الخلافات السياسية تلقي بظلالها على القمة الأوروبية الأفريقية
٨ ديسمبر ٢٠٠٧احتشد الزعماء الأوروبيون والأفارقة في لشبونة أمس الجمعة لحضور قمة، يقول مؤيدوها إنها ستحدث ثورة في العلاقات بين القارتين. إلا أن الخلاف حول حضور رئيس زيمبابوي روبرت موجابي ألقى بظلاله على الاجتماع، حيث اتهمت جماعات حقوق الإنسان والمعارضة في زيمبابوي الطرفين بإعطاء ظهرهما لحقوق الإنسان، كما أدت تلك الدعوة إلى مقاطعة القمة من قبل رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون. وقال رئيس الفرع البريطاني لحزب الحركة من أجل التغيير الديمقراطي المعارض إفرايم تابا إن "معظم الحكام الديكتاتوريين الأفارقة يجدون أن التضامن مع موجابي أسهل من أن يتضامنوا مع شعوبهم التي تعاني ... هذه القمة عار تام ولاسيما للاتحاد الأوروبي.
وكان زعماء الاتحاد الأوروبي قد وعدوا بأن القمة ستتضمن مناقشة "جوهرية" عن حقوق الإنسان وتتضمن الموقف في زيمبابوي، حيث اتهم موجابي بالحكم بالإرهاب وتدمير الاقتصاد. واعترف دبلوماسيو الاتحاد الأوروبي بأن مخاطر تقسيم القمة بين مؤيد ومعارض لموجابي قد تتسبب في إعاقة المباحثات بشأن قضايا أخرى. وكان رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون أعلن في أيلول/سبتمبر الماضي إنه سيقاطع القمة إذا حضرها موجابي قائلا إن وجود موجابي "سيشتت الانتباه" عن موضوعات مهمة أخرى.
القذافي يطالب الدول المستعمرة بتعويضات
ومن ناحية أخرى خيمت الفترات الاستعمراية بظلالها طويلاً على العلاقات الأوروبية الأفريقية، ومن المنتظر أن تخيم أيضاً على أجواء القمة. وقد فاجأ الزعيم الليبي معمر القذافي الجميع أمس الجمعة، عشية افتتاح القمة، بمطالبته الدول الأوروبية المستعمرة في الماضي بدفع تعويضات لمستعمراتها السابقة، كما طالب بأن تقوم تلك الدول بإزالة الألغام التي زرعتها في أراضي الشعوب التي استعمرتها. وأكد القذافي في خطاب ألقاه في جامعة لشبونة أن هذه النقاط ستكون على رأس الموضوعات التي تتم مناقشتها خلال القمة.
ميركل تريد مناقشة المشاكل الأفريقية
ومن جانبها، أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على الأهمية الكبيرة لنظام الحكم الرشيد في الدول الأفريقية. وأعلنت على هامش القمة الأوروأفريقية اليوم السبت عزمها عدم التطرق في كلمتها أمام القمة فقط لفرص القارة السوداء بل الإشارة لمشاكلها أيضا. وأضافت ميركل:"سأدعو لأن يكون نظام الحكم الرشيد أساسا لمساعداتنا التنموية ووصول هذه المساعدات للسكان.. وهذا هو السبيل الوحيد لتحقيق أهداف العالم خلال الألفية الحالية والتي منها خفض الفقر". وترمي "أهداف الألفية" إلى تحسين النظام التعليمي والنظام الصحي بالإضافة إلى تحقيق تقدم في مكافحة الجوع حتى عام 2015".
بين فرص الشراكة والقضايا الشائكة
ويقول المنظمون إن القمة بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي تهدف إلى بدء شراكة استراتيجية بين القارتين بشأن قضايا تتنوع بين الطاقة والهجرة وتغير المناخ والتجارة والصحة. وقال المفوض الأوروبي لشئون التنمية والمساعدات الإنسانية لويس ميشيل إن على الاتحاد الأوروبي وأفريقيا خلق "شراكة أكثر مسئولية ودبلوماسية مبنية على تضامن أكبر. وإذا فشلنا،ستظل لشبونة في الذاكرة المشتركة كفرصة كبيرة ضائعة. وأضاف أن مستقبل الاتحاد الأوروبي يعتمد على هذه العلاقة الجديدة مع أفريقيا ، والعكس صحيح.
إلا أن صحيفة "لوموند" الفرنسية قد انتقدت الموقف الأوروبي قائلة :" في نفس الوقت الذي تدعو فيه أوروبا الأفارقة إلى المفاوضات حول عقد (شراكة جديدة)، يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تقييد أيدي الأفارقة من خلال إلزامهم بتوقيع معاهدات تجارية جديدة قبل انتهاء العام الجاري، مما يعني نهاية مميزات نظام الاستيراد المتبع في القارة الإفريقية". وأضافت أن الأفارقة ينتابهم خوف مبرر من عدم اقتصادهم الزراعي وصناعتهم البسيطة على الصمود أمام المنتجات الأوروبية المتدفقة على القارة إذا ألغيت الجمارك التي تفرضها الدول الأفريقية على هذه الواردات، التي تدعم الدول الأوروبية بعضها أيضاً.
الجدير بالذكر أن القمة افتتحت مساء أمس الجمعة بحفل موسيقي وعشاء، وافتتحت صباح اليوم السبت رسمياً بحضور نحو 80 رئيس دولة وحكومة من الاتحادين الأوروبي والأفريقي. وبدأ الزعماء محادثاتهم الاستراتيجية، والتي تستمر لمدة يومين، وتستضيفها الحكومة البرتغالية بصفتها الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي. ومن المتوقع أن يوافق الزعماء في الاجتماع، الذي يعد القمة الثانية من نوعها في التاريخ والأولى منذ إنشاء الاتحاد الأفريقي عام 2002 ، على إجراءات لتحسين التعاون بين الجانبين.