الدستورية الألمانية تقضي بقطع التمويل الحكومي عن حزب متطرف
٢٣ يناير ٢٠٢٤
قضت المحكمة الدستورية العليا في ألمانيا بقطع التمويل الحكومي عن "الحزب القومي الديمقراطي" اليميني المتطرف، بناء على طلب من السلطات. ورحب المستشار شولتس بالحكم وقال إنه يؤكد "أنه لا يمكن إعطاء مساحة كبيرة لأعداء الحرية".
إعلان
وافقت المحكمة الدستورية العليا في ألمانيا اليوم الثلاثاء (23 كانون الثاني/يناير 2024) على طلب من السلطتين التنفيذية والتشريعية بقطع التمويل عن "الحزب القومي الديمقراطي" (NPD) اليميني المتطرف لمدة ست سنوات، في حكم هو الأول من نوعه.
وقررت المحكمة عدم السماح للحزب اليميني المتطرف، الذي أعاد تسمية نفسه إلى "هايمات" (وطن) في حزيران/يونيو 2023، في تلقي أموال دافعي الضرائب. وبررت المحكمة، ومقرها في مدينة كارلسروه، حكمها بالقول إن الحزب تجاوز العتبة من رفض النظام الأساسي الديمقراطي الحر إلى محاربته. ويتبع الحزب النهج اليميني المتطرف، ويشتبه في صلاته بالنازيين الجدد. وكانت هناك عدة محاولات لحظره. وحقق الحزب في الماضي تمثيلًا في مجالس تشريعية للولايات.
وكانت الحكومة الألمانية والبرلمان الألماني (بوندستاغ) ومجلس الولايات (بوندسرات) قد قدموا معًا طلبًا بهذا الخصوص إلى أعلى محكمة في البلاد. وجاء في الطلب أن الهدف هو منع "حزب يتجاهل النظام الأساسي الديمقراطي الحر من الحصول على دعم من أموال دافعي الضرائب- بغض النظر عن المبلغ- عبر الدولة والذي يرفض قيمها الدستورية الأساسية".
لكن طلبات حظر الحزب كانت قد فشلت في المحكمة نفسها في عامي 2003 و2017. ففي عام 2017 رفضت المحكمة الدستورية العليا حظر الحزب، ووجدت أنه لا يوجد دليل على قدرته على تنفيذ أهدافه المناهضة للدستور بنجاح، لكن المحكمة أشارت إلى أن الحزب يمثل "مفهومًا سياسيًا يهدف إلى القضاء على النظام الأساسي الديمقراطي الحر القائم." وبعد الحكم تم تمرير تعديل على الدستور الألماني لاستبعاد الأحزاب المناهضة للدستور من تمويل دافعي الضرائب.
شولتس يشيد بالحكم
وفي أول ردة فعل له على الحكم، قال المستشار الألماني أولاف شولتس إن قرار المحكمة يؤكد أنه "لا يمكن إعطاء مساحة كبيرة لأعداء الحرية"، مضيفًا أنهم (في الحكومة) سينظرون الآن عن كثب إلى "ما يخبرنا به هذا في سياقات أخرى قد تهمنا".
وتجري حاليًا نقاشات في ألمانيا حول حظر محتمل لحزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي. لكن لا يمكن طلب ذلك إلا من قبل الحكومة الاتحادية والبرلمان ومجلس الولايات.
وكانت ألمانيا شهدت موجة من المظاهرات لأكثر من أسبوع بعد نشر تقرير استقصائي كشف أن أعضاء من حزب البديل اليميني الشعبوي عقدوا اجتماعًا مع يمينيين متطرفين في مدينة بوتسدام
في تشرين الثاني/ نوفمبر، ناقشوا خلاله "خطة سرية" لإعادة المهاجرين وذوي الأصول المهاجرة الذين يعتبرون أنهم لم يتم دمجهم بما يكفي، حتى أولئك الذين يحملون جوازات ألمانية.
م.ع.ح/ع.ش (د ب أ، أ ف ب)
"مواطنو الرايخ".. متطرفون ألمان يخططون لإسقاط الدولة
يُعرف عن أعضاء حركة "مواطني الرايخ" التطرف اليميني والعنف وعدم الاعتراف بجمهورية ألمانيا الاتحادية التي تأسست بعد انهيار النازية. فما هي هذه الحركة؟ وما الخطر الذي تشكله؟ وكيف تتعامل معهم ألمانيا؟
صورة من: picture-alliance/chromorange/C. Ohde
ماذا يعتقد أعضاء الحركة؟
ترفض حركة "مواطني الرايخ" وجود شيء اسمه الدولة الألمانية الحديثة، ويصرّ أعضاء الحركة على أن الامبراطورية الألمانية لا تزال قائمة بحدود 1937 أو حتى بحدود 1871. تقول الحركة إن ألمانيا حاليا لا تزال محتلة من لدن القوى الأجنبية، وأن البرلمان والحكومة وكذلك السلطات الأمنية، ليست سوى دمى متحكم فيها من تلك القوى.
صورة من: picture-alliance/SULUPRESS/MV
فولفغانغ إبل.. أول "مواطني الرايخ"
فولفغانغ إبل من برلين الغربية هو أول من قال باستمرار وجود "دولة الرايخ". عمل إبل في خدمة القطارات المحلية ببرلين التي أدارتها آنذاك حكومة ألمانيا الشرقية تحت اسم "دويتشه رايشسبان". وعند تسريحه من وظيفته عام 1980، زعم بأنه كان موظفا حكوميا بالفعل في "دولة الرايخ" ولا يمكن إقالته من قبل مؤسسة قامت بعد الحرب. لكنه خسر كل الدعاوى القضائية التي رفعها ليتبنى بعد ذلك نظريات متطرفة وعنصرية.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Ebener
ماذا يفعل أعضاؤها؟
يرفض المنتسبون للحركة أداء الضرائب أو الغرامات. يعتبرون أن كل ما يجنونه مالهم الخاص وأن ممتلكاتهم كالمنازل هي أمور بعيدة تماما عن أيّ تنظيم أو إشراف من سلطات الدولة. يرفض أعضاؤها كذلك الإقرار بالدستور الألماني وبقية القوانين الموجودة في البلد، لكنهم في الآن ذاته يرفعون عدة دعاوى قضائية! يقومون بإعداد أوراقهم الخاصة غير المعترف بها كجوازات السفر ورخص القيادة.
صورة من: picture-alliance/Bildagentur-online/Ohde
كيف تطوّرت الحركة؟
بدأت الحركة سنوات الثمانينيات، لكن ما بدا أنه مجموعة ضعيفة دون قيادة، تطوّر إلى حركة من حوالي 19 ألف منتسب بحسب ما تؤكده الاستخبارات الألمانية. حوالي 950 من أعضائها تم تصنيفهم متطرفين من أقصى اليمين. على الأقل ألف عضو في الحركة يملكون رخص حيازة السلاح، وعدد كبير منهم يتبنون إيديولوجيات معادية للسامية وللأجانب.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Weihrauch
ما هي سمات أعضائها؟
يبلغ معدل أعمار أعضاء المجموعة 50 عاما. الرجال هم الجنس الأكثر حضورا داخلها. كما تجذب أشخاصًا يعانون من مشاكل مالية واجتماعية. يترّكز أعضاؤها بشكل أكبر في جنوبي وكذلك شرقي البلاد. من أشهر أسمائها، أدريان أرساخي، متوج سابق بلقب أكثر رجال ألمانيا وسامة. يقضي حاليا عقوبة بسبع سنوات، منذ الحكم عليه عام 2019 بعد إطلاقه النار وتسبّبه بجروح لرجل شرطة.
صورة من: picture-alliance/dpa/H. Schmidt
المنعطف الخطير
تُعتبر قضية فولفغانغ ب. ، الذي حُكم عليه بالسجن مدى الحياة عام 2017 بعد إدانته بقتل ضابط شرطة، هي المنعطف الذي دفع السلطات الألمانية إلى التعامل بشكل أكثر جدية مع متطرّفي هذه المجموعة. قام هذا المُدان بإطلاق النار على ضباط كانوا يفتشّون منزله بحثًا عن إمكانية حيازته أسلحة نارية. أحدثت الجريمة ضجة كبيرة وجذبت أنظار العالم كما طرقت ناقوس الخطر حول العنف اليميني المتطرف في ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
جهود متأخرة
يتهم متتبعون ألمانيا بأنها لم تأخذ لمدة طويلة التهديد الذي تمثله هذه المنظمة على محمل الجد، ففي 2017 فقط بدأت الأجهزة الأمنية الألمانية لأول مرة بتوثيق الجرائم ذات الخلفية المتطرفة بين المجموعة. منذ ذلك الحين، تكرّرت المداهمات الأمنية لأهداف الحركة، كما قامت السلطات بحظر العديد من أنشطتها وفروعها. كذلك حقق جهازا الشرطة والجيش داخلياً لمعرفة إذا ما وُجد أعضاء أو متعاطفون مع الحركة بين صفوفهما.
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Zinken
"إخوة" عبر العالم
رغم إعلان تشبثها بـ"الامبراطورية الألمانية"، إلّا أن عددا من أعضائها ظهروا مع العلم الروسي، ما قوّى اتهامات للحركة بأنها مدعومة من روسيا لأهداف تضرّ بالسلطات الألمانية. هناك تشابه بين "مواطني الرايخ" والحركة الأمريكية "حرية على الأرض" التي يؤمن أعضاؤها أنهم لا يحترمون إلّا القوانين التي تناسبهم بها وبالتالي فهم مستقلون عن الحكومة وقوانينها.
صورة من: DW/D. Vachedin
الأمير هاينريش الثالث عشر.. قائد المؤامرة
تزعم الأمير هاينريش الثالث عشر مجموعة "مواطني الرايخ" المتهمة بتدبير مؤامرة الانقلاب التي كشفت عنها السلطات مؤخرا. كان هاينريش قد خسر كل القضايا التي رفعها لاستعادة ممتلكات تعود لحقبة القيصر. وزعم بعد ذلك أن جمهورية ألمانيا الاتحادية قامت على أسس غير صحيحة، مرددا عبارات معادية للسامية وروج لإحياء الإمبراطورية وزعم أنه جرى تفكيكها ضد رغبة الشعب. إعداد: سامانثا إيرلي، رينا غولدينبرغ (ترجمة إ.ع/ م.ع)