الرباط تنفي أي صلة بمغربي موقوف بتهمة التجسس في ألمانيا
١٧ يناير ٢٠٢٥
نفت الرباط أي علاقة تربطها بالشخص الذي أوقفته برلين بشبهة التجسس على نشطاء ما عرف بـ "حراك الريف". وكان التحرك الاحتجاجي اتّخذ مع مرور الوقت منحى اجتماعياً وسياسياً ودعا إلى التنمية ووضع حدّ لـ"تهميش" المنطقة.
إعلان
نفى المغرب الجمعة (17 كانون الثاني/يناير 2025) أن يكون أحد مواطنيه الذي اعتقل الأربعاء بألمانيا بتهمة التجسس، مرتبطاً بأجهزته، واصفاً إياه بأنه "ناشط متطرف" صاحب "موقف كراهية ضد المملكة"، حسبما أفاد مصدر أمني مغربي لوكالة فرانس برس.
وألقي القبض على المشتبه به "يوسف ال ع" الأربعاء في مطار فرانكفورت للاشتباه في قيامه "بالتجسس منذ كانون الثاني/يناير 2022 على نشطاء الحراك"، وهي حركة احتجاجية هزت منطقة الريف بشمال شرق المغرب خلال عامي 2016 و2017، بحسب الشرطة.
وأكد مصدر أمني مغربي لوكالة فرانس برس أن هذا المغربي "ليس له أي صلة بالمخابرات المغربية ولم يجمع أبداً معلومات لها".
وكان يوسف قد تواصل مع مغربي آخر بمسمى "محمد أ" حكمت عليه محكمة في دوسلدورف (غرب) في العام 2023 بالسجن لعام وتسعة أشهر بسبب التجسس نفسه.
وفي مقابل المعلومات التي تم جمعها لصالح المخابرات المغربية، حصل محمد أ. على تذاكر طائرة لرحلاته الخاصة.
وتم القبض على يوسف في 1 كانون الأول/ديسمبر 2024 في إسبانيا بموجب مذكرة اعتقال أوروبية قبل تسليمه لألمانيا. وتم عرضه أمام القاضي الخميس فأمر بتمديد حبسه احتياطياً.
وقال المصدر الأمني إنه صاحب "موقف كراهية ضد المملكة" وهو "أحد أكثر نشطاء حراك الريف الناشطين في أوروبا وجزء مما يسمى الجمهوريين".
وانطلق "الحراك" في المغرب في تشرين الأول/أكتوبر 2016 بعد مصرع بائع سمك سحقاً في حاوية قمامة أثناء محاولته الاعتراض على مصادرة بضاعته. وكان التحرك الاحتجاجي اتّخذ مع مرور الوقت منحى اجتماعياً وسياسياً ودعا إلى التنمية ووضع حدّ لـ"تهميش" المنطقة. وأدت التظاهرات إلى حملة اعتقال في المغرب.
خ.س/ع.ش (أ ف ب)
بالصور.. العلاقات المغربية الألمانية بين الماضي والحاضر
تمتد العلاقات المغربية الألمانية إلى القرن الثامن عشر. وبعد حصول المغرب على استقلاله تعززت في مجالات عدة، غير أنها شهدت البرود والتوتر في أكثر من مناسبة. فيما يلي أبرز محطات هذه العلاقات في صور.
صورة من: Ute Grabowsky/photothek/imago images
المستشار الألماني بسمارك
يرجع المؤرخون العلاقات المغربية الألمانية إلى عام 1784 عندما قرر الامبراطور فريدريش الكبير إقامة أول قنصلية في المغرب، إلا أنها لم تقم بالمهام المطلوبة. غير أن تحول ألمانيا إلى دولة صناعية تبحث عن الأسواق الخارجية و الأهمية الاستراتيجية للمغرب دفعا المستشار الألماني بسمارك إلى فتح قنصلية في طنجة عام 1873 قامت بمواكبة العلاقات بين البلدين.
صورة من: Portrait, Otto von Bismarck, Fürst von Bismarck, Holzschnitt, Reichskanzler
عهد جديد
العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وألمانيا لم تتبلور بشكل واضح خلال فترة الحماية الفرنسية للمغرب. لكن بعد حصول المغرب على استقلاله كانت ألمانيا من الدول السباقة الى إرسال سفيرها إليه، حيث عينت في تاريخ 26 مارس/ أذار من عام 1957، السيد فون ديريش سفيراً لألمانيا في الرباط، مما فتح عهداً جديداً في تاريخ العلاقات المغربية – الألمانية.
صورة من: akg-images/picture alliance
علاقات ثقافية عريقة
تمتد العلاقات المغربية الألمانية على المستوى الثقافي إلى القرن التاسع عشر. في عام 1852 حل عالم الآثار الألماني، غيرهارد رولفس بمنطقة الريف والصويرة ومراكش، وحضرت بعد ذلك عدة بعثات استكشافية عام 1869، وساهمت هذه الزيارات بقيادة الدكتور لينز في التعريف بالمغرب لدى الألمان مما جعل العلاقات بين البلدين تتوطد منذ تلك الحقبة الزمنية.
صورة من: MÄRCHENLAND
علاقات اقتصادية راسخة
تاريخ العلاقات الاقتصادية بين البلدين يعود إلى نهاية القرن السادس عشر، حين بدأ التجار الألمان في زيارة المغرب والاهتمام بإمكاناته الاقتصادية. في عام 1802 أبرمت مدينة هامبورغ عقداً لشراء الزعفران. وأقامت المانيا خطاً بحرياً بين الموانئ الألمانية والموانئ المغربية، وقد بلغة نسبة البضائع الألمانية التي يستقبلها ميناء الدار البيضاء آنذاك 34 بالمائة من مجموع البضائع التي يستقبلها الميناء.
صورة من: Joelle Vassort/maxppp/picture-alliance
اتفاقيات تعاون في عدة مجالات
تأثرت العلاقات المغربية الالمانية أيضا على الصعيد الاقتصادي خلال فترة الحرب العالمية الثانية. غير أن الوضع تغير بعد حصول المغرب على استقلاله عام 1956 واعادة المانيا بناء اقتصادها الذي دمرته الحرب، فقد تمت اعادة بناء علاقات اقتصادية وتجارية بالتوقيع على اتفاقية التعاون التجاري عام 1961 التي تتجدد تلقائيا كل عام ، وتبع ذلك اتفاقيات في مجالات التعاون المالي والتقني عام 1966.
صورة من: Ute Grabowsky/photothek/imago images
فترات من الدفء
علاقات الصداقة التاريخية بين المغرب وألمانيا "الغربية" أو الإتحادية، تخللتها فترات من الدفء والقوة، إذ تزامنت مع أزمات في العلاقات مع مستعمره السابق فرنسا. وتعود أقدم فترات الدفء هذه إلى بداية الستينات عندما كان المغرب من بين ثلاثة بلدان عربية (إلى جانب تونس وليبيا) حافظت على علاقتها بألمانيا الإتحادية في مواجهة المقاطعة العربية التي قادتها مصر في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
صورة من: Abdelhak Senna/afp/dpa/picture-alliance
حضور اقتصادي قوي لألمانيا في المغرب
علاقات اقتصادية وتجارية مهمة ربطت بين المغرب وألمانيا خلال السنوات الأخيرة. فقد احتلت ألمانيا المركز السادس على صعيد التبادل التجاري عام 2021 ، واستوردت بضائع بقيمة 2.1 مليار يورو من المغرب عام 2022، في حين تم تصدير سلع ألمانية إليه بقيمة 2.8 مليار يورو. وبلغ عدد الشركات الألمانية الناشطة في في المغرب زهاء 300 شركة. وزار المغرب حوالي 6 في المائة من السياح الأجانب من ألمانيا عام 2019.
صورة من: Timothy Allen/Axiom Photographic/picture alliance
زيارة هيلموت كول تعزز العلاقات
عام 1996، حين كان البرود يسود العلاقات الفرنسية المغربية في عهد الرئيس الراحل فرانسوا ميتران، خصص الملك الراحل الحسن الثاني استقبالا تاريخيا لمستشار الوحدة الألمانية هيلموت كول، وبدأ الحديث في الخطاب السياسي المغربي إبانها عن إمكانية استلهام الوحدة الفيدرالية الألمانية كنموذج لحل نزاع الصحراء.
صورة من: Gero Breloer/dpa/picture-alliance
أزمة صامتة تخرج إلى السطح
بعد عقدين من علاقات لم تشهد أزمات بدأت مطلع 2020 أزمة تخرج إلى السطح بين البلدين، بدءا بالملف الليبي حيث وصف المغرب عدم دعوته إلى مؤتمر برلين بأنه "إقصاء" لبلد لعب دورا أساسيا في اتفاق الصخيرات. ثم ظهر خلاف آخر أكثر حدة، إثر اعتراف إدارة الرئيس السابق ترامب بسيادة المغرب على الصحراء، بينما لم ترحب برلين بذلك ودعت إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي، الأمر الذي أثار غضب السلطات المغربية.
صورة من: Moroccan Royal Palace/AP/picture alliance
ملف الصحراء جوهر الخلافات
فتحت رسالة للخارجية المغربية حول تعليق التواصل مع السفارة الألمانية باباَ من الجدل لم ينته. وفيما أكدت الخارجية الألمانية حرصها على العلاقات مع المغرب، لم تمر سوى أشهر قليلة، حتى أقدم المغرب على خطوة أكثر تصعيدا تمثلت في استدعاء الرباط لسفيرتها في برلين من أجل التشاور. الجدير ذكره هنا أن الخلافات تركزت على ملف الصحراء.
صورة من: Florian Gärtner/photothek/imago images
صفحة جديدة في العلاقات
توجت زيارة وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إلى المغرب باتفاق بين البلدين على استئناف التعاون في مختلف المجالات، وذلك بعد توتر دبلوماسي دام شهورًا بسبب ملف الصحراء الغربية. وجدد البلدان، رغبتهما في تطوير العلاقة في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان والحوكمة. وتم التطرق أيضا إلى ملف الصحراء الذي شكل نقطة القطيعة في الأزمة الأخيرة. إعداد: إيمان ملوك