اعترض الجيش السوداني هجوماً بطائرة مسيّرة على مدينة الأُبيّض الإستراتيجية، وسط مؤشرات على استعداد قوات الدعم السريع لهجوم جديد للسيطرة على المدينة التي تُعد نقطة إمداد رئيسية تربط الخرطوم بدارفور.
الدفاعات الجوية السودانية اعترضت طائرة مُسيّرة فوق مدينة الأبيضصورة من: Sudanese Ministry of Culture and Information/Xinhua/picture alliance
إعلان
اعترض الجيش السوداني اليوم السبت (8 نوفمبر/ تشرين الثاني 2025) هجوماً بطائرة مسيّرة شنّته قوات الدعم السريع على مدينة الأُبيّض الإستراتيجية في جنوب البلاد، حسب مصدر عسكري.
وقال المصدر العسكري لوكالة فرانس برس الذي طلب عدم كشف اسمه لأنه غير مخوّل التحدث إلى الإعلام، إن "منظومة الدفاع الجوي أسقطت اليوم في الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، مسيرة أطلقتها ميليشيا الدعم على المدينة".
ونقلت وكالة أخبار الأناضول أيضاً أن الدفاعات الجوية اعترضت طائرة مُسيّرة فوق الأبيض، في إطار إحباط هجمات مُحتملة على مواقع مدنية وعسكرية. وقالت الوكالة التي استندت إلى وسائل إعلام محلية، إن الدفاعات الجوية أسقطت بنجاح طائرة مُسيّرة صينية الصنع أثناء تحليقها فوق المدينة.
وذكرت التقارير أن الطائرة المُسيّرة حاولت استهداف مواقع عسكرية ومدنية غرب الأُبيِّض. كما تداول ناشطون مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تُظهر لحظة إسقاط الطائرة المُسيّرة، وسط هتافات من الأهالي. وتقع مدينة الأبيض على طريق إمداد رئيسي يربط دارفور بالخرطوم، وفيها مطار.
وأعرب سكان في الأُبيِّض عن خشيتهم مع ورود تقارير عن استعداد قوات الدعم السريع لشن هجوم على مدينتهم. وقالت سعاد علي وهي من سكان حي كريمة في الأُبيِّض: "نحن متخوفون من الوضع خصوصاً بعد ما حصل في الفاشر".
إعلان
أهمية مدينة الأبيض
يأتي الهجوم بعد يومين من إعلان القوات موافقتها على مقترح هدنة تدعمه الولايات المتحدة، ويبدو أن قوات الدعم السريع تستعد لهجوم جديد للسيطرة على مدينة الأبيض الخاضعة لسيطرة الجيش، بعد أقل من أسبوعين على استيلائها على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور بغرب البلاد.
وتُعدّ الأُبيّض، عاصمة ولاية شمال كردفان، نقطة إمداد رئيسية تربط العاصمة الخرطوم بإقليم دارفور. ومع سقوط الفاشر في قبضة قوات الدعم السريع، تكون قد سيطرت على جميع عواصم الولايات الخمس في دارفور، ما يثير مخاوف من تقسيم السودان بين شرق وغرب.
ويسيطر الجيش على غالبية المناطق الواقعة في الشمال والشرق والوسط. وقد ترافقت سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر مع تقارير عن عمليات قتل جماعي وعنف جنسي ونهب، وهو ما أثار إدانات دولية.
استمرار معاناة أهل الفاشر
وأفادت منظمة إغاثة اليوم السبت أن عشرات الآلاف من السودانيين فروا إلى مخيمات مكتظة هرباً من الفظائع التي أفادت التقارير بارتكاب قوات الدعم السريع شبه العسكرية لها منذ أن سيطرت على مدينة الفاشر في إقليم دارفور غربي البلاد. وحذر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك من أن كثيرين آخرين ما زالوا محاصرين.
تستمر معاناة أهل السودان المدنيين باستمرار توسع رقعة سيطرة ميليشيا الدعم السريعصورة من: Mohamed Jamal/REUTERS
ووفقاً لمقطع مصور نشرته منظمة التنسيقية العامة للنازحين واللاجئين، يجد من يصلون إلى مأوى في بلدة طويلة، البعيدة حوالي 70 كيلومتراً من الفاشر. ويظهر المقطع أطفالاً يركضون عبر المنطقة بينما يحمل عدد قليل من البالغين قدر طعام كبيراً، آملين أن يكون كافيا لسد جوع حشود النازحين المتزايدة.
غموض بشأن مقترح للهدنة
كانت قوات الدعم السريع قد أعلنت الخميس موافقتها على مقترح هدنة قدّمته الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر، لكن الأمم المتحدة حذّرت الجمعة من "استعدادات واضحة لتكثيف الأعمال العدائية، بكل ما يعنيه ذلك للسكان الذين يعانون منذ فترة طويلة"، مضيفة أنه "ليس هناك أي مؤشر إلى خفض التصعيد" وحذّرت من مزيد من القتال في المستقبل.
وكان الجيش السوداني قد أعلن يوم الخميس، أن دفاعاته الجوية اعترضت سرباً من الطائرات المسيرة كان يستهدف أم درمان، غرب الخرطوم، ومدينة عطبرة الشمالية.
كما تحدث تقرير وكالة الأناضول عن شن قوات الدعم السريع غارات بطائرات مُسيّرة يوم الجمعة استهدفت مناطق في مدينة أم درمان بولاية الخرطوم وعطبرة بولاية نهر النيل.
وتتهم السلطات السودانية قوات الدعم السريع بشن هجمات متكررة بطائرات مسيّرة على أهداف مدنية في الخرطوم ومدن أخرى، إلا أن الدعم السريع لم ترُد علناً على هذه الاتهامات.
وأدّت الحرب في السودان إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 12 مليوناً، وتسببت بأزمة جوع حادّة.
تحرير: عماد حسن
الفاشر.. مركز الانتهاكات الأكثر عنفًا في النزاع السوداني
تُعد الأزمة الإنسانية في السودان من بين الأسوأ عالميًا، حيث يعاني المدنيون أوضاعًا مأساوية، وتتزايد التقارير الصادمة عن إعدامات وانتهاكات جسيمة ارتكبتها قوات الدعم السريع بعد سيطرتها على الفاشر في دارفور وبارا بكردفان.
صورة من: Muhnnad Adam/AP Photo/dpa/picture alliance
نزوح جماعي
غادر نحو 26 ألف شخص مدينة الفاشر في الأيام الأخيرة، مضطرين للفرار من القتال وسط حالة من الرعب. تنقّل المدنيون بين نقاط التفتيش المسلحة، معرضين للابتزاز، والاعتقالات التعسفية، والاحتجاز، والنهب، والمضايقات، فضلاً عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان أثناء محاولتهم الوصول إلى برّ الأمان. وفقا لشهادات الوافدين إلى بلدة طويلة، الواقعة على بُعد نحو 50 كيلومترًا من الفاشر.
صورة من: Mohammed Jamal/REUTERS
قوات الدعم السريع متهمة بإعدامات وانتهاكات مروعة
أفادت تقارير بوقوع إعدامات ميدانية بحق مدنيين حاولوا الفرار، وسط مؤشرات على دوافع قبلية وراء بعض عمليات القتل، إضافة إلى استهداف أشخاص لم يعودوا يشاركون في الأعمال العدائية. وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو مقلقة تُظهر عشرات الرجال العزّل يتعرضون لإطلاق النار أو جثثهم ملقاة على الأرض، بينما يظهر مقاتلو قوات الدعم السريع حولهم وهم يتهمونهم بالانتماء إلى القوات المسلحة السودانية.
صورة من: STR/AFP/Getty Images
الفاشر تتحول إلى مركز للمواجهات الأعنف في دارفور
أعلن رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان أن القيادة ولجنة الأمن في الفاشر قررت مغادرة المدينة بعد الدمار والقتل الممنهج الذي تعرض له المدنيون، موضحًا أنه وافق على مغادرتهم إلى مكان آمن حفاظًا على ما تبقى من الأرواح والممتلكات.
صورة من: Rapid Support Forces (RSF)/AFP
التجويع كسلاح حرب
مئات الآلاف من المدنيين ظلّوا محاصرين في هذه المدينة لأكثر من 500 يوم، حيث منعتهم قوات الدعم السريع من الوصول إلى الغذاء، ما يُعد استخدامًا للتجويع كسلاح حرب. وخلال الفترة بين 2 و4 تشرين الأول/أكتوبر، نزح نحو 770 شخصًا من المدينة إلى منطقة طويلة بسبب تزايد انعدام الأمن.
صورة من: UNICEF/Xinhua/IMAGO
انتهاكات جسيمة
قالت نقابة أطباء السودان إن نحو 177 ألف شخص ما زالوا محاصرين داخل مدينة الفاشر، معتبرة أن ما تشهده المدينة من أحداث يرقى إلى "إبادة جماعية وتطهير عرقي ممنهج وجرائم حرب مكتملة الأركان".كما حددت اللجنة "مقتل خمسة من متطوعي جمعية الهلال الأحمر السوداني في مدينة بارا شمال كردفان.
صورة من: Rapid Support Forces (RSF)/AFP
انهيار الوضع الأمني في بارا
في شمال كردفان، أفاد الناجون بتكرار أنماط مماثلة من العنف وانتهاكات حقوق الإنسان عقب سقوط مدينة بارا مؤخراً، ما أسفر عن نزوح آلاف السكان داخل الولاية. هناك قلق بالغ إزاء احتمال حصار مدينة الأبيض، التي تأوي عشرات الآلاف من النازحين داخلياً، الأمر الذي قد يؤدي إلى تفاقم الاحتياجات الإنسانية في المنطقة.
صورة من: AFP/Getty Images
طويلة عانت من تفشي الكوليرا
بلدة طويلة بولاية شمال دارفور عانت من تفشي سريع للكوليرا، حيث سُجِّل أكثر من 1.180 إصابة، منها نحو300 طفل، وما لا يقل عن 20 وفاة منذ ظهور أول حالة في21 يونيو/ حزيران 2025. البلدة التي تستضيف أكثر من 500 ألف نازح فرّوا جراء النزاع العنيف منذ أبريل/ نيسان، واجهت وضعاً إنسانياً هشاً للغاية تطلب تدخلاً عاجلاً.
صورة من: Mohammed Jamal/REUTERS
الخوف من الانتهاكات الجنسية
من بين الانتهاكات الجسيمة المبلغ عنها والتي تهدد سلامة المدنيين، انتشار الاعتداءات الجنسية ضد النساء والفتيات على يد الجماعات المسلحة، سواء أثناء الهجمات أو خلال فرارهن. وكان المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام قد وثق استخدام العنف الجنسي كأسلوب من أساليب الحرب، وقد وثّق المركز 51 حادثة اعتداء جنسي ضد النساء والفتيات في محليتي وشاطئ بحرينتي وقارسيلا بوسط دارفور.
صورة من: AFP
تقديم الإسعافات لعشرات الجرحى في طويلة
ذكرت منظمة أطباء بلا حدود أن فرقها الطبية العاملة على بُعد نحو 60 كيلومترًا من الفاشر في مدينة طويلة، اساقبلت، عشرات المرضى الفارين من المدينة إلى مستشفى طويلة المكتظ. خلال ليلة 26–27 أكتوبر/تشرين الأول وصل نحو ألف شخص من الفاشر على متن شاحنات إلى مدخل المدينة، حيث أقامت الفرق نقطة صحية ميدانية لتقديم الرعاية الطارئة وإحالة الحالات الحرجة مباشرة إلى المستشفى.
صورة من: Mohammed Jamal/REUTERS
غوتيريش يشدد على حماية المدنيين
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لا يتوانى عن تجديد دعواته إلى وقف القتال فورًا في الفاشر، مع التأكيد على حماية المدنيين وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية بأمان وباستمرار. كما شدد على توفير ممر آمن لأي مدنيين يريدون مغادرة المنطقة طوعًا.