الرئيس العراقي الجديد يكلف عادل عبد المهدي بتشكيل الحكومة
٢ أكتوبر ٢٠١٨
بعد انتخب البرلمان العراقي السياسي الكردي المخضرم برهم صالح رئيساً للبلاد، قام الأخير وعلى الفور بتكليف عادل عبد المهدي بتشكيل حكومة جديدة منهياً بذلك مأزقاً استمر شهوراً بعد انتخابات عامة غير حاسمة في مايو/ أيار الماضي.
إعلان
كلّف الرئيس العراقي برهم صالح، بعد أقلّ من ساعتين من انتخابه مساء الثلاثاء (الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر 2018)، النائب السابق لرئيس الجمهورية عادل عبد المهدي بتشكيل الحكومة العراقية المقبلة، بحسب ما أعلن مصدر رسمي.
ويُعدّ عبد المهدي، الذي كان في السابق مسؤولاً في أحد الأحزاب المقرّبة من إيران، مقبولاً لدى الولايات المتحدة، مما يجعله قادراً على الإمساك بالعصا من المنتصف في بلد يجد نفسه في خضمّ التوتر الراهن بين واشنطن وطهران.
وكان الرئيس العراقي المنتخب برهم صالح قد أدى مساء اليوم الثلاثاء أمام البرلمان العراقي اليمين الدستورية ليتسلم مهامه رئيساً للعراق للسنوات الأربع المقبلة. ووقف الرئيس العراقي بجانب القاضي مدحت المحمود رئيس مجلس القضاء الأعلى لأداء اليمين داخل القاعة الكبرى للبرلمان العراقي بعد انتهاء الجولة الثانية من التصويت السري التي حسمت فوزه بأغلبية ساحقة.
وأكد الرئيس العراقي في كلمة أمام نواب البرلمان العراقي "الحرص على الالتزام باليمين الدستوري الذي أقسم عليه والحفاظ على وحدة العراق ... سأكون رئيساً للعراق وليس لمكون معين".
وبعد انتهاء جلسة البرلمان تم رفع الجلسة إلى يوم الثلاثاء المقبل. وأعلن صالح بعد عقده اجتماعاً مغلقاً مع رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، تكليف عادل عبد المهدي، الذي تم ترشيحه للمنصب بالتوافق بين جميع الكتل السياسية الشيعية، بتشكيل الحكومة الجديدة للسنوات الأربع المقبلة. وبموجب الدستور العراقي فإن أمام عادل عبد المهدي 30 يوماً لتشكيل حكومة وتقديمها للبرلمان للموافقة عليها.
وخلال مؤتمر صحافي بعيد الجلسة البرلمانية، قال المتحدث باسم ائتلاف الفتح الذي يتزعمه هادي العامري، النائب أحمد الأسدي إن "الكتلة الأكبر حسمت الأمر بتسمية رئيس الوزراء". لكن هناك تنافس بين معسكرين. فبعدما أعلن رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي أنّ لا نية له بالترشح لولاية ثانية بعدما تخلّى عنه عدد من الحلفاء، بقيت اللعبة بين الزعيم الشيعي البارز مقتدى الصدر، وقدامى القياديين في الحشد الشعبي الذي كان له دور حاسم في دحر تنظيم "داعش" من البلاد.
ولطالما اعتُبر عبد المهدي (66 عاماً) الذي كان يشغل منصب نائب رئيس الجمهورية مرشح تسوية يحظى بقبول جميع الأطراف. وهو أيضاً مقبول في الخارج، لدى الولايات المتحدة كما لدى إيران، مما يجعله قادراً على الإمساك بالعصا من المنتصف في بلد يجد نفسه في خضمّ التوتر الراهن بين واشنطن وطهران.
ي.ب/ ع.غ (ا ف ب، دب أ، رويترز)
العلاقات العراقية الإيرانية.. تاريخ من النفوذ والتوتر
تتجذّر العلاقات بين العراق وإيران منذ سنوات طويلة، وقد غلب عليها التوتر في مراحل عديدة، وسط سعي إيرانيّ دائم لجعل العراق الساحة الرئيسية لنفوذها الإقليميّ. في ألبوم الصور هذا نلقي الضوء على تاريخ العلاقات بين البلدين.
صورة من: leader.ir
أهمية العراق بالنسبة لإيران
ظلت إيران تاريخياً تحاول بسط نفوذها على العراق بسبب أهمية موقعه الاستراتيجي، فهو يشكّل بوّابة إيران الشرقية على العالم العربي ومنه إلى البحر المتوسط مروراً بسوريا ولبنان. وتستغل إيران الروابط التاريخية والمذهبية بين البلدين في سبيل تحقيق ذلك، خاصة بعد تحولها للمذهب الشيعي في عهد الدولة الصفوية.
صورة من: DW-Montage
المذهبية.. "أداة التدخّل الشرعي"
تتخذ إيران من المذهب الشيعي وسيلة لاعتبار تدخّلها في العراق "شرعياً". فبالإضافة إلى الوجود الشيعي الكبير في العراق، يرتبط اسم العراق ارتباطاً وثيقاً بأحداث "التاريخ الشيعي"، حيث توجد فيه مدينتنا النجف وكربلاء، المقدّسة لأتباع المذهب الشيعي، كما أن مراقد ستة من الأئمة الاثني العشر توجد فيه، ولذلك يحج إليه ملايين الناس سنوياً.
