الحوثيون "يعاقبون" شركات أمريكية ويتبنون هجوم سفينة هولندية
علي المخلافي رويترز، أب، د ب أ
١ أكتوبر ٢٠٢٥
أعلنت جماعة الحوثي اليمنية فرض عقوبات على 13 شركة نفط أمريكية وليس واضحا إن كانت العقوبات تعني استهداف سفن. وأعلن الحوثيون مسؤوليتهم عن هجوم استهدف مؤخرا سفينة شحن ترفع علم هولندا في خليج عدن وأدى إلى اشتعالها وانجرافها.
صورة أرشيفية. هجوم على سفينة قرب اليمنصورة من: EPA
إعلان
أعلن الحوثيون في اليمن، فجر اليوم الأربعاء (الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2025)، مسؤوليتهم عن الهجوم الذي استهدف سفينة شحن ترفع علم هولندا في خليج عدن، ما أدى إلى اشتعالها وانجرافها. ويعد الهجوم الذي وقع يوم الإثنين على سفينة "مينيرفاجراخت" الأخطر الذي ينفذه الحوثيون في خليج عدن، بعيدا عن البحر الأحمر الذي أغرقوا فيه أربع سفن منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
وكانت قيادة المركز المشترك للمعلومات البحرية، الخاضع لإشراف البحرية الأمريكية، أعلنت بداية أن السفينة لا صلة لها بإسرائيل، لكنها أضافت الثلاثاء أنها "تراجع علاقات السفينة لاحتمال وجود ارتباطات مع إسرائيل".
وأدى الهجوم إلى إصابة بحارين اثنين من طاقم السفينة المؤلف من 19 فردا، ينتمون إلى الفلبين وروسيا وسريلانكا وأوكرانيا. واضطر الطاقم إلى إخلاء السفينة بعد أن لحقت بها أضرار جسيمة.
"عقوبات حوثية ردا على عقوبات أمريكية"
من جانب آخر، قالت هيئة تابعة لجماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران يوم أمس الثلاثاء (30 سبتمبر/أيلول 2025) إن الجماعة ستستهدف بالعقوبات شركات نفط أمريكية كبرى بما في ذلك إكسون موبيل وشيفرون.
وقال مركز تنسيق العمليات الإنسانية التابع لجماعة الحوثي، ومقره صنعاء، إنه أدرج 13 شركة أمريكية وتسعة تنفيذيين وسفينتين على قائمة عقوبات. ويعمل المركز، الذي تأسس العام الماضي، للتنسيق بين القوات التابعة للحوثيين وشركات النقل البحري التجارية.
الحوثيون يصعدون هجماتهم في البحر الحمر
02:52
This browser does not support the video element.
وقال المركز إن العقوبات تأتي ردا على العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على الحوثيين هذا العام 2025 على الرغم من اتفاق هدنة مع إدارة ترامب وافقت فيه الجماعة اليمنية على وقف مهاجمة السفن المرتبطة بالولايات المتحدة في البحر الأحمر وخليج عدن.
وأحجمت إكسون عن التعليق ولم ترد شيفرون بعد على طلب للتعليق.
وكتب محمد الباشا، المحلل المستقل في شؤون الشرق الأوسط، في منشور على موقع "لينكد إن" اليوم "لم يتضح بعد إنْ كانت هذه العقوبات تشير إلى أن جماعة الحوثي ستبدأ في استهداف السفن المرتبطة بالمنظمات والشركات والأفراد الخاضعين للعقوبات، وهي خطوة من شأنها أن تهدد بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار مع إدارة ترامب، والذي توسطت فيه سلطنة عمان".
إعلان
"خدعة إعلامية لحفظ ماء الوجه"؟
وقال الباشا، مؤسس باشا ريبورت الاستشارية للمخاطر ومقرها الولايات المتحدة، لرويترز إن من غير المرجح أن تؤثر الخطوة على سوق النفط، مشيرا إلى أن معظم التجارة بالمنطقة تتم من خلال شركات صينية وروسية وإيرانية وشركات خليجية أخرى يريد الحوثيون الحفاظ على علاقات جيدة معها. وقال: "يبدو هذا بمثابة خدعة إعلامية، وطريقة لحفظ ماء الوجه وطمأنة شعبهم في ضوء العقوبات الأمريكية المتزايدة والضربات الإسرائيلية التي أضرت باقتصادهم". ولتحقيق هذه الغاية، تضمن بيان مركز تنسيق العمليات الإنسانية التابع لجماعة الحوثي أيضا هذا السطر وهو أن "الهدف النهائي للعقوبات ليس العقاب في حد ذاته، بل إحداث تغيير سلوكي إيجابي".
ومنذ عام 2023، دأبت جماعة الحوثي إلى شن هجمات على سفن في البحر الأحمر تعتبرها مرتبطة بإسرائيل، وتصف ذلك بأنه "إسناد" للفلسطينيين في الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة. وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إن هذه الحملة لم يكن لها تأثير يذكر على حركة ناقلات النفط الحيوية عبر مضيق هرمز، الواقع بين سلطنة عُمان وإيران ويربط الخليج ببحر العرب عبر خليج عُمان. ويشن الحوثيون هجمات من حين لآخر على سفن في خليج عدن، الذي يصب في بحر العرب.
تحرير: ابتسام فوزي
باب المندب - مضيق لا تتراجع أهميته الاستراتيجية عبر التاريخ
أعلنت السعودية، أكبر مصدر للبترول في العالم "وقفا مؤقتا" لعبور صادراتها البترولية من مضيق باب المندب بعدما هاجم الحوثيون في اليمن ناقلتي بترول. وتظهر من جديد أهمية أمن باب المندب، المدخل الجنوبي للبحر الأحمر.
صورة من: picture alliance/Photoshot/BCI
أهمية منذ فجر التاريخ
لأن مضيق باب المندب يمثل البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، أحد أهم البحار من الناحية التجارية والاستراتيجية منذ قدم التاريخ، بدأ الصراع للسيطرة عليه وتأمين عبور السفن فيه منذ أقدم العهود، بداية من مصر القديمة (الفرعونية) ومرورا بالإمبراطوريات المتعاقبة، وحتى القوى العظمى والإقليمية في عصرنا الحاضر.
صورة من: Getty Images/Hulton Archive
باب الدموع
كلمة المندب في اللغة العربية تعني البكاء والنواح على الميت، ولذلك تُحكى حول سبب تسميته بباب المندب حكايات كثيرة، منها ما يُقال أن أمهات الأفارقة على الجانب الغربي، كن يقفن ينحن على أولادهن، الذين أخذهم العرب عبيدا، إلى الشاطئ الآخر من المضيق.
داخل المياه الإقليمية لثلاث دول
وفقا للقانون الدولي فإن المياه الإقليمية لأي دولة عادة تمتد من ساحلها 12 ميلا بحريا (حوالي 22 كيلومتر) إلى داخل المياه. وبهذا يكون مضيق باب المندب واقعا ضمن المياه الإقليمية لثلاث دول، هي اليمن وجيبوتي وإريتريا، حيث يبلغ عرضه حوالي 30 كيلومتر بين رأس باب المندب شرقا ورأس سيان غربا.
صورة من: picture alliance/Photoshot/BCI
اليمن والسيطرة على باب المندب
في قلب مضيق باب المندب تقع جزيرة بريم اليمينة، التي تقسمه إلى ممرين بحريين أحدها شرقي ضيق، عرضه أقل من 4 كيلومتر وآخر غربي واسع (حوالي 21 كيلومتر) لكن توجد به أيضا جزر أخرى صغيرة تجعل اتساعه أقل من 18 كيلومتر. ويقول العالم العراقي عبدالزهرة شلش العتابي إن من يسيطر على عدن بالدرجة الأولى وجيبوتي بالدرجة الثانية يسيطر على مضيق باب المندب.
صورة من: Imago/photothek
أهمية استراتيجية
رغم أهميته الاستراتيجية منذ القدم، ازداد مضيق باب المندب أهمية بعد افتتاح قناة السويس في عام 1869، حيث أصبح الطريق الرئيسي للتجارة بين أوروبا وجنوب شرق آسيا بديلا عن طريق رأس الرجاء الصالح. وتعبر المضيق حاليا من الجنوب للشمال والشمال للجنوب نحو 21 ألف قطعة بحرية سنويا.
صورة من: picture-alliance/akg-images
الطريق الرئيسي لناقلات البترول
مع اكتشاف البترول في الجزيرة العربية في ثلاثينات القرن الماضي ازدادت أهمية باب المندب مرة أخرى حيث إنه يربط منطقة الانتاج (الجزيرة العربية) بمناطق الاستهلاك في أوروبا والولايات المتحدة. ويمر منه يوميا ما لا يقل عن 4 ملايين برميل نفط ، حسب الباحث المصري أحمد التلاوي.
صورة من: picture-alliance/dpa
ثغرة أمن قومي لدول عديدة
يشكل أمن مضيق باب المندب مسألة أمن قومي بالنسبة لدول إقليمية مثل مصر وإسرائيل ودول الخليج العربية، خصوصا السعودية. وهناك مخاوف من سيطرة الحوثيين، المدعومين من إيران على المضيق. واعترفت مصر في عام 2016 بوجود قوات بحرية لها في باب المندب "لوقف إمدادات الحوثيين بالسلاح والمواد اللوجستية".ا
صورة من: picture-alliance/dpa
القراصنة الصوماليون
قبل تهديد الحوثيين لأمن باب المندب كان هناك القراصنة الصوماليون، الذين ظهروا بقوة عام 2008، حيث بدأوا في مهاجمة السفن العملاقة في منطقة القرن الإفريقي مهددين الملاحة في باب المندب. غير أن التدخل الدولي جعل القرصنة تتراجع تماما منذ عام 2012.
صورة من: picture alliance/AP Photo/F.Abdi Warsameh
أهمية مزدوجة لدول الخليج
لا شك أن الاقتصاد العالمي يتأثر بأمن المضيق لكن بالنسبة لدول الخليج العربية فإن أمن باب المندب أهميته مزدوجة، فهو منفذ الخليج على أسواق النفط الأوروبية والأميركية، ومن ناحية أخرى فإن تهديد أمنه الآن يأتي من الحوثيين المدعومين إيرانيا. وعندما هاجم الحوثيون ناقلتي نفط سعوديتين أعلنت السعودية (الأربعاء 25/7/2018) وقفا مؤقتا لمرور نفطها في باب المندب. وارتفعت أسعار النفط عالميا.