حتى الآن ما زال مرض الزهايمر من الأمراض غير القابلة للشفاء، كما أن الأدوية التي توصف له يمكنها فقط أن تؤخر تطور المرض. لكن باحثين اكتشفوا طفرة جينية لدى السيدة الكولومبية "دونا أليريا" يمكن أن تحمي من الإصابة بالزهايمر.
إعلان
لفترة امتدت لأكثر من 30 عاما قام باحثون بتحليل مسار إحدى العائلات الكبيرة في كولومبيا على أمل الكشف عن أسرار بداية مرض الزهايمر لدى تلك العائلة. والمثير في الأمر أن هذه العائلة لديها أعلى معدل معروف للإصابة بمرض الزهايمر في العالم!
ولإجراء دراستهم، قام العلماء بفحص 27 شخصًا ينتمون إلى تلك العائلة الكولومبية البالغ عدد أفرادها 6000 شخص تقريبًا، يحمل أكثر من 1000 منهم طفرة جينية، تؤدي إلى تطور مبكر لديهم لمرض الزهايمر، وغالبًا ما يصاب أبناؤها بالمرض بين سن 44 و 47 عامًا. وشرح فريق البحث في دراسة نشرت الآن في مجلة "نيو إنغلاند" الطبية، كيفية تتبعهم للجين المتغير، بحسب ما ذكرت صحيفة "بيلد" الألمانية.
وكان من بين أفراد تلك العائلة سيدة اسمها "أليريا روزا بيدراهيتا دي فيليغاس"، التي على الرغم من أن العديد من أقاربها أصيبوا بمرض الزهايمر في سن مبكرة، إلا أنها ظلت سليمة عقليًا حتى بلغت 70 عامًا.
وألقى الباحثون نظرة فاحصة على جينات تلك السيدة التي يعرفها الجميع باسم "دونا أليريا" فاكتشفوا أن لديها نسختين من الطفرة „Variante APOE3 Christchurch" شديدة الندرة، والتي يمكن أن تحمي من الإصابة بمرض الزهايمر، بحسب بيلد.
وفي الدراسة الحالية، التي نشرت في "نيو إنغلاند"، بحث العلماء عن أفراد تلك الأسرة، الذين كان عندهم نسخة واحدة على الأقل من الطفرة الوقائية. وكانت النتيجة أنه في المتوسط، أصيب المشاركون الذين لديهم نسخة واحدة من الطفرة الجينية بإعاقات عقلية بعد خمس سنوات وبعد ذلك بأربع سنوات أصيبوا بالخرف!
ولدعم نتائجهم، أجرى الباحثون أيضًا مسحا (Scan) للدماغ على اثنين من المشاركين في الدراسة، فوجدوا رواسب بروتينية أقل في الدماغ، والتي تعتبر علامة معتادة لمرض الزهايمر، وكان نشاطهم الأيضي أفضل أيضًا (من الأقارب الآخرين)، بحسب ما كتبت الصحفية يانا كولبه بصحيفة بيلد.
اكتشافقد يساعدفيتطويرعلاج للزهايمر
وتضيف كولبه أن الباحثين اعترفوا في دراستهم بأن النتائج التي توصلوا إليها تعتمد فقط على تحليل جينات عائلة معينة. ويشير الباحثون أيضًا إلى أن صدفة حمل هذه الطفرة الجينية النادرة كان "مسألة حظ بحت".
رغم ذلك فإن نتائج الدراسة يمكن أن تكون رائدة لتطوير أدوية ضد مرض الزهايمر. وقال عالم الأعصاب جوزيف أربوليدا فيلاسكيز من مستشفى بريغهام العام للعيون والأذن: "نعتقد أن تأثير العلاجات التي تستهدف الأشخاص الذين لديهم جين الحماية ستكون أكثر فعالية على الأرجح وأكثر أمانًا".
وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" (النسخة الإسبانية) إنه إذا أمكن تكرار التأثير الوقائي لطفرة "دونا أليريا" المزدوجة، فقد يفتح ذلك طريقًا جديدًا للعلاجات المطلوبة بشدة.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن "دونا أليريا" توفيت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، وهي امرأة شاحبة ونحيلة العظام بسبب سرطان الجلد. وقبل أسابيع من وفاتها، كانت لا تزال تطلق النكات وتتذكر الحياة في قرية بأنغوستورا، المدينة الجبلية التي ولدت ونشأت فيها كواحدة من ثمانية أشقاء.
أمراض الدماغ الناتجة عن ممارسة الرياضة
الصدمات التي تصيب الرأس أثناء ممارسة بعض الرياضات قد تؤدي إلى أضرار كبيرة في الدماغ، وتسبب تغيرات سلوكية وإدراكية و"خرف ارتجاج الدماغ". تكمن المشكلة في افتقار العلم لعملية تشخيص معتمدة للتعرف على هذه الأمراض.
صورة من: Getty Images/D. Rogers
كان لاعب كرة القدم الأمريكية مايك ويبستر يلقب بـ"مايك الحديدي". حاز أربع مرات مع فريقه على لقب السوبر بول، وهي البطولة الوطنية لكرة القدم الأمريكية. لكن مايك تعرض لعدة إصابات دماغية رضية بسبب ممارسته لهذه الرياضة العنيفة وتوفي مبكراً في سنة 2002 وهو في الخمسين من عمره. اكتشف الأطباء بعد تشريح جثته وجود ارتجاجات في الدماغ، ولذلك يعد مايك أول لاعب يصاب بأمراض الدماغ الناتجة عن الرياضة.
صورة من: picture alliance/AP Photo/G.J. Puskar
الطبيب الشرعي بينيت أومالو (وسط الصورة) هو أول طبيب يختص بعلاج وتشخيص أضرار الدماغ المزمنة الناتجة عن ممارسة الرياضة. تعرض أومالو للكثير من الضغوطات والتهديدات للتوقف عن البحث عن أسباب هذه الأمراض، لكنه أستمر في عمله ما جعله نجماً عالمياً، وهو ما حفز المخرج بيتر لانديسمان (يمين) لعمل فيلم يروي قصة حياته من بطولة ويل سميث (يسار). الفيلم يحمل عنوان "كونكشن" (وتعني ارتجاج الدماغ).
صورة من: picture alliance/AP Photo/M.S. Gordon
الصدمات التي تصيب الرأس تسبب تغيرات سلوكية وإدراكية للشخص، ويسمى هذا المرض "سي تي إي" أو "خرف ارتجاج الدماغ". ويحدث لدى الملاكمين مثلاً فقدان القدرة على الكلام والكآبة والخرف. وتسبب الصدمات المتكررة أضراراً في الخلايا العصبية بالدماغ وإطلاق البروتينات التي تتجمع في الجسم، مسببة التغيرات السلوكية وزيادة الميل إلى العنف وارتفاع الرغبة في الانتحار.
صورة من: picture-alliance/dpaW. Grubitzsch
انتحر الكثير من لاعبي الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية بين عامي 2008 و2015، مثل تيري لونغ وتوم ماكهيل ويوفان بيلشر وأدريان روبنسن وديف ديورسون (في الصورة)، الذي انتحر في سنة 2011 وتبرع بدماغه للطب. وبعد الكشف على الدماغ وجد الأطباء إشارات على وجود مرض خرف ارتجاج الدماغ.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/S. Walsh
حتى في عالم الكرة القدم يعاني بعض اللاعبين من إصابات الدماغ، إذ تعرض لاعب المنتخب الألماني لكرة القدم كريستوف كريمر في المباراة النهائية لمونديال 2014 لصدمة في الدماغ، لكنه استمر في اللعب لدقائق بعد ذلك، ما كاد يعرضه لخطر الإصابة بـ"الصدمة الثانية"، التي قد تؤدي إلى خرف ارتجاج الدماغ. المشكلة التي يعاني منها الرياضيون والأطباء هي افتقار العلم لعملية تشخيص معتمدة طبياً للتعرف على المرض.
صورة من: picture alliance/dpa/T.Eisenhuth
يمكن للاعبي كرة القدم التعرض لإصابات الدماغ عبر الاحتكاك بالرأس مثلاً مع لاعب آخر. وذكرت دراسة حديثة صادرة عن المؤسسة الاتحادية الألمانية للعلوم الرياضية أن مخاطر التعرض لإصابات الدماغ تصل إلى نحو 38 في المائة عند لاعبي الدفاع وإلى 28 في المائة عند لاعبي خط الوسط والهجوم وإلى سبعة في المائة عند حراس المرمى.
صورة من: picture alliance/dpa/N.Schmidt
تعد الرغبي أكثر الرياضات التي تحدث فيها حالات خرف ارتجاج الدماغ، بالإضافة إلى ارتجاج الدماغ والإصابة الدماغية الرضية، حسب المؤسسة الاتحادية الألمانية للعلوم الرياضية، ومن ثم تتبعها كرة القدم الأمريكية وهوكي الجليد وكرة السلة. وتعد الإصابات في الدماغ بسبب ممارسة كرة القدم قليلة مقارنة بالرياضات الأخرى، ولكن وبسبب انتشار اللعبة جماهيرياً تنتشر هذه الحالات بين ممارسيها.
الكاتب: زمن البدري/ DW