السبات الشتوي: حيوانات تقدم الحلول لآفة السمنة عند البشر
خالد سلامة
٤ ديسمبر ٢٠٢٥
ينص مبدأ "الصحة الواحدة" على أن صحة الإنسان والحيوان والبيئة مترابطة بشكل وثيق فيما بينها، وأننا غالباً ما نفهم فيزيولوجيا الإنسان بشكل أفضل عند النظر في الحلول البيولوجية التي طورتها الحيوانات لمواجهة تفس التحديات.
تشهد الكثير من الدول ارتفاعات في أعداد المصابين بزيادة الوزن المفرطةصورة من: Wolfram Steinberg/picture alliance
إعلان
تخزن الحيوانات التي تدخل في سبات شتوي الدهون لا كمخزون للطاقة فقط، بل كمصدر للمياه أيضاً. تُظهر دراسة جديدة أن نفس الأمر قد يحدث لدى البشر الذين يعانون من زيادة الوزن، نتيجةً للجفاف والملح والسكر، الأمر الذي يقدم المزيد من الأدلة على كيفية تطور السمنة وضرورة شرب الماء للحيلولة دون زيادة الوزن، حسب ما أورد الموقع الإلكتروني لهيئة الإذاعة والتلفزيون الألمانية MDR.
إعلان
"الصحة الواحدة"
طورت العديد من الحيوانات البرية برامج بيولوجية للحفاظ على الماء خلال فترات الندرة، أو حتى إنتاجه داخل أجسامها. تشير دراسة جديدة إلى أن آليات مماثلة قد تُفعّل أيضاً في عملية الأيض لدى البشر عندما يحدث نقص طويل الأمد ومستمر في مخزون الماء في جسم الإنسان.
ينص مبدأ "الصحة الواحدة" على أن صحة الإنسان والحيوان والبيئة مترابطة بشكل وثيق فيما بينها، وأننا غالباً ما نفهم فيزيولوجيا الإنسان بشكل أفضل عند النظر في الحلول البيولوجية التي طورتها الحيوانات لمواجهة تفس التحديات.
الهرمون المانع لإدرار البول: الفازوبريسين
قبل دخول الحيوانات في السبات الشتوي تخزن احتياطات من الدهون في الخريف. وعندها يكون مستويات هرمون الفازوبريسين عالية. وهذا الهرمون يحفز العطش، كما يُحفز الكلى أيضاً على إفراز أقل قدر ممكن من الماء.
في السبات الشتوي تنتقل الحيوانات من استقلاب الكربوهيدرات إلى استقلاب الدهون، وعندها تنخفض مستويات الفازوبريسين. وخلال السبات، ينخفض معدل الأيض ودرجة حرارة الجسم والتنفس بشكل كبير، ما يقلل من التبخر ويضمن الاستفادة القصوى من الماء الأيضي.
تشير دراسة "جامعة الطب البيطري في فيينا" (Vetmeduni) إلى أن جسم الإنسان يُفعّل برامج مماثلة لما تفعله الحيوانات في سبات الخريف: فهو يُخزّن الدهون عندما يعتقد أنه بحاجة إلى الحفاظ على الماء. ويُجادل الباحثون بأن قلة تناول السوائل تزيد من الإسمولالية: تركيز الجسيمات الذائبة في الدم، وهذا بدوره يُفعّل الفازوبريسين، الهرمون الذي يُحفّز تخزين الدهون لدى الحيوانات. ومن المُرجّح أن يُعزّز الملح والفركتوز، وهو سكر بسيط متوفر بكثرة في المشروبات السكرية والعديد من الأطعمة المُصنّعة، هذا التأثير.
تشرح الباحثة المشاركة سيلفيا كالجيروبولو: "يشير بحثنا إلى أن الفركتوز الغذائي والفركتوز الداخلي يُحفّزان هذا الخلل من خلال تغيير إشارات اللبتين. علاوة على ذلك، يُعزّز الفركتوز إنتاج الفازوبريسين والشعور بالعطش، وهي عملية يُحفّزها تناول الملح".
واللبتين هو هرمون يُنظّم الشعور بالشبع ويتحكم بالشهية.
يظهر العديد من المصابين بالسمنة ارتفاعاً في مستويات الفازوبريسين وزيادة في تركيزه وكلاهما مؤشر على جفاف خفيف مزمن. يحافظ الجسم على توازن الماء من خلال الاعتماد بشكل متزايد على آليات الحفاظ على الماء، مثل الفازوبريسين، ما قد يُعزز اضطرابات التمثيل الغذائي على المدى الطويل.
"نتائج مهمة في زمن الاحتباس الحراري"
تشير الدراسة إلى أن تناول كميات كافية من السوائل لا يحمي القلب والكلى فحسب، بل قد يُبطئ أيضاً من زيادة الوزن. كما تُقدم آلية إضافية محتملة لكيفية عمل أدوية إنقاص الوزن الحديثة، مثل مُنبهات GLP-1. ووفقًا للباحثين، قد تُعزى فعاليتها "جزئياً إلى قدرتها المعروفة على تثبيط إنتاج الفازوبريسين والغلوكاغون".
بالنظر إلى أن البشر يفقدون المزيد من الماء في الظروف الحارة والجافة، فقد يصبح الترطيب أكثر أهمية للصحة في ظلارتفاع درجات الحرارة على كوكب الأرض، لأنه إذا تحول الجسم بشكل متكرر إلى "وضع توفير المياه"، فقد يؤدي ذلك، على المدى الطويل، إلى زيادة الميل إلى السمنة واضطرابات التمثيل الغذائي، حسب الموقع الإلكتروني لهيئة الإذاعة والتلفزيون الألمانية MDR.
حيَل وأسرار الحيوانات والطيور لمواجهة برد الشتاء القارس
كيف يمكن لحيوانات وطيور صغيرة ذات أطراف هشة أن تبقى على قيد الحياة خلال الشتاء القارس بينما نرتعش نحن ونرتدي القفازات والمعاطف الشتوية؟ إنها ببساطة تلجأ إلى بعض الحيل التي تُساعدها على تجنب عواقب البرد القارس.
صورة من: Imago/blickwinkel
آلية للحماية من الصقيع
الطيور مزودة بآلية تُمكنها من إجراء مبادلات حرارية بين اقدامها وأجسامها تساعدها على عدم التجمد أثناء سيرها على الجليد. ينتقل الدم من الجسم ذي الحرارة المرتفعة إلى الأقدام ذات الحرارة الأقل، وبواسطة هذه الآلية لايفقد الجسم الكثير من الحرارة ولاتتعرض الأقدام إلى التجمد.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Balk
نظام تكييف ضد الحرارة
كما هي الحال في الأبنية السكنية يُمكن إبطال مفعول نظام الإحتفاظ بالحرارة خلال الطقس الحار. يُمكن للطيور أن تُفَعِل ألية طرح الحرارة الزائدة من أجسامها عن طريق أقدامها، لأنها لاتتعرق بسبب تغطية الريش لأجسامها. وفي فصل الشتاء من الضروري أن تجد الطيور مايكفيها من غذاء للمحافظة على الطاقة التي تتطلبها أجسامها. وعادة ما تجد الطيور ما تتغذى عليه إذا لم تكن الثلوج غزيرة.
صورة من: picture-alliance/dpa
التغذية لمواجهة الظروف القاسية
يُمكن للإنسان أن يتدخل لمساعدة الطيور المغردة عندما يشتد تساقط الثلوج بتقديم كرات دهنية معجونة بالبذور التي تفضلها الطيور، وتحتوي هذه الكرات على سعرات حرارية عالية توفر الطاقة اللازمة للطيور، ويوفر لها الريش الدفء والحماية من البرد القارس بشكل مشابه للمعاطف الشتوية التي نرتديها.
صورة من: picture-alliance/picturedesk/A. Litzlbauer
وسادة هوائية سميكة
يوفر الريش غطاءاً واقيا لطائر الكينغزفيشر من العوامل الخارجية كما يوفر له وسادة هوائية سميكة. لا يحلق هذا الطائر في الهواء فحسب لا بل يُمكنه أيضاً أن يتنقل ضمن مياه الجداول المتجمدة غير أن الإمساك بسمكة صغيرة هي مهمة صعبة على هذا الطائر الجميل.
صورة من: picture-alliance/dpa
الإختباء داخل أوراق الأشجار
تقتات القنافذ كميات كبيرة من الغذاء في فصل الخريف إستعداداً لتخزين ما يكفيها من الدهون قُبيل فصل الشتاء. وأفضل مكان لقضاء فترة البيات الشتوي هو النوم داخل كومة من أوراق الأشجار المتساقطة، . إذا عثرت على قنفذ مريض فيمكنك مساعدته، كما ينبغي التحقق من عدم وجود قنافذ فيها قبل حرق أكوام أوراق الأشجار
صورة من: Imago/R. Peters
البيات الشتوي
يلجأ حيوان الزُغبَة إلى حفر جُحر بعمق متر واحد يختبىء بداخله طوال فترة السبات الشتوي. يعمل حيوان الزُغبَة على تخزين إحتياطي كبير من الدهون في جسمه بهدف استخدامها خلال فترة السبات، ويستطيع حيوان الزُغبَة أن يُخفض نبضه من 300 إلى 5 نبضات في الدقيقة الواحدة، كما يُمكنه أن يُخَفِض درجة حرارة جسمه إلى نحو خمس درجات مئوية.
صورة من: imago/imagebroker/H. Lang
حيل الفئران من أجل البقاء
تعمل الفئران على البقاء قريبة من البشر حتى لو إضطرت لإتخاذ جُحْرٍ مليىء بالسماد والقش مسكناً لها. ففي مكان كهذا ستبقى درجات الحرارة فوق درجة التجمد، إضافة إلى أن هناك ميزة أخرى أيضاً وهي أن هناك ما يكفي من الغذاء في الجوار. في الشتاء حتى قشور الجزر أفضل من لا شيء.
صورة من: picture-alliance/dpa/W. Nagel
الحب يوفر الدفء
تلجأ الخفافيش إلى السبات في الكهوف التي لا يغطيها الجليد، كما تلجأ إلى الأقبية وإلى عليات المنازل حيث تُشكل مستعمرات وتحتضن بعضها البعض وتعمل على خفض درجة حرارة أجسامها بدرجة أقل من محيطها، ويحدث التزاوج في فصل الشتاء غير أن التخصيب الفعلي يحدث عندما ترتفع حرارة الطقس. وبحلول موعد ولادة فراخ الخفافيش يحل موعد قدوم فصل الصيف.
صورة من: Karl-Heinz Bickmeier/NABU
الرجاء عدم الإزعاج
بعض الثدييات الكبيرة الحجم مثل الغزلان والخنازير البرية لا تهجع إلى السبات الشتوي وهي بالتالي بحاجة لتأمين بعض الغذاء طوال فصل الشتاء، كما عليها أن لاتتحرك كثيراً بهدف توفير الطاقة في أجسامها. أي إزعاج لهذه الحيوانات قد يعرضها للخطر، إذا رأيت أي منها في الغابة عليك أن تبتعد عنها، كما عليك أن لاتسمح لكلبك أن يزعجها أيضاً.
صورة من: picture-alliance/dpa/U. Perrey
تقليل الحركة وتوفير الطاقة
تجثم الضفدعتان فوق الثلج ولا تأتيا بأي حراك، غير أنهما لن تبقيا طويلاً على هذه الحال، عادة ما تسعى البرمائيات والزواحف إلى الإحتماء بالكهوف والشقوق الصغيرة، وتعمل على إبقاء درجة حرارة اجسامها منخفضة جداً أثناء فترة السبات الشتوي.
صورة من: picture-alliance/blickwinkel/K. Wothe
البعوض ينشط شتاء
في فصل الشتاء القارس تختبىء معظم الحشرات في الشقوق والثقوب وفي أكوام القش وفي المناطق الصخرية. ربما تكون حشرات البعوض مستثناة من هذا كله لأن بيوضها تستطيع أن تبقى على قيد الحياة حتى ضمن المياه المتجمدة كما يُمكن مشاهدة البعوض حتى في منتصف فصل الشتاء، وتتواجد حشرات البعوض حيثما تتواجد تجمعات بشرية، ويُمكن لحشرات البعوض أن تضع بيوضها فوق المسطحات والبرك المائية. فابين شميت/ ترجمة: غالية داغستاني