الجيش السوداني يواجه مظاهرات جديدة بالغاز المسيل للدموع
٢٥ ديسمبر ٢٠٢١
غاز مسيل للدموع وانقطاع خدمة الانترنت والاتصال تزامناً مع مظاهرات هي العاشرة التي يشهدها السودان منذ عودة عبدالله حمدوك إلى السلطة والتوقيع على اتفاق "استكمال المسار الديمقراطي".
إعلان
انطلقت مظاهرات في العاصمة السودانية الخرطوم اليوم السبت (25 ديسمبر/ كانون الأول 2021)، استجابة لدعوات المعارضة برفض الاتفاق السياسي الموقع مؤخرا بين رئيس الحكومة عبدالله حمدوك ورئيس المجلس الانتقالي عبدالفتاح البرهان. بينما أفادت الفرنسية أن قوات الأمن السودانية أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع على متظاهرين على بعد مئات الأمتار من القصر الرئاسي، مقر السلطات الانتقالية.
وأشارت مواقع إلكترونية سودانية عن خروج الآلاف للمشاركة في المسيرات، وقيام متظاهرين بإزالة الحواجز الأسمنتيه في طريقهم للقصر الجمهوري، وسط تواجد أمني كثيف.
وقبل انطلاق التظاهر تحت شعار عودة "الجنود إلى الثكنات"، نقلت وكالتا رويترز والفرنسية عن شهود عيان اقطاع خدمات الانترنت والهاتف بالإضافة إلى قفل الطرق الرئيسية في العاصمة التي لم تشهد مثل هذه التدابير منذ أسابيع. بينما قال شاهد لرويترز أن الجنود وقوات الدعم السريع انتشروا بأعداد كبيرة وأغلقوا الطرق المؤدية إلى الجسور التي تربط بين الخرطوم ومدينة أم درمان على الجانب الآخر من نهر النيل.
وقد وجهت لجنة تنسيق شؤون أمن ولاية الخرطوم بإحكام غلق الكباري النيلية عدا جسري سوبا والحلفايا وذلك في إطار خطة تأمين ولاية الخرطوم وحماية المواقع السيادية والاستراتيجية.
واعتبرت اللجنة الخروج عن السلمية والاقتراب والمساس بالمواقع السيادية والاستراتيجية بوسط الخرطوم مخالفاً للقوانين، وسيتم التعامل مع "الفوضى والتجاوزات" مع التأكيد على حقّ التظاهر السلمي، بحسب وكالة الأنباء السودانية (سونا).
يذكر أن قوى الثورة ترفض الاتفاق الموقع في 21 تشرين ثان/ نوفمبر الماضي، بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، معتبرة إياه "محاولة لشرعنة الانقلاب".
وبموجبه عاد حمدوك إلى منصبه، مع الالتزام بالعمل على تشكيل حكومة كفاءات، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين. كما تعهد الطرفان بالعمل سويا لاستكمال المسار الديمقراطي.
وجاء الاتفاق بين البرهان وحمدوك ، بعد مرور أقل من شهر على إجراءات استثنائية أعلنها الجيش أبرزها فرض حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، عقب اعتقال قيادات حزبية ومسؤولين، وهو ما اعتبرته قوى سياسية ومدنية "انقلابا عسكريا" ، فيما نفي الجيش أن تكون هذه الإجراءات انقلاباً بل هي "تصحيح" لمسار الثورة، حسب تصريحات البرهان.
و.ب/ح.ز (أ ف ب، رويترز)
السودان.. انقلاب عسكري يعصف بالانتقال الديمقراطي
منذ اندلاع الثورة السودانية في ربيع 2019 شهد السودان تجاذبات بين القوى المدنية والعسكر. الرهان كان على المرحلة الانتقالية التي شهدت بدورها صراعات قوية تبدو أن ذروتها سجِّلت في ليلة انقض فيها العسكر على مكتسبات الثورة.
صورة من: Hannibal Hanschke/REUTERS
اعتقالات بالجملة
منذ فجر الاثنين 2021.10.25، تتوالى تقارير إعلامية من السودان تفيد باعتقال الجيش لعددٍ من الوزراء وسياسيين بارزين من بينهم قيادات "قوى الحرية والتغيير" المظلة المدنية التي قادت انتفاضة شعبية أطاحت بنظام الجنرال عمر حسن البشير 2019.04.11. رئيس الوزراء عبد اللّه حمدوك ذُكر في البداية إنه وضع تحت الإقامة الجبرية، وأكدت وزارة الثقافة والاعلام أنه نُقل بدوره إلى مكان مجهول بسبب "رفضه تأييد الانقلاب".
