مع ساعات الصباح الأولى وفي أجواء إيمانية، بدأ الحجاج برمي الجمرات في أول أيام عيد الأضحى. فيما مر موسم الحج هذا العام بسلاسة بعد سلسلة من الإجراءات للوقاية من الحر الشديد، ومنع الحج غير النظامي.
مئات الآلاف يؤدون رمي الجمرات، صورة رمزية.صورة من: Saudi Press Agency/APA Images/ZUMA Press/picture alliance
إعلان
أدّى الحجاج اليوم الجمعة (السادس من يونيو/حزيران) آخر المناسك الكبرى في موسم الحج، وهي شعيرة رمي الجمرات في وادي منى، تزامنا مع أول أيام عيد الأضحى لدى المسلمين في أنحاء العالم.
ومنذ الفجر، شرع أكثر من 1,6 مليون حاج في رمي سبع حصيات على كل من الجدران الثلاثة، التي ترمز إلى الشيطان في وادي منى الواقع في مشارف مدينة مكة المكرمة.
وتُحيي هذه الشعيرة ذكرى رجم النبي إبراهيم للشيطان في المواضع الثلاثة، التي يُعتقد أنه حاول فيها ثنيه عن تنفيذ أمر الله بالتضحية بابنه.
ووصف وائل أحمد عبد القادر، وهو حاجّ مصري يبلغ 34 عاما، تجربته في منى بـ"السهلة والبسيطة"، مضيفا "خلال خمس دقائق كنّا قد أنهينا رمي الجمرات".
أمّا هواكيتا، وهي حاجّة أتت من غينيا، فعبّرت عن سعادتها الكبيرة للاحتفال بالعيد في مكة. وقالت "عندما رميت الجمرات، شعرت بالراحة. كنت فخورة جدا بنفسي".
وفي اليوم السابق، وقف الحجاج في جبل عرفات الركن الأعظم للحج، وأدّوا الصلاة وقاموا بالدعاء طيلة اليوم، وسط حرارة مرتفعة وصلت إلى 45 درجة مئوية، ما دفع السلطات السعودية إلى دعوتهم للبقاء في الخيام خلال ساعات النهار الأشد حرّا.
رمي الجمرات أحد أركان الحج الأساسية.صورة من: Hazem Bader/AFP
وبعيد الغروب، توجه الحجاج إلى مشعر مزدلفة الذي يتوسط عرفات ومِنى، للاستراحة والمبيت هناك استعدادا ليوم النحر وهو يوم العيد. وشرعوا في جمع بعض الحصى التي يستخدمونها في رمي جمرة العقبة.
إجراءات مُحكمة
وشهد موسم الحج هذا العام تنفيذ سلسلة من الإجراءات للحدّ من أخطار التعرّض للحرّ الشديد، إلى جانب حملة واسعة لمنع الحج غير النظامي، ما انعكس في تراجع كثافة الحشود، وسط حضور أمني لافت في مكة المكرمة والمشاعر المحيطة بها.
وسجّل هذا الموسم أقل عدد من الحجّاج منذ أكثر من ثلاثة عقود، باستثناء السنوات التي شهدت قيودا بسبب جائحة كوفيد-19 بين 2020 و2022.
وفي العام الماضي، أدّى 1,8 مليون مسلم فريضة الحج، وفق الأرقام الرسمية.
إجراءات مشددة تتخذها السعودية لضمان سلامة الحجاج
02:33
This browser does not support the video element.
وقال مساعد وزير الصحة السعودي محمد العبد العالي "نواجه عددا محدودا من حالات الأمراض المرتبطة بالحرارة هذا العام وهذا دليل على فعالية كافة الإجراءات التنظيمية وكذلك الإجراءات الوقائية".
ولجعل الحج أكثر سلاسة وأمانا، طوّرت السلطات البنى التحتية وحشدت آلاف الموظفين الإضافيين، واعتمدت على ترسانة تكنولوجية متقدّمة تساعد على إدارة الحشود بشكل أفضل.
إعلان
عدم تكرار مأساة العام الماضي
وسعت السلطات من خلال هذه الإجراءات إلى تفادي تكرار مأساة العام الماضي، حين توفي 1301 حاج بعدما بلغت الحرارة 51,8 درجة مئوية.
وأفادت السلطات السعودية حينها بأن معظم الوفيات سُجلت في صفوف حجاج غير نظاميين تسللوا إلى مكة من دون تصاريح، ما حرمهم من السكن والخدمات التي توفّرها المملكة لحماية الحجاج من الحر الشديد.
وتُمنح تصاريح الحج للدول وفق نظام حصص، وتُوزّع على الأفراد عن طريق القرعة.
لكن حتى من يحصلون على التصاريح، قد يجدون في كلفة الحج المرتفعة دافعا لمحاولة أداء المناسك من دون تصريح، رغم المخاطر القانونية التي تشمل الاعتقال والترحيل.
وسبق أن شهدت منطقة رمي الجمرات في منى حادثا مأساويا في العام 2015، حين أودى تدافع بحياة أكثر من 2300 شخص، في أسوأ كارثة شهدها الحج في تاريخه الحديث.
وتُعدّ مناسك الحج والعمرة مصدرا رئيسيا للعائدات الاقتصادية في السعودية، إذ تدرّ مليارات الدولارات سنويا. كما أن ملك السعودية يحمل لقب "خام الحرمين الشريفين".
(أ ف ب)
بالصور: أبرز الحوادث التي شهدتها مواسم الحج عبر الزمن
وصل أكثر من مليون مسلم إلى مكة المكرمة لأداء مناسك الحج، وسط موجة حرّ شديدة بالسعودية وتأهب طبي وأمني لتأمين موسم الحج لهذا العام، فما هي أبرز الحوادث التي شهدها موسم الحج خلال السنوات السابقة؟
صورة من: AFP/Getty Images
2025 - بداية موسم الحج تحت حرّ الصحراء الشديد
نقل مسعفون حاجاً إلى مستشفى منى للطوارئ في مكة المكرمة في أول يونيو/ حزيران 2025 بعد تعرضه لضربة شمس (الصورة). ولأنّ هذه الحوادث شائعة جداً فقد أنشأت السلطات السعودية وحدة لعلاج ضربات الشمس هناك. وتستقبل مكة المكرمة الحجاج لهذا العام وسط إجراءات مشددة، فقد تعهدت السلطات بإقامة حج أكثر أماناً وسط حر الصحراء الشديد وحملة صارمة على الزوار، الذين لم يحصلوا على تأشيرة للحج.
صورة من: Hazem Bader/AFP
2015 - أكبر كارثة تدافع وآلاف الحجاج يلقون حتفهم
حوادث التدافع التي تحصل خلال أداء مناسك الحج من أبرز حوادث الحج وأكثرها شيوعاً، ففي 24 سبتمبر/ أيلول 2015 حدثت أسوأ كارثة تدافع في موسم الحج على الإطلاق، إذ تدافع الحجاج أثناء رمي الجمرات في منى بالقرب من مكة، مما تسبب بوفاة نحو 2300 حاج، بالرغم من جهود السلطات السعودية للاستعداد للموسم وتقليل كثافة الحشود وتوسيع الشوارع الضيقة في منى.
صورة من: Saudi Civil Defense/AP Photo/picture alliance
عام 2006 .. مئات الحجاج يقضون عند رمي الجمرات
لقي ما لا يقل عن 345 حاجاً على الأقل حتفهم جراء التدافع عند المدخل الشرقي لجسر الجمرات بمنى، رغم أن الحكومة السعودية أنفقت مليارات الدولارات على تطوير وتوسيع البنية التحتية لهذا المكان. وقع الحادث المأساوي وقت الظهيرة يوم الخميس 12 يناير/ كانون الثاني 2006، في اليوم الأخير من موسم الحج. وكان السبب في وقوع التدافع هو تعثر حجاج بأمتعتهم ما عرضهم للدهس.
صورة من: Getty Images/AFP/B. Mehri
2004 - وفيات الحجاج عند رمي الجمرات
قتل 244 حاجاً من مختلف الجنسيات في اليوم الأول لموسم الحج بتاريخ أول فبراير/ شباط 2004 خلال رمي الجمرات، بعد تدافع وقع في مشعر منى.
صورة من: Getty Images/AFP/M. Mahmoud
1990 - حادثة نفق المعيصم
خلال موسم الحج بشهر يوليو/ تموز عام 1990، قتل 1426 حاجاً دهسا داخل نفق المعيصم قرب مكة، وذلك أثناء شعيرة رمي الجمرات. وكان معظم الضحايا من الحجاج الآسيويين، بحسب السلطات السعودية.
صورة من: AFP/Getty Images/M. Al Shaikh
1987 - مواجهة بين حجاج إيرانيين والشرطة السعودية
في عام 1987 شهد موسم الحج مواجهات بين حجاج إيرانيين وبين الشرطة السعودية، خلال مظاهرة للحجاج الإيرانيين. وأسفر ذلك عن مقتل 402 شخصاً (275 من الإيرانيين و85 من السعوديين و45 حاجاً من بلدان أخرى). وتسببت الواقعة في قطع العلاقات الدبلوماسية بين طهران والرياض ومن ثم قاطعت إيران الحج بضع سنوات.
صورة من: farhangnews
حرائق في الخيام
إضافة إلى عمليات التدافع والاختناق، شهدت بعض مواسم الحج نشوب حريق في خيام الحجاج أسفرت عن مقتل العشرات من الحجاج. ويتابع أهالي الحجاج أخبارهم باهتمام وخوف كبير حتى يوم عودتهم.
صورة من: DW
وقوع كوارث رغم تجهيزات مراقبة حديثة
رغم التجهيزات الحديثة لمراقبة حركة مرور الحجاج، إلا أن السلطات السعودية فشلت أكثر من مرة في تفادي وقوع حوادث التدافع أو الاختناق، وهو ما جلب للرياض انتقادات لاذعة.
صورة من: picture-alliance/dpa/Qabalan
السعودية ترفض الاتهامات، فمن الملوم؟
تواجه السلطات السعودية انتقادات كبيرة بسبب طريقة تسيير الحج. أما السعودية، فتلقي اللوم على الحجاج بسبب ما تسميه "عدم احترام بعض الحجاج لتعليمات السلطات المنظمة للحج".
صورة من: picture-alliance/dpa/Kamal Mustafa
أتراك يريدون أن تنظم بلدهم الحج!
في خطوة فاجأت بعض المراقبين، رأى محمد علي شاهين، نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم في تركيا، أن بلاده يمكن أن تنظم الحج بشكل أفضل من السعودية.
صورة من: Getty Images/AFP
الحوادث القاتلة لا تثني الناس عن الحج
يدرّ موسم الحج مليارات الدولارات على السعودية. ورغم الحوادث القاتلة، يتوافد سنوياً ملايين المسلمين من كل بقاع العالم لأداء مناسك الحج أو العمرة.