1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الحرب في الشرق الأوسط تضع المدارس الألمانية أمام تحديات صعبة

١٦ أكتوبر ٢٠٢٣

تبعات الهجوم الإرهابي الذي شنته حماس ضد إسرائيل، ورد إسرائيل بقصف مناطق في قطاع غزة، يؤثران على المجتمع في ألمانيا أيضا. وقد يكون هذا ملحوظا بشكل خاص في المدارس الألمانية. فما الذي يوصي به الخبراء الآن؟

الشرطة تقف أمام مدرسة إرنست آبي الثانوية في برلين-نويكولن
عواقب إرهاب حماس في إسرائيل: إذا لزم الأمر، يجب على الشرطة ضمان النظام في المدارسصورة من: Jörg Carstensen/dpa/picture alliance

ابتهاج وموافقة على إرهاب حماس ضد إسرائيل في برلين البعيدة تماما عن موقع الحدث؟ نعم، يبدو أن ذلك موجود. وهذا ما تشير إليه صور من مظاهرات مسموح بها وأخرى محظورة في العاصمة الألمانية. ولكن يبدو أيضا أن هناك تعاطفا في المدارس، حيث يتم تعليم الفتية الرياضيات والفنون والتاريخ.

مشاجرة بين معلم وتلميذ

بعد وقت قصير من بدء هجوم حماس، لفتت حادثة، وقعت في مدرسة ثانوية في منطقة "نويكولن" في برلين، الأنظار. نصف سكان المنطقة، البالغ عددهم 330 ألف شخص، هم من أصول مهاجرة. وتم تداول مقطع فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي، يمكن من خلال الصورة غير الواضحة تماما  رؤية شجار بين مدرس وتلميذ.  وبحسب الشرطة، فإن المراهق قدم إلى المدرسة حاملا علم فلسطين ووشاحا فلسطينيا.

وفي الفيديو، يمكنك أن ترى بشكل غامض كيف يؤرجح المعلم ذراعه اليمنى وهو يضرب الفتى على ما يبدو. يعتبر درويش هيزارجي من "مبادرة كرويتسبرغ ضد معاداة السامية" أن هذا النوع من التعامل يمثل مشكلة: "فبدلا من الرد بشكل غاضب، كان يجب على المعلم أن يضع التلميذ في موقف يضطره لشرح وتبرير ما حدث"، كما يقول الخبير التربوي، في حديث لـDW.

جهود وقائية قليلة؟

مدير المبادرة، المنحدر أيضا من نويكولن، ليس مندهشا على الإطلاق من تزايد التوترات الآن في المدارس. ويرى أن الوقاية أمر بالغ الأهمية في مجال  مكافحة معاداة السامية  وجميع أشكال التمييز. ولكن تلك الجهود كانت للأسف دائما مفقودة.

"من لا يعالج هذه القضايا، مثل الصراع في الشرق الأوسط أو معاداة السامية المرتبطة بإسرائيل، بشكل وقائي في "الأوقات الهادئة"، لن يتمكن في أوقات الأزمات من الاستجابة بشكل مناسب لهذه النزاعات. إنها أشبه بدورة إسعافات أولية، وهي تحتاج لإعادتها كل فترة"، كما يقول الخبير درويش هيزارجي. 

حيرة كبيرة لدى إدارات المدارس

خصوصا منذ الهجمات الإرهابية في  إسرائيل  والهجمات المضادة في غزة، تلقى هو وفريقه عددا كبيرا من الاستفسارات. والحاجة إلى المشورة كبيرة. "يتساءل البعض عما إذا كان ينبغي عليهم الوقوف دقيقة صمت، أو ما إذا كان يجب عليهم دعوة شخص ما من مدرسة يهودية؟"

لا نمتلك إجابة واحدة لكل شيء، يؤكد المعلم السابق، الناشط في مجال مكافحة معاداة السامية منذ أكثر من 20 عاما. ولكن لديه نصيحة واحدة: "حافظوا على هدوئكم وتحكموا في عواطفكم، واستخدموها بطريقة تعليمية هادفة".

 

كثيرون يسجلون للحصول على استشارة إضافية

وتقدم "مبادرة كرويتسبرغ ضد معاداة السامية" الآن استشارات إضافية للمعلمين والإخصائيين الاجتماعيين. ويقول درويش هيزارجي إنهم تلقوا، بعد ساعات قليلة فقط، أكثر من 40 طلبا. وهذا مؤشر على الحجم الهائل لحالة عدم اليقين في مدارس برلين.

ومع ذلك، فلا تقتصر مشكلة معاداة السامية على مدارس برلين، التي تضم نسبة عالية من المهاجرين. ففي شهر مايو/ أيار الماضي فقط، وردت تقارير عن طالبين من لايبزيغ في ولاية ساكسونيا، قيل إنهما أديا تحية هتلر، أثناء زيارة مدرستهم النصب التذكاري لمعسكر الاعتقال أوشفيتس. ومنذ سنوات عديدة والدراسات المختلفة تظهر وجود معاداة للسامية في جميع المعسكرات السياسية في ألمانيا.

وفي عام 2022، قامت اللجنة اليهودية الأمريكية (AJC) بتحديد مواقف السكان، وذلك من خلال دراسة تمثيلية أجراها معهد ألينسباخ للدراسات الديمغرافية. وأظهر الاستطلاع أن معاداة السامية ليست مجرد مشكلة على الهامش السياسي، وإنما "متجذرة بعمق" في وسط المجتمع.

دع الأحكام المسبقة جانبا

جمعية "أظهر وجهك! من أجل ألمانيا منفتحة على العالم" تعرف جيدا كيف يمكن العمل على توعية الشباب بالسلوك المتسامح. يعمل يان كريبس منذ 13 عاما هناك في مجال مكافحة معاداة السامية. المجموعة المستهدفة تشمل تلاميذ من مختلف الشرائح والطبقات الاجتماعية المتنوعة عرقيا وثقافيا ودينيا. وفي بعض الأحيان يمكن أن تكون هناك صراعات وأحكام مسبقة.

تساهم ورشات العمل والحوارللتلاميذ في كسر حاجز الأحكام المسبقةصورة من: imago/O. Ring

يصف يان كريبس ما يمكن فعله لمواجهة ذلك، ويقول في حديث مع DW: "من المهم جدا أن ندع الأحكام المسبقة الموجودة في رأسنا جانبا".

ولجعل الشباب يتحدثون مع بعضهم البعض، يطرح هو وفريقه أسئلة غير متوقعة في ورش العمل التي ينظمونها. على سبيل المثال: "هل يأكل النازيون الجدد الشاورما؟". مثل هذه الأفكار المفاجئة، والتي تبدو سخيفة أحيانا، يريدون من خلالها تحفيز المشاركين كي تبدأ بينهم محاورات شخصية.

تجارب جيدة في ورش العمل

"لدينا دائما تجارب جيدة في هذا المجال. ليس في كل المواقف، وليس مع كل فصل دراسي"، كما يقول يان كريبس، "لأن ذلك سيكون حينها بمثابة معجزة. ولكن ورشات العمل تمكننا في كثير من الأحيان إجراء حوارات بناءة".

كما تلعب البيئة التي يلتقي فيها التلاميذ دورا مهما. يجب أن يشعروا بالراحة عندما يدخلون غرف "إظهار الوجه!". لهذا السبب قد يحدث مثلا أن يتم تشجيعهم على خلع أحذيتهم ليجلسوا معا على الوسائد الموجودة فوق السجاد.

"نحن نخلق أجواء شخصية"

"نحن نخلق جوا شخصيا غير متوقع من أجل هذا التفكير والتواصل الذي نهدف إليه جميعا"، يقول يان كريبس متحدثا عن سنوات طويلة من الخبرة. ويضيف: غالبا ما يكون هذا مدخلا للانفتاح على الآخرين.

كلاوس زايفريد، من رابطة علماء النفس الألمان، منخرط في البحث حول أسباب التحيز والتمييز وحتى العنف. وفي مقابلة مع DW، أكد زايفريد أن الغالبية العظمى من الأطفال والشباب من الأسر المسلمة في برلين مندمجون بشكل جيد. "هناك قلة قليلة فقط" تشذ عن هذه القاعدة.

ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى أنهم من عائلات تعيش في "مجتمع موازٍ"، بعض عائلاته لا تتحدث الألمانية. ويقول كلاوس زايفريد، الذي عمل لمدة 12 عاما مدرسا في المدارس الثانوية والابتدائية، ولمدة 26 عاما كأخصائي علم نفس مدرسي: "الأهل الذين لديهم خبرة مدرسية قليلة، يكون التعليم ليس مهما لهم. وهم يحصلون على معلوماتهم من وسائل الإعلام العربية - وهذه هي المشكلة الحقيقية".

وقد أظهرت دراسات مختلفة في الماضي أن  معاداة السامية  في أوساط الأشخاص ذوي الخلفيات المهاجرة والمسلمين ليست منتشرة بشكل أكبر عما هي عليه في مجتمع الأغلبية في ألمانيا.

بيد أنه عندما يتعلق الأمر  بمعاداة السامية المرتبطة بإسرائيل، مثل الإساءة لليهود الألمان والعنف ضدهم بسبب الصراع في الشرق الأوسط، فإن نسبة المسلمين والأشخاص ذوي الخلفية المهاجرة تكون أعلى. مثلا في دراسة حول "السلطوية" تعود لعام 2020، وافق 40.5 بالمئة من المسلمين الذين شملهم الاستطلاع (سواء ممن يحملون الجنسية الألمانية أو بدونها) على العبارات المعادية للسامية المتعلقة بإسرائيل، لكن النسبة بلغت 5.2 بالمئة فقط عند البروتستانت، و7.1 بالمئة عند الكاثوليك، و9.4 بالمئة عند غير المنتمين لأي طائفة دينية ممن شاركوا بالاستطلاع.

دور الوالدين

المدرسة لا تستطيع بمفردها حل المشكلة. أنت بحاجة إلى الأهل أيضا للقيام بذلك، كما يقول الخبير التربوي كلاوس زايفريد. لو أخذنا مثلا مدينة مثل فرانكفورت أو شتوتغارت أو برلين، فإن 40 بالمئة من التلاميذ فيها ينحدرون من عائلات مهاجرة. "وهذا يعني: أننا نعيش في مجتمع هجرة وعلينا أن نتعلم كيفية التعامل مع ذلك".

انقاذ مصابين خلال الهجمات الإرهابية التي هزت باريس في عام 2015صورة من: Thibault Camus/AP Photo/picture alliance

فالأمر لا يمكن حله في المدرسة لوحدها، وفق زايفريد. ولابد للمدرسة أن تضمن شراكة تربوية مع أولياء الأمور. "حينها فقط سنكون قادرين على دمج هؤلاء الأطفال والشباب، ونمنع نموهم في مجتمع موازٍ".

حقيقة أن الناس من الدول ذات الأغلبية المسلمة غالبا ما تكون لديهم وجهة نظر مختلفة حول الوضع في الشرق الأوسط، باتت أمرا واضحا بالنسبة لكلاوس زايفريد، وخصوصا بعد الهجمات الإرهابية الإسلاموية التي شهدتها باريس عام 2015. في ذلك الوقت، كانت هناك دقيقة صمت في ألمانيا، عاشها هو عندما كان يستقل قطار الضواحي.

"دقيقة صمت لأجل الفرنسيين"

كان جميع الركاب هادئين وتوقف القطار. ولكنّ فتاتين عربيتين كانتا تتحدثان وتضحكان بصوت عالٍ. وعندما سألهما كلاوس زايفريد عن ذلك، قالتا: "نعم، لأجل الفرنسيين هناك دقيقة صمت، ولكن عندما يحدث شيء ما في لبنان، لا يوجد شيء مشابه" هنا. كانت هذه التجربة نافذة له كي يفكر أكثر في الأمر.

من الصعب معرفة كيف ستتطور الأمور في المدارس في ألمانيا، على خلفية تصاعد العنف في إسرائيل وغزة. والشرطة أيضا مستنفرة، كما أكد متحدث باسمها لـDW، والذي أضاف: "بالطبع نحن على اتصال بإدارة التعليم، مع التركيز أيضا على احتمال اتخاذ إجراءات معينة بسبب نزاعات قد تحدث".

مارسيل فورستناو/ف.ي

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW