الجيش العراقي ـ نقص في التسليح أم ضعف إرادة؟
٢٦ مايو ٢٠١٥الانتقادات الموجهة للجيش العراقي، وخاصة بعد تقدم قوات تنظيم "الدولة الإسلامية" على الأرض، تثير التساؤلات عن حقيقة قوة الجيش العراقي، ومدى قدرته على المواجهة. وفي حين رجح مراقبون أن الجيش العراقي يشهد انهيارا عاما في ظل نقص حاد في التسليح والتدريب، حذر رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري الثلاثاء من أنه "قد يتم اللجوء إلى حل الجيش، إذا لم تكن هناك محاسبة للمقصرين، موضحا أن غياب المحاسبة يعني أن الوضع الحالي السيئ قد يقود إلى المزيد من الانهيار".
واعتبر الجبوري في تصريحات لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية أنه إذا ساءت أحوال الجيش العراقي أكثر، فقد يكون الحل فقط: "حل الجيش"، معتبرا أن قوات تنظيم "الدولة الإسلامية "المعروفة إعلاميا بـ" داعش" يتم تمويلها على ما يبدو، من خلال "أسلحة الجيش التي يتركها وهي ليست قليلة." واعتبر الجبوري أن "هذا رد على من يقول إن السلاح لا يكفي للمواجهة. فالسلاح موجود، ولكن يفقد من خلال هذه الطريقة. وعليه فإن البرلمان والأحزاب السياسية التي شكلت الحكومة لا بد أن تقف بشكل واضح أمام الخروقات التي حصلت والتي يحمل الناس آثارها السلبية".
أسباب عديدة أدت إلى ضعف الجيش
من جهته أكد رئيس المركز الأوروبي العربي لدراسات مكافحة الإرهاب جاسم محمد في حوار له مع DW عربية أن الجيش العراقي يشهد ضعفا عاما في مفاصله، وعزا ذلك لعدة أسباب: وقال محمد: "إن انهيار الجيش العراقي، بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003 لم تتبعه أية جهود حقيقية لإعادة بناء الجيش على أسس قوية وحديثة"، حيث لعبت المحاصصة الطائفية، وسياسة الدمج الخارجي (إدخال مجندين للجيش بوساطة الأحزاب والقوى السياسية) دوراً كبيرا في إضعاف الروح القتالية للجيش، وربط ولائه بالأحزاب والأشخاص، ما جعل الجيش العراقي "يفشل في فرض نفسه على ساحة المعركة".
صحيفة دي فيلت الألمانية نشرت في تقرير لها بأن تقدم قوات "داعش" على الأرض هو "دليل واضح على مدى ضعف قوات الجيش العراقي"، وقالت الصحيفة إن الجيش العراقي "أثبت فشله "بعد سقوط الرمادي حيث هرب جنوده من امام "داعش"، وهذا الفشل سبقته هزائم أخرى على الأرض، وبالرغم من التدريبات التي تلقاها الجيش من خبراء عسكريين أمريكيين، وصرف ملايين الدولارات على تسليحه، فإنه لم يستطع أن يثبت أي "نجاح حقيقي على الأرض" في مواجهة "داعش".
وكان وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر قد أثار جدلا على الساحة السياسية العراقية بعد انتقاداته في مقابلة مع شبكة سي ان ان الأمريكية وتصريحه بأن الجيش العراقي "لم يبد إرادة في قتال داعش".
وقال كارتر إن الجنود العراقيين" لم يعانوا من نقص في العدة والعدد"، بل كانوا أكثر عددا من مسلحي داعش إلا أنهم انسحبوا من المنطقة بطريقة تثير الاستغراب، مبينا أن القصف الجوي الذي تقوم به قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة "فعال" إلا انه "لا يمكن أن يحل مكان إرادة القوات العراقية في القتال".
تنسيق أمريكي فعال
ولا يتفق مدير المركز الأوروبي العربي للدراسات جاسم محمد مع كارتر في انتقاداته واصفا إياها بأنها غير دقيقة، إذ أن الجيش العراقي، لا يملك الأسلحة المناسبة لقتال "داعش"، حسب رأيه ، كما أن العديد من عقود التسليح التي أبرمها الجيش "لم تتم"، أيضا فان طبيعة الصراع الذي يواجهه الجيش العراقي تستلزم أنواعا مختلفة من الأسلحة التي يتم توريدها له. وانتقد الباحث العراقي الغطاء الأمريكي، مؤكدا انه "غير فعال" على خلال ما يدعي الأمريكيون، فعمليات التنسيق بين الجيش العراقي والقوات الأمريكية "قليلة أو شبه معدومة"، كما إن فعالية الردع الجوي تعتمد على السرعة في رصد وقصف الأهداف. وأضاف أن وجود تكامل بين القوات على الأرض والطائرات في الجو، منعدم حاليا، حيث إن الأهداف الجوية الأمريكية تتم بشكل انتقائي في الغالب وتخضع للمزاج الأمريكي ما يفقدها فعاليتها، بحسب الباحث.
الجيش العراقي والميليشيات
ويرى مراقبون أن الفساد قد بات يسيطر على مفاصل الجيش العراقي، فميزانيته الضخمة السنوية التي تعادل ربع ميزانية العراق "تثير لعاب الفاسدين" حسب قولهم. وكانت صحيفة داس بيلد الالمانية قد نشرت في تقرير لها الثلاثاء أن الجيش العراقي، وبحسب خبراء عسكريين "يفتقد إلى الحسم العسكري"، وأن جنوده "يخافون من محاربة داعش". ويؤكد جاسم محمد أن ميزانية الجيش الضخمة ( 25 مليار دولار للعام 2015 ) لم تنجح في بناء جيش قوي، والحل ،حسب رأيه، يتم من خلال إعادة بناء الجيش على أسس سليمة، إلا أن الوضع الحالي لا يسمح بذلك، وأضاف الباحث: " إن وجود قوات الحشد الشعبي (الميليشيات) إلى جانب الجيش العراقي تزيد من قدرته في المواجهة على الأرض، خاصة أن هذه القوات المدربة والمسلحة من إيران تمتلك روحا قتالية عالية" إلا أنه اعترف أن "التفكير الطائفي لقوات الحشد الشعبي" قد يثير استفزاز السنة خاصة بعد إعلان القوات عن بدء حملة لاسترداد الرمادي تحت شعار"لبيك يا حسين".
وكانت القوات العراقية والميليشيات المؤلفة من فصائل شيعية قد بدأت الثلاثاء عملية تهدف لمحاصرة الرمادي لتحريرها من سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية"، وقد أدى تقدم قوات "داعش" في منطقة الرمادي إلى نزوح ما لا يقل عن 55 ألف شخص، وفقا لتقارير الأمم المتحدة.