صورة من: Hannibal Hanschke/REUTERS
متمردون سابقون
قائمة المعتقلين حسب وسائل الإعلام تطول تباعا لتشمل أيضا ياسر عرمان، نائب الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان وفق ما نشر حسابه على تويتر. وكانت جماعته المتمردة قد وقعت اتفاق سلام في 2020 مع السلطات الانتقالية متعهدة بالاندماج في الجيش. وعمل ياسر عرمان مؤخرا كمستشار لعبد الله حمدوك.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/N. El-Mofty
إعلاميون وصحفيون
الاعتقالات طالت أيضا إعلاميين وصحفيين، فقد اقتحمت قوات عسكرية مقر الإذاعة والتلفزيون في أم درمان، واحتجزت عدداً من العاملين. فيما تمّ قطع الانترنت، في وقت تواترت فيه تقارير عن توجه عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي إلى تعليق العمل بالوثيقة الدستورية التي تنظم المرحلة الانتقالية في البلاد.
صورة من: Hussein Malla/AP Photo/picture alliance
إعلان طلاق
رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان أعلن الاثنين(2021.10.25) فرض حالة الطوارئ في السودان وحل مجلسي السيادة والوزراء. كما أعلن تعليق العمل ببعض بنود الوثيقة الدستورية، وتجميد عمل لجنة إزالة التمكين، وإنهاء عمل ولاة السودان، مشيرا إلى التمسك باتفاق جوبا للسلام. وزارة الإعلام السودانية وصفت إجراءات البرهان بأنها "انقلاب عسكري".
صورة من: picture-alliance/AA
غضب وإنزال أمني
على الفور خرج العشرات من المدنيين لشوارع الخرطوم وتم إحراق الإطارات، كما تم نشرت قوات الدعم السريع في شوارع العاصمة الخرطوم.
صورة من: REUTERS
دعوات للخروج إلى الشارع
مباشرة بعد الاعتقالات دعت القوى الثورية وعلى رأسها "تجمع المهنيين السودانيين" المعارض، في حسابه على فيسبوك، إلى "الخروج للشوارع واحتلالها وإغلاق كل الطرق بالمتاريس، والإضراب العام عن العمل وعدم التعاون مع الانقلابيين، والعصيان المدني في مواجهتهم". رئيس الوزراء حمدوك بدوره طالب بـ "احتلال الشوارع دفاعاً عن الثورة". ذات الدعوات أطلقها أيضا حزبا "الأمة" و"الشيوعي".
صورة من: ASHRAF SHAZLY/AFP via Getty Images
ردود فعل دولية
اجتمعت القوى الدولية بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على أن ما حدث في السودان فجر الاثنين انقلاب "مخالف للإعلان الدستوري والتطلعات الديمقراطية للشعب السوداني، وغير مقبول على الإطلاق"، كما جاء على لسان المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان الذي هدّد بوقف المساعدات إلى السودان.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Arboleda
قلق على مستقبل السودان
قلق بالغ على مستقبل السودان شددت عليه تصريحات مسؤولين من الأمم المتحدة ودول غربية وسط مطالبات حثيثة إلى إعادة العملية الانتقالية إلى مسارها الصحيح. الاتحاد الأوروبي دعا إلى الإفراج عن قادة السودان المدنيين وشدد على وجوب "تجنّب العنف وسفك الدماء"، من جهته دعا الإتحاد الأفريقي إلى "الاستئناف الفوري للمشاورات بين المدنيين والعسكريين في إطار الإعلان السياسي والإعلان الدستوري".
صورة من: Giscard Kusema
انقلاب بعد انقلاب
الانقلاب الجديد جاء بعد أربعة أسابيع عن محاولة انقلاب فاشلة لم تفهم تفاصيله بعد. وبعد يومين من تظاهرات حاشدة نزل فيها عشرات الآلاف من السودانيين إلى شوارع المدن، دعماً لانتقال كامل للحكم إلى المدنيين، فيما كان أنصار العسكر يواصلون اعتصاماً أمام القصر الجمهوري وسط العاصمة الخرطوم منذ السبت الماضي، في مؤشر على الانقسام المهيمن على المشهد.
صورة من: picture-alliance/Photoshot
مآل الثورة؟
المشهد اليوم يوحي بنهاية اتفاق 2019، حين وقّع العسكريون والمدنيون الذين كانوا يقودون الحركة الاحتجاجية التي أطاحت بالرئيس البشير، اتفاقًا لتقاسم السلطة نصّ على فترة انتقالية من ثلاث سنوات تم تمديدها لاحقا. وبموجبه، تم تشكيل سلطة تنفيذية من الطرفين، على أن يتم تسليم الحكم لسلطة مدنية إثر انتخابات حرة. غير أن الشروخ اتسعت بين فريق يسعى إلى عودة العسكر إلى الحكم وفريق آخر يريدها "مدنية..مدنية". و.ب