الحياة "مركز إرساء" للاجئين.. انتظار محفوف بخيبات الأمل
١٢ يناير ٢٠١٩
لا يتمتع الكثير من قاطني "مركز الإرساء" في مدينة شفاينفورت الألمانية بفرص كبيرة لقبول طلبات لجوئهم. "مهاجر نيوز" زار المركز وأعد التالي عن أحوال طالبي اللجوء وظروف عيشهم هناك ومواقف السكان المحليين منهم.
إعلان
في أمسية يوم جمعة دافئ نسبياً من تشرين الثاني/نوفمبر 2018 قام حوالي 50 رجل شرطة بعملية في "مركز الإرساء" بمدينة شفاينفورت، التي يبلغ تعداد سكانها 53 ألف نسمة وتربض على ضفة نهر الماين. وفي إجابة على استفسار لموقع "مهاجر نيوز" أفادت الشرطة أن الهدف هو مكافحة "الإتجار بالمخدرات وتعاطيها". وقد وجدت الشرطة أن ثلاثة أشخاص موجودين بشكل "غير شرعي" في المركز.
من ثكنة جيش إلى مركز إرساء
اللاجئ المنحدر من ساحل العاج زي يا نوفو (اسم مستعار) قال إن الشرطة "أرعبته" لدى تفتيش غرفته. ويتعرض "مركز الإرساء" لمثل هذه العملية مرة كل شهرين أو ثلاثة دون سابق إنذار. وفقاً لإحصائيات الشرطة تعرض المركز لأكثر من 60 عملية من هذا النوع بين كانون الثاني/يناير ومنتصف تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي.
ويضم المركز حوالي 750 طالب لجوء ينحدر معظمهم من نيجيريا والصومال وساحل العاج. ووصف أحد الحراس، الذين يبلغ عددهم 33 شخصاً، "الوضع بأنه آمن معظم الوقت".
في الأصل شيد النازيون المركز كثكنات للجيش. ومن ثم استخدمه الجيش الأمريكي بين عامي 1945 و2014. ومنذ 2015 يستخدم كمركز استقبال لطالبي اللجوء، والآن هو أحد سبعة مراكز إرساء في ولاية بافاريا.
شكاوى
أحد طالبي اللجوء من نيجيريا قال لـ"مهاجر نيوز" إنه غير راض عن شروط الحياة في المركز واشتكى من غياب الخصوصية وعدم العناية بالأطفال. كما اتهم، الشاب ذو الـ 27 عاماً، الشرطة بأخذ آلة الاستماع للموسيقى الخاصة به. غير أن لحياته هنا جانب إيجابي؛ إذ يعتبر النيجيري من القلائل المحظوظين، فهو يعمل نصف الشهر في غسل الثياب ويتقاضى 80 سنتاً على كل ساعة عمل.
يتلقى كل طالب لجوء 98.60 يورو في الشهر بالإضافة إلى الطعام والشراب واللباس وتذاكر للنقل العام. ولم يتم استقبال الإعلان عن استبدال المبلغ النقدي بمساعدات عينية إضافية بترحاب من جهة طالبي اللجوء.
الإجراء سيحرم اللاجئين من القدرة على توكيل محام للطعن بطلبات اللجوء المرفوضة، على سبيل المثال. أما إدارة المركز فتبرر ذلك بأنها تهدف لوقف "الهجرة الثانوية"، أي الهجرة من بلد أوروبي يقدم خدمات أقل من ألمانيا.
أمضى بعض قاطني المركز سنوات في ليبيا يعيشون حياة أشبه بحياة "العبودية". ولا يشعر موسى المنحدر من ساحل العاج بالاستقرار: "أريد السلام"، يقول الشاب بضجر.
موقف السكان المحليين
تصف إدارة المركز موقف سكان مدينة شفاينفورت تجاه اللاجئين بأنه "فضولي ولكن مع المحافظة على مسافة منهم"، مشيراً إلى تحدر جزء كبير من السكان من خلفيات مهاجرة: روسية وأمريكية وتركية وغيرها. فالنتينا فاغنر ممرضة من أصل روسي في منتصف الثلاثينات تقول إن كبار السن والسكان من خلفيات روسية مهاجرة هم الأكثر "تحفظاً"، مؤكدة أن الأمر يحتاج بعض الوقت لكي يتم الاعتياد على اللاجئين.
