"الربيع العربي" في مصر يقف على مفترق طرق !
٢١ مايو ٢٠١١بعد مرور أكثر من شهرين على الإطاحة بنظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك، لا يزال ميدان التحرير في وسط القاهرة – قلب الاحتجاجات الشعبية ضد النظام السابق ورمز الثورة المصرية – يشهد مظاهرات ،وإن كان حجمها أصغر بكثير من المظاهرات ضد نظام مبارك.
آلاف المصريين وقفوا في وسط الميدان الواسع (13/05/2011)مرددين شعارات تنادي بالوحدة الوطنية. أحد المتظاهرين طبيب وأسرته الصغيرة يعملون ويعيشون في سلطنةعمان، تقف الأسرة المكونة من الطبيب و زوجته وطفليه الاثنين لأول مرة في ميدان التحرير، بعدما تابعا الثورة على شاشات التلفزيون. زوجة الطبيب تؤكد بأن "مصر تغيرت بشكل كبير، فالشعب لديه صوت الآن، وكل شخص يمكنه المطالبة بحقه. لقد رأيت التفاؤل في عيون الناس هنا، ويمكن الشعور بحب الشعب".
التوتر الطائفي جزء من "ثورة مضادة"
إلا أن صفو نسيم الديمقراطية في مصر عكرته صدامات اندلعت مؤخراً بين إسلاميين ينتمون إلى التيار السلفي المتشدد والأقباط، مما يهدد ما أنجزته الثورة في مجال التكاتف بين فئات الشعب المصري وطوائفه. كثير من الإصلاحيين يشككون في أن هذه الصدامات مخطط لها مسبقاً، وأنها تأتي في سياق "ثورة مضادة" تقودها عناصر من الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم سابقاً.
أحد المتظاهرين يعرب عنه دعمه لهذه النظرية، مضيفاً أن "من كان يتقاضي نحو 400 ألف جنيه مصري شهرياً قبل الثورة، والآن يتقاضي ألفي جنيه فقط، هؤلاء يمكن شراؤهم بالمال. معظمهم من معارضي الثورة، والبلطجية. الأقباط إخواننا وأخواتنا. لقد كنت إبان الثورة في ميدان التحرير، وإخواننا الأقباط قاموا بحمايتنا، ونحن قمنا بحمايتهم بينما كانوا يصلون".
البلطجية الذين يشير إليهم المتظاهر كان يستخدمهم وزير الداخلية السابق حبيب العادلي، الذي يقبع حالياً في السجن على ذمة التحقيق، لتحقيق أهدافه. لكن على الرغم من ذلك، فإن نفوذه ما زال يمتد عبر قضبان سجنه وكذلك أعضاء النظام السابق الأقل شهرة، والذين بقوا في مناصبهم السابقة، لاسيما هؤلاء الذين هم على اتصال بالجيش. والجيش من ناحيته يعتبر المستفيد الأكبر من أي فوضى تحدث حالياً، لأنها تجعل الشعب غير قادر على الاستغناء عنه.
الأمن: غائب أم مغيّب؟
بقاء فلول النظام السابق بدون ملاحقة يزيد من تعقيد الوضع المصري، كما يعبر عن ذلك أحد المتظاهرين في ميدان التحرير، الذي يقول "إننا لا نعرف إلى أين تتجه الأمور. هناك خطط تحاك ضد الثورة وضد مطالبنا. أجهزة الأمن لا تزال غائبة، وجميع الخيارات مفتوحة حالياً – الجيدة منها والسيئة على حد سواء، ونحن لا نريد أن نختار الطريق الخاطئ".
وحتى في صفوف الشرطة المصرية هناك إشاعات تتحدث عن وجود رغبة في إبقاء الأمن غائباً عن الساحة أو حتى في الإيعاز لعناصر الشرطة بالتصرف بلامبالاة، بينما يتم خلق حالة من الفوضى. بينما يواصل للمجلس العسكري الانتقالي إدارة شؤون البلاد وتصعيد إجراءاته الصارمة. أول هذه الإجراءات الصارمة كان منع المظاهرات والإضرابات بقرار عسكري .
وبالرغم من أن هذا القانون الجديد لم يتم استخدامه إلا أن الشرطة العسكرية تعتقل عددا من الناشطين، مثل شادي الغزالي حرب، أحد منظمي الثورة المصرية، الذي يشير إلى أن "المدنيين يتم محاكمتهم عسكرياً، وهذا غير مقبول ويجب أن يتوقف. لقد تم اعتقالي. الشرطة العسكرية تعتبر من أكثر الأجهزة الأمنية شراسةوبطشاً في البلاد.ولقد شهدت الشرطة العسكرية وأمن الدولة. الشرطة العسكرية تعامل المعتقلين بشكل أسوأ".
هذا ويطالب دعاة الإصلاح في مصر منذ فترة طويلة باستبدال المجلس العسكري الانتقالي بحكومة انتقالية مدنية، مصرين على أن هذا المطلب يجب أن يرافقه ضغط مستمر من الشارع لكي يتم تلبيته. من جهته يعتبر شادي الغزالي حرب أن الكفاح من أجل مستقبل مصر مستمر على جبهتين: الأولى ضد الحكومة العسكرية، والثانية ضد الأمية، من أجل تحويل الشعب المصري إلى مجتمع من المواطنين الواعين لحقوقهم وواجباتهم.
إستر صعوب/ ياسر أبو معيلق
مراجعة: هبة الله إسماعيل