1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الحياد المستحيل.. الأردن والسعودية في صراع إيران وإسرائيل

٢٠ يونيو ٢٠٢٥

رغم رفضهما العلني للهجمات الإسرائيلية على إيران، اعترضت الأردن والسعودية صواريخ إيرانية عبر مجالهما الجوي خلال التصعيد المتواصل. فما دوافع هذا التدخل؟ وكيف توازن الدولتان بين الموقف السياسي والتحرك الأمني؟

إسرائيل، تل أبيب 2025 - القبة الحديدية الإسرائيلية تعترض صواريخ قادمة من إيران
منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية تعترض صواريخ قادمة من إيرانصورة من: Menahem Kahana/AFP

اتخذت 21 دولة في الشرق الأوسط وأفريقيا موقفًا واضحًا: فقد أعربت هذه الدول في بيان مشترك نشر في بداية الأسبوع عن "رفضها وإدانتها القاطعة للهجمات الإسرائيلية الأخيرة على  إيرانمنذ 13 حزيران/ يونيو 2025". وأضافت أنَّ إسرائيل يجب عليها وقف "أعمالها العدائية" ضد إيران. وعبّرت أيضًا عن "قلقها البالغ من هذا التصعيد الخطير، الذي يهدد بإشعال صراع إقليمي أوسع نطاقًا وزعزعة استقرار الشرق الأوسط".

ومن بين الدول الموقعة على هذا البيان الأردن والسعودية. ولكن هذا لا يمنعهما من التدخل - على الأقل بشكل غير مباشر - في الصراع الإسرائيلي الإيراني. فقد أسقطت كل من الأردن والسعودية صواريخ منطلقة من إيران باتجاه إسرائيل عبر مجالهما الجوي. وأكد الجيش الأردني ذلك في بيان خاص صدر عنه.

وعلى الرغم من عدم التصريح بأي بيان مشابه من جانب السعودية، لكن الخبراء يعتقدون أنَّ مثل هذا الإجراء أمر أكيد.

توترات سياسية داخلية

ومن خلال هذه السياسة تدخل الدولتان في توترات، وخاصة على مستوى السياسة الداخلية. وذلك لأنَّ مواطني كلا البلدين يسود لديهم تقليديًا رفض لإسرائيل. وهذا ينطبق بشكل خاص على الأردن، الذي يتكون ما يصل إلى 60 بالمائة من شعبه من أشخاص أصولهم  فلسطينية.

مسيرة تضامن مع قطاع غزة نظمتها جماعة الإخوان المسلمين في عمّان، كانون الأول/ ديسمبر 2023صورة من: Laith Al-jnaidi/Anadolu/picture alliance

وبناءً على ذلك من الصعب على العائلة المالكة في عمان تبرير اعتراض الصواريخ الإيرانية في المجال الجوي الأردني. ولهذا السبب فقد استند الملك عبد الله والجيش الأردني إلى مبدأ الدفاع عن النفس. وبناءً عليه فإنَّ المجال الجوي الأردني لا يجوز عبوره من قبل دول أجنبية مثل إيران من دون إذن مسبق. وحول ذلك يقول إدموند راتكا، رئيس مكتب مؤسسة كونراد أديناور الألمانية في عمّان: "هذه الرسالة - 'نحن ندافع عن أنفسنا فقط باعتراض الصواريخ‘ - تتكرّر على جميع القنوات".

ويشير راتكا فيما يتعلق بالوضع السياسي الداخلي في الأردن إلى حظر جماعة الإخوان المسلمين في نيسان/أبريل بعد الكشف عن خلية إرهابية. وبهذا الحظر ردّت الأردن على التطرف المتنامي خاصةً بين شرائح المواطنين الشباب. وهذا يزيد الآن من حرص الحكومة الأردنية على عدم تصوير إسقاطها الصواريخ الإيرانية على أنَّه تضامن مع إسرائيل، كما يقول الخبير السياسي شتيفان لوكاس، مدير شركة التحليل والاستشارات "ميدل إيست مايندز". ويضيف أنَّ "هذا القرار يؤدي مع ذلك إلى إشعال المزيد من التوترات".

ولهذا السبب فإنَّ الأردن لا يريد أن ينظر إليه كدولة تدافع عن إسرائيل، كما يقول راتكا: وذلك "لأنَّ معظم الشعب الأردني يعتبر إسرائيل دولة معتدية". بيد أنَّ الأمر نفسه ينطبق على إيران أيضًا. وفي هذا الصدد يقول راتكا: "نحن نجري بشكل منتظم في الأردن استطلاعات، تبيّن منذ سنين عدم وجود تعاطف كبير مع إيران في الأردن. وذلك لأنَّ إيران تعتبر دولة تتدخل مرارًا وتكرارًا في شؤون الدول العربية بنية زعزعة استقرارها".

قرار براغماتي

والأردن لديه أسباب براغماتية تمامًا لقراره إسقاط الصواريخ الإيرانية، كما يقول لوكاس، مع الإشارة إلى الاتفاقية الأمنية المبرمة عام 2021 مع الولايات المتحدة الأمريكية: "الأردن لن يذهب إلى حد الوقوف بصراحة ضد الولايات المتحدة الأمريكية أو إسرائيل. وذلك لأنَّ الأردن يعتمد كثيرًا جدًا على الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك بشكل جزئي أيضًا على إسرائيل - اعتمادًا ماليًا وكذلك في السياسة الأمنية".

والحكومة الأردنية تضع نفسها مبدئيًا بحجتها هذه في موقف صعب. وذلك لأنَّها إذا كانت مهتمة بحماية مجالها الجوي الوطني، فيجب عليها بالتالي أن تعارض تحليق طائرات سلاح الجوي الإسرائيلي فوق أراضيها.

وبحسب جميع المعلومات المعروفة فإنَّ إسرائيل لا تنتهك في هجماتها المجال الجوي الأردني، كما يقول راتكا: "لذلك يمكن للحكومة الأردنية أن تقول وبحق إنَّها ستتصدى مبدئيًا لأي انتهاك يمس مجال الأردن الجوي. بيد أنَّها تتصدى في الواقع للانتهاكات الإيرانية فقط".

الهجمات المتبادلة مستمرة بين إسرائيل وإيران

02:15

This browser does not support the video element.

السعودية في وضع حرج

والمملكة العربية السعودية أيضًا في وضع حرج. فقبل توقيعها البيان المشترك الصادر عن 21 دول عربية وإسلامية، قامت السعودية بوصف إيران بدولة "شقيقة" - وهي إشارة خطابية قوية جدًا تشير إلى الترابط والتضامن، لا تستخدها السعودية عدا ذلك إلا للدول العربية.

السعودية في وضع صعب: ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال حديثه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الرياض، أيار/ مايو 2025 صورة من: Brian Snyder/REUTERS

ولكن السعودية تتبع بعيدًا عن هذا الخطاب الرسمي مسارًا مختلفًا تمامًا، كما يقول شتيفان لوكاس: "السعودية تشارك من دون شك بشكل غير رسمي في العمليات ضد إيران".

وهذا المسار يستند إلى تعاون في مجال السياسة الأمنية، وخاصة في مجال الاستطلاع. "السعودية تقدّم بيانات راداراتها وتتسامح مع عبور الطائرات الإسرائيلية، خاصةً فوق الجزء الشمالي من أراضيها، الذي تحلّق فوقه الصواريخ الإيرانية بشكل رئيسي. "من الملاحظ أنَّ السعودية متساهلة جدًا في تعاملها مع إسرائيل"، كما يقول لوكاس.

ويضاف إلى ذلك أنَّ السعودية تعتمد منذ عقود من الزمن في صراعها مع خصمها اللدود إيران على الحماية العسكرية الأمريكية. وعلى الرغم من تقارب الخصمين، السعودية وإيران في الآونة الأخيرة، إلا أنَّ علاقتهما ما تزال تعتبر هشة. ولذلك على الأرجح أن تعتمد السعودية في الوقت الراهن على الحماية الأمريكية في حالة الشك.

أعده للعربية: رائد الباش

تحرير: عادل الشروعات

 

كيرستن كنيب محرر سياسي يركز على شؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW