الجيش الإسرائيلي يحاصر خان يونس وتحذيرات من كارثة إنسانية
٧ ديسمبر ٢٠٢٣
قال الجيش الإسرائيلي إن قواته تعمل في قلب خان يونس فيما أعلن رئيس الوزراء نتنياهو عن تطويق منزل القيادي بحماس يحيى السنوار، في وقت يتكدس فيه عشرات آلاف الفلسطينيين في رفح وترتفع الأصوات المحذرة من كارثة إنسانية.
إعلان
قال الجيش الإسرائيلي إن جنوده اخترقوا دفاعات حركة حماس وحاصروا مدينة خان يونس الرئيسية في قطاع غزة بشكل كامل. وكان رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، قال قبل يومين إن قواته في سبيلها لحصار خان يونس. ودخلت الدبابات والقوات الإسرائيلية المدينة خلال الأيام الأخيرة وتم الإعلان أمس الأربعاء (6 كانون أول/ديسمبر 2023) عن اندلاع معارك عنيفة بها.
وذكر الجيش الإسرائيلي في بيان أن القوات الإسرائيلية تعمل في قلب مدينة خان يونس لأول مرة. وبدأ الجنود مداهمات في وسط خان يونس التي حدد البيان أنها رمز لحكم حماس العسكري والإداري. وأضاف البيان "تخلص الجنود من الإرهابيين ودمروا البنية التحتية الإرهابية وحددوا مواقع أسلحة".
وقصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية أيضا أهدافا في أنحاء القطاع الساحلي المكتظ بالسكان في إحدى المراحل الأشد وطأة من القتال الذي بدأ قبل شهرين عندما أطلقت إسرائيل حملتها العسكرية عقب شن حماس هجوما مباغتا عبر الحدود.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن القوات الإسرائيلية تطوّق منزل يحيى السنوار القيادي بحماس في خان يونس. وأضاف نتنياهو في بيان مصور مسجل "قد لا يكون متحصنا في منزله ويمكنه الهروب لكننا سنمسك به طال الوقت أم قصر".
وذكر سكان من خان يونس لرويترز أن الدبابات الإسرائيلية اقتربت من منزل السنوار، لكن لم يكن معلوما إذا ما كان هو أو أي فرد من أفراد أسرته بالداخل. وقالت إسرائيل إنها تعتقد بأن كثيرا من قادة حماس ومقاتليها مختبئون في أنفاق تحت الأرض.
في الوقت نفسه خاضت القوات الإسرائيلية معارك ضارية مع حماس في هجوم موسع على جنوب غزة أمس الأربعاء، ما اضطر عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين إلى التكدس في رفح لتجنب القصف الإسرائيلي.
لكن مسؤولين طبيين فلسطينيين قالوا إن كثيرين يخشون من أنهم لن يكونوا في مأمن في رفح أيضا مع تضاؤل خيارات الملاجئ أمامهم وإن ما لا يقل عن تسعة أشخاص قُتلوا اليوم الأربعاء جراء قصف إسرائيلي لمنزل في رفح.
وفر مئات الآلاف من الفلسطينيين بالفعل من شمال قطاع غزة إلى جنوبه خلال الحرب المستمرة منذ شهرين بين حماس وإسرائيل التي تحاول القضاء عليها. ويترك أحدث نزوح جماعي كثيرا من الفلسطينيين محاصرين بالقرب من الحدود المصرية في منطقة قال الجيش الإسرائيلي إنها آمنة في منشورات تلقيها طائراته وفي رسائل هاتفية وعبر الإنترنت أيضا.
وفي ظل توسع إسرائيل في هجومها البري على جنوب غزة بعد سيطرتها إلى حد بعيد على الجزء الشمالي من القطاع، قال مسعفون فلسطينيون إن المستشفيات تعج بالقتلى والجرحى وكثير منهم من النساء والأطفال وإن الإمدادات تنفد.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في تقرير اليوم الأربعاء إن أغلب المشردين في رفح ينامون في الشوارع بسبب نقص الخيام، إلا أن الأمم المتحدة تمكنت من توزيع بضع مئات من الخيام.
وتقول إسرائيل إنها تبذل قصارى جهدها لتجنب إسقاط قتلى وجرحى من المدنيين لكن مقاتلي حماس يستخدمون المباني السكنية المدنية للاختباء. وتنفي حماس هذا.
ويذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
من جهته قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك في جنيف إن الوضع "كارثي" مع خطر ارتكاب الطرفين انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وذكرت الأمم المتحدة أن من المستحيل توصيل المساعدات العاجلة من مصر عبر معبر رفح. ودعا زعماء دول مجموعة السبع، ومنها الولايات المتحدة الحليفة الوثيقة لإسرائيل، إلى مزيد من الهُدن الإنسانية "للتصدي للأزمة الإنسانية المتدهورة في غزة وتقليل عدد القتلى والجرحى المدنيين إلى أدنى حد".
ا.ف/ ح.ز (رويترز، د.ب.أ)
معبر رفح.. "شريان الحياة" لسكان غزة ونافذتهم الضيقة نحو العالم
يمثل معبر رفح بين مصر وقطاع غزة المنفذ الوحيد لنحو مليوني فلسطيني على العالم الخارجي. نشأ المعبر في ظروف خاصة وتعرض للإغلاق كثيراً بسبب حروب وخلافات سياسية.. فما هي قصته؟
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
معبر رفح .. شريان حياة
لا يختفي اسم "معبر رفح" من وسائل الإعلام منذ بدء الاشتباكات بين حماس والجيش الإسرائيلي، إذ يُعد المنفذ الرئيسي الذي تدخل منه المساعدات المختلفة من غذاء ودواء ووقود وغيرها إلى قطاع غزة. كان المعبر حجر أساس في اتفاق الهدنة الأخير بين الطرفين حيث تم الاتفاق على عبور المئات من شاحنات المساعدات المختلفة يومياً إلى جانب خروج حملة الجنسيات الأجنبية والمرضى والمصابين الفلسطينيين من خلاله.
صورة من: Fatima Shbair/AP/picture alliance
نقطة الاتصال بالعالم الخارجي
في أقصى جنوب قطاع غزة، وعند صحراء سيناء في الجانب المصري، يُشكل معبر "رفح" البري المنفذ الرئيسي للقطاع إلى العالم. يوجد في غزة ستة معابر أخرى منها ايريز (حاجز بيت حانون) في الشمال وكرم أبو سالم جنوب شرق القطاع لكنها تقع جميعاً تحت السيطرة الإسرائيلية بالكامل. يبقى معبر رفح هو نقطة الاتصال الوحيدة بين قطاع غزة والعالم الخارجي.
صورة من: Mustafa Hassona/Anadolu/picture alliance
كيف نشأ المعبر؟
نشأ المعبر عقب توقيع مصر وإسرائيل اتفاقية السلام عام 1979 وانسحاب إسرائيل من سيناء عام 1982. قبل عام 1967 لم تكن هناك حدود بين رفح المصرية والفلسطينية لكنهما فصلتا بعد تنفيذ الشق الخاص من ااتفاقية ترسيم الحدود. خُصص المعبر لعبور الأفراد فيما خصص معبر كرم أبو سالم الذي تسيطر عليه إسرائيل لعبور البضائع.
صورة من: BOB DAUGHERTY/AP/picture alliance
إدراة مشتركة وفق اتفاقية أوسلو
سمحت اتفاقية أوسلو لممثلي السلطة الفلسطينية بالتواجد في المعبر. لكن منذ الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005 وإلى اليوم تغيرت ظروف المعبر عدة مرات وفقاً للتطورات الأمنية والعسكرية في القطاع. تم إغلاق المعبر مع انتفاضة عام 2000 وبعدها ظل ما بين الإغلاق والفتح، فيما شددت مصر إجراءات العبور من وقتها وحتى اليوم.
صورة من: Terje Bendiksby/NTB/picture alliance
من يتحكم في المعبر؟
سيطرت إسرائيل على المعبر خلال احتلالها للقطاع وحتى عام 2005 الذي انسحبت فيه من غزة. تم توقيع "اتفاقية الحركة والوصول" عام 2005 والتي جمعت بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية وبرعاية أمريكية، وهي الاتفاقية التي أقرت بأن يخضع المعبر للسيطرة الفلسطينية - الإسرائيلية برعاية أوروبية تراقب حق الجانب الفلسطيني في العبور والتبادل التجاري بما لا يمس الأمن الإسرائيلي.
