1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الحرب في أوكرانيا تهيمن على نقاشات مؤتمر ميونيخ هذا العام

١٣ فبراير ٢٠٢٣

يتزامن انعقاد مؤتمر ميونيخ للأمن مع مرور عام على الحرب في أوكرانيا، التي سوف تأخذ حيزا كبيرا من المناقشات خلاله، خاصة وأن تقرير المؤتمر السنوي قد حذر من تزايد الانقسام بين "الأنظمة العالمية المتنافسة".

جانب من مؤتمر الأمن الدولي في ميونيخ (18/2/2022)
جانب من مؤتمر الأمن الدولي في ميونيخ في دورة العام الماضي 2022، حينما فشل في إيجاد حل لمنع وقوع الغزو الروسي لأوكرانيا. صورة من: Ina Fassbender/AFP/Getty Images

وفقا لمعاييره الخاصة، فإن العام الماضي (2022) كان صعبا بالنسبة للقائمين والمشاركين في مؤتمر ميونيخ للأمن، حيث مثل الغزو الروسي لأوكرانيا ضربة قوية للحدث السنوي، الذي تعد مهمته الرئيسة "المساهمة في حل النزاعات بالطرق السلمية".

ففي العام الماضي، ما كاد ينفض المؤتمر ويعود المشاركون والزعماء إلى بلادهم بعد انتهاء مشاركتهم في المؤتمر، الذي تستضيفه ميونيخ عاصمة ولاية بافاريا الألمانية، حتى أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأوامر بغزو أوكرانيا؛ في حدث غير مسبوق داخل القارة الأوروبية.

لم تقتصر تداعيات الحرب على تدمير مدن أوكرانية وقتل الآلاف فحسب، بل امتدت (الأضرار) إلى فرضيات أمنية لها قيمتها. الإبحار في واقع جديد ورأب "خطوط الصدع العالمية"، هذا هو الذي سيكون في محور المناقشات خلال مؤتمر ميونيخ للأمن لهذا العام. ومن وجهة نظر كريستوف هيوسغن، رئيس المؤتمر، فإن التهديد الذي يواجه أوروبا مباشرة هو سبب لمضاعفة الحوار. 

أوكرانيا .. مأساة وموضع للدراسة

وجاء صدى هذا الأمر جليا في تقرير ميونيخ للأمن الذي نُشر الاثنين (13 فبراير / شباط)، وهو التقرير الذي يعد بمثابة إطار المؤتمر الذي سوف يُعقد بين 17 و19 فبراير/ شباط في فندق "بايريشر هوف" في ميونيخ. 

وفي مقدمة التقرير، قال رئيس مؤتمر ميونخ الدولي للأمن، كريستوف هيوسغن، إن الحرب الروسية في أوكرانيا"تعد أكثر الهجمات جرأة على النظام الحالي الذي يستند على قواعد. والأطراف التي ترغب في تغيير النظام الحالي تسعى إلى تقويض الوضع الراهن وتغيير النظام الدولي بعدة طرق مختلفة".

وكان هيوسغن يشير في حديثه إلى الصين وروسيا اللتين تضغطان بقوة لتغيير ما تعتبره بكين وموسكو  "وضعا راهنا" يسيطر على الاقتصاد العالمي والسياسة والأمن بزعامة الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

والحرب في أوكرانيا هي في محور التقرير المؤلف من 176 صفحة، وهو المتوقع أيضا في المؤتمر. مع ذلك فإن الأحداث والهجمات الوحشية التي وقعت خلال الحرب السنة الماضية، والتي يتوقع أن تزداد مع انتهاء فصل الشتاء، لا ينظر إليها باعتبارها "نهاية معزولة ومجردة"، إذ إنها تثير تساؤلات حيال التحولات في ديناميات القوة العالمية.

الاقتصاد وتغير المناخ

ويرى مؤلفو التقرير ارتباطا وثيقا بين الأمن العالمي والازدهار الاقتصادي وتغير المناخ والمصالح الوطنية المتضاربة، فضلا عن الشعور بأن قواعد النظام العالمي لا تطبق على الجميع على قدم المساواة.

وفي ذلك، قال هيوسغن "إذا لم نعالج الاستياء الذي تشعر به بلدان في أفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا تجاه النظام الدولي، الذي لا يخدم مصالحها على الدوام؛ فإننا سوف نعاني في جهود كسب الأطراف ذات المواقف الحيادية كحلفاء في معركة الدفاع عن  القواعد والمبادئ الأساسية".

الديموقراطية والديكتاتورية

ويطرح التقرير تساؤلات من المؤكد أنها سوف تدور في أذهان المشاركين الألمان و الحضور الدولي خلال المؤتمر أبرزها: ما الذي أرسى أساس الغزو الروسي  لأوكرانيا؟ لماذا يتردد العديد من الدول غير الغنية وغير الأوروبية في دعم أوكرانيا وإدانة روسيا؟ وما هي الدروس التي يمكن أن تنطبق على التوتر المتصاعد بين الولايات المتحدة والصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ؟

ولا يقدم المؤتمر ، الذي يرتبط ارتباطا ماديا وسياسيا بالحكومة الألمانية، أي أطروحات حيال تغييرات جذرية في الأسس الليبرالية للنظام العالمي بقيادة الغرب، فيما يتتبع التقرير إلى حد كبير نظرة الرئيس الأمريكي جو بايدن للعالم، حيث يرى تزايد المواجهة بين الأنظمة الديمقراطية والاستبدادية.

بيد أن التقرير يشير إلى أن الحكومات في جميع أنحاء العالم تتخذ قراراتها على أساس كل قضية على حدة ووفق مصالحها.

السياسية ليست أبيض وأسود فقط

وفيما يتعلق بأوكرانيا، كشفت مجلة "الإيكونوميست" عن أن معظم دول العالم، طبقا للناتج المحلي الإجمالي، أدانت العدوان الروسي، لكن البلدان المحايدة أو تلك القريبة من روسيا هي الدول التي يقطنها معظم سكان العالم. ويكشف هذا التناقض عن تركيز الثروة، وهو الأمر الذي يشير إليه تقرير ميونيخ للأمن، باعتباره محركا لتباين الرأي العام والقرارات السياسية.

بيد أن الطريقة التي تقرر بها الحكومات أين ستدعم أوكرانيا، طريقة معقدة وتدخل في فيها حسابات مصالح كثيرة، وليس كما تتمنى الولايات المتحدة، التي تقود جهود الدعم لأوكرانيا.

وفي مقابلة مع DW، قال غوراف شارما، الخبير في الشؤون الهندية في  أكاديمية الشؤون الدولية  في مدينة بون الألمانية، "قد لا تدعم (هذه الدول) قرارات مجلس الأمن الدولي، لكن هذا لا يعني أنها تدعم روسيا. عندما تمتنع دول عن التصويت، فإن هذا يُنظر إليه على أنه دعم غير مباشر. لكنه ليس كذلك في حقيقة الأمر".

وقال شارما إن الهند التي تفتخر بأنها من الدول المؤسسة لـ "حركة عدم الانحياز" في خمسينيات القرن الماضي، فضلا عن كونها "أكبر ديمقراطية في العالم"، تنظر إلى روسيا باعتبارها "شريكا استراتيجيا" أكثر من كونها دولة حليفة في ضوء التعاون الدفاعي ونقل التكنولوجيا بين البلدين والممتد منذ عقود، فيما تعد الولايات المتحدة أحد أكثر الدول الداعمة لباكستان وهي العدو اللدود للهند.

وأضاف "لم نثق بأمريكا ولا يجب أن يثق بها أحد (...) وهذا هو الشيء الذي ينم عن عجز كبير في الثقة. قضية بناء الثقة سوف تستغرق الكثير من الوقت".

لقاء قمة عبر الفيديو لقادة مجموعة "بريكس". تفضيل دول المجموعة إبقاء علاقاتها قوية مع موسكو وعدم مشاركة الغرب في توجهاته الداعمة لأوكرانيا.صورة من: BRICS Press Information Bureau/AP/picture alliance

ويكشف التقرير عن مظالم العديد من الدول في إطار سياسات الزراعة والطاقة والتجارة، حيث دفعت ثمنا باهظا للمشاركة في الاقتصاد العالمي، لكن كانت هناك وعود فاشلة لتحسين البنية التحتية، التي من شأنها أن تعزز القدرة التنافسية، فضلا عن تحملها عبء ظاهرة تغير المناخ بشكل غير عادل.

