1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الجزائر: مراهنة على الزمن لكشف خفايا سنوات الرصاص

٢٧ سبتمبر ٢٠١٠

بعد سبعة عشر عاما، من إلغاء الانتخابات البرلمانية التي فازت بها الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة، والعنف الأعمى الذي تبع إلغاء الانتخابات، تحصي الجزائر حوالي ثمانية آلاف مفقود، لا زال أهلهم يبحثون عنهم أو عن قبورهم

جزائرية تتعقب أثر والدها المفقود منذ إثني عشر عاماصورة من: DW

ترفض فاطمة محالي موقف السلطات الجزائرية من قضية إختفاء والدها، لأنها لم تجد قبره أو جثته، بعد أن اختفى من البيت عام 98، و تضيف فاطمة في تصريح خاص لدويتشه فيله: " لقد أخذت الشرطة والدي عام 98 و لم يعد إلى البيت، و لدينا أدلة على وفاته في السجن، لكننا لا نقبل أن يطوى ملف والدنا لأننا نريد أن نتأكد من وفاته عبر التعرف على قبره أو جثته".

و تعمل فاطمة، كسكرتيرة في جمعية SOS للبحث عن المفقودين إبان الأزمة الجزائرية، و توجد صورة والدها على جدران الجمعية، مع صور آلاف المفقودين الآخرين و غالبيتهم من الرجال، و ممن ينتمون إلى التيار الإسلامي.

غير أن فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان، لا يتفق مع وجهة نظر فاطمة، ويؤكد لدويتشه فيله: " لاشك في أن تجاوزات كثيرة قد سجلت أثناء الأزمة التي ألمت بالبلاد، و أنا اشعر بآلام العائلات، لكن المنطق يقتضي بأن ننظر إلى الأمور بواقعية، و أن لا نستمر في منطق من فعل ماذا؟".

و يضيف قسنطيني: " لقد اعترفت الدولة بوقوع أخطاء، وهاهي الآن تعوض كل عائلات المفقودين ماديا، و ينظر القضاة في وضعيات الأرامل و العائلات حتى تسوى المسائل المتعلقة بالعدة والميراث، ولا يمكننا الاستمرار في البحث إلى ما لا نهاية، لأن المهمة مستحيلة، لذا لا يمكن إلا اعتبار ملف المفقودين مغلقا نهائيا ".

تعويض المتضررين ومنعهم من التعبير

محمد محالي مفقود وتقول أسرته أنه توفي في السجنصورة من: DW

و في نفس سياق منطق الطي النهائي لملف المفقودين من قبل الحكومة الجزائرية، منحت قوات الأمن، صلاحية منع أي تجمع لعائلات الضحايا، أمام مقر اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان، أو في أي شارع من شوارع العاصمة الجزائرية، و في المقابل، فتحت البلديات أبوابها مثل بلدية باب الوادي وسط العاصمة، كي توقع عائلات المفقودين على وثائق تسلم التعويضات المادية، التي تتراوح ما بين أربعة آلاف و تسعة عشر ألف يورو، حسب الحالة.

إلا أن الرابطة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان، قد رفضت جملة و تفصيلا، قرار الحكومة الجزائرية منع تجمع العائلات للاحتجاج، و اعتبرته محاولة من السلطات الجزائرية لطي هذا الملف نهائيا، ويضيف عبد المؤمن خليل، الناطق باسم الرابطة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان، في تصريح خاص لدويتشه فيله: "لهذه التجمعات دلالة كبيرة بالنسبة لعائلات المفقودين و بالخصوص أمهات و زوجات الضحايا اللواتي يجتمعن أمام مقر اللجنة الوطنية لترقية وحماية حقوق الإنسان منذ أكثر من 12 سنة طالبات كشف الحقيقة و إصدار العدالة حول مصير ذويهن".