صورة من: picture-alliance/dpa
الصراع الصفوي العثماني
يشكل الصراع بين الدولة الصفوية، والتي قلبت بلاد فارس (إيران) إلى المذهب الشيعي، والدولة العثمانية، إحدى المحاولات الواضحة لحكّام بلاد فارس للسيطرة على بلاد الرافدين (العراق). فبعد أن بسط الشاه سليمان الصفوي نفوذه في إيران، سيطر على العراق، إلا أن الدولة العثمانية تمكّنت من إخراجه من يد الحكم الصفوي. واستمر التوتر بين الطرفين للسيطرة على العراق حتى سقوط الصفويين ومجيء الأفشاريين ثم القاجاريين.
صورة من: DW/Helbig
معاهدة أرضروم
بعد انتصار القاجاريين على العثمانيين في معركة أرضروم 1823، وقّع الطرفان معاهدة حملت اسم المعركة، والتي اعترفت الدولة العثمانية بموجبها بحق إيران في مدينة وميناء المحمرة "خرم شهر" وجزيرة عبدان، وكذلك الأراضي التي هي على الضفة الشرقية لشط العرب. إلا أن تلك المعاهدة لم تكن قادرة على حد الخلاف على الحدود بين الطرفين.
صورة من: iichs
الخلاف على الحدود عند شط العرب
ورغم توقيع العراق وإيران معاهدة لرسم الحدود بين الطرفين في عام 1937، تعترف فيه طهران بحق بغداد في مياه شط العرب وتنظيم الملاحة فيه، ما عدا مناطق محددة، إلا أن الشاه الإيراني قام بإلغاء المعاهدة من طرف واحد في عام 1969 مستغلاً ضعف نظام البعث الذي كان قد وصل إلى السلطة قبل عام من ذلك، وقامت إيران بحشد قواتها العسكرية البرية والجوية والبحرية على طول خط الحدود بين العراق.
صورة من: DW-Grafik
الثورة الإيرانية وقدوم صدام.. في نفس العام
وفي عام الثورة الإيرانية 1979، تولّى صدام حسين زمام الأمور في العراق بإزاحة الرئيس أحمد حسن البكر، ليشتد العداء بين الطرفين، واللذين كانا يتبادلان التهم، طهران تتهم بغداد بإعدام الرموز الشيعية المعارضة، ومن أبرزهم محمد باقر الصدر، والعراق يتهم إيران بمحاولة تصدير الثورة الإسلامية إلى الدول المجاورة وخصوصاً تلك التي فيها شيعة. يضاف إلى ذلك الخلاف على الحدود بين البلدين عند شط العرب.
صورة من: AP
الحرب العراقية الإيرانية
شكّلت الحرب العراقية الإيرانية التي نشبت بين 1980 و 1988 أوج التصعيد والتوتر بين البلدين، وخلّفت الحرب مئات آلاف القتلى والمصابين وعشرات آلاف الأسرى.
صورة من: picture-alliance/dpa
انتفاضة عام 1991 في العراق
ورغم انتهاء الحرب بعد أن أعلن المرشد الأعلى الخميني قبول قرار مجلس الأمن الداعي لوقف القتال، إلا أن العلاقات بين البلدين لم تشهد تقارباً واضحاً، بل إنها عادت للتوتر مع اندلاع انتفاضة عام 1991 في العراق، حيث اتّهمت بغداد أن لطهران يد فيها، وهو ما أعاق تطبيع العلاقات بين البلدين.
صورة من: AP
الغزو الأمريكي للعراق – نقطة تحوّل
يشكل الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 نقطة تحوّل جذرية في تاريخ العلاقات العراقية الإيرانية. حيث استأنف البلدان علاقاتهما الدبلوماسية في العام الذي تلا سقوط نظام صدام حسين، كما قام وفد عسكريّ عراقيّ - برئاسة وزير الدفاع آنذاك سعدون الدليمي- بزيارة إلى طهران وقدّم اعتذاراً لإيران عما وصفه بجرائم صدام بحق إيران، ووقّع الطرفان حينها اتفاقاً للتعاون العسكري في مجالات الدفاع ومحاربة الإرهاب.
صورة من: picture alliance/AP Photo
هيمنة إيرانية بعد الانسحاب الأمريكي
واستمرت العلاقات بالتحسن بدءاً من عهد رئيس الوزراء الأسبق إبراهيم الجعفري، وتوثقت العلاقات في عهد المالكي، إلى أن وصلت إلى هيمنة إيرانية على العراق، وخاصة بعد الانسحاب الأمريكي عام 2011، قبل أن يعود جزء من قواتها بطلب من الحكومة العراقية لمحاربة تنظيم الدولة.
صورة من: Lucas Jackson/AFP/Getty Images
في عهد العبادي
رغم استمرار الضغوط الإيرانية، إلا أن رئيس الوزراء حيدر العبادي تمكّن –ولو نسبياً- من إعادة نوع من التوازن إلى علاقات العراق مع كل من أمريكا وطهران، وقد كشف العبادي أن بلاده تسعى أن تنأى بنفسها عن الصراع بين الولايات المتحدة وإيران، لكن التساؤلات ماتزال تطرح نفسها حول إمكانية ذلك بالفعل، وسط التأثير الذي مازال يمارسه الطرفان في كل انتخابات تشهدها البلاد منذ سقوط صدام.
صورة من: Irna
خلاف المرجعيات
وتجدر الإشارة إلى وجود صراع حول مرجعية شيعة العراق بين الحوزتين الشيعيتين (المدرستان الرئيسيتان): حوزة النجف في العراق، وهي المقر التاريخي للحوزة من القرن الخامس، وحوزة قُمْ في إيران، وهي المقر المستحدث في أعقاب الثورة الإيرانية. بالإضافة إلى رفض الشيعة في العراق إلى جانب المرجع الأعلى للشيعة في العالم آية الله علي السيستاني لمبدأ ولاية الفقيه، وهو اساس نظام الحكم في إيران.
الكاتب: محيي الدين حسين