الجفاف والتغيرات المناخية تغير معالم أكبر بحيرة في تركيا
٢٥ أغسطس ٢٠٢٣
أدت موجة الحر التي ضربت جميع أنحاء تركيا تقريباً هذا الصيف إلى تفاقم الوضع في بحيرة وان، التي شهدت انخفاضا كبيرا في منسوب مياهها وباتت مهددة بأن تصبح أرضا قاحلة.
إعلان
أمام المراعي الشاسعة قبالة بحيرة وان في شرق تركيا، يستحضر الستيني إبراهيم كوش ذكريات شبابه، حين كان يرى المواشي ترعى العشب الأخضر في المكان الذي أصبح أرضاً جرداء بسبب الجفاف.
وقد نمت شجيرات على ضفاف ما كانت فيما مضى أكبر بحيرة في البلاد، والتي لا يزال السكان المحليون يطلقون عليها اسم "بحر وان" في إشارة إلى ضخامتها السابقة. غير أن مياه البحيرة انحسرت على مر السنين بسبب الجفاف والاحترار المناخي.
ويقول كوتش البالغ 65 عاما "الحيوانات عطشى"، مضيفاً "لم يعد هناك ماء"، في إشارة إلى احتياطيات المياه التي تختفي في أنحاء كثيرة من البلاد.
وأدت موجة الحر التي أثرت على جميع أنحاء تركيا تقريباً هذا الصيف إلى تفاقم الوضع. فقد تسبب تراجع المياه في تطهير قطاعات كاملة من الأرض، ما أدى إلى انتشار غبار مالح يلوّث الهواء ويُتوقع أن يزداد على مر السنين.
كما أن وان بحيرة داخلية، أي أنها تحتفظ بمياهها في حوض مغلق، ما يؤدي إلى تركيز الأملاح والمعادن الأخرى في الماء.
ويحذر أستاذ الجغرافيا في جامعة يوزونكو ييل في وان، فاروق علاء الدين أوغلو، من أن "الأسوأ لم يأتِ بعد. وسيستمر مستوى البحيرة في الانخفاض". وتبلغ مساحة البحيرة 3700 كيلومتر مربع، وقد تقلصت في السنوات الأخيرة بنسبة 1,5% تقريباً، بحسب دراسة أجراها الباحث عام 2022.
تراجع التساقطات والتبخر المفرط
وبحسب علاء الدين أوغلو، فقد تقلص حجم البحيرة في الماضي بسبب كسور في الصفائح التكتونية، ما يجعل تركيا من أخطر المناطق على صعيد النشاط الزلزالي في العالم. لكنه يعزو الانخفاض الحالي في منسوب البحيرة إلى ارتفاع درجات الحرارة الذي يؤدي إلى "تراجع التساقطات والتبخر المفرط".
ويقول إن ما يقرب من كمية المياه التي تتبخر من البحيرة توازي ثلاث مرات تلك التي تهطل على شكل أمطار. وفي منطقة سيليبيباجي على الضفة الشمالية للبحيرة، انحسرت المياه حوالى أربعة كيلومترات.
وأصبحت الشواطئ الجافة الآن مغطاة بعظام الطيور وبشجيرات شائكة وأراض ينتشر فيها الصوديوم والمعادن الأخرى.
ويقول الناشط البيئي المحلي علي كالجيك "نحن نسير في منطقة كانت مياه البحيرة تغطيها ذات يوم"، و"باتت اليوم أرضاً قاحلة بلا حياة". ويشير رقص طيور النحام فوق الجبال إلى المكان الذي تبدأ فيه البحيرة أخيراً.
وفي عام 2019، تعرض بناء قصر للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في منطقة أهلات، على الضفاف الشمالية للبحيرة، لانتقادات شديدة من نشطاء بيئيين قالوا إنه يعرض النظام البيئي الهش في الأساس للخطر.
ومع تشييد المساكن الفاخرة التي تستهلك كميات كبيرة من المياه، حثت السلطات المزارعين أخيراً على اختيار المحاصيل التي تتطلب القليل من المياه. وبالتالي، لن يتمكن كينياس جيزر، وهو مزارع يبلغ 56 عاماً، من زراعة البنجر الذي يتطلب الكثير من الري.
ويقول بأسف "لقد باءت كل جهودي بالفشل"، مشيراً أيضاً إلى المشمش الذابل الموجود على الأشجار في حديقته. ويتوقع أنه "إذا استمر الأمر على هذا النحو، فسوف نُضطرّ إلى التخلي عن الزراعة".
البحيرة جزء من التراث الثقافي
وتعاني بحيرة وان أيضاً من التلوث الناجم عن الأنشطة البشرية، وهو ما يجعل الجفاف "أكثر وضوحاً"، وفق أورهان دنيز، أستاذ الجغرافيا في جامعة يوزونكو ييل، في إشارة إلى "بقع كبيرة من الطين المقزز". ويقول "في التسعينيات، كنا نذهب للسباحة خلال استراحة الغداء. لكن هذا الأمر بات مستحيلاً اليوم".
لا تزال البحيرة تحظى بشعبية لدى السياح، وبعض السكان المحليين ينزلون إلى مياهها رغم كل شيء. ويقول حاكم وان، أوزان بالسي، إن 80 مليون ليرة تركية (حوالى 3 ملايين دولار) أُنفقت لتنظيف البحيرة. ويوضح قائلاً "نبذل قصارى جهدنا لحماية البحيرة لأنها جزء من التراث الثقافي".
وفي قرية أدير الساحلية، يستحم السكان في مياه البحيرة ويتنزهون تحت الأشجار. ولكن ليس بعيداً، تُظهر جيف طيور النورس حجم الكارثة البيئية في المنطقة. ويقول الخبراء إن سمك البوري - وهي أسماك مستوطنة تشكل الدعامة الأساسية للنظام الغذائي لطيور النورس، هاجرت في وقت سابق من هذا العام بسبب الجفاف وتضورت طيور النورس جوعا حتى الموت.
ويوضح نجم الدين نبيوغلو، وهو قروي يبلغ 64 عاما، أن "الطيور التي لا تزال على قيد الحياة معرضة للخطر. ومن دون طعام ستهلك أيضا". ويتحسر قائلاً "في الماضي، كانت طيور النورس تلاحقنا بينما كنا نسبح في البحيرة. أنظر، إنها مجزرة".
هـ.د/ع.ش (أ ف ب)
تداعيات التغير المناخي في عام 2022 ـ جفاف وفيضانات وأعاصير مدمرة
الحرارة والجفاف وعواصف قوية وفيضانات طبعت هذا العام المشهد على مستوى العالم وكانت متأثرة بصفة مباشرة أو غير مباشرة بتغير المناخ. إليكم لمحة مصورة.
صورة من: Thomas Coex/AFP
أوروبا: 2022 حرارة وجفاف بلا مثيل
حرارة مفرطة وجفاف شديد يطبعان منذ 500 عام فصل الصيف في أوروبا. وفي إسبانيا توفي أكثر من 500 شخص بسبب موجة الحرارة التي تم تسجيلها والتب تجاوزت 45 درجة. وفي بريطانيا وصلت الحرارة لأول مرة لأكثر من 40 درجة. وأجزاء من القارة تعاني من الجفاف منذ أكثر من 1000 عام، والكثير من المناطق تقوم بترشيد المياه.
صورة من: Thomas Coex/AFP
حرائق تدمر مساحات في أوروبا
من البرتغال وإسبانيا وفرنسا غربا مرورا بإيطاليا اليونان أو قبرص في الشرق وصولا إلى سيبيريا ـ في كل مكان في القارة اشتعلت حرائق الغابات في عام 2022. وبسبب النيران احترق حتى منتصف السنة حوالي 660.000 هكتار من الأراضي ـ في رقم قياسي من عام 2006.
صورة من: /Service Communication-Protocole SDIS 33/AP/dpa/picture alliance
فيضانات في كثير من بلدان آسيا
في باكستان هطلت أمطار موسمية قوية، وحوالي ربع مساحة البلاد غمرتها المياه طوال أسابيع و33 مليون شخص فقدوا مأواهم وأكثر من 1100 شخص لقوا حتفهم وانتشرت أمراض. وحتى أفغانستان شهدت هطول أمطار قوية. والآلاف من الهكتارات دُمرت والمجاعة زاد في حجمها.
صورة من: Stringer/REUTERS
آسيا: الحرارة والعواصف تغمر القارة
وقبل الفيضانات عانت أفغانستان وباكستان من حرارة مفرطة وجفاف مثل الهند. وفي الصين سُجل أخطر جفاف منذ 60 عاما وأقوى حرارة منذ بدء رصد التغييرات. وحتى بداية الخريف مرت على الصين 12 عاصفة قوية. وحتى كوريا الجنوبية والفلبين واليابان أو بنغلاديش عانت من عواصف قوية تزداد حدة بسبب تغير المناخ.
صورة من: Mark Schiefelbein/AP Photo/picture alliance
تبعات قوية لأزمة المناخ في افريقيا
في القارة الإفريقية يزداد المناخ سخونة بشكل سريع، وعليه فإن إفريقيا متأثرة بشكل ملفت بهطول الأمطار والجفاف والفيضانات. وفي الصومال بلغ الجفاف في 2022 مستوى قياسيا منذ 40 عاما مضت. وهناك أُجبر مليون شخص على مغادرة وطنهم.
صورة من: ZOHRA BENSEMRA/REUTERS
الهجرة والمجاعة في البلدان الافريقية
في كثير من المناطق في القارة الإفريقية تناقصت تربية الماشية أو الزراعة بسبب الجفاف أو الفيضانات. وبالتالي أصبح أكثر من 20 مليون شخص مهددين بالمجاعة لاسيما في أثيوبيا والصومال وكينيا.
صورة من: Dong Jianghui/dpa/XinHua/picture alliance
حرائق وفيضانات في الولايات المتحدة
في أواخر الصيف الماضي انتشرت لاسيما في ولايات كاليفورنيا ونيفادا وأريزونا حرائق قوية. وعمت الولايات الثلاثة موجة حرارة تجاوزت 40 درجة مئوية. وفي بداية الصيف أدت أمطار غزيرة إلى فيضانات في منتزه يليستون الوطني وكذلك في ولاية كينتاكي.
صورة من: DAVID SWANSON/REUTERS
أمريكا والكاريبي: عواصف قوية
في سبتمبر تسبب إعصار يان في خسائر كبيرة في ولاية فلوريدا. والسلطات تحدثت عن "خسائر بحجم تاريخي". وقبلها اجتاح "يان " كوبا حيث انقطع طوال أيام التيار الكهربائي. والإعصار المداري فيونا استمر حتى السواحل الشرقية لكندا بعدما تسبب في خسائر قوية في أمريكا اللاتينية.
صورة من: Giorgio Viera/AFP/Getty Images
عواصف استيوائية مدمرة في أمريكا الوسطى
ليس فقط "فيونا" اجتاح أمريكا الوسطى. ففي أكتوبر تسبب الإعصار يوليا في خسائر قوية في كولومبيا وفنزويلا، ونيكارغوا والهندوراس والسلفادور. وبسبب سخونة الأرض تزداد حرارة الطبقة العليا للمحيطات ما يزيد من قوية العواصف.
صورة من: Matias Delacroix/AP Photo/picture alliance
أمريكا الجنوبية تعاني من جفاف حاد
في جميع أنحاء قارة أمريكا الجنوبية تقريبا يعم الجفاف. وفي شيلي يتواصل الجفاف منذ 2007. وفي كثير من المناطق تراجع منسوب المياه في الأودية والبحيرات إلى أكثر من 90 في المئة. وفي المكسيك انقطعت الأمطار بسبب ذلك لعدة سنوات. وحتى الأرجنتين والبرازيل والأوروغواي وبوليفيا وبنما وأجزاء من الإكوادور وكولومبيا تعاني من الجفاف.
صورة من: IVAN ALVARADO/REUTERS
فيضانات في استراليا ونيوزيلاندا
في أستراليا أدت الأمطار الغزيرة في 2022 إلى فيضانات. ومن يناير حتى مارس هطلت أمطار في الساحل الشرقي بنسبة تفوق كمية الأمطار المسجلة في ألمانيا طوال العام. وحتى نيوزيلاندا تبقى متأثرة. والسبب في ذلك يعود لظاهرة لتغير المناخ لأن الأجواء الساخنة تمتص كمية كبيرة من الماء ما يجعل التساقطات المطرية أكثر قوة.