1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"الدور الأوروبي بات أكثر إلحاحا في الأزمة السورية"

منصف السليمي٤ مايو ٢٠١٦

المساعي الديبلوماسية التي تشهدها برلين وعواصم أوروبية أخرى، تؤشر إلى تحرك أوروبي في الأزمة السورية، في وقت يبدو فيه الموقف الأميركي "ضبابيا" بينما يهمين الطرف الروسي على جوانب استراتيجية في الأزمة، أقلها وقف إطلاق النار.

Deutschland Steinmeier und Ayrault bei Syrien-Gespräch in Berlin
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Carstensen

الإجتماع الذي احتضنته برلين اليوم الإربعاء(04 مايو أيار 2016) حول الأزمة السورية بحضور وزيري خارجية ألمانيا وفرنسا والمبعوث الدولي ستيفان دي مستورا والمنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة السورية رياض حجاب، يعقبه إجتماع ثان في باريس الإثنين يخصص أيضا لبحث فرص إستئناف محاثات السلام السورية.

الديبلوماسية الأوروبية عبر قطبيها الألماني والفرنسي يبدو أنها تسابق الزمن من أجل دفع أطراف النزاع في سوريا للعودة إلى طاولة المحادثات، بيد أن محادثات الإجتماعين البرليني والباريسي تركز على الجبهة المعارضة لنظام الرئيس الأسد، ففي برلين تجري المشاورات مع المعارضة السورية، فيما يركز اجتماع باريس، حسب وزير الخارجية جان مارك آيرولت على المشاورات مع نظرائه السعودي والقطري والإماراتي والتركي، أي الأطراف الإقليمية الداعمة للمعارضة السورية.

فما هي دوافع التحرك الديبلوماسي الأوروبي في هذه المرحلة بالذات، وماذا بإمكان العواصم الأوروبية القيام به في ظل استئثار اللاعبين الأميركي والروسي بالأدوار الأولى عسكريا وديبلوماسيا في الأزمة السورية؟

دور أوروبي يوازي دور الأميركيين والروس

هيمنة الدور الروسي والأميركي على الصعيدين العسكري والديبلوماسي في الأزمة السورية، حقيقة يرصدها الخبراء، بيد أن الجانب الأوروبي لا يرغب فيما يبدو أن يكون سلبيا إزاءها، ولذلك فان الديبلوماسية الألمانية والفرنسية على الأقل تتحركان من أجل تنشيط الدور الأوروبي.

الدكتور بسام عبد الله سفير الإئتلاف السوري المعارض في برلينصورة من: DW/Khaled Ali Salameh

مدير الأبحاث في مجموعة العمل للقيادة الأوروبية (هيئة غير حكومية متخصصة في الأبحاث الأمنية والاستراتيجية)، لوكاس كوليسا، يقر بأن الأوروبيين ليس لديهم اليد الطولى في التأثير على مجريات الأزمة السورية، ويقول "الأوروبيون لا يستطيعون بمفردهم حل الأزمة السورية، ولكن بإمكانهم أن يلقوا بثقلهم بشكل أكبر وراء خطة الإنتقال السياسي في سوريا". في حوار مع DWعربية يعتقد الخبير الأوروبي أن إجتماع برلين يهدف بالأساس إلى المساهمة في وقف تصاعد القتال في حلب ومحيطها، موضحا انه "بدون إحراز تقدم حاسم على الجبهة الديبلوماسية فيما يطلق عليه بـ"وقف الأعمال العدائية"، فان الانهيار سيكون عاجلا أم آجلا في حلب أو مناطق أخرى من البلاد".

وشبه كوليسا المحادثات التي يجريها الأوروبيون في برلين مع المعارضة السورية بالمحادثات التي يجريها الروس مع النظام السوري، وهي تحمل رسالة مشتركة مفادها "أنهم سيضيعون فرصة كبيرة لإنهاء النزاع اذا لم يتوخوا المرونة في المفاوضات".

من جهته يعتقد الدكتور بسام عبد الله سفير الإئتلاف السوري المعارض في برلين، أنه بسبب واقع هيمنة الدورين الروسي والأميركي، يتعين "تفعيل الدور الأوروبي، الذي لا يمكن تصور حل للأزمة السورية بدون دور فاعل للأوروبيين" موضحا أن أوروبا هي الأكثر تأثرا وبشكل مباشر بما يحدث في سوريا، كما أن أوروبا لديها "تأثير مباشر في مجالات الحياة المدنية والبنيات التحتية في المناطق المحررة".

ويشير الديبلوماسي السوري المعارض، في حوار مع DW، إلى السياق الذي يجري فيه تفعيل الدور الأوروبي موضحا بأنه "في ظل الضبابية التي باتت تظهر في الموقف الأميركي، وفي المحادثات شبه المغلقة التي أجروها مع الطرف الروسي، فان الدور الأوروبي بات أكثر إلحاحا"، وأضاف بأن "ما تشهده برلين من تحركات ديبلوماسية مكثفة مؤشر على بداية تفعيل الدور الأوروبي إلى جانب الأدوار الأميركية والروسية".

ومن جهته يلاحظ كوليسا أن الأدوار القيادية المهيمنة للأميركيين والروس في سوريا، توازيها أدوار ومصالح قوى إقليمية مؤثرة في أطراف النزاع، ولذلك فان الأوروبيين، سيحتاجون دائما إلى العمل مع الأطراف الأخرى لتكون فعالة. ويوضح الخبير الأوروبي بأن الأوروبيين يمكنهم مثلا"دعم حلول وسط بشأن مستقبل الحل السياسي لسوريا وترتيبات تقاسم السلطة بين النظام والمعارضة، بين المركز ومختلف المناطق أو الجماعات في البلاد بما فيها القوات الكردية"، وأضاف بأن أوروبا يمكنها أيضا "تقديم دعمها لانعاش وإعادة بناء سوريا بعد انتهاء الحرب، وهي عملية ستتطلب وقتا وموارد ضخمة".

بيد أن قيام الأوروبيين بدور فعال ومؤثر في سوريا يحتاج إلى "وحدة موقف وإرادة قوية من الأوروبيين بهذا الصدد وبأن يضعوا أصدقاءهم وحلفاءهم الأميركيين والروس أمام مسؤولياتهم الأساسية" يقول الديبلوماسي السوري المعارض بسام عبد الله، الذي يقر بأن الدور الأوروبي يظل تأثيره أقل من الأميركي والروسي.

محادثات برلين بحضور وزيري خارجية ألمانيا وفرنسا والمبعوث الدولي دي مستورا والمنسق العام للهيئة العليا للمعارضة السورية رياض حجابصورة من: picture-alliance/dpa/J. Carstensen

هل تأخر الأوروبيون؟

واذا كان الخبراء والديبلوماسيون الأوروبيون يتحدثون أيضا عن ضرورة تفعيل الجهود الديبلوماسية الأوروبية في الأزمة السورية، فان توقيت هذه الجهود قد يكون متأخرا، كما يقول بعض المحللين. لكن مدير الأبحاث في مجموعة العمل للقيادة الأوروبية، يشدد على أهمية هذا الدور ويرى بأن هنالك"علاقة واضحة بين أمن واستقرار الشرق الأوسط والوضع في أوروبا" موضحا أن هذا الأمر يتجلى بشكل واضح في تداعيات أزمة اللاجئين على أوروبا. وهو توصل إليه خبراء وصناع قرار سابقين، أوروبيون وروس وأتراك، بمجموعة العمل للقادة الأوروبيين(يوجد مقرها في لندن) في دراسة حديثة نشرت توصياتها، "حيث يبدون اتفاقهم على أنه لا يمكنهم التظاهر بأن تطورات الأزمة السورية لا تشكل مصدر قلق لنا جميعا، أو أنه لا يمكن القيام بشيء حيالها، كما أنه يتعين على جميع الدول الأوروبية تكثيف تعاونها إزاء هذه الأزمة لأن في ذلك تكمن مصالحهم".

وبحسب أحدث تقرير للجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة بشأن سوريا فإن الصراع تطور إلى "حرب بالوكالة متعددة الأطراف تدار من الخارج عبر شبكة معقدة من التحالفات". وهي قراءة استند إليها خبراء مجموعة العمل للقيادة الأوروبية للاستنتاج في الدراسة المذكورة بأنه "في الأشهر الأخيرة تفاقم خطر تحول هذه الحرب(السورية) بالوكالة إلى صراع بين الدول." في إشارة بالخصوص إلى تفاعلات إسقاط مقاتلات تركية لطائرة سوخوي الروسية على الحدود التركية السورية. وحذرت الدراسة"في نهاية المطاف ثمة خطر من وقوع حادث... حادث عسكري أو عمل غير مسموح به قد يشعل صراعا لاسيما في غياب قنوات اتصال فعالة."

"حلب تمثل بالنسبة لسوريا ما مثلته ساراييفو للبوسنة"

ويشكل الخلاف حول وقف إطلاق النار وخصوصا في حلب محور خلافات كبيرة في خضم المحادثات المكثفة حول الأزمة السورية، فقد عصفت عمليات خرق الهدنة في حلب إلى إنهيار المحادثات في جينيف، وقد ذهب السفير الفرنسي لدى الامم المتحدة فرنسوا دولاتر إلى تشبيه حلب بساراييفو قائلا"حلب تمثل بالنسبة لسوريا ما مثلته ساراييفو للبوسنة". ومن جهته قال مصدر دبلوماسي أوروبي في برلين معلقا عن المساعي الديبلوماسية الجارية في برلين وفي عواصم أخرى"المشكلة أنه ليس لدى الجميع المفهوم ذاته لوقف اطلاق النار. النظام والروس يعتبرون انه ما أن يكون هناك أثر لجبهة النصرة، ولو كان لا يتخطى 2 بالمائة، ان كل ما تبقى جبهة النصرة ايضا. نحن لا نرى الأمور على هذا النحو اطلاقا".

وحول الدور الذي يمكن أن يلعبه الأوروبيون في مسألة وقف إطلاق النار التي تبدو مفاتيحها بيد الروس والأميركيين، يقول الدكتور بسام عبد الله بأن الأوروبيين مطالبون بتوضيح مواقفهم من قضايا الإنتقال السياسي في سوريا، إضافة إلى وضع الحقائق أمام الجانبين الأميركي والروسي، وخصوصا "حقيقة أن خرق وقف إطلاق النار المتواصل منذ إعلان الهدنة يأتي بالأساس من جانب النظام الذي يتمتع بحماية جوية من القوات الروسية"، مشيرا إلى استهداف المدنيين والبنى التحتية في حلب، كما "يستهدف بشكل مباشر العملية السياسية في جنيف". لكن تقارير كانت قد أشارت أيضا إلى خرق لوقف إطلاق النار من قبل بعض جماعات المعارضة في حلب ومناطق أخرى من البلاد.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW