الحكم على الناشط التركي عثمان كافالا بالسجن مدى الحياة
٢٥ أبريل ٢٠٢٢
حكم في اسطنبول على رجل الأعمال والناشط التركي عثمان كافالا بالسجن مدى الحياة، وذلك بعد ادانته بتهمة محاولة إسقاط الحكومة عبر تمويل احتجاجات جيزي عام 2013. منظمة العفو الدولية وصفت الحكم بمحاولة "لإسكات الأصوات المستقلة".
إعلان
حكمت محكمة تركية الاثنين (25 أبريل/نيسان 2022) على عثمان كافالا، رجل الأعمال المعروف بنشاطه الخيري، بالسجن مدى الحياة من دون إمكان تخفيض العقوبة بعد أدانته بمحاولة الإطاحة بالحكومة عبر تمويل احتجاجات عام 2013 في أنحاء البلاد، في قضية قالت المحكمة العليا في أوروبا وحلفاء أنقرة الغربيون إن لها دوافع سياسية.
كان كافالا (64 عاما) قيد الاحتجاز في السجن منذ أربع سنوات ونصف بدون إدانة، وينفي التهم الموجهة إليه هو و15 آخرين بشأن احتجاجات جيزي، التي بدأت في شكل مظاهرات صغيرة في حديقة في إسطنبول وتوسعت حتى أصبحت اضطرابات مناهضة للحكومة في جميع أنحاء البلاد، قتل فيها ثمانية متظاهرين.
وحكمت المحكمة على سبعة أشخاص آخرين بالسجن 18 عاما بتهمة المساعدة في محاولة للإطاحة بالحكومة. وقالت المحكمة إنها قررت تبرئة كافالا من تهمة التجسس لعدم كفاية الأدلة.
ونفى كافالا على الدوام التهم الموجهة إليه. ويعتبر كافالا وجها بارزا في المجتمع المدني التركي. وركز محامو كافالا في مرافعاتهم الاثنين على الافتقار الى الأدلة في حقه وتسييس المحاكمة من جانب السلطات التركية.
من جانبها، قالت منظمة العفو الدولية الاثنين إن إدانة محكمة تركية لكافالا ومتهمين آخرين يعد ضربة قاصمة للعدالة لحقوق الإنسان.
وذكرت المنظمة في بيان أن نيلز مونيكس، مدير برنامج أوروبا في منظمة العفو الدولية، قال إن حكم المحكمة يجافي المنطق وإن السلطات أخفقت مرارا في تقديم أي دليل يدعم الاتهامات التي لا تقوم على أساس. وقال البيان "هذا الحكم الظالم يظهر أن محاكمة جيزي لم تكن سوى محاولة لإسكات الأصوات المستقلة".
ومن سجن سيليفري وبواسطة تقنية الفيديو، تابع كافالا الاثنين مرافعات محاميه ثم استمع الى تلاوة الحكم الذي أرجئ من شهر الى آخر. واكد محاموه الثلاثة ان القضاة لم يسألوه يوما عن "مكان وجوده" عند حصول الوقائع المرتبطة بتوجيه الاتهام إليه.
وقال أحدهم "لم تحصل محاكمة. لم تطرحوا سؤالا واحدا على عثمان كافالا". وذكر محام آخر بأن "كافالا متهم بأداء دور في محاولة الانقلاب عام 2016، لكن أحدا لم يسأله عن مكان وجوده ليلة الانقلاب".
لماذا تنتقد أوروبا رئيس تركيا رجب طيب إردوغان بانتظام؟
04:46
وخيّمت قضية كافالا المعروف بأعماله الخيرية والمولود في باريس على العلاقة بين تركيا وحلفائها في الغرب منذ توقيفه في تشرين الأول/أكتوبر 2017.
وعُرف الناشط البالغ من العمر 64 عاما كرجل أعمال استخدم جزءا من ثروته لدعم مشاريع ثقافية وغيرها تهدف لمصالحة تركيا مع خصمتها أرمينيا. لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان صوّره كعميل يساري للملياردير الأميركي المولود في المجر جورج سوروس الذي اتُّهم باستخدام أموال أجنبية في محاولة للإطاحة بالدولة. واتُّهم بداية بتمويل موجة تظاهرات عام 2013 يرى بعض المحللين بأنها خرجت نتيجة نزعة أردوغان الاستبدادية.
وبرّأته المحكمة من هذه التهمة وأطلقت سراحه في شباط/فبراير 2020، لتوقفه الشرطة مباشرة بعد القرار. واتّهمته محكمة أخرى لاحقا بالضلوع في محاولة انقلاب 2016 الدامية التي أطلقت العنان لحملة أمنية استمرت سنوات وتم خلالها سجن عشرات آلاف الأشخاص أو تسريحهم من وظائفهم الحكومية.
ودفعت طريقة معاملته مجلس أوروبا لإطلاق إجراءات تأديبية نادرة من نوعها يمكن في نهاية المطاف أن تؤدي إلى تعليق عضوية تركيا في المجموعة الحقوقية الأكبر في القارة. وقال كافالا للمحكمة في بيان ختامي صدر الجمعة في اتصال عبر الفيديو من سجنه الخاضع لإجراءات أمنية مشددة خارج اسطنبول "حقيقة أني أمضيت أربع سنوات ونصف السنة من حياتي في السجن هي خسارة لا يمكن تعويضها".
وأضاف "عزائي الوحيد هو وجود احتمال بأن ما مررت به قد يساعد في وضع حد للأخطاء القضائية الجسيمة".
ز.أ.ب/ع.ش (أ ف ب، رويترز)
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
تاريخ من الشد والجذب بين تركيا والاتحاد الأوروبي. أنقرة وضعت الطلب مبكرا قبل إنشاء الاتحاد لكن كانت هناك ملفات شائكة عرقلت عملية الانضمام حتى بات الأمر مستحيلا تقريبا، على الأقل في فترة رجب طيب أردوغان.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
أول اتفاقية مع الجماعة الأوروبية
وقعت تركيا وما كان يعرف بالجماعة الاقتصادية الأوروبية (تكونت حينها من ستة بلدان) اتفاقية اتحاد جمركي عام 1963. وكان من المفروض أن يكون الاتفاق بداية للانضمام الفعلي إلى الجماعة، خاصة مع توقيع بروتوكول إضافي عام 1970 وازدهار التبادل التجاري بين الطرفين، غير أن الحال بقي كما هو عليه، قبل تجميد عضوية تركيا بعد وقوع انقلاب عسكري فيها عام 1980.
صورة من: Alfred Hennig/dpa/picture alliance
جمهورية قبرص التركية تعمّق الخلاف
عادت تركيا لتطلب الانضمام مجددا عام 1987، لكن ظهر جليا وجود معارضة داخلية أوروبية قوية لهذا الانضمام، خاصة بعد انضمام اليونان إلى المجموعة عام 1981، ودخولها في صراع مع تركيا منذ اجتياح هذه الأخيرة لقبرص عام 1975 ثم إعلان أنقرة من جانب واحد قيام جمهورية شمال قبرص التركية عام 1983.
صورة من: Birol Bebek/AFP/Getty Images
الاتحاد يتأسس دون تركيا
تأسس الاتحاد الأوروبي فعليا عام 1992 دون تركيا. استمرت هذه الأخيرة في محاولاتها، واستطاعت إقناع الأوروبيين بتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة معها عام 1995، غير أن تفكك الاتحاد السوفياتي ساهم سلبا في استمرار إبعاد تركيا نظرا لكثرة المرشحين الجدد، قبل أن يتم إعلان أن تركيا ولأول مرة مرشحة فعليا للانضمام، وذلك بعد قمة هلسنكي عام 1999.
صورة من: picture-alliance/dpa
عهد أردوغان
وصل رجب طيب أردوغان إلى السلطة في تركيا عام 2003 وكان متحمسا كثيرا للانضمام، غير أن عدة دول أوروبية كالنمسا وألمانيا وفرنسا كانت لها تحفظات كثيرة على عضوية تركيا. المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عارضت فكرة الانضمام واقترحت بدلا منها شراكة مميزة بسبب الخلافات مع تركيا حول حقوق الإنسان وقبرص وسياسة أنقرة الخارجية.
صورة من: imago/Depo Photos
شروط كوبنهاغن
وضع الأوروبيون شرط احترام بنود اتفاقية كوبنهاغن أمام تركيا للانضمام، ومن الشروط تنظيم انتخابات حرة واحترام حقوق الإنسان واحترام الأقليات. ولأجل ذلك أعلنت أنقرة عدة إصلاحات منها إلغاء عقوبة الإعدام. بدأت المفاوضات الفعلية للانضمام عام 2005 في مجموعة من المجالات، غير أن استمرار مشكلة قبرص عجل بوقف المفاوضات، إذ رفضت أنقرة الاعتراف بعضوية قبرص في الاتحاد.
صورة من: Getty Images/AFP/C. Turkel
دولة مسلمة وسط اتحاد مسيحي؟
تشير العديد من التقارير إلى أن الاختلاف الديني بين تركيا وبلدان الاتحاد الأوروبي يشكلّ سبباً غير معلن لرفض الانضمام، فدول الاتحاد هي بلدان مسيحية فيما تركيا هي بلد مسلم. أكثر من ذلك، قلّص أردوغان مظاهر العلمانية وأرجع الدين إلى الحياة العامة. هذا العامل يرتبط بتوجس الأوروبيين من النزعة القومية التركية ومن عدم إمكانية قبول الأتراك بمشاركة هوية مجتمعية مع أوربييين يختلفون عنهم في نمط حياتهم.
صورة من: Reuters/U. Bektas
التفاوض يتعثر مجددا
بدءا من عام 2013 عادت المفاوضات مجددا، خاصة بعد مغادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي كان معارضا بقوة لفكرة الانضمام. لم تغيّر ميركل موقفها لكنها أبدت مرونة واضحة، بيدَ أن تركيا وضعت هي الأخرى شروطها المالية الخاصة لاسيما مع تحملها موجة اللاجئين. وجاء قمع مظاهرات ميدان تقسيم 2013 ليوقف المفاوضات مرة أخرى.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/T. Bozoglu
الصراع مع قادة أوروبيين يتفاقم
لم تجانب المفوضية الأوروبية الواقع عندما قالت عام 2019 إن آمال انضمام تركيا إلى الاتحاد تلاشت، فلا أحد من الطرفين بات متحمسا للفكرة. أخذ أردوغان خطوات وصفها قادة من الاتحاد بأنها "استبدادية" خاصة مع تقارير حقوقية عن تراجع الحريات في البلد. أبعد ملف اللاجئين الطرفين أكثر، ثم جاء النزاع في شرق المتوسط بين تركيا من جهة واليونان وقبرص وفرنسا من جهة ثانية ليعدم تقريبا الفكرة.
صورة من: Adem ALTAN and Ludovic Marin/various sources/AFP