أعلن البنتاغون بدء خفض عدد القوات الأمريكية في العراق، إيذانا بانتهاء مهمة استمرت لأكثر من عقد في مكافحة "داعش". ويندرج ذلك في سياق "عملية انتقالية نحو شراكة أمنية دائمة بين الولايات المتحدة والعراق".
الجيش الأمريكي يبدأ في تقليص مهمته في العراق التي شاركت في القتال ضد داعش (أرشيف)صورة من: Ahmad Al-Rubaye/AFP/Getty Images
إعلان
أعلن البنتاغون اليوم الأربعاء (الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2025) أن القوات الأمريكية بصدد خفض عددها في العراق وذلك ضمن خطّة موضوعة لإنهاء مهمّة مكافحة تنظيم داعش.
وقال المتحدّث باسم البنتاغون شون بارنيل في بيان "يعكس هذا الخفض نجاحنا المشترك في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية" ويندرج في سياق "عملية انتقالية نحو شراكة أمنية دائمة بين الولايات المتحدة والعراق".
وتابع بارنيل "ستواصل الحكومة الأمريكية التنسيق الوثيق مع الحكومة العراقية وأعضاء التحالف لضمان عملية انتقالية تتّسم بالمسؤولية".
وكان بارنيل أعلن في نيسان/أبريل أن الولايات المتحدة ستخفّض بنحو النصف عديد القوات المنتشرة في سوريا إلى أقل من ألف عنصر.
من جانبه، قال مسؤول في وزارة الدفاع للصحافيين "نحن بصدد عملية انتقالية ... وفي النهاية، سيبقى أقل من ألفي جندي في العراق، وسيكون معظمهم في أربيل"، عاصمة إقليم كردستان العراق المتمتع بالحكم الذاتي.
وقال المسؤول الذي لم يشأ كشف هويته "ليس من الضروري وجود قوات أمريكية في العراق لتنفيذ مهمة ضد تنظيم الدولة الإسلامية. فالعراق قادر تماماً على القيام بذلك بنفسه".
اتّفقت واشنطن وبغداد العام الماضي على أن ينهي التحالف الدولي ضد تنظيم داعش.
اتفقت بغداد وواشنطن على السماح للقوات الدولية بدعم العمليات ضد التنظيم المتطرف في سوريا انطلاقا من إقليم كردستان العراق وذلك حتى أيلول/سبتمبر 2026.
وفي نهاية أغسطس/آب، أشارت مصادر أمنية إلى أن بعض القوات الأمريكية ستغادر قواعد في العراق، من بينها قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار وقاعدة فيكتوريا قرب مطار بغداد. ومن المتوقع أن يبقى عدد محدود من الجنود في أدوار استشارية وتدريبية.
واتفقت واشنطن وبغداد العام الماضي تحت إدارة الرئيس السابق جو بايدن على إنهاء المهمة العسكرية في العراق التابعة للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بحلول سبتمبر/أيلول من هذا العام.
تحرير: عبده جميل المخلافي
من التدخل العسكري إلى الاكتفاء بالتدريب.. مسار القوات الغربية في العراق
يطوي العراق صفحة القوات الغربية الأجنبية المقاتلة في بلده بتحولها إلى التدريب والاستشارة. لكن ما تحقق منذ أحتلال الولايات المتحدة للبلد عام 2003 لم يحقق الكثير ممّا وعد به جورج بوش، خصوصا على الجانبين الأمني والاقتصادي.
صورة من: Maj. Charlie Dietz/Planetpix/ZumaPress/picture-alliance
نهاية رسمية للمهام القتالية
تنتهي "المهام القتالية" لقوات التحالف الدولي في العراق في آخر يوم من عام 2021، حسب ما أعلنت حكومة هذا الأخير. لكن ذلك لا يعني رحيلها، بل ستصبح مهامها محصورة على التدريب والاستشارة، وهي المهمة التي بدأت فيها رسمياً منذ صيف 2020، كما أنها ستقوم بـ "الدفاع عن نفسها في حال أي هجوم ضدها"، حسب بيان للتحالف.
صورة من: Jewel Samad/AFP/Getty Images
هل تحقق هدف القضاء على "داعش"؟
ركزت قوات التحالف الدولي على مواجهة تنظيم "داعش" الإرهابي، خصوصاً بعد سقوط الموصل في أيادي مقاتليه عام 2014. وأعلن العراق ومعه قوات التحالف النصر على التنظيم الإرهابي عام 2017، لكن الأوضاع الأمنية في البلد لم تتحسن كثيراً، فبعد فترة من الهدوء، عاد التنظيم مؤخراً لشن عمليات انتحارية. ومع ذلك، فقوات التحالف لا ترغب في مزيد من القتال، ويصل عددها إلى 3500 مقاتل، بينهم 2500 أمريكي.
صورة من: Abdullah Rashid/REUTERS
إخلاء للساحة أمام إيران؟
غير أن التهديد الأكبر لقوات التحالف لا يأتي من "داعش" وحده، بل من فصائل مقاتلة موالية لإيران إلى جانب فصائل سياسية، خصوصاً فصائل الحشد الشعبي التي تضغط لرحيل كامل لكل القوات الأجنبية. ويثير متابعون مخاوف من سقوط العراق في دائرة النفوذ الإيراني، إذ تحولت طهران إلى اللاعب الإقليمي الأول في البلد، ولم ينجح كثيراً الحراك الشعبي الذي انطلق عام 2019 في إنهاء هذا التدخل.
صورة من: Khalid Mohammed/picture alliance
أوباما أول من بدأ الانسحاب
الانسحاب الأمريكي من العراق ليس جديداً، فقد بدأ في عهد باراك أوباما، وفق خطة هدفت إلى سحب جلّ القوات بحدود نهاية 2011 مع الإبقاء على قوة لا تزيد عن 50 ألف جندي. غير أن ظهور "داعش" دفع أوباما إلى إعادة إرسال قوات جديدة عام 2014 تحت مظلة التحالف الدولي. أراد أوباما التخلص من التركة الثقيلة لسلفه جورج بوش في الشرق الأوسط، لكن قراره أثار كذلك انتقادات بتركه البلد مفتوحا أمام النفوذ الإيراني.
صورة من: Alex Edelman/AFP/Getty Images
ترامب والانسحاب الجزئي
على العكس من سياسة الجمهوريين، ذهب دونالد ترامب نحو تخفيض قوات بلاده في الشرق الأوسط ومن ذلك العراق في إطار سياسته "أمريكا أولاً". لم يكن متحمساً لسحب شامل للقوات من العراق بسبب عدائه الكبير لإيران واستمرار تهديدات "داعش"، كما أشرف على عملية نوعية باغتيال الإيراني قاسم سليماني، لكن في نهاية ولايته أمر بسحب جزئي للقوات، كما اعتبر أن "غزو العراق" كان خطأ كبيراً.
صورة من: Nicholas Kamm/AFP
بايدن يغلق القوس
لم يتراجع الرئيس جو بايدن عن سياسة سلفه دونالد ترامب في العراق رغم تباين وجهات نظرهما في ملفات كثيرة، ولم يلغ سحب القوات. تظهر السياسة الأمريكية متسقة في السنوات الأخيرة بتقليل القوات العسكرية في مناطق النزاع، وهو ما حدث كذلك في أفغانستان. لكن بايدن لا يريد إخلاء تاماً للساحة العراقية خصوصاً بعد الفوضى التي وقعت في كابول، وعبر مهام التدريب والاستشارة، يريد الحفاظ على حضور أمريكي في البلد.
صورة من: Carolyn Kaster/AP Photo/picture alliance
بوش- مهندس احتلال العراق
كانت واشنطن تنظر إلى العراق كأحد محاور الشر في عهد جورج بوش، وبعد سنوات من الحصار الاقتصادي، قرّر بوش اجتياح البلد عسكرياً وإسقاط نظام صدام حسين عام 2003 تحت ذريعة وجود أسلحة الدمار الشامل، وهو ما لم يتأكد بشكل مستقل. أرسل بوش أكثر من مئة ألف جندي أمريكي، وكان يخطط لـ "عراق ديمقراطي" حسب قوله، لكن القرار حظيت بانتقادات محلية ودولية، خصوصا من الأمم المتحدة.
صورة من: picture-alliance/dpa
مستنقع الموت
لم تنجح سياسة بوش في خلق الاستقرار بالبلد التي تحوّل إلى بؤرة لا استقرار وساحة من القتل. تجاوزت حصيلة القتلى العراقيين حتى عام 2010 أكثر من 100 ألف، ووصلت بين الجنود الأمريكيين إجمالاً إلى حدود 5 آلاف فضلاً عن آلاف المصابين. زيادة على مهاجمة الأهداف الامريكية، عاش العراق عنفاً طائفياً خطيراً بين فصائل شيعية وأخرى سنية، كما تدهور الاقتصاد أكثر، ما انعكس على أعداد الفارين من البلد.