وأوضح خليل أن "العائلات لم تجد سبيلها وحقوقها في إطار ما يسمى "ميثاق السلم و المصالحة الوطنية" الذي جاء ليس لحل ملف المفقودين حسب المعايير الدولية، أي قواعد: الحقيقة، ثم العدالة و في الأخير التعويض المادي و المعنوي، وإنما لطي صفحات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان على حساب العدالة و الضحايا."

الزمن كفيل برأب الصدع

عبد المنعم خليل يوضح خطة الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان للتحرك في قضية المفقودينصورة من: DW

و يبدو أن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، مصمم على موقفه بعدم الجمع بين الجلاد والضحية، حتى لو كان الجلاد إسلاميا والضحية عائلة من عائلات قوات الأمن، التي قتل أحد أفرادها جماعة إسلامية مسلحة، و يأتي إصرار الرئيس الجزائري منذ تسلمه مقاليد الرئاسة عام 99 من القرن الماضي.

وتستند رغبة الرئيس بوتفليقة في طي الصفحة، الى الرغبة في دفن الأحقاد و عدم إخراج الضغينة، وهو ما أكده في خطب عديدة ألقاها في السنوات العشر الماضية، إلا أن هذا المنطق يصعب تمريره على عائلات المفقودين، التي و إن قبل بعضها بالتعويض، إلا أن بعضها الآخر قد رفضه لأنه لم يجد جثة فقيده، أو لأن خطأ ما ورد في الوثائق الرسمية التي تفيد بوفاة المفقود.

حيث تؤكد فاطمة محالي أن:" الكثير من العائلات ترفض تسلم التعويض، لأن عريضة الوفاة، مكتوب عليها أن الابن أو الزوج أو الأخ، قد مات في اشتباك مع قوات الأمن، في حين أن هذه العائلات قد شهدت أخذ فقيدها من باب المنزل، ما يعني المزيد من المشاكل البيروقراطية لإثبات عكس ما يوجد في الوثائق،رغم أنني أشك في إمكانية تغيير أي شيء فيها ".

و يقول عبد المؤمن خليل، المتحدث بإسم الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان: " إن رغبة وعزيمة العائلات بالتمسك بمطالبها المشروعة والدعم الذي تتلقاه من قبل الحركة الحقوقية بصفة عامة والرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان بوجه خاص، تجعلها تصمد في وجه السلطة وتحافظ على ذاكرة و كرامة الضحايا المختطفين قسرا".

أرشيف بالفيديو لآلاف المفقودين الجزائريين إبان سنوات العنفصورة من: DW

و يبدو أن الحكومة الجزائرية، أقوى الطرفين في الوقت الحالي، و بإمكانها منع التظاهر، و عرض التعويض كحل لا بديل عنه لطي الملف، إلا أن مراقبين كثيرين يرون أن السنوات القادمة كفيلة، بإظهار موقف ألين من قبل الحكومة الجزائرية، كي تعرف أماكن الدفن للكثير من عائلات المفقودين، تماما كما حدث في المغرب بعد ثلاثين عاما مما يعرف بسنوات الجمر في عهد الملك الراحل الحسن الثاني.

حيث شهد المغرب إنتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وتم في عام 2005 تشكيل لجنة وطنية للإنصاف والمصالحة، وتقرر تقديم تعويضات لآلاف الضحايا وإعادة إدماجهم.

ويرى المراقبون في سلوك الحكومتين الجزائرية و المغربية منحى يستبعد النهج الذي اتبع مثلا في جنوب افريقيا لتسوية الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، إذ يعتقد المسؤولون في الجزائر كما في المغرب بأن التقاليد الاجتماعية للبلد لا يمكنها أن تسمح بلقاء الضحية و الجلاد، أي بخلاف ما حدث في جنوب إفريقيا بعد نهاية نظام الفصل العنصري عام 98 من القرن الماضي.

عبد الستار بدر الدين / الجزائر

مراجعة: منصف السليمي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW