1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الراب في لبنان .. يغني عن المآسي ويحرض على التغيير

٢٣ أكتوبر ٢٠١١

في مجتمع كالمجتمع اللبناني تطغى فيه السياسة على كل جوانب الحياة، يسعى الشباب للتعبير عن آرائهم بطرق غير تقليدية. إحداها هي موسيقى الراب، التي حولتها فرقتان لبنانيتان إلى أداة لانتقاد السياسة وللتعبير عن هموم المواطنين.

يعالج فنانو الراب اللبنانيون مشاكل مجتمعهم في قالب موسيقي جديد وبأسلوب ساخرصورة من: Fareeq Al Atrash

عندما يقرر الشباب انتقاد الواقع بأسلوب ساخر، وعندما يصبحون لسان حال آلام الناس من خلال طرح همومهم ومعاناتهم، فإن سلاحهم في ذلك هو موسيقى الراب. فصرخاتهم الموسيقية المغناة على شكل كلام مقطّع قاس ولاذع لطرح مآسي المجتمع تبقى المتنفس الوحيد لهم. لأغنياتهم قضايا متشعبة تبدأ بالفقر والفساد وغلاء المعيشة، ولا تنتهي بالطائفية وهجرة الشباب اللبناني، وصمت المسؤولين تجاه مشاكلهم، وأزمة النظام السياسي والاقتصادي التي تطال حياتهم اليومية. وهم في مواقفهم المعلنة والمغناة يطمحون إلى التحريض على التغيير التدريجي في نظرة المجتمع وموقفه من طروحاتهم.


راب الأغلبية الصامتة

"أحببت اللغة والشعر منذ طفولتي وكنت من محبي الاستماع إلى الراب الأجنبي". هكذا بدأ مازن السيد تدريجياً بغناء الراب باللكنة العامية اللبنانية "لأنها أقرب إلى الناس". ويضيف مازن "صرت أكتب وأعلق على كل ما يدور حولي"، معتبراً أن فن الراب يفتح أمام الشباب باب ثقافة نقدية لطرح تساؤلاته بصوت عال ومشاركتها مع باقي أطياف المجتمع.

وفي ظل عدم وجود مساحات للتعبير وانعدام الحوار بين أفراد المجتمع، ازداد شغف مازن بالراب، إذ يقول "شعرت أني غريب وأن هناك الكثيرين ممن لديهم الشعور ذاته". فكتب عن الفقر ونبذ الآخر ومعاناة الشباب اللبناني من النظام السياسي في "كذبة كبيرة يعيشها اسمها الدولة" على حد وصفه. إحدى أغنياته حملت عنوان "الأغلبية الصامتة"، التي ينتقد فيها صمت الناس تجاه المجرم الذي يحولها إلى ضحية، فيما تحدث بأغنية أخرى بعنوان "كفاني" عن الوضع المتأزم العالمي والداخلي من وجهة نظر شبابية. ويجد مازن في موسيقى الراب رسالة يأمل "أن تصل إلى أكبر عدد ممكن من الشباب لأنه يتمتع بالقدرة على تغيير الأمور".

تعتبر فرقة "فريق الأطرش" من أشهر فرق الراب اللبنانيةصورة من: Fareeq Al Atrash

وعن حداثة تجربة فن الراب في لبنان، فهي برأيه السبب وراء رفض البعض لهذا الفن لأنه غريب عن المألوف والسائد، فيتعاطى معه على أنه نشاز أو جزء من الموضة العالمية. لكن مازن يرى بالمقابل أن "جمهور هذا النوع من الموسيقى الذي لم يتجاوز بعد فئة الشباب بات يتفاعل مع الراب ولم يعد يعتبر نفسه في خانة المتلقي فقط".

والعلة الأساسية برأيه تكمن في عدم قدرة فن الراب على إحداث التغيير المباشر، بسبب غياب الدعم اللازم لهذه الصناعة الموسيقية، سواء على الصعيد الرسمي أو عبر شركات الانتاج. ويقول في هذا السياق "من البديهي أن الراب هو وسيلة لانتقاد النظام فكيف تدعم الدولة من ينتقدها؟"


"فريق الاطرش"

"فريق الأطرش" هي فرقة راب لبنانية تتكون من خمسة أعضاء أنشئت في العام 2006. ويعود سبب حملها لهذا الاسم الغريب، بحسب إدوارد عباس أحد أعضائها، إلى رغبة الفرقة في إبراز ملل الناس من صخب الحياة وضجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تحيط بهم. ومن وجهة نظر الفريق فإن الراب يعبر عن الحياة بكل أبعادها، لذا تتطرق أغاني الفرقة إلى جميع المواضيع، من سياسة ومجتمع وحب، "لكن من منظور الشباب الخاص بالحياة"، كما يصف ادوارد.

نجاح فن الراب هو في تجربة التفاعل بين الكلمة المعبّرة والإيقاع الموسيقي الحيوي والمتنوّع برأيه، متابعاً أن "مهمتنا أن نجعل أذن الجمهور سعيدة". حتى الآن أنتجت الفرقة ألبومين موسيقيين، أحدهما يباع في الأسواق والآخر متوفر بشكل مجاني على الإنترنت من أجل تشجيع الجمهور على الاستماع أكثر إلى الراب الشبابي. وللفرقة أغنية شهيرة بعنوان "انتخابات" تتكلم عن المرشحين الذين ينسون جمهورهم فور فوزهم بالانتخابات. تغني الفرقة أيضاً باللكنة العامية اللبنانية "لأنها لغتنا التي نرتاح لها، ونلجأ أحياناً إلى التعابير المجازية والأمثال الشعبية والفعل الممتنع من أجل التفاعل مع الناس"، كما يقول ادوارد.

يرى إدوارد عباس أن موسيقى الراب تعبر عن الحياة بكل أبعادها وتتطرق لها من منظور شبابيصورة من: Fareeq Al Atrash

وبالنسبة للفنان اللبناني الشاب، فإن الراب هو عبارة عن خطوات طويلة ذات نتائج مثمرة في النهاية، إذ يرى أن "الانتقاد الساخر للواقع يتراكم تباعاً في نفس الجمهور الشبابي". ويلفت إلى أنه "بتنا نحصل على فرص عمل بين الحين والآخر تساهم في تحسين أدائنا وكسب جمهور أوسع".

صفات دقيقة تعتبر أساسية لإدوارد لنجاح مغني الراب وإمكانية وصوله إلى جمهوره، إذ يجب أن يكون حقيقياً بنقل صورة الواقع ويتمتع بصدق في التعبير إضافة إلى ضرورة تمكنه من اللغة وتمتعه بثقافة موسيقية واسعة. كما يجب أن يكون ملماً بالكتابة، ويتقن الصوت والنبرات الصوتية التي تحكمه. ويقول في هذا الإطار "من يظن أن فن الراب هو عبارة فقط عن ستايل ومظهر فليعتزل ويصبح عارضاً للأزياء".


"كتيبة خمسة"

"نحن لا نختلف عن المناضل الذي يدافع عن شعبه ... لكن سلاحنا هو الفن والموسيقى". هكذا يفسر عمر، الذي يفضل مناداته باسمه الحركي "أسلوب"، السبب وراء اسم الفرقة التي تأثر أعضاءها الخمس بنضال الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. تلاقى أعضاء الفرقة، وهم لاجؤون فلسطينيون، في العام 2000، وقرروا إتقان فن الراب ليكون متنفساً ووسيلة للتعبير عن معاناة اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات.

ويقول عمر "كنا سابقاً رفاق دراسة وعانينا من سوء المدارس التي يتعلم بها الفلسطينيين، إضافة إلى معاناتنا من عدم القدرة على العمل كسائر اللبنانيين. نحن مجتمع داخل مجتمع. فكل لاجئ فلسطيني يعاني من حالة انفصام لأن الروح في فلسطين بينما الجسد هنا". أصدرت الفرقة ألبومها الموسيقي الأول بعنوان "أهلاً فيك بالمخيمات"، ويتحدث عن نظرة اللبناني العنصرية إلى الفلسطيني داخل المخيم وتصويره على أنه إرهابي ومجرم، بينما الحقيقة مغايرة. ويحمل الألبوم الثاني عنوان "الطريق واحد مرسوم"، ويتضمن أغنية باسم "الجمعيات"، التي حققت ضجة كبيرة لأنها كانت أول أغنية تهاجم الجمعيات العاملة في الوسط الفلسطيني وتتهمها بالسرقة.

تعتبر فرقة "كتيبة خمسة" أول فرقة راب في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنانصورة من: Katiba Khamsa

لاقت الفرقة نجاحاً كبيراً في مخيمات اللاجئين، إذ يتابع "أسلوب" "نجد أطفالاً صغاراً في جولاتنا في المخيمات يحفظون أغاني الفرقة". لكن الهدف برأيه يكمن في الوصول إلى الجمهور خارج المخيم "لأن اللاجئين يعانون مثلنا وليس بيدهم حيلة لتغيير الأمور". وكغيرها من فرق الراب، تعتمد "كتيبة خمسة" على الإنترنت والتكنولوجيا لتحقيق شهرة أوسع بعيداً عن التكاليف المادية التقليدية لإنتاج الأغاني، وهرباً من مقص الرقابة.

ولا تسعى الفرقة لامتهان فن الراب، لأنها لا تريد أن يطغى الأسلوب التجاري على أغانيها، فتتخلى عن الكثير من قناعاتها. ويؤكد عمر "أسلوب" أن الفرقة ستبقى على ما هي عليه، "وسنعمل نهاراً وننقل مآسي اللاجئين ليلاً". أما رسالة الفرقة فهي واضحة: "لا نريد البقاء لا في لبنان ولا سوريا ولا الأردن.. هدفنا العودة إلى فلسطين مهما طال الزمن".

دارين العمري – بيروت

مراجعة: ياسر أبو معيلق

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW