1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الجنوب اللبناني: واحة لتعايش الطوائف رغم الأزمة السياسية الحادة

شربل طانيوس - بيروت١٦ نوفمبر ٢٠١٢

رغم الاضطرابات الأمنية الأخيرة في لبنان، والتي تسببت في توتر بين الطوائف المختلفة، يبقى الجنوب اللبناني مثالاً للتعايش السلمي بين مختلف الأديان والطوائف. مراسل DW عربية يحاول التعرف على أسباب ذلك.

Interfaith coexistence. Overview of a village in south lebanon Foto: Charbel Tanios, 08.10.2012, South Libanon
صورة من: Charbel Tanios

يتميّز الجنوب اللبناني بظاهرتين: الأولى تعدد الطوائف والمذاهب، والثانية العيش المشترك واحترام حق الآخر في الاختلاف وممارسة الشعائر الدينية وإبداء حرية الرأي بشكل عام. لهذا يعتبر الجنوب نموذجاً ومثالاً يحتذى به في كافة المناطق اللبنانية المختلطة طائفياً. ففي بلدة دردغيا الجنوبية يتجلى هذا المثال بأبهى صوره وينطبق على القرى والبلدات المجاورة.

السيد عزيز البدوي، أحد وجهاء قرية دردغيا المسيحيين، يؤكد على أن القرية والجنوب بشكل عام يمثل مدرسة في الحياة اللبنانية الأصيلة من حيث التفاهم والمحبة والتسامح، ويوضح أن العيش المشترك بين الطوائف المسيحية والإسلامية هو أكثر من ضرورة ولا مفرّ منه، مهما تصاعدت الضغوط والتدخلات الحزبية من داخل لبنان والتطرف من خارجه.

ويؤكد البدوي أن بلدته هي نموذج للسلام والاستقرار، حيث يتبادل الناس المشاركة في الأفراح والأحزان. كما لم تحصل أي مشكلة طائفية بين المسلمين والمسيحيين الذين يؤكدون على وحدة الحال. ويقول زعيم البلدة المسيحي إن الشعائر والمقامات الدينية في الجهتين محترمة من قبل الجميع، والجميل أن الكنيسة في البلدة هي جارة الجامع والكل يشارك في الأعياد؛ حيث يتقبل المسيحيون التهاني من المسلمين ويتبادلون الزيارات أثناء أعيادهم الخاصة. لكن البدوي يعترف أن التجاذبات السياسية تؤثر بشكل طفيف أثناء الأزمات التي تعصف بالبلد مؤخراً، موضحاً أن وجهاء وزعماء البلدة يبادرون لتطويق أي أثر سلبي. كما أن التبادل الاقتصادي والتجاري لا يتوقف وجميع السكان يقصدون محلات ومطاعم يملكها مسيحيون ومسلمون ولا فرق عندهم.

الكنيسة جنباً إلى جنب مع المسجد في الجنوب اللبنانيصورة من: Charbel Tanios

مبادرات لتعزيز التعايش

أما السيد عبد اللطيف فتوني، وهو من وجهاء المنطقة المسلمين ويتمتع بمكانة خاصة لدى الأهالي في دردغيا، فيشيد بالعيش المشترك بين أبناء الطوائف المختلفة على أرض الجنوب اللبناني. ويذكر فتوني أنه من الضروري بل من الواجب العمل سوية لترسيخ التفاهم وإبعاد كل ما يهدد عيش أهل الجنوب. كما يشدد فتوني أيضاً على أن جميع أهالي القرية والجوار يعرفون أصول التعامل مع إخوانهم المسيحيين ويؤكدون على حرية المعتقد الديني وممارسة الاحتفالات والطقوس الدينية بكل حرية واقتناع. وحتى عندما تحصل بعض المشادات الصغيرة، فإنها لا تمتد وتأخذ طابع الصراع الطائفي والمذهبي بين الطرفين، بل يجري حل المشاكل والمصالحة بين المتخاصمين كي تعود المياه إلى مجاريها، والدليل على صحة ذلك هو الأمان والاحترام المتبادل بين أبناء الجنوب.

من جهته يؤكد السيد كمال بدر الدين، أحد المسؤولين عن جمعية "الإخاء الاسلامي المسيحي"، أن جمعيته تقوم بمبادرات متنوعة لتعزيز التعايش المشترك في الجنوب، كاللقاءات الدورية التي تعقد في المناسبات الدينية لدى كل الطوائف وخلال المناسبات الوطنية والاجتماعية، التي يركز خلالها على التقارب والتفهم. كما تحيي جمعية الإخاء عدداً من الحلقات الحوارية يشترك فيها أدباء ومفكرون لتعميق روح المحبة والتسامح وقبول الآخر، رغم الاختلاف الديني والمذهبي.

لا يخفي سكان الجنوب أن الاضطرابات السياسية تؤثر بعض الشيء على السلم الاجتماعي في المنطقةصورة من: AFP/Getty Images

وعي متزايد لدى الشباب المتعلم

ويلاحظ بدر الدين أن المجتمع يبدي تجاوباً لا بأس به، خاصة لدى الشباب المتعلم، التي بدأت تدرك أن لبنان وطن العيش المشترك. كما يطالب مسؤول جمعية الإخاء الإسلامي المسيحي بدعم حكومي ومن رجال الدين وحتّى مساعدة خارجية على إنجاز مشاريع حيوية يستفيد منها سكان الجنوب، كالمستوصفات والطرق الزراعية والتوجيه والإرشاد في مجالات الإنتاج.

ولا يخفي كمال بدر الدين أن الاضطرابات الأمنية في البلاد تؤثر سلباً على السلم الاجتماعي، كالحوادث التي حصلت مؤخراً في بيروت وصيدا، لأنها تسهم في الشحن والتوتر الطائفي ويمتد تأثيرها من المدن اللبنانية الكبرى، بيد أن الأمور لم تشهد انفلاتاً كبيراً في بلدات الجنوب حيث يسارع الحكماء للتدخل والمساعدة في إخماد الفتن.

وبدورها تقول باتريسيا معمر، مسؤولة الاتصال بمنظمة وورلد فيجين، التي تعمل ضمن مشاريع بناء السلام في الأراضي اللبنانية، أن الجمعية عملت في الجنوب (شرق صيدا) وفي بيروت والشمال على مشاريع ترسّخ السلم والتعايش الأهلي. وتوضح أن مشاريع المنظمة مستدامة وتمتد لأكثر من 10 سنوات، إذ تم وضع برامج متنوعة بالتعاون مع السكان لإيجاد الاستقرار الأهلي. وتلاحظ معمر أن بعض المبادرات مثل "ماراثون السلام للأطفال"، الذي يستهدف الشريحة الشابة من طوائف مختلفة في المجتمع المحلي في بيروت، ضرورية من أجل إحداث تغيير في طريقة التعامل بين أبناء الطوائف المختلفة.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW