"الحل في سوريا لا يبحث في الفنادق دون مقاتلي الخنادق"
ع.ش٨ ديسمبر ٢٠١٥
تسعى الأطراف المعنية بالأزمة السورية في الرياض للتوصل إلى موقف موحد بشأن مفاوضات إنهاء الحرب الأهلية. وفيما غابت أو غيبت قوى فاعلة حضرت أخرى بما فيها فصائل وصفت بالـ"معتدلة"، لكن "مقاييس التصنيف تضيع أمام الواقع السوري".
إعلان
يسعى مؤتمر الرياض للمعارضة السورية الذي انطلقت أشغاله اليوم الثلاثاء (الثامن من ديسمبر/ كانون الأول) إلى توحيد مواقف جميع أطراف المعارضة السورية من أجل الدخول في مفاوضات المرحلة الانتقالية التي ستشمل مباحثات بين الحكومة والمعارضة السوريتين من المفترض أن تبدأ مع بداية العام المقبل برعاية الأمم المتحدة.
ويأتي مؤتمر الرياض بعد اتفاق دول معنية بالملف السوري، بينها الولايات المتحدة والسعودية الداعمة للمعارضة وروسيا وإيران حليفتا النظام، الشهر الماضي في فيينا على خطوات لإنهاء النزاع الذي أودى بحياة أكثر من 250 ألف شخص، تشمل تشكيل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات يشارك فيها سوريو الداخل والخارج.
وشملت الدعوة إلى مؤتمر الرياض، إضافة إلى ائتلاف المعارضة، وهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي المقبولة من النظام، وشخصيات من "مؤتمر القاهرة" الذي يضم معارضين من الداخل والخارج. كما يعرف المؤتمر مشاركة فصائل مسلحة توصف بالمعتدلة، وهي غير مصنفة كجماعات "إرهابية"، كـ"الجبهة الجنوبية و"جيش الإسلام" وحركة "أحرار الشام" الإسلامية.
ويعتبر بعض المراقبين السياسيين أنه من الأجدى إشراك الفصائل المسلحة "المعتدلة" للمضي قدماً في حل النزاع السوري المعقد، لكن ما مدى "اعتدال" هذه الفصائل وما مدى درجة قبولها من طرف الغرب وروسيا؟
"مقاييس التصنيف تضيع أمام واقع الأرض"
الباحث والمحلل السياسي خطار أبو دياب، يرى أن "مقاييس التصنيف تضيع أمام واقع الأرض السورية الذي يضم المعتدل والمتطرف والأكثر تطرفاً"، على حد تعبيره. وقال أبو دياب في حوار مع DW عربية "تضيع المقاييس لأننا أمام نزاع متعدد الأقطاب والوجوه. هناك صراع بين الجهادين السني والشيعي، هناك قوى شيعية تصطف إلى جانب النظام وأنصاره وقوى سنية تصطف في الجانب الآخر".
وتابع أبو دياب "لا يمكن لروسيا وإيران بأن تصنفا كل حزب الله وأبو الفضل العباس وكتائب الفاطميين مثلاً كعناصر إرهابية لأنها تقاتل في صفها، كما أن الولايات المتحدة وتركيا والعربية السعودية مثلاً، لا يمكن من جهتها، أن تقبل بأن تصنف مجموعات معينة في شمال سوريا، والجبهة الجنوبية أو جيش الإسلام بأنها مجموعات إرهابية لأنها تقاتل في محورها".
"لا حل للأزمة دون إشراك المقاتلين"
وأمام تصنيف الدول الكبرى المعنية بالملف السوري لجبهة النصرة كتنظيم تابع للقاعدة وتنظيم داعش" كمجموعتين إرهابيتين، يرى أبو دياب أن باقي القوى إذا ابتعدت عن هاتين الجماعتين "يمكن أن تصبح أطرافاً مقبولة في الحوار"، رافضاً وصفها بالـ"معتدلة أو غير المعتدلة لأن هذه كلمات فضفاضة"، حسب قوله.
وشدد أستاذ العلوم السياسية في جامعة باريس على أن التوصل إلى الحل السياسي "لا يُبحث فقط مع السياسيين في الفنادق، بل مع المقاتلين أيضاً في الخنادق، سواء الذين يقاتلون تحت لواء النظام والمحور الذي يدعمه أو أولئك الذين يقاتلون في الجانب الآخر". وتابع أبو دياب "بدون حضور هؤلاء ومشاركتهم في اللعبة السياسية مع احتمال إلغاء ميليشياتهم أو اندماج بعضهم في قوات جيش وطني جديد مزمع لن يكون هناك حل للمأساة السورية".
التمثيل الكردي في المؤتمر "منقوص"
الأسد في سوريا: باقٍ أم راحل؟
مازال قادة العالم منقسمين حول مستقبل الأسد، ففيما تعارض فرنسا وبريطانيا وتركيا ودول الخليج بقاءه، تطالب بذلك روسيا وإيران. أما إدارة اوباما فتريد العمل مع الجميع لإزاحته وألمانيا مستعدة للحوار مع الجميع ومن ضمنهم الأسد.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
التقى الرئيسان الأميركي والروسي باراك أوباما وفلاديمير بوتين في الأمم المتحدة للبحث في حلول للأزمة السورية ، لكنهما لم يحققا أي تقدم بخصوص دور الرئيس بشار الأسد. وترى الولايات المتحدة أن الأسد جزء من المشكلة، فيما تصفه روسيا بأنه جزء من الحل.
صورة من: Reuters/M. Segar
ووصف الرئيس أوباما في خطاب أمام الجمعية العام للأمم المتحدة الأسد بأنه "مستبد يقتل الأطفال". وقال إن "الولايات المتحدة مستعدة للعمل مع أي دولة بما في ذلك سوريا وإيران لتسوية النزاع". وحمل أوباما بعنف على الرئيس السوري لأنه "يلقي البراميل المتفجرة لقتل أطفال أبرياء".
صورة من: Reuters/Mikhail Klimentyev
تبادل الرئيسان الروسي والأميركي الأنخاب وتصافحا على غداء لكن الهوة بين موقفيهما حول مستقبل الأسد مازالت واسعة. وقال الرئيس الروسي إن "عدم التعاون مع الجهة السورية التي تكافح الإرهاب وجها لوجه سيكون خطأ فادحا". وأضاف "علينا أن نعترف أن لا احد سوى القوات المسلحة للرئيس السوري يقاتل فعليا الدولة الإسلامية".
صورة من: Reuters/Mikhail Metzel
أكد رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض في المنفى خالد خوجة أن "لا احد يمكنه الصفح" عن ممارسات نظام الرئيس السوري بشار الأسد". وأضاف خوجة "ما يجري في سوريا هو إبادة تتم تحت أنظار العالم"، وتساءل " أتعتقدون أن النظام يقاتل تنظيم الدولة الإسلامية؟ الإحصاءات تقول غير ذلك".
صورة من: Reuters/M. Dabbous
أعلنت المستشارة أنغيلا ميركل أن الرئيس السوري بشار الأسد يجب أن يشارك في أي مفاوضات تهدف إلى إنهاء النزاع المستمر في بلاده منذ أكثر من أربع سنوات. فيما دعا وزير خارجيتها فرانك-فالتر شتاينماير إلى إشراك إيران في مساعي حل النزاع باعتبار أنّ: "إيران فاعل إقليمي رئيسي مطلوب لحل الأزمة.... سيمكننا إنجاح الأمر فقط عندما نأتي بكافة الأطراف الفاعلة المهمة على طاولة واحدة الآن".
صورة من: Getty Images/A. Berry
من جانبه، دعا الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى تشكيل "جبهة موحدة" للتصدي للمتطرفين في الشرق الأوسط. وقال روحاني إن "اخطر واهم تهديد يواجه العالم اليوم هو أن تتحول المنظمات الإرهابية إلى دول إرهابية". ولمح روحاني إلى مستقبل ومصير بشار الأسد عن طريق إجراء انتخابات، وقال "نحن نؤيد دعم السلطة من خلال أصوات الناس بدلا من الأسلحة".
صورة من: picture-alliance/Geisler-Fotopress
الرئيس الفرنسي فرانسوا اولاند دعا إلى التعامل مع روسيا وإيران لإنهاء الصراع في سوريا، وقال للصحفيين "روسيا وإيران تقولان إنهما ترغبان في لعب دور أكبر في حل سياسي. نحتاج للعمل مع هذين البلدين ولأن نبلغهما أن ذلك الحل أو الانتقال يجب أن يحدث.. لكن بدون بشار الأسد".
صورة من: Reuters/A. Jocard
أكد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أنه يتعين الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد وتنظيم الدولة الاسلامية حتى لو انتهي الأمر بأن يلعب الأسد دورا مؤقتا في أي حكومة انتقالية، مضيفا "نريد سوريا بدون تنظيم الدولة الإسلامية وبدون الأسد.. لأنه بصراحة لا مستقبل للشعب السوري في بلد يوجد فيه أي منهما ".
صورة من: Reuters/Stefan Rousseau
تركيا من جانبها لا زالت تعارض انتقالا سياسيا في سوريا يكون فيه دور لبشار الأسد. وقال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو في تصريح لصحيفة حريت التركية: "مقتنعون بأن بقاء الأسد في السلطة خلال الفترة الانتقالية لن يجعلها انتقالية. نعتقد أن هذا الوضع سيتحول إلى أمر واقع دائم".
صورة من: Reuters/Umit Bektas
السعودية ودول خليجية أخرى ثابتة على معارضتها لبقاء الأسد. ودعا وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي إلى إيجاد حل سياسي للأزمة السورية "دون أي تدخل أجنبي" فيما اعتبر وزير خارجية قطر إنه يوجد توافق دولي عام مع روسيا بشأن دعوتها إلى محاربة تنظيم الدولة الإسلامية لكنه حذر من أن خطة الرئيس بوتين لا تعالج السبب الأساسي للأزمة في سوريا وهو الرئيس بشار الأسد.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
10 صورة1 | 10
وفيما تحضر فصائل المعارضة المسلحة "المعتدلة"، يغيب عن مؤتمر الرياض حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ووحدات حماية الشعب التابعة له، إحدى أبرز المجموعات المسلحة في الشمال السوري والتي خاضت مواجهات على جبهات عدة ضد تنظيم "داعش". لذلك يرى أبو دياب أن التمثيل الكردي في مؤتمر الرياض "منقوص"، لكن هذا لا يعني أن من يمثل الأكراد في اجتماع الرياض "ليس لهم حيثية تمثيلية معينة"، حسب قوله.
وأرجع أبو دياب غياب حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ووحدات حماية الشعب التابعة له إلى "الخلاف مع تركيا وتوجسها أيضاً من مسألة التصنيفات". وشبه أبو دياب مؤتمر الرياض بـ"مؤتمر وطني تأسيسي مصغر"، متوقعاً أن تحصل "نسبة معينة من الإجماع خلاله لتحقيق نتيجة في اتجاه الدفع لاحترام مسار فيينا 2 ووفقا لمقومات جنيف1" رغم أن التحضير لهذا المؤتمر لم يأخذ الوقت الكافي، على حد تعبيره.