المدرب الإسباني بيب غوارديولا غني عن التعريف. فقد سجل في وقت قصير رقما قياسيا في عدد الألقاب مع برشلونة. مسألة تغيرت الآن مع بايرن ميونيخ، والأكثر من ذلك أنه يقول إنه لا يبحث عن الألقاب وإنما عن مفتاح تألقه، الحب.
إعلان
لاشك أن نجاح أي فريق كرة قدميرتبط بعدة عوامل، أقواها العامل المادي. فالمال أصبح عنصراً مهماً في دنيا كرة القدم، أقلّه من أجل إمكانية التعاقد مع نجوم موهوبين؛ رغم ذلك فالمال وحده لا يكفي. وبالمال يمكن التعاقد مع أفضل المدربين ومن البديهي القول أن المدرب القدير هو العنصر الأساسي في تقدم أي فريق.
بيب غوارديولا المدرب الحالي لبايرن ميونيخ هو واحد من الذين يملكون مكانة مرموقة بين أفضل مدربي كرة القدم في العالم. وإنجازاته التي حققها كمدرب حتى الآن خير دليل على ذلك. فبالرغم من أن غوارديولا دخل عالم التدريب من مدة ليست بعيدة نسبيا (قبل نحو ثمان سنوات)، تمكن المدرب الكاتالوني من تحطيم رقم قياسي مع برشلونة في عدد الألقاب التي حصدها. فخلال أقل من أربعة أعوام لم يترك غوارديولا لقبا ممكنا إلا وحققه مع برشلونة، وصل عددها إلى 13 لقبا. بيد أن هذه الألقاب لم تصبه بالتخمة، فراح يبحث عن المزيد من الألقاب مع بايرن ميونيخ بعد أن ترك برشلونة.
غوارديولا: ليست الألقاب هي ما أبحث عنه
يعرف المهتمون بالشوؤن الكروية أن إنجازات غوراديولا في البيت البافاري لا تشبه كثيرا إنجازاته مع برشلونة، فغوارديولا حصل على 4 ألقاب فقط مع البايرن منذ توليه المسؤولية في صيف 2013 وحتى الآن. هذه الانجازات لم ترض عشاق البايرن، ما دفع الكثيرين منهم لانتقاده. والسؤال هنا هل ستكون هذه الانتقادات حافزا لغوارديولا لتحقيق إنجاز تاريخي مع البايرن في الموسم المقبل؟
المؤكد هو أن غوارديولا لن يتهاون، بأي حال من الأحوال، في بذل كل الجهود الممكنة مع بايرن. لكن ما صرح به مؤخرا عن أولياته في العمل، كان مفاجئا بالنسبة لكثير من خبراء الكرة ومن بينهم الخبير الرياضي تورستن ميش في تعليقه المنشور على موقع "سبورت1" الألماني.
تعرف على أعمدة نجاح فريق بايرن ميونيخ
عن جدارة واستحقاق كبيرين أحرز فريق بايرن ميونيخ بطولة الدوري الألماني قبل نهايتها. والفضل في هذا النجاح يعود إلى عدة أشخاص. نستعرض في هذه الجولة المصورة أهم أعمدة نجاح بايرن ميونيخ داخل المستطيل الأخضر وخارجه.
صورة من: picture-alliance/dpa
المدرب الاستراتيجي
استطاع بيب غوارديولا خلال فترة زمنية قصيرة أن يفرض مفهومه التدريبي واستوعب لاعبو الفريق البافاري تكتيكات الإسباني الذكي وأهمها: امتلاك الكرة بكثرة، والتمريرات القصيرة المتقنة والأنيقة. ومنها أيضا شن هجمات بدون توقف حتى لو كان الفريق متقدما على منافسه بثلاثة أهداف أو أربعة لصفر. لذلك ترى معظم لاعبي الفرق المنافسة يجرون فقط خلف لاعبي بايرن، ولا يقومون بعملية التحام وصراع معهم على الكرة.
صورة من: Getty Images
اللاعب الشامل
سواء في مركز الظهير الأيسر أو الظهير الأيمن أو حتى كلاعب خط وسط مدافع، منذ هذا الموسم، دائما يقدم فيليب لام أداء بمستوى عالمي في جميع الأماكن التي يوضع فيها، باستثناء مركز قلب الدفاع وحراسة المرمى لأنه قصير القامة قليلا. في الدوري الألماني، لمع نجمه بشدة في فبراير / شباط حتى أنه سجل هدفا في مرمى نورنبرغ، بعدما كان صائما عن التسجيل منذ هدفه في سان باولي في ديسمبر 2010.
صورة من: Getty Images
الجدار
كحارس لفريق بايرن ميونيخ تعود مانويل نوير الآن على أن يبقى متفرجا في معظم الأوقات أثناء مباريات البوندسليغا. ففي الموسم الجاري من النادر جدا أن تصل الكرة للاعبي الفرق المنافسة داخل منطقة جزاء نوير، فمدافعو بايرن هم في العادة من يملكون الكرة هنا. مع هذا فمانويل نوير يقظ دائما ومتواجد على الفور في المكان المناسب واللحظة المناسبة. لم يدخل مرماه هذا الموسم سوى 12 هدفا فقط، وهو رقم يتحدث عن نفسه.
صورة من: Getty Images
المغناطيس
عندما جاء خافي مارتينيز قبلب سنة ونصف إلى بايرن، كانت من لهم معرفة بالدوري الأسباني هم في فقط أساسا من يعرفون ميزات القوة لدى هذا اللاعب الإسباني، الذي دُفع فيه مبلغ 40 مليون يورو. أما اليوم فالجميع يدرك تماما مدى أهمية هذا اللاعب بالنسبة لمنظومة الفريق البافاري. مارتينيز هو المغناطيس الهادئ، الذي يلتقط الكرات سواء عندما يضعه غوارديولا في مركز قلب الدفاع أو كلاعب وسط مدافع.
صورة من: Getty Images/Afp/Christof Stache
اللاعب الأمنية
"إما هذا أو لا أحد": عبارة قالها غوارديولا قبل بداية الموسم عن تياغو الكانتارا، الذي يعرفه منذ أن كان مدربا لبرشلونة. واشترى بايرن اللاعب الإسباني مقابل 25 مليون يورو، وبإمكانهم اليوم أن يشعروا بأنهم محظوظون لأنهم استطاعوا ضم جوهرة أخرى إلى عقدهم. تياغو يمكنه توجيه دفة المباراة من خلال نظرته الرائعة للملعب ونجح في تسجيل هدف بطريقة رائعة، جلب به الفوز على شتوتغارت في الوقت المحتسب بدلا من ضائع.
صورة من: picture-alliance/dpa
العائد
لم يشارك باستيان شفاينشتايغر كثيرا في مباريات هذا الموسم فقد كان اللاعب الدولي مصابا لفترة طويلة جدا. والآن ها هو في طريق عودته إلى سابق قوته، وعاد مجددا للإمساك بزمام المباريات على أرضية الملعب. زملاؤه يبنون تحركاتهم عليه، ويمكن أن تكون خبرته بقيمة الذهب في بقية الموسم وخاصة في دوري أبطال أوروبا.
صورة من: picture-alliance/dpa
الجلاد
كماهجم داخل منطقة جزاء الفريق المنافس يقوم ماريو مانجوكيتش بدور لا يحتاجه بيب غوارديولا في منظومة لعبه. رغم ذلك فإن المهاجم الكرواتي، صاحب الـ17 هدفا في الدوري هذا الموسم، يعد المهاجم الأكثر خطورة لدى بايرن.كما أنه سجل هدفين أيضا في دوري أبطال أوروبا وثلاثة في كأس ألمانيا. ورغم نسبة تهديفه العالية فمن المتوقع غالبا أن يرحل مانجوكيتش في الصيف القادم عندما يأتي روبرت ليفاندوفسكي إلى بايرن.
صورة من: Bongarts/Getty Images
الجناحان الطائران
وبينما يتمركز مانجوكيتش في المنتصف منتظرا الكرات لتحويلها إلى أهداف في مرمى الخصوم، يكثف الهولندي أرين روبن والفرنسي فرانك ريبري هجماتهما الخطيرة من على الجانبين. روبين سجل عشرة أهداف وصنع ستة أخرى. أما ريبري فسجل ثمانية أهداف ومرر عشر تمريرات حاسمة. مستواهما عالمي وكلاهما ذو قدرة رائعة على السيطرة على الكرة، لدرجة لا تسمح للمنافسين بإيقافهم أبدا طوال المباراة.
صورة من: Getty Images
المهاجم السريع
وإذا لم ينجح كل هؤلاء في التسجيل، يتكفل توماس مولر بإحراز الأهداف. فالمهاجم السريع يحمّس زملائه بمنتهى القوة وهو مسؤول عن تحقيق أجواء جيدة في الفريق. وبالإضافة إلى ذلك فإن مولر الهداف الخطير وصاحب الساقين الرقيقتين لديه إحساس لا يخطئ المكان الذي يجب أن يتواجد فيه لكي يسبب أعلى مستوى من الخطورة للخصم.
صورة من: Getty Images
المخطوف
كثيرا ما قام بايرن ميونيخ بخطف (شراء) أفضل اللاعبين لدى أقوى منافسيه. وقد نجح بايرن في خطف ماريو غوتزه من بوروسيا دورتموند مقابل 37 مليون يورو، وخطف معه أمل خصمه في الفوز باللقب. وقد حدثت زوبعة بسبب انتقال غوتزه "المهاجم غير الصريح"، الذي سجل هدفا في مرمى بوروسيا دورتموند، فريقه القديم. وسيلحق بماريو غوتزه إلى بايرن ميونيخ الصيف القادم ماكينة الأهداف روبرت ليفاندوفسكي مهاجم دورتموند الحالي.
صورة من: Reuters
الصف الثاني
إذا غاب أي لاعب من لاعبي الصف الأول للفريق البافاري، فهناك من يحل مكانه من اللاعبين الدوليين الجالسيين على مقعد البدلاء، وعلى أتم الاستعدادات لملء الفراغ، وبنفس القدر من الجودة تقريبا. البايرن لا يعرف كلمة "لاعب احتياطي"، فيما عدا حارس المرمى توم شتاركه، والمدافع دييغو كونتينتو والناشيء بيير إميل هويبيرغ. أما البقية فكلهم نجوم، معظمهم دوليون في منتخباتهم.
صورة من: picture alliance/Pressefoto Ulme
المدير: زامر المتذمر
وحتى لا يحدث أي تهاون داخل بايرن ميونيخ هناك ماتياس زامر. فالرجل الذي يشغل منصب المدير الرياضي للفريق يجد دائما ما يضايقه حتى لو كان بايرن فائزا على المنافس 9-0. فهو يضع إصبعه على الجروح، حتى لو لم تكن هناك جروح. وبطموحه الهائل ورغبته المطلقة في الفوز دائما وتحسين المستوى باستمرار، تناسب شخصية ماتياس زامر ميونيخ عامة وليس بايرن فقط.
صورة من: picture-alliance/dpa
الراعي السابق
في الخلفية يظهر أُولي هونيس، صانع بايرن، الذي حكم عليه مؤخرا بالسجن لمدة ثلاث سنوات ونصف بسبب قضية تهرب ضريبي بقيمة حوالي 27 مليون يورو. وقد استطاع هونيس أن يجلب إلى الفريق أنسب العناصر، وجعل من بايرن ميونيخ فريقا أكثر روعة وقوة.
صورة من: picture-alliance/dpa
13 صورة1 | 13
وفقا لموقع "سبورت بيلد" الألماني يبدو أن المدرب الكاتالوني يبحث عن "الحب" وليس "الألقاب". وهو ما أكده غوارديولا أثناء حضوره اجتماع لجمعية خيرية لذوي الاحتياجات الخاصة "أمباناس" في مانريسا بالقرب من برشلونة، وأضاف غوارديولا: "لا أطمح في حصد الألقاب في حياتي أوفي عملي، وكل ما أقوم به في حياتي لأجل أن أكون محبوبا".
ويبدو أن الحبّ الذي يسعى غوارديولا لكسبه، ليس من قبل الجماهير فحسب، وإنما أيضا من قبل أعضاء فريقه. فغوارديولا يرى أن سرّ تألق المدرب ينطلق من محبة فريقه له. وبرر وجه النظرهذه بقوله "قرأت في إحدى المقالات الأمريكية المتعلقة بتربية الأطفال أن الطفل لا يمكنه أن يتعلم، إذ لم يشعر بمحبة أستاذه له، وهو ما أسعى لتطبيقه في عملي".
شرب القهوة مع اللاعب أفضل من توبيخه
وأشار غوارديولا إلى أنه يستعين بخبرات المتخصصين في تربية الأطفال كثيرا، لاسيما عندما يتعلق الأمر بإقناع فريقه بقراراته، وأضاف: "يغضب بعض اللاعبين عندما أدعوهم للخروج من المباراة لاعتقادهم أنني لا أحبهم، ولا يفكرون بأن السبب يعود لأغراض تكتيكية فقط وليس لأنني لا أحبهم".
ورغم حداثة عهده في المهنة مقارنة مع غيره من أساطير التدريب؛ فإن غوارديولا متأكد من أن حب المدرب للاعبيه وتفهمه لهم هو سبب مهم لنجاح أي مدرب، وهو ما يقوم به شخصيا. فعلى عكس الكثير من المدربين يرفض غوارديولا توبيخ أي لاعب لإخفاقه في تحقيق الأهداف. بل ينتظر انتهاء المباراة ويقوم بدعوته لأقرب مقهى ويشرب معه فنجان قهوة ويتجاذب أطراف الحديث معه عن حياته الشخصية بعيدا عن كرة القدم. ولذلك دور كبير في تحفيز اللاعب على بذل أفضل ما لديه في المباريات المقبلة، على حد قول غوارديولا.