تقرير المصير. وعدد عطاف "3 مكاسب رئيسية" حققها من وجهة نظره قرار مجلس الأمن رقم 2797 ، قد تمكن جبهة البوليساريو من الدفاع عن موقفها من موقع قوة صلب ومتجذر في الشرعية الدولية. ويتعلق الأمر بتجديد ولاية بعثة "مينورسو"، ورفع الطابع الحصري عن المقترح المغربي للحكم الذاتي الذي أريد تكريسه كأساس وحيد أوحد للمفاوضات. إلى جانب عدم الفصل المسبق في طبيعة أو نتيجة ما ينبغي أن تفضي إليه المفاوضات وترك ذلك لاتفاق طرفي النزاع، حسب عطاف.
إعلان
"الجزائر لن تبخل بالمساعدة"
ومن جهة أخرى، أكد عطاف،أن الجزائر لن تبخل بتقديم دعمها لأي مبادرة للوساطة بين طرفي النزاع شريطة أن تندرج هذه المبادرة في الإطار الأممي وأن تحتكم في شكلها وفي مضمونها إلى ثوابت الحل العادل والدائم والنهائي لقضية الصحراء الغربية على النحو المنصوص عليه في جميع قرارات مجلس لأمن ذات الصلة بما فيها القرار الأخير رقم 2797 .
وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف: "الأكيد والمؤكد أن ملف الصحراء الغربية لم يطو وبأنه لا يزال مطروحا أمام الأمم المتحدة" (أرشيف)صورة من: Philemon HENRY/FRANCE'S MINISTRY OF EUROPE AND FOREIGN AFFAIRS/AFP
وأكد عطاف، "حرص الجزائر على المساهمة في حل النزاع القائم في الصحراء الغربية يرتبط بحرصها الدائم على أمن واستقرار جوارها وهو الحرص الذي يقوم على قناعتها الراسخة بأن أمنها واستقرارها هما جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار جوارها ومحيطها وكل فضاءات انتمائها".
وكان مجلس الأمن الدولي صوت لصالح دعم خطة المغرب للحكم الذاتي في الصحراء الغربية، معتبرا أنها " الحل الأكثر واقعية" للإقليم المتنازع عليه، داعيا جميع الأطراف إلى الانخراط في مفاوضات بناء على هذه الخطة، مع تمديد مهمة بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في الصحراء الغربية (مينورسو) لمدة عام واحد.
تحرير: ع.ج.م
الصحراء الغربية ـ خمسة عقود من النزاع.. فهل بات الحل وشيكًا؟
منذ 5 عقود لم يتوقف الصراع في الصحراء الغربية بين المغرب وجبهة البوليساريو، المدعومة من الجزائر. ومؤخرا ظهرت مؤشرات على اختراق نحو الحل أبرزها تصويت مجلس الأمن لصالح خطة الحكم الذاتي المغربية. ملف صور عن مسار النزاع.
صورة من: picture alliance/UPI
الصحراء الغربية.. ميدان الصراع
تعتبر الأمم المتحدة الصحراء الغربية منطقة متنازعا عليها، تبلغ مساحتها 266 ألف كلم متربع، ومدينة العيون هي كبرى حواضرها. عام 1991 صدر قرار من الأمم المتحدة بإجراء استفتاء لتقرير مصير الإقليم، كما نص القرار على وقف إطلاق النار الساري بين الطرفين. تعثر الاستفتاء رغم تكليف ثمانية مبعوثين خلال ثلاثة عقود ونصف. سنة 2007 عرض المغرب مبادرة الحكم الذاتي تحت سيادته باعتباره حلا وحيدا للنزاع.
صورة من: Darrin Zammit Lupi/REUTERS
المسيرة الخضراء
مباشرة إثر قرار إسبانيا الانسحاب من مستعمرتها السابقة الصحراء الغربية، وتوقيع ما يعرف باتفاقية مدريد بين المغرب وإسبانيا وموريتانيا. أمر الملك الراحل الحسن الثاني بتنظيم المسيرة الخضراء التي شارك في فيها 350 ألف مغربي يوم 6 نوفمبر تشرين ثاني 1975. ومنذ ذلك التاريخ يبسط المغرب نفوذه على معظم الإقليم.
صورة من: picture alliance/UPI
البوليساريو.. التأسيس والداعمون
تأسست في 10 مايو/أيار 1973، ولقيت دعما غير محدود من النظام الليبي، واحتضانا من الجزائر التي سمحت لها بإقامة مخيماتها في ولاية تيندوف جنوبا. خاضت الجبهة منذ عام 1976 حروبا ضد المغرب. توقفت الحرب بين الجبهة والمغرب عام 1991، عقب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتنظيم استفتاء تقرير المصير برعاية الأمم المتحدة مع التوجه لاحقا للبحث عن حلول سياسية للنزاع.
صورة من: Ryad Kramdi/AFP/Getty Images
رفض مقترحات حلول أممية
اقترحت الأمم المتحدة عدة حلول، لكن البوليساريو ترفض الانضمام للمغرب، والمملكة ترفض الانفصال. فشل الاستفتاء بسبب عدم الاتفاق على من يحق له المشاركة فيه. وقدم ممثل الأمين العام جيمس بيكر خيار الحل الثالث القائم على منح الصحراء حكما ذاتيا بإدارة مغربية، لكن الجبهة والجزائر رفضتا. عام 2002 طرح كوفي عنان خيار التقسيم كحل رابع، عبر احتفاظ المغرب بالثلثان وللبوليساريو بالثلث، وهو ما رفضه المغرب.
صورة من: Fadel Senna/AFP
اختراق دبلوماسي؟
يُرجَّح أن ملف الصحراء الغربية ومعه عقود من النزاع بين المغرب وجبهة البوليساريو، والتوتر بين المغرب والجزائر، الداعمة البوليساريو، يتجه نحو اختراق دبلوماسي غير مسبوق. إذ صرح ستيف ويتكوف المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط يوم 20 أكتوبر 2025، أن فريقا يعمل على إنجاز "اتفاق سلام" بين المغرب والجزائر. وأضاف أنه "سيتم التوصل إلى صفقة خلال 60 يوما".
صورة من: Carlos Barria/REUTERS
مجلس الأمن يصوت لصالح خطة المغرب للحكم الذاتي
صوّت مجلس الأمن الدولي يوم 31 اكتوبر تشرين أول 2025 لصالح دعم خطة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء الغربية، معتبرا أنها "قد تمثل الحل الأكثر واقعية" للإقليم المتنازع عليه، داعيا جميع الأطراف إلى الانخراط في مفاوضات بناء على هذه الخطة.
وصوت لصالح القرار 11 دولة، فيما أمتنعت روسيا والصين وباكستان عن التصويت، بينما لم تصوت الجزائر. كما جدد المجلس ولاية بعثة مينورسو في الصحراء الغربية لمدة عام واحد.
صورة من: Lev Radin/Pacific Press/picture alliance
إسبانيا.. تغيير جذري في موقفها من النزاع
في تغيير جذري لموقفها أعلنت إسبانيا في مارس 2022 دعم الموقف المغربي علنا، ودخول "مرحلة جديدة" في العلاقات مع الرباط، في خطوة رحبت بها المملكة ونددت بها جبهة البوليساريو والجزائر التي جمدت معاهدة الصداقة مع مدريد. واعتبرت الحكومة الإسبانية أن القرار يُدخل علاقة البلدين "مرحلة جديدة تقوم على الاحترام المتبادل، والتواصل الدائم". ووصفت صحيفة "إل موندو" الإسبانية الموقف الجديد لإسبانيا بـ "التاريخي".
صورة من: /AP Photo/picture alliance
فرنسا خطة الحكم الذاتي "الأساس الوحيد للتوصل الى حل سياسي"
نهاية يوليو/ تموز 2024، أبلغ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، العاهل محمد السادس أن خطة الحكم الذاتي التي تقدمت بها الرباط بشأن قضية الصحراء هي "الأساس الوحيد للتوصل الى حل سياسي، عادل ومستدام ومتفاوض بشأنه، طبقا لقرارات مجلس الأمن". وتسبب الموقف الفرنسي جينها في أزمة ديبلوماسية بين فرنسا والجزائر.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/AFP/C. Archambault
روسيا تمتنع عن التصويت في مجلس الأمن
في تصريحات أشعلت الجدل مجدداً بين المغرب والجزائر، كان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد أكد أن "مخطط الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب يمكن أن يكون حلا ناجحا إذا حظي بموافقة الأطراف المعنية وأشرفت عليه هيئة الأمم المتحدة". وألمح إلى أن ستكون مستعدة وفق ذلك للترحيب بهذا المخطط. بيد أن موسكو أحجمت فيما بعد عن التصويت لصالح الخطة المغربية في جلسة مجلس الأمن (31 أكتوبر/تشرين أول 2025).
صورة من: Shamil Zhumatov/REUTERS
بوليساريو "مستعدة" لقبول مقترح الحكم الذاتي بشرط..
أكد القيادي في بوليساريو محمد يسلم بيسط لفرنس برس (23 أكتوبر 2025) أنه في حال تم تنظيم استفتاء واختار الصحراويون الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كما تقترح الرباط، بدل الاستقلال كما تطالب جبهته، فسيتم قبوله.
وأوضح أن "المقترح الموسع" الذي قدمته الجبهة إلى مجلس الأمن "يتضمن الخيارات الثلاثة.. والضمانات المرتبطة بها، وهي: الاستقلال والانضمام وميثاق الارتباط الحر الذي قد يشبه ما يقترحه المغرب".
صورة من: Fermin Rodriguez/NurPhoto/picture alliance