بعد أكثر من عامين على تصويت البريطانيين في استفتاء لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبي وافقت حكومة بريطانيا على مسودة اتفاق "بريكست". وشدد كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي على وجوب "أن يتحمل البرلمان البريطاني مسؤوليته".
إعلان
وافق مجلس الوزراء البريطاني برئاسة تيريزا ماي مساء اليوم الأربعاء (14 تشرين الثاني/ نوفمبر 2018) على "مسودة اتفاق" لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست"، بعد محادثات استمرت عدة ساعات. ونالت تيريزا ماي دعم وزرائها الكبار لمسودة الاتفاق؛ لتتفرغ بعد ذلك للتحدي الأصعب وهو إقناع البرلمان بإقرار الاتفاق.
وقالت ماي في بيان عقب الاجتماع الوزاري الذي استمر خمس ساعات، إن "مسودة اتفاق الانسحاب أفضل ما أمكن التفاوض بشأنه". وأضافت أنها تتوقع أن تخضع المسودة لـ "تدقيق مكثف" وتعهدت بإلقاء بيان أمام البرلمان يوم غد الخميس. وأوضحت: "أؤمن بشدة بعقلي ووجداني بأن مثل هكذا قرار سيصب في مصلحة المملكة المتحدة بأسرها".
لكن ماي تواجه الآن معضلة تتمثل في محاولة تمرير اتفاقها عبر التصويت في البرلمان البريطاني حيث اصطف المعارضون لمهاجمة الاتفاق حتى قبل أن يطلعوا عليه.
ولم يتضح بعد متى قد يصوت البرلمان على الاتفاق. وتحتاج ماي إلى موافقة حوالي 320 من أعضاء البرلمان المؤلف من 650 مقعدا لإقرار الاتفاق.
ردود الفعل الأوروبية
وبعد وقت قليل من موافقة الحكومة البريطانية على مسودة "مشروع اتفاق" الخروج من الاتحاد الأوروبي قال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر إن بريطانيا والاتحاد الأوروبي أحرزا "تقدما" حاسما في محادثات خروج المملكة المتحدة من التكتل. ودعا يونكر الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في خطاب إلى إنهاء إجراءات انسحاب بريطانيا.
ومن جانبه قال ميشيل بارنييه، مفوض الاتحاد بشأن خروج بريطانيا مساء الأربعاء إن اتفاق خروج بريطانيا من التكتل يتضمن بندا خاصا بالاتفاق البديل يقضي بأن تظل المملكة المتحدة بأكملها في نفس المنطقة الجمركية للاتحاد. مضيفا أن الاتفاق البديل "تغير بشكل كبير" عن اقتراح الاتحاد الأوروبي، الذي كان سيتعامل مع بريطانيا وإيرلندا الشمالية بشكل مختلف، مشيرا إلى أن "ما تم مؤخرا جاء على أساس مقترحات لندن".
وأعلن بارنييه أيضا إحراز "تقدم حاسم" نحو اتفاق بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، وهي العبارة اللازمة للدعوة إلى قمة للمصادقة عليه. وبموجب صلاحياته، إذا أبلغ بارنييه الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بإحراز تقدم، فسيتعين على رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك الدعوة إلى عقد قمة استثنائية. وشدد بارنييه أيضا على وجوب "أن يتحمل البرلمان البريطاني مسؤوليته" على هذا الصعيد.
ص.ش/ع.ج (د ب أ، رويترز، أ ف ب)
هل بريكست بداية تساقط أحجار الدومينو الأوروبي؟
نتائج الاستفتاء في بريطانيا على خروجها من الاتحاد الأوروبي صدمت أوروبا، فيما رحب بها اليمين الشعبوي، وبدأت الأصوات الشعبوية في فرنسا وهولندا تنادي بإجراء استفتاء مشابه. فهل بات الاتحاد الأوروبي أمام "تأثير الدومينو"؟
صورة من: Reuters/T. Melville
بريطانيا
طالب نايجل فاراج زعيم حزب "استقلال المملكة المتحدة" وأحد الداعمين الرئيسين لحملة "بريكست"، بأن يصبح يوم 23 من حزيران/ يونيو عيدا للاستقلال. وقال: "الاتحاد الأوربي يخسر. الاتحاد الأوروبي يموت. آمل أن نكون قد أسقطنا الحجر الأول من الجدار. وآمل أن يكون خروج بريطانيا هو الخطوة الأولى لتكون دول أوروبا ذات سيادة".
صورة من: Reuters/T. Melville
هولندا
خيرت فيلدرز رئيس حزب "الشعب من أجل الحرية والديمقراطية" الشعبوي الهولندي احتفى بخروج بريطانيا وقال "باي باي بروكسل. وهولندا ستكون القادمة". ويطالب فيلدرز منذ سنوات بإجراء استفتاء حول عضوية هولندا في الاتحاد، فيما ذكر استطلاع للرأي أن أغلب الهولنديين يفضلون "نيكست" والخروج من الاتحاد الأوروبي.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Wainwright
فرنسا
يأمل اليمين الفرنسي من الاستفادة من نتائج "بريكست". ووصفت زعيمة "الجبهة الوطنية" الفرنسية مارين لوبان النتائج بأنها "انتصار للحرية"، وتابعت: "يجب علينا الآن إجراء استفتاء مشابه في فرنسا وفي دول الاتحاد الأوروبي". وربما تحقق دعوة "فريكست" دفعة انتخابية قوية لمارين لوبان في الانتخابات الرئاسية القادمة في فرنسا في سنة 2017.
صورة من: Reuters/H.-P. Bader
ألمانيا
فراوكه بيتري زعيمة حزب "البديل من أجل ألمانيا" ردت فرحة على نتائج الاستفتاء بتغريدة في تويتر وقالت:" الوقت ملائم لأوروبا جديدة". أما بيورن هوكه رئيس الكتلة البرلمانية للحزب في ولاية تورينغن فأطلق تصريحات أكثر حدة وطالب بإجراء استفتاء في ألمانيا وأضاف:" أنا أعرف أن أغلبية الشعب الألماني تريد الخروج من عبودية الاتحاد الأوروبي. وأن البريطانيين قرروا بـ"بريكست" الخروج عن طريق الجنون الجماعي".
صورة من: Getty Images/J. Koch
الدنمرك
كريستيان توليسن رئيس حزب الشعب الدنمركي هنأ في فيسبوك بنجاح "بريكست". وقال معلقا على النتائج: "الاتحاد الأوروبي قلّل من قيمة شكوك المواطنين تجاهه. الاتحاد الأوروبي صادر قرار الدول المنضمة فيه ويدفع الآن ثمن ذلك". ويريد توليسن أيضا إجراء استفتاء مشابه في الدنمرك.
صورة من: picture alliance/dpa/L. Kastrup
النمسا
فيما قال هاينز كريستيان شتراخه زعيم حزب الحرية النمساوي في تغريدة في تويتر إنه "بعد بريكست يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى إصلاحات شاملة. ودون رئيس البرلمان الأوربي شولتس ودون رئيس المفوضية الأوربية يونكر". ويطالب حزب الحرية بإجراء استفتاء في النمسا. وأضاف رئيس الحزب: "نحن نهنئ البريطانيون على حصولهم على استقلالهم من جديد".
صورة من: Reuters/H.-P. Bader
المجر
قد يشعر رئيس وزراء المجر اليميني المحافظ فيكتور أوربان أن بريكست تأييد لسياسته الرافضة لاستقبال اللاجئين. وأوضح أوربان بعد التصويت بأنه يؤمن "بأوروبا قوية، لكنها لن تكون كذلك، إلا عندما توجد هنالك حلول ملائمة للقضايا المهمة مثل قضية الهجرة". وكانت المحكمة الدستورية قد أعطت الضوء الأخضر وقبل الاستفتاء على إجراء استفتاء في المجر حول "نسب اللاجئين" المقترحة من قبل الاتحاد الأوروبي.
صورة من: picture alliance/AA/D. Aydemir
جمهورية التشيك
طالب أنصار اليمين الشعبوي في جمهورية التشيك أيضا بـ"سيكسيت" لخروج التشيك من الاتحاد. ومن ابرز المنتقدين للاتحاد الأوروبي الرئيس السابق فاسلاف كلاوس. فيما رفض البرلمان التشيكي في الشهر الماضي طلبا قُدم من قبل حزب "الفجر الذهبي للديمقراطية المباشرة" اليميني الشعبوي لمناقشة إجراء استفتاء مشابه. وموضوع كراهية أوروبا قد يطغي على الانتخابات البرلمانية القادمة، والتي ستجرى في العام القادم.