صورة من: picture alliance / ASSOCIATED PRESS
ضرورات أمنية
عملت مصر وإسرائيل على تقييد الحركة من غزة وإليها منذ أن فرضت حركة حماس سيطرتها على القطاع في 2007 حين وصل الصراع بين حماس وحركة فتح إلى ذروته. تقول الدولتان إن ذلك ضروريا لأسباب أمنية. ورهنت مصر التعامل مع المعبر بموافقة كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية بالضفة الغربية. وخلال الحرب الأخيرة فرضت إسرائيل حصاراً شاملاً على قطاع غزة في 9 أكتوبر/تشرين الأول.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
بين إغلاق وفتح المعبر
في عام 2010 قررت مصر فتح المعبر بشكل أكبر عقب ما عرف بواقعة "أسطول الحرية". ومع أحداث ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، أمر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر باقتصار فتح المعبر على الحالات الطارئة. لم يفتح المعبر بشكل كامل إلا مع ثورة 25 يناير لكن منذ عام 2013 عاد الوضع إلى ما كان عليه سابقاً. في عام 2017، فُتح المعبر أمام حركة الأفراد الحاصلين على تصريح أمني مع الخضوع لعمليات تفتيش صارمة.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
مخاوف مصرية
تكمن أكبر مخاوف مصر في أمرين؛ الأول هو حدوث تدفق هائل للاجئين الفلسطينيين الفارين من الحرب عبر معبر رفح. والثاني وهو الأخطر ويتمثل في احتمال دخول مسلحين إسلاميين إلى البلاد، خصوصاً وأن مصر تواجه جماعات إسلامية متشددة في سيناء وذلك على مدار أكثر من 10 سنوات. لذلك تولي مصر أهمية مشددة لتأمين معبر رفح.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
تطبيق إجراءات مشددة
لا تسمح السلطات المصرية للفلسطينيين بمغادرة غزة بسهولة، إذ يجب على الفلسطينيين الراغبين باستخدام معبر رفح التسجيل لدى السلطات الفلسطينية المحلية قبل سفرهم بنحو شهر وقد يتم رفض طلبهم إما من قبل السلطات الفلسطينية أو المصرية دون إبداء الأسباب. وفيما يشكو فلسطينيون من سوء معاملة على المعبر، تُبقي إسرائيل سيطرتها كاملة على ما يمر عبر القطاع خوفاً من وصول أي مساعدات خاصة لحركة حماس.
صورة من: Mohammed Talatene/dpa/picture alliance
الأولوية للحالات الإنسانية
أعطيت الأولوية في الاتفاق الأخير بين حماس وإسرائيل لعبور المساعدات الإنسانية والحالات المرضية وخصوصاً الأطفال الخُدج (غير مكتملي النمو) حيث أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قراراً باستقبالهم في المستشفيات المصرية.
صورة من: Egypt's State Information Center/Xinhua/picture alliance
مخاوف من كارثة إنسانية
في مؤتمر صحفي كبير عقد في أكتوبر/تشرين الأول 2023، حذر الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرش من أمام بوابات المعبر في الجانب المصري من استمرار إغلاقه، منذراً بحدوث كارثة إنسانية إن لم تدخل المساعدات الإنسانية إلى غزة، وشدد على ضرورة ضمان عبور قوافل المساعدات بعدد كبير من الشاحنات كل يوم إلى قطاع غزة لتوفير الدعم الكافي لسكانه.
صورة من: picture alliance/dpa
القصف يعرقل انتظام عمل المعبر
خلال الحرب الأخيرة، أكدت مصر عدة مرات أن المعبر مفتوح من جانبها وأنه لم يتم إغلاقه منذ بدء الأزمة الراهنة، لكن تعرض مرافقه في الجانب الفلسطيني للدمار بسبب الغارات الإسرائيلية يحول دون انتظام عمله بشكل طبيعي، وفق ما ذكرت الخارجية المصرية. إعداد: عماد حسن.
صورة من: Russia Emergencies Ministry/dpa/picture alliance