الدارالبيضاء كملاذ للاجئين .. أوكرانيات هربن من الحرب للمغرب
١ مايو ٢٠٢٢
الكثير من الأمور تبقى غير واضحة: إلى متى سيبقون وبماذا سيعيشون؟ لكن وجودهن في المغرب يكشف أن أوروبا لم تعد هدف اللاجئين الأفارقة بل العكس. أوروبيون يبحثون عن الأمان من الحرب والدمار في أفريقيا!
إعلان
أكثر من خمسة ملايين أوكراني فروا إلى الخارج ووصل بعضهم إلى المغرب من دون المغامرة بركوب قوارب مطاطية. إرينا هيندينا ووالدتها فالنتينا وصلتا من خاركيف إلى الدارالبيضاء حيث يقيمان عند إحدى الأقارب. وتأشيرة سفرهما تنتهي في الـ 30 من مايو/ أيار.
فالنتينا هيندينا تقول بأنها لم تتصور يوما أن تكون مجبرة على الهروب إلى الخارج. هذه الصيدلانية عمرها 64 عاما وصلت قبل أربعة أسابيع عبر المجر وإسطنبول إلى الدارالبيضاء. وتقول المرأة المتقاعدة إنها ستعود إلى وطنها بعدما تنتصر أوكرانيا في الحرب.
ابنتها إيرينا لا تبدو مستقرة فهي تتأرجح بين الشعور بالحزن والعجز من جهة، ومن جهة أخرى مرتاحة لوصولها إلى شاطئ النجاة، وتقول "كنت سعيدة بالوصول إلى هنا عند شقيقتي وتنفس الهواء العادي دون دخان ورؤية السماء الزرقاء ولا وجود لدبابات أو قنابل. نحن كنا نسكن في منطقة سالتافكا البعيدة بنحو 30 كيلومترا عن الحدود الروسية. وكانت المخاطر تحدق بنا من جراء الهجمات الجوية والقنابل والحرائق، وكان ينتابنا خوف كبير".
سالتافكا هو حي في شمال شرق خاركيف. وفي الوقت الذي نتبادل فيه أطراف الحديث في أمان في الدارالبيضاء نقلت وكالات أنباء أن ضحايا مدنيين سقطوا مجددا في خاركيف. وإيرينا ووالدتها قضيا العديد من الساعات في محطة مترو الأنفاق قبل هروبهما في الـ 7 من مارس/ آذار للاحتماء من القنابل. وإيرينا تكشف عن صورة في هاتفها النقال تبين نظرة من الشقة في الطابق التاسع لمسكنها: منشأة صناعية تحترق وخزانات زيوت كبيرة تحترق في تفسير للهيب النيران في الأفق. وعندما عثرتا أثناء التسوق على رصاصات فارغة، قررت إيرينا ووالدتها الهرب إلى أختها إيلينا في الدارالبيضاء.
وعلى كل حال حصلت إيرينا ووالدتها على تأشيرة سفر، لأن الأمر ليس بتلك السهولة. وفي الوقت الذي يتمكن فيه مواطنون روس بدون إشكالية من الحصول على تأشيرة سياحة في المغرب، يبقى الأمر صعبا للأوكرانيين والأوكرانيات باستثناء إذا كان لديهم أقارب في المغرب. ففيكتوريا بيتريشكوفيتش البالغة من العمر 21 عاما أرسلتها عائلتها إلى الأمان في الخارج، وهي تترقب في جنوب إسبانيا الالتحاق بصديقها في المغرب. وتقول فيكتوريا "ليس لدي إمكانية جمع كل الوثائق الضرورية. ولا أفهم كيف أن الروس يحق لهم الدخول إلى المغرب وليس بإمكان الأوكرانيين فعل ذلك". وفيكتوريا تتساءل كيف يمكن للشخص أن يحصل على شهادة حسن السيرة إذا كانت المؤسسات المعنية مغلقة في أوكرانيا أو دُمرت بالكامل.
ويكتنف الغموض مستقبل إيرينا ووالدتها في الدارالبيضاء لأن تأشيرة سفرهما تنتهي صلاحيتها في الـ 30 من مايو. ونحو 120 امرأة أوكرانية متزوجات في المغرب وجهن رسالة إلى وزارة الخارجية المغربية للحصول على اللجوء لصالح ذويهن الفارين. وماذا لو لم تنجح المبادرة؟ إيرينا هيندينا لا تريد التفكير في ذلك.
وإلينا شقيقة إيرينا تعيش منذ 20 عاما في المغرب. وهذه المهندسة تعمل كبائعة ورود في الدارالبيضاء وهي مسرورة مع زوجها المغربي وطفليها الاثنين، اللذين تعتني بهما جدتهما وخالتهما. وتحملت إلينا جميع الضمانات لأقاربها من تكاليف الحياة والتأمينات والوثائق الأخرى، فهي لن تتخلى عن أمها وأختها وتتركهما للمجهول، وقالت: "لا إنها عائلتي الصغيرة وسنحاول إيجاد حل قانوني كي يبقوا في المغرب".
من يحق له المجيئ ومن لا يحق له ذلك؟ وماذا سيحصل مع أولئك الذين فروا من أوكرانيا إلى المغرب؟ أسئلة تبقى إلى حين كتابة هذه الأسطر بدون جواب من قبل السفارة الأوكرانية والسلطات المغربية.
شتيفان إيليرت، مراسل شبكة "ايه ار دي" الألمانية بالرباط.
بالصور.. نساء أوكرانيا يعشن معاناة الحرب واللجوء!
بعضهن يختبئن مع أطفالهن في أقبية المشافي والملاجئ خوفاً من القصف، بينما تضطر أخريات للجوء إلى الدول المجاروة، ومنهن من تحمل السلاح للدفاع عن بلدها. ألبوم صور يسلط الضوء على معاناة النساء الأوكرانيات خلال الغزو الروسي.
صورة من: Abbas Al-khashali/DW
لم تنس غيتارها رغم الحرب!
الحرب في أوكرانيا دفعت أكثر من 1,5 مليون شخص للجوء إلى البلدان المجاورة، ومنهم الطفلة الأوكرانية ليليا التي لم تنس غيتارها رغم الحرب، وجلبته معها في رحلة لجوئها إلى الحدود البولندية. تجلس ليليا مع شقيقتها وقريبات لهما على جذع شجرة مقطوع ومغطى بالبطاطين. تعزف أغنية حزينة والجميع ينصت إليها، تبتسم، لكن يلوح من عينيها خوف كبير.
صورة من: Abbas Al-khashali/DW
نساء وأطفال
تشكل النساء والأطفال الغالبية العظمى من لاجئي أوكرانيا إلى البلدان المجاورة، لأن كييف منعت خروج الذكور من سن 18 إلى 60 عاماً بسبب حالة الطوارئ، ليبقوا في البلاد ويدافعوا عنها. في الصورة عشرات اللاجئات الأوكرانيات يأخذن قسطاً من الراحة في معبر ميديكا الحدودي بعد دخولهن إلى بولندا.
صورة من: Visar Kryeziu/AP/picture alliance
إنقاذ ما يمكن إنقاذه!
ورغم اضطرار اللاجئات الأوكرانيات إلى الهرب دون أزواجهن أو إخوتهن، فقد جلبن معهن ما استطعن إنقاذه. مثل هذه الفتاة التي استطاعت إنقاذ قطتها من براثن الحرب. في الصورة التي التقطت بعد ثلاثة أيام من بدء الحرب، كانت الفتاة في طريقها إلى معبر ميديكا الحدودي مع بولندا.
صورة من: Kunihiko Miura/Yomiuri Shimbun/AP/picture alliance
وداع وقلق!
حزن على فراق الأهل وقلق عليهم وخوف من المستقبل: قد تكون هذه بعض المشاعر التي تعكسها نظرة هذه السيدة الأوكرانية في الصورة، التي تظهر فيها وهي تلوح لأهلها، بينما يتم إجلاؤها بقطار مع أطفالها من مدينة بالقرب من كييف.
صورة من: Chris McGrath/Getty Images
نساء في الملاجئ ومحطات المترو!
أما النساء اللواتي لم يستطعن الخروج بسبب الحرب، فيضطررن إلى التوجه إلى الملاجئ ومحطات المترو لحماية أنفسهن وعائلاتهن من القصف الروسي. في الصورة نساء وفتيات أوكرانيات يحتمين في محطة مترو بالعاصمة كييف.
صورة من: AFP via Getty Images
أمهات ومواليدهن في قبو المستشفى
بالنسبة للنساء المرضى واللواتي أنجبن حديثاً، يتم نقلهن إلى أقبية المستشفيات. في الصورة أطفال مرضى وحديثو الولادة بجانب أمهاتهم، تم نقلهم إلى قبو بمستشفى الأطفال في كييف لحمايتهم من عمليات القصف. فحتى المستشفيات لم تسلم، إذ تعرض المستشفى المركزي في قلب المدينة للقصف، كما تم استهداف محطات للطاقة والكهرباء في ضواحي المدينة.
صورة من: Emilio Morenatti/AP/picture alliance
حرب في أوروبا بعد عقود من السلام!
وتعاني النساء المسنات من الحرب بشكل خاص، مثل هذه السيدة التي تحمل عكازها في الصورة، والتي يتم إنقاذها من قبل فرق الطوارئ من على جسر في كييف استهدفه القصف الروسي. ولعل هذه السيدة لم تكن تتوقع مثل كثيرين أن تشهد أوروبا حرباً كهذه بعد عقود من السلام.
صورة من: Emilio Morenatti/dpa/AP/picture alliance
مدافعات عن البلد مهما كان السن
لكن التقدم في السن لم يمنع بعض النساء الأوكرانيات من تعلم كيفية الدفاع عن بلدهن. في الصورة تتعلم فالنتينا (79 عاماً) كيفية استخدام السلاح في دورة نظمها الحرس الوطني الأوكراني، لتساهم في الدفاع عن بلدها ضد الغزو الروسي.
صورة من: Vadim Ghirda/AP/picture alliance
مدافعات عن حقوق الإنسان
كانت تاتيانا، التي تنتمي إلى أقلية الروما الغجربة، تجهز لعرسها وتستعد لتسلم وظيفة جديدة عندما بدأت الحرب. لكنها قررت البقاء في مدينتها الواقعة بين العاصمة كييف ومدينة خاركيف، وذلك لنقل الصورة الصحيحة وتسجيل انتهاكات حقوق الإنسان. تقول تاتيانا التي تعمل مدافعة عن حقوق الأقليات: "ما تقوم به روسيا جريمة حرب".
صورة من: Privat
زواج رغم الحرب!
ظروف الحرب لم تمنع أوكرانيات من التطلع إلى المستقبل، مثل ليزا الجندية في الجيش الأوكراني، والتي لم تمنعها ظروف الحرب ومعاناتها عن الاحتفال بزواجها من حبيبها فاليري، الجندي الأوكراني. احتفل الزوجان بزواجهما في السادس من آذار/مارس 2022 وهما في جبهة الدفاع عن العاصمة كييف. في الصورة يقدم فاليري باقة ورد لزوجته.
صورة من: Genya Savilov/AFP/Getty Images
صحفيات يغطين الحرب!
تفرض الحرب تحديات كبيرة على الصحفيات أيضاً. مراسلة DW فاني فاكسار تغطي الأحداث في أوكرانيا. وفي الصورة تتحدث عن الأوضاع في مدينة تشيرنيفتسي الأوكرانية بالقرب من الحدود مع رومانيا. تقول فاني: "يسأل الناس في تشيرنيفتسي: متى ستعود حياتهم إلى ما كانت عليه قبل 24 شباط/ فبراير؟".
صورة من: DW
متى تنتهي الحرب؟
حتى الآن لا يعرف أحدٌ متى ستنتهي الحرب في أوكرانيا، لكن تبقى الآمال بأن تنتهي قريباً ليلتئم شمل العائلات الأوكرانية من جديد، كما تأمل هذه الفتاة الأوكرانية التي لجأت إلى الحدود البولندية.
إعداد: محيي الدين حسين/عباس الخشالي