أعلنت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أن بلادها قد وافقت على طلب تركيا مقاضاة الإعلامي الكوميدي الألماني بومرمان الذي تلا قصيدة هجا فيها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على شاشة القناة الثانية الألمانية.
إعلان
أعلنت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الجمعة (15 من نيسان/ أبريل 2016) أن بلادها قد وافقت على طلب تركيا مقاضاة الإعلامي الكوميدي الألماني يان بومرمان.
وطبقا للمادة 103 في قانون العقوبات الألماني، فإنه يتوجب على الحكومة تخويل الادعاء العام برفع الدعوة القضائية على الإعلامي الكوميدي بومرمان بتهمة توجيه إهانة إلى رئيس دولة أجنبية.
وقالت ميركل في بيان حكومي بديوان المستشارية في برلين: "التحقق من الحقوق الشخصية للمتضرر ومطالب أخرى ضد حرية الصحافة والفن ليس من اختصاص الحكومة، بل الادعاء العام والمحاكم في دولة القانون"، مضيفة أن الكلمة الأخيرة في هذا الأمر في ألمانيا للقضاء وليس للحكومة.
وألقت المستشارة كلمتها هذه التي انتظرها الرأي العام الداخلي بشغف، لتوضح أن قرار الحكومة لم يتخذ بالإجماع من قبل أحزاب الائتلاف الحاكم، وإنما " كان هناك وجهات نظر متفاوتة بين عضوي الائتلاف (التحالف المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي)، وخلاصة ما جرى أنّ الحكومة الألمانية ستمنح التفويض للقضية التي يجري الحديث عنها".
العلاقات الثنائية مع تركيا والتأكيد على حرية الصحافة
وعللت ميركل قرار الحكومة بالقول "تركيا دولة تجمعها بألمانيا علاقات صداقة قوية ووثيقة"، إضافة إلى "تشابكات اقتصادية" كما تجمعها بألمانيا "التزامات متبادلة كدولة عضو في الحلف الأطلسي..وهذه الشراكة الوثيقة تلزمنا بالاحترام المتبادل وفق مقتضيات القانون الدولي".
غير أن ميركل شددت في الوقت ذاته على أن برلين ستحذر دائما تركيا وتطالبها باحترام أسس دولة القانون وفصل السلطات واحترام التعددية. كما أشارت إلى أن بلادها تراقب بقلق ما تشهده تركيا بخصوص ملاحقة الصحفيين وتضييق الخناق على حرية الصحافة.
وأضافت ميركل أيضا أن حكومتها سوف تتقدم باقتراح لإلغاء المادة رقم 103 في قانون العقوبات الألماني، والتي تنص على معاقبة من يهين رئيس دولة أجنبية في ألمانيا بالسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات أو الغرامة. وقد تصل العقوبة إلى السجن لمدة خمسة أعوام إذا أدين المتهم بالتشهير.
وهي ذات المادة التي يتم في إطارها ملاحقة الإعلامي بومرمان. وبيّنت ميركل أن هذا القانون "قابل للإلغاء، وأن الحكومة قد صوتت لإحالة الملف إلى القضاء بناء على " قناعتها بقوة دور القانون" في هذا الموضوع. ودرست الحكومة الألمانية طلب أردوغان بمقاضاة بومرمان على مدار الأيام الماضية. وشارك في اتخاذ القرار بجانب ميركل ونائبها زيغمار غابريل ووزارات الخارجية والداخلية والعدل.
من جانبهما، انتقد وزير الخارجية الألماني فرانك-فالتر شتاينماير ووزير العدل هايكو ماس قرار المستشارة الألمانية أنغلا ميركل بشأن الاستجابة لطلب تركيا بمقاضاة الإعلامي الألماني الساخر يان بومرمان بتهمة إهانة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وقال شتاينماير المنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي عقب ظهر اليوم الجمعة في تعليق مقتضب على قرار الحكومة إنه ما كان ينبغي السماح ببدء إجراءات جنائية في هذه الواقعة، مضيفا أن الوزارات التي يقودها الحزب الاشتراكي الديمقراطي صوتت ضد هذا القرار عقب دراسة دقيقة، وأضاف: "بسبب تساوي الأصوات كان صوت المستشارة هو الفصل".
فيما برر ماس المنتمي أيضا للحزب الاشتراكي الديمقراطي رفضه قرار ميركل بأن الرئيس التركي أردوغان حرر بلاغا لدى الادعاء العام الألماني بصفته الشخصية بتهمة الإهانة من الإعلامي الألماني الساخر بومرمان، وقال: "مسألة ما إذا كانت تصريحات بومرمان تتعلق بسخرية أو إهانة يعاقب
عليها القانون أمر تحدده المحاكم وفقا للقانون". وأضاف ماس أنه على عكس كافة الحالات السابقة فإن تلك التصريحات خرجت من صحفي في برنامج ساخر، موضحا أن حرية الرأي والصحافة والفن تتمتع بأعلى حماية من الدستور. وأكد ماس أن المادة رقم 103 من قانون العقوبات الألماني وكافة الفقرات الخاصة بـ"الجرائم ضد دول أجنبية" تعتزم الحكومة إلغاءها، وقال:"التشريع الخاص بإهانة رؤوساء دول أجنبية عفا عليه الزمن. فكرة "إهانة صاحب الجلالة" لم تعد تناسب قانوننا الجنائي".
يذكر أن بومرمان ألقى خلال برنامجه الساخر "نيو ماغاتسين روياله" نهاية الشهر الماضي قصيدة تتضمن عبارات مهينة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ما أثار غضبا كبيرا في تركيا.
م.م/و.ب ( رويترز/ د ب ا)
قادة سياسيون كانوا عرضة للسخرية
عرض الإعلامي الساخر بوميرمان في برنامج "نيو ماغازين رويال" على تلفزيون ZDF فيديو يحتوي على قصيدة، انتقد فيها القيود التي فرضها أردوغان على حرية التعبير في تركيا. لكن هذه الصور الساخرة ليست الأولى من نوعها.
صورة من: ZDF Neo Magazin Royale
أنغيلا ميركل
أثناء المفاوضات الأوروبية المتعلقة بحزمة الإنقاذ لليونان، غالبا ما صورت الصحف اليونانية ميركل وهي ترتدي العلامات النازية. هذا غلاف أحد أعداد المجلة الساخرة "ميستيكي إلادا" في عام 2012، وهو ربما لا يظهر ذلك صراحة، لكنه يصور المستشارة ترتدي الزي العسكري الخاص بالألمان في الحرب العالمية الثانية والنسر على كتفيها. ولم تقم الحكومة الألمانية بأي إجراءات قضائية ضد مثل هذه الصور.
صورة من: picture-alliance/Rolf Haid
دونالد ترامب
دونالد ترامب، السياسي المثير للجدل، وأحد المرشحين الرئاسيين المحتملين عن الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة، غالبا ما يكون هدفا للرسوم الكرتونية والسخرية. ويبدو أن قطب العقارات ليس منفحتاً لتقبل الانتقادات، فقد نشرت "بوسطن غلوب" يوم الأحد (14 أبريل/نيسان 2016)، في صفحتها الأولى صورة ساخرة لترامب تظهر العالم تحت رئاسته. فعلق ترامب لاحقا إنها قصة "غبية" و"لا قيمة لها".
صورة من: picture-alliance/AP Photo/The Boston Globe
فلاديمير بوتين
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحب استعراض عضلاته في الصور التي ينشرها عن أوقات عطلته. بعد أن سمح للعالم برؤية صورة له أثناء ركوبه الخيل وهو عاري الصدر، أصبحت صورة صدر الرئيس بوتين تستخدم أيضا في استعراضات ساخرة - مثل التي تظهر في هذه الصورة، خلال موكب الكرنفال بمدينة دوسلدورف في عام 2015.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Weihrauch
كيم جونغ أون
الحاكم الشيوعي لكوريا الشمالية لا يستطيع أن يتخيل أن يكون هدفا لمزحة. وبعد الإعلان عن الفيلم الساخر "المقابلة"، الذي يعرض قصة خطة لاغتيال الزعيم الكوري الشمالي من قبل صحفيين بعد الحصول على فرصة إجراء مقابلة معه، قام قراصنة الكترونيين بمهاجمة استوديوهات شركة "سوني بيكتشرز" المنتجة للفيلم. ويعتقد مكتب التحقيقات الفيدرالي أن حكومة كوريا الشمالية تقف وراء هذه الهجمات الإلكترونية.
صورة من: picture-alliance/dpa/Columbia Pictures/Sony
ونستون تشرشل
هناك تقليد طويل من السخرية من كبار الساسة: هذا الرسم الكاريكاتوري البريطاني الذي يعود لعام 1915 يصور ونستون تشرشل، ثم وزير البحرية، على شكل آخيل خلال حرب طروادة، منتقدا فشل قيادته خلال معركة غاليبولي في مضيق الدردنيل.
صورة من: picture-alliance/akg-images
جورج دبليو بوش
كان الرئيس الثالث والأربعون للولايات المتحدة واحدا من أكثر مصادر الإلهام للكوميديين الساخرين في برامج السهرة. وكثيرا ما كانت رسوم كاريكاتيرية ساخرة تصفه بـ"افتقاده للذكاء". كما عاد الكوميديون مرة أخرى للسخرية منه عندما كشف عن توجهه إلى فن الرسم.
صورة من: Getty Images/M. Tama
ياروسلاف كاتشينسكي
طفت على السطح في موكب الكرنفال في مدينة دوسلدورف هذا العام آثار التوتر الدبلوماسي بين بولندا وألمانيا. الصورة تظهر بولندا وكأنها امرأة تتعرض للتعنيف والدوس بحذاء زعيم حزب القانون والعدالة اليميني، ياروسلاف كاتشينسكي. فعلق وزير الخارجية البولندي أن الصور تظهر "ازدراء للشعب والسياسيين البولنديين."
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Gambarini
بنيامين نتنياهو
رئيس الوزراء الإسرائيلي بصوته العميق المميز يتعرض بانتظام للسخرية من قبل الكوميديين في البرنامج التلفزيوني الساخر "بلد رائعة"، وهو برنامج أسبوعي من أكثر البرامج شعبية في إسرائيل. ولم يحدث أن استاء نتنياهو من محاكاة البرنامج الساخرة له، بل على العكس من ذلك، "بيبي"، كما يُطلق عليه، كان ضيف شرف على البرنامج في عرض عام 2013.
صورة من: Getty Images/AFP/J. Guez
آية الله الخميني
تماما مثل بوميرمان، تسبب الفنان الهولندي المولد رودي كاريل، الذي عاش في ألمانيا، بجدل دبلوماسي في عام 1987 بسبب مونتاج صورة لزعيم الثورة الإيرانية آية الله الخميني، تظهر تعرضه للرشق بملابس داخلية خلال زيارة رسمية. ونتيجة لذلك، طرد اثنان من الدبلوماسيين الألمان من طهران.
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Wagner
أردوغان وبوميرمان
لا يزال علينا أن نرى إذا كانت قصيدة بوميرمان الاستفزازية لأردوغان ستؤدي إلى أزمة دبلوماسية مرة أخرى، مماثلة لما حصل في عام 1987 مع إيران. شيء واحد مؤكد، هو أنها ليست المرة الأولى التي تؤدي فيها سخرية سياسية إلى توتر بين الدول، وطرق التعامل معها متنوعة تماما كالأساليب السياسية الحاكمة.