ميشائيل شيرتشينكو (33 عاماً) يقول لـ"مهاجر نيوز" إن المدينة ليست بحاجة للمزيد من اللاجئين: "يجب علينا أولاً إدماج الموجودين هنا". كما عبّر الشاب، المنتمي لما يطلق عليهم "ألمان الفولغا" (ألمان هاجروا إلى روسيا قبل قرون ومن ثم عادوا إلى ألمانيا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي)، عن قلقه على سلامة النساء والأطفال والمراهقين.
الشابة ميلانا براون قالت لـ"مهاجر نيوز" إنه لمن الرائع استقبال ألمانيا ومدينتها لطالبي اللجوء، إلا أنها "تعرضت" لتحرش من أحد طالبي اللجوء قبل سنتين، ما جعلها تقلع عن ركوب باصات النقل العام: "يطلق طالبو اللجوء نكات غبية ويصفرون"، مشيرة إلى أن مشي الشبان المهاجرين في مجموعات في المدينة أمر "مرعب ومخيف".
ألمانيا و"لاجئوها" ـ أبرز الأحداث منذ اعتداء زولينغن
أحيت ألمانيا الذكرى الـ 25 لاعتداء الحرق بمدينة زولينغن، الذي استهدف منزل عائلة ذات أصول تركية وأسفر عن مقتل خمسة من أفرادها وجرح أربعة. بيد أنه لم يكن الاعتداء الوحيد الذي شهدته ألمانيا في العقود الأخيرة ضد الأجانب.
صورة من: Imago/Tillmann Pressephotos
اعتداء زولينغن الرهيب
بحضور المستشارة ميركل ووزير الخارجية التركي، أحيت ألمانيا الذكرى 25 لاعتداء زولينغن الرهيب الذي راح ضحيته خمسة أشخاص من عائلة ذات أصول تركية وهم امرأتان وثلاث فتيات. ففي 29 من مايو/ أيار أضرم أربعة شبان النيران في منزل العائلة. وتبين فيما بعد أنهم على صلة باليمين المتطرف.
صورة من: dpa
نصب تذكاري
وتمّ تشييد نصب تذكاري في مكان الاعتداء كتبت عليه أسماء الضحايا. وبمنسبة الذكرى الـ25، اعتبر رئيس حكومة ولاية شمال الراين ويستفاليا أرمين لاشيت الاعتداء بأنه الأسوأ في تاريخ المدينة منذ الحرب العالمية الثانية كما حذّر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس من خطر اليمين المتطرف في البلاد، مشددا أن "واجب الابقاء على ذكرى الضحايا (زولينغن) مسؤوليتنا جميعا".
صورة من: picture-alliance/dpa/O. Berg
مقتل شاب جزائري
في نهاية عام 1999 طارد عدد من الشبان المتطرفين أفارقة داخل مركز مدينة غوبين بولاية برادنبورغ بشرق البلاد. وأسفر ذلك عن مقتل شاب جزائري.
صورة من: picture-alliance/dpa/Patrick Pleul
قنبلة مسامير تنفجر في شارع الأتراك بكولونيا
في شارع كويبشتراسه بكولونيا (كولن)، الذي يسكنه عدد كبير من الأتراك، انفجرت قنبلة مسامير شديدة الانفجار أصابت 22 شخصا إصابات خطيرة. واستبعدت التحقيقات التي استمرت أزيد من عشر سنوات، في بادئ الأمر خلفيات عنصرية وراء الاعتداء ليتضح فيما بعد أن خلية "إن إس يو NSU" اليمينية المتطرفة هي من نفذته.
صورة من: DW/A. Grunau
خلية "إن إس يو"
كانت هذه الخلية تضم ثلاثة عناصر نفذوا إلى جانب اعتداء كولونيا اعتداءات أخرى في ألمانيا، ما أسفر عن مقتل تسعة أشخاص (أتراك ويونانيين) إضافة إلى شرطي ألماني. ومنذ خمس سنوات تتواصل جلسات محاكمة "بيآته تشيبه" العنصر الوحيد المتبقي على قيد الحياة ضمن المجموعة المتطرفة، غير أن الأخيرة تلوذ الصمت ولم تدل بأي معلومات حول عمل الخلية.
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Kneffel
موظف يضرم النيران من مسكن للاجئين
في فبراير من 2015، قام موظف من مكتب الضرائب بإضرام النيران في منزل كان من المفترض أن يصبح منزلا لعائلة عراقية في مدينة إيشبورغ. وفي ذات السنة دخلت أمواج كبيرة من اللاجئين إلى ألمانيا، ورافق ذلك مجموعة من الاعتداءات على منازل وملاجئ للاجئين. في هذا العام وحده سجلت الشرطة أكثر من 1000 اعتداء بدواعي الكراهية ما بين إحراق واعتداءات جسدية وبمواد متفجرة. وللمقارنة سجل في العام الذي سبقه 200 اعتداء.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Heimken
خلية "فرايتال"
بين شهري تموز/ يوليو إلى تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 2015، ظهرت خلية "فرايتال" التي ضمت ثمانية عناصر، نفذوا خمسة هجمات بعبوات متفجرة على نزل للاجئين ومعارضين سياسين لهم في مدينتي فرايتال ودريسدن. محكمة دريسدن صنفت الخلية على أنها إرهابية وأصدرت أحكاما تراحت ما بين 10 و11 عاما سجنا على أعضائها.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Kahnert
أرقام مقلقة في عام 2017
مدن كبامبارغ وغيرها، تحولت إلى مسرح لحلقات جديدة من سلسلة الاعتداءات ضد الأجانب. في عام 2017 سجل نحو 2200 اعتداء من هذا القبيل، وفق بيانات الشرطة غير أن منظمات حقوقية تشدد أن العدد أكبر بكثير من المعلن عنه.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
ظهور حركة "بيغيدا" المعادية للإسلام
في موازاة ذلك ومع موجة اللاجئين التي دخلت ألمانيا، ظهرت حركات اعتبرت نفسها أنها "تدافع" عن قيم المجتمع، فخرجت تظاهرات كل أسبوع في عدد من المدن خاصة شرق البلاد نظمتها حركات كـ"بيغيدا" وغيرها تنادي بـ "حماية البلاد من الأسلمة"، كما اتهمت هذه الحركات المستشارة ميركل بـ "خيانة" البلاد.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي
انبثق هذا الحزب عن حركة مناهضة لسياسية ميركل وأوروبا عموما لانقاذ اليورو واليونان المتخبط في أزمة الديون السيادية، إلا أن "البديل" سريعا ما وجد في موضوع اللاجئين ضالته لحشد الأصوات. ويتهم بأنه يذكي خطاب الكراهية والعنصرية ضد الأجانب، لكنه أيضا استطاع أن يصبح أقوى قوة معارضة في البوندستاغ إثر فوزه في الانتخابات الأخيرة بـ12,6 بالمائة من أصوات الناخبين.
صورة من: Getty Images/C. Koall
أصوات معارضة للبديل
في 27 من الشهر الجاري (أيار/ مايو 2018) نظم الحزب في برلين مظاهرة تطالب بتشديد سياسة اللجوء. وكان حزب البديل يأمل في مشاركة عشرات الآلاف، لكنه لم يحصل سوى على خمسة آلاف فقط. في حين شارك نحو 25 ألف شخص في المظاهرة الموازية والتي خرجت ضد هذا الحزب الشعبوي وأفكاره.
صورة من: DW/W. Glucroft
دريسدن تنتفض ضد التطرف
وكثيرة هي المظاهرات التي خرجت في السنوات الأخيرة ترفض وبوضوح الأفكار اليمينية المتطرفة وتدعم أسس الانفتاح داخل المجتمع. والصورة توثق لأكبر مظاهرة مناهضة للتطرف أقيمت في مدينة دريسدن التي اقترن اسمها مؤخرا باليمين المتطرف والشعبوي. وشارك في هذه المظاهرة المغني الشهير "كامبينو" إضافة إلى نجوم آخرين من عالم الفن والغناء.
صورة من: picture-alliance /dpa/A. Burgi
كراهية الأجانب "تطيح بأسس الدين المسيحي"
الكنيسة سواء الكاتوليكية أو الإنجيلية تبرأت من هذه الحركات واعتبرت أن الأفكار التي تروج لها "بيغيدا" وغيرها تحت ذريعة الحفاظ على الأسس الدينية للدولة، لا علاقة لها إطلاقا بالدين المسيحي الذي يدعو إلى التسامح. وازداد عدد الحالات التي قدمت فيها الكنيسية اللجوء الكنسي إلى لاجئين.