إرث الغزو الأمريكي للعراق

قبل عشرين عاما وخلال مؤتمر ميونيخ للأمن، قال وزير الخارجية الألماني آنذاك يوشكا فيشر "لست مقتنعا" بالأسباب الأمريكية لغزو العراق فيما مضت إدارة جورج بوش الابن في القرار رغم انتهاك القانون الدولي.

ومازلت هذه المعضلة تجد أصداء في الوقت الحالي، خاصة بين منتقدي الهيمنة الأمريكية على الساحة العالمية حيث يرددونها للمقارنة مع الغزو الروسي لأوكرانيا.

لكن التقرير يتجنب هذه الفرضية بالقول إن الحرب الروسية في أوكرانيا "ليست سوى محاولة من قبل قوة استبدادية للقضاء على دولة ديمقراطية ذات سيادة"، بيد أنه ليس جميع الدول تتفق مع هذا الطرح.

من جانبها، قالت ليانا فيكس، الزميلة في مجلس العلاقات الخارجية ومقره واشنطن، إن الأمر بالنسبة للدول الغربية يمثل "دعوة للاستيقاظ حيث لم تقدم جميع الدول على الفور لإدانة روسيا بعد غزوها أوكرانيا".

وفي مقابلة مع DW أضافت "هذا ليس سببه المشاعر المؤيدة لروسيا، وإنما العقلية المعادية للغرب".

مؤتمر قمة العشرين في أندونيسيا. القوة الغربية ردت سريعا على الغزو الروسي لأوكرانيا لكن ذلك وحده لا يكفي. صورة من: Steffen Hebestre/Bundesregierung/dpa/picture alliance

ينظر كثير من دول العالم إلى الحرب في أوكرانيا باعتبارها "مجرد صراع دموي آخر" يضاف إلى صراعات أخرى تعصف بالعديد من مناطق العالم، فيما تتساءل بلدان عن السبب الذي سوف يدفعها لدعم الغرب في حرب مندلعة على حدوده، في حين أن الغرب لم يفعل الشيء مثله في إنهاء الصراعات التي تدور في هذه الدول، بل تتهم بعض الأطراف دولا غربية بإذكاء الصراعات الداخلية داخلها.

فرصة لإعادة التفاوض

وخلص تقرير مؤتمر ميونيخ للأمن إلى أن "رد الفعل الفوري للغرب على الحرب في أوكرانيا لم يساعد. فبدلا من مساعدة الدول في مواجهة أزمة ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة قام الغرب بتوبيخ هذه الدول لعدم إظهارها تضامنا كافيا مع أوكرانيا".

وفي ضوء هذا التناقض بين مواقف الكثير من دول العالم، يرى التقرير أن الأمر يمثل فرصة  للدول الكبرى  لإعادة الدول الأخرى إلى صفوفها، بيد أن الأمر ليس بالسهل.

وفي ذلك، قالت فيكس "إن قضية إعادة التوازن للعلاقة الاقتصادية ربما يجب أن ينطوي على قضايا جوهرية أكثر من مجرد طرح مبادرات دبلوماسية وقيام بجولات خارجية من أجل إظهار التواجد".

ولن يصب ذلك في صالح مساعي الغرب لمنع روسيا من تحقيق النصر في أوكرانيا فحسب وإنما يصب أيضا في صالح مساعيه لاحتواء الصين التي تزداد قوة في منطقة المحيط الهادئ، خاصة وأن الولايات المتحدة سوف تحتاج إلى دعم دول مثل البلدان الجزرية الصغيرة الواقعة في المحيط الهادي، وهي دول تجاهلتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة.

وفي مساعي إعادة التفاوض، يترقب كثيرون ماذا سيجرى داخل أروقة مؤتمر ميونيخ للأمن من مناقشات ومباحثات.

وعن ذلك، قالت فيكس "سوف تعتمد الدول الغربية للمرة الأولى على دول الجنوب، ولأول مرة يمكن لتلك الدول استخدام ما لديها من نفوذ تجاه الغرب".

وليام جلوكروفت / م .ع

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW