وسط تصاعد التوترات الأمنية عالمياً، عاد النقاش حول التجنيد الإجباري ليطل من جديد في ألمانيا، بعدما أبدى الرئيس فرانك فالتر شتاينماير دعمه الصريح للفكرة. فهل بات تطبيقه من جديد وشيكاً؟
أكد شتاينماير أنه في حال لم يعد عدد المتطوعين كافيا لسد الاحتياجات، فلن يبقى أمام ألمانيا خيار آخر سوى العودة إلى خدمة التجنيد الإجباريصورة من: Mindaugas Kulbis/AP/dpa/picture alliance
إعلان
رحب الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير بالنقاش الدائر حول العودة إلى تطبيق خدمة التجنيد الإجباري في ألمانيا.
وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الليتواني جيتاناس ناوسيدا، قال شتاينماير في العاصمة الليتوانية فيلنيوس اليوم الأحد (السادس من يوليو/ تموز 2025) إنه "من غير الممكن تنفيذ مثل هذه الخطوة بين عشية وضحاها، لكن يجب علينا أن نواصل هذا النقاش".
"الوضع الأمني قد يستدعي ذلك"
وأكد شتاينماير أن النقاش مهم وصائب، موضحا: "لأنه في حال لم يعد عدد المتطوعين كافيا لسد الاحتياجات، فلن يبقى أمامنا خيار آخر سوى العودة إلى خدمة التجنيد الإجباري، وذلك بالنظر إلى تغير الوضع الأمني في أوروبا"، وشدد على ضرورة التحضير لهذا الأمر، مضيفا أن " هذا الأمر يحتاج إلى فترة إعداد طويلة".
ودأب شتاينماير على الدفاع عن تطبيق نموذج يتعلق بأداء خدمة اجتماعية إلزامية، وهو مقترح يقضي بأن يلزم جميع الشباب في ألمانيا بأداء خدمة لمدة تتراوح بين ستة أشهر وسنة، ويمكن أن تكون هذه الخدمة في المجال المدني أيضا، وليس فقط العسكري.
رهان على التطوع قبل اللجوء للإجبار
خلال الشهر الماضي، وبالضبط قبيل المؤتمر العام للحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني، يوم 27 يونيو/حزيران 2025، أكد وزير الدفاع بوريس بيستوريوس على تمسكه بمشروع قانون جديد بشأن الخدمة العسكرية.
وفي تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ)، كان السياسي البارز في الحزب قد أكد أنه يراهن على التطوع وتوفير خدمة عسكرية جاذبة للشباب المتحمس والموهوب، وقال: "لذلك، لا أتفق صراحة مع مطالب التحالف المسيحي، الذي يريد التحول إلىالتجنيد الإجباري في أسرع وقت ممكن".
وأشار بيستوريوس إلى أن هناك حاليا نقصا في الثكنات وأماكن التدريب اللازمة، وذلك على الرغم من بناء المزيد من البنية التحتية مقارنة بالسنوات السابقة، موضحا أن عدد المتطوعين سيكون كافيا في هذه المرحلة.
وأضاف بيستوريوس: "لكنني أعارض أيضا من يعتقدون أنه يجب استبعاد أي تطبيق إلزامي"، موضحا أنه من الصعب حاليا تحديد موعد دقيق لفرض التجنيد الإلزامي.
إعلان
عمل عسكري على الجبهة الشرقية
وقال الوزير: "المهم أن تكون هذه الآلية مرسخة في القانون، كان من المهم لي منذ البداية ألا نطبق هذا الإلزام برعونة، وبالتأكيد ليس بقرار منفرد. لذلك، يتطلب مشروع القانون موافقة مجلس الوزراء والبرلمان الاتحادي الألماني (البوندستاغ) على مثل هذه الخطوة".
دأب شتاينماير على الدفاع عن تطبيق نموذج يتعلق بأداء خدمة اجتماعية إلزاميةصورة من: Bernd von Jutrczenka/dpa/picture alliance
تجدر الإشارة، إلى أن الرئيس الألماني شتاينماير، يقوم حاليا بزيارة إلى ليتوانيا بناء على دعوة من نظيره الليتواني حيث شارك في احتفالات العيد الوطني في الجمهورية السوفيتية السابقة، كما التقى أيضا قيادة لواء الدبابات 45 "ليتوانيا" التي تقوم بالتحضير لتمركز الوحدة القتالية الألمانية هناك.
وبحلول نهاية عام 2027، يتوقع أن يتمركز نحو 5000 جندي ألماني بشكل دائم في الدولة الواقعة على بحر البلطيق، ليكونوا على استعداد كامل لحمايتها من التهديدات القادمة من روسيا، وتعزيز الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي "ناتو".
تحرير: عادل الشروعات
ميخائيل غورباتشوف .. زعيم لن ينسى الألمان دوره في إعادة توحيد بلدهم
"غوربي"، هذا الاسم المختصر يطلقه الألمان على ميخائيل غورباتشوف. في هذه الجولة المصورة نلقي نظرة عامة على العلاقة الخاصة جدا ألمانيا وآخر رئيس للاتحاد السوفيتي.
صورة من: picture-alliance/dpa
نصب تذكاري لـ "آباء الوحدة" الألمانية
عن 91 عاما، توفي آخر رئيس لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية. ومنذ إعادة توحيد بلدهم، يطلق الألمان على ميخائيل غورباتشوف ببساطة لقب "غوربي". وتم الكشف عن النصب التذكاري لـ "آباء الوحدة" أمام دار النشر الشهيرة "شبرنغر فرلاغ" في برلين بمناسبة الذكرى العشرين لإعادة توحيد ألمانيا. من اليمين لليسار: المستشار الألماني هيلموت كول، الرئيس السوفيتي غورباتشوف والرئيس الأمريكي جورج بوش الأب.
صورة من: picture alliance / Paul Zinken/dpa
بداية صداقة تاريخية
هذه هي إحدى الصور الأولى لميخائيل غورباتشوف وهيلموت كول. في مارس/ آذار 1985، جاء المستشار الألماني إلى موسكو لحضور جنازة الأمين العام للحزب الشيوعي للاتحاد السوفيتي كونستانتين تشيرنينكو. وسرعان ما تولى غورباتشوف المنصب. هنا بدأت الصداقة التاريخية بين السياسيين، التي من شأنها أن تحدد مصير أوروبا برمتها.
صورة من: Tass/dpa/picture-alliance
برانت، مهندس سياسة الشرق يزور موسكو
بعد انتخاب غورباتشوف أمينًا عامًا، قام المستشار الأسبق فيلي برانت بزيارة موسكو. خلال فترة توليه منصب المستشارية من عام 1969 إلى عام 1974، وأصبح برانت مهندس السياسة الجديدة تجاه الشرق. كان الهدف منه تطبيع العلاقات مع الاتحاد السوفيتي وألمانيا الشرقية وجيران أوروبا الشرقية الآخرين. لهذا حصل على جائزة نوبل للسلام عام 1971. وحصل غورباتشوف على نفس الجائزة عام 1990.
صورة من: V. Musaelyan/AFP/Getty Images
استقبال حافل لغوربي وزوجته في سوق بون
في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1989 سقط جدار برلين. وفي يونيو/ حزيران، قبل بضعة أشهر من ذلك الحدث الفاصل، قام الزعيم السوفيتي بزيارة رسمية إلى ألمانيا. واستقبل الناس غورباتشوف وزوجته رايسا بحماس خلال تلك الزيارة، كما هو الحال هنا في ساحة السوق أمام مبنى البلدية القديم في بون، التي كانت آنذاك عاصمة لجمهورية ألمانيا الاتحادية (الغربية).
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Kleefeldt
"من يأتِي متأخرا تعاقبه الحياة"
في خريف العام ذاته زار غورباتشوف برلين الشرقية، حيث تم الاحتفال بالذكرى الأربعين لتأسيس جمهورية ألمانيا الديمقراطية (ألمانيا الشرقية). استقبل إريش هونيكر الضيف بقبلة "شيوعية" أخوية. ولاحقا، شرح غورباتشوف سياسته في البيريسترويكا (إعادة الهيكلة) للرفاق في الحزب الشيوعي لألمانيا الشرقية ودعا إلى إجراء إصلاحات. وقد قال جملته التي اشتهرت بعد ذلك: "من يأتي متأخراً تعاقبه الحياة".
صورة من: picture-alliance/dpa
مفاوضات في القوقاز
جرت مفاوضات أخرى حول إعادة توحيد ألمانيا في يوليو/ تموز 1990 في جو مريح بمقر الحكومة السوفيتية في شمال القوقاز. بعد ذلك، تم في موسكو في 12 سبتمبر/ أيلول التوقيع على معاهدة اثنين زائد أربعة بشأن الوحدة الألمانية من قبل جمهورية ألمانيا الاتحادية وجمهورية ألمانيا الديمقراطية والقوى الأربع المنتصرة في الحرب العالمية الثانية (الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي وبريطانيا العظمى وفرنسا).
صورة من: picture-alliance/dpa
معاهدة "حسن الجوار"
كان غورباتشوف أول رئيس دولة أجنبي يزور ألمانيا بعد إعادة التوحيد. ففي نوفمبر/ تشرين الثاني 1990، تم التوقيع على معاهدة "حسن الجوار والشراكة والتعاون" في بون، وهي أول معاهدة دولية لألمانيا الموحدة. ومن بين أمور أخرى في تلك المعاهدة، وافق الألمان على رعاية الآثار السوفيتية ومقابر الجنود على أراضيهم.
صورة من: picture-alliance/dpa
غوربي وزوجته في برنامج ترفيهي بالتلفزيون الألماني
في نهاية 1991 تفكك الاتحاد السوفياتي ولم يعد ميخائيل غورباتشوف رئيسا. وفي وقت مبكر من عام 1992، بدأت مؤسسة غورباتشوف دراسة تاريخ البيريسترويكا. وخلال هذه المرحلة الجديدة من حياته، سافر غورباتشوف بانتظام إلى ألمانيا. في عام 1996، حلّ غورباتشوف وزوجته ضيفين على المذيع الشهير توماس غوتشالك في البرنامج الترفيهي الأسطوري "هل تراهنني؟" (بالألمانية: ?Wetten das)، بالقناة الألمانية الثانية.
صورة من: Holger Hollemann/dpa/picture-alliance
وفاة رايسا زوجة غورباتشوف في عيادة بألمانيا
نقل غورباتشوف مركز حياته إلى ألمانيا لفترة من الوقت: حتى عام 2017، كانت العائلة تمتلك فيلا على بحيرة "تيغرنزيه" بالقرب من ميونيخ. وتم تصوير غورباتشوف هنا في عام 1999، في سيارة تابعة للسفارة الروسية. لقد كانت لحظة مأساوية في حياته. في 20 سبتمبر/ أيلول 1999، توفيت زوجته رايسا بسبب سرطان الدم في إحدى مستشفيات مدينة مونستر الألمانية.
صورة من: Franz Peter Tschauner/dpa/picture-alliance
المجلس الاستشاري لحكومتي ألمانيا وروسيا
كان ميخائيل غورباتشوف ضيفًا مرحبًا به في فعاليات الذكرى السنوية المتعلقة بسقوط جدار برلين وإعادة توحيد ألمانيا. على سبيل المثال، شارك في المشاورات الحكومية بين ألمانيا وروسيا في مدينة "فيسبادن" في أكتوبر/ تشرين الأول 2007، عندما عقدت المستشارة أنغيلا ميركل اجتماعات مع الرئيس فلاديمير بوتين.
صورة من: Frank May/dpa/picture-alliance
نصب تذكارية وهو على قيد الحياة
في روسيا، لا يزال يُنظر إلى غورباتشوف بانتقاد بسبب دوره في إعادة توحيد شرطي ألمانيا. وعلى العكس منه في ألمانيا، يلقى الرجل توقيرا واحتراما كبيرين. وأقيم نصب غورباتشوف التذكاري هذا في مدينة ديساو في ولاية ساكسونيا أنهالت بشرق ألمانيا في عام 2020، وتم رفع الستار عنه في احتفالية في 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، في الذكرى الثلاثين لإعادة توحيد ألمانيا. إعداد: ماكسيم نيليوبين/ ص.ش