1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

السعودية: احتواء الحراك العربي يخدم تأجيل الإصلاحات الداخلية

١٥ يوليو ٢٠١١

عملت السعودية بقوة لتفادي وصول رياح التغيير إلى شواطئها مستعملة فائض ثروتها النفطية أحياناً وملوحة بالخطر الإيراني أحياناً أخرى، فيما يتساءل المراقبون عن نجاح مساعي الرياض هذه في كبح مطالب الإصلاح داخلياً وإقليمياً.

بوخن: عملت السعودية على تنسيق جهود حماية منطقة الخليج من ارتدادات العواصف الثورات العربية.صورة من: AP

فوجئت المملكة العربية السعودية بحدة عواصف التغيير التي هبت على العالم العربي والتي أزاحت من عروشي رئيسين حلفاء لها في تونس ومصر، فيما يواجه رؤساء آخرون في سوريا واليمن وليبيا خطر الانهيار بين لحظة وأخرى. وعملت الأسرة الحاكمة في الرياض بسرعة على تنسيق جهود حماية منطقة الخليج من ارتدادات هذه العواصف. واتبعت في ذلك أساليب مختلفة منها "ما هو خفي ومنها ما هو معلن"، كما أوضح الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط شتيفان بوخن في حوار مع دويتشه فيله، والذي اعتبر أن المملكة العربية السعودية "تعارض ما يسمى بالربيع العربي، وهي تسعى إلى توقيف هذه الموجة الثورية".

وحينما وجدت العائلة الحاكمة في البحرين نفسها في موقف حرج لم تتردد السعودية في التدخل في إطار قوات "درع الجزيرة" التابعة لمجلس التعاون الخليجي، فأخمدت الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية هناك بذريعة التهديد الذي تشكله إيران وتأثيرها المفترض على الغالبية الشيعية في البحرين. واستعملت دول الخليج فوائضها المالية في دعم البحرين وسلطنة عمان، كما عرضت الانضمام إلى مجلس التعاون على المغرب والأردن بإيعاز من الرياض.

احتواء الحراك العربي

احتواء حراك الشارع بالقمع أو الهبات المالية يؤجل التغيير لكنه لا يلغيهصورة من: picture alliance / dpa

تعتبر السعودية نفسها قوة إقليمية أساسية في الشرق الأوسط، وتنظر إلى التطورات في المنطقة العربية من منظار المصالح الحيوية. وإذا كان موقفها في البحرين واضحاً ضد مسار التغيير هناك، فإن مواقفها اتجاه التطورات في اليمن وسوريا وليبيا اتسمت بالتذبذب واختلطت فيها المصالح الإستراتيجية بالحزازات والخلافات مع الأنظمة القائمة هناك. وبهذا الصدد يوضح شتيفان بوخن قائلاً "بما أن سوريا حليفة لإيران، فبطبيعة الحال لن تدعم السعودية بشار الأسد كما دعمت زين العابدين بن علي".

ثم إن علاقات الرياض بدمشق شابها التوتر منذ اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005 والذي يحمل الجنسية السعودية وكان من أبرز حلفائها في لبنان. كما تتهم السعودية نظام الأسد على مساعدة طهران في بسط نفوذها في لبنان. وهنا تجد السعودية نفسها ممزقة بين عدم رضاها عن نظام غير حليف وبين رفضها لمنطق التغيير الذي يفرضه الشارع العربي.

وهذا ما يفسر حسب المراقبين غموض الموقف السعودي بل وصمته اتجاه التطورات في سوريا وليبيا، وقلق الرياض من سقوط الأنظمة العربية الشمولية الواحد تلو الآخر، ما قد يعني في نهاية المطاف، على المدى البعيد، تهديداً مباشراً لهيمنة أسرة آل سعود على الحكم في السعودية. إلا أن شتيفان بوخن يقلل من شأن المخاطر المباشرة لـ"الربيع العربي" على النظام السعودي في الوقت الراهن على الأقل بقوله: "الوضع السياسي والاجتماعي في دول الخليج والسعودية بالتحديد يختلف عن دول أخرى كمصر، لوجود ثروة ورصيد اقتصادي كبير، وبالتالي فإن نفس هذه الدول أطول".

تأجيل إصلاحات الداخل

داخلياً حاول النظام السعودي مواجهة فتيل الاحتجاجات الداخلية بتوزيع منح اجتماعية سخية بدلاً من اتخاذ تدابير إصلاحية. فقد أعلن العاهل السعودي عن إعانات بلغت قيمتها هذا العام 130 مليار دولار، تشمل زيادة الرواتب ورفع المساعدات للعاطلين وبناء المساكن وفي الوقت ذاته توفير ستين ألف وظيفة في الأجهزة الأمنية. وإذا كان المراقبون يستبعدون انتفاضات في المملكة بحجم تلك التي تشهدها دول الجوار، فإنهم يستبعدون في الوقت ذاته أن تبقى إلى الأبد معزولة عن رياح التغيير. وبهذا الصدد قال شتيفان بوخن: "النظام السعودي نظام متحجر جداً، ولكن ما زال يملك ثروة واسعة ويستعمل هذه الثروة لكسب رضا دوائر واسعة من المواطنين". إلا أنه استطرد موضحاً أن مطالب الإصلاح تظل قائمة بخصوص المشاركة السياسية ووضع المرأة إضافة إلى عدم شفافية القضاء.

جانب من القوات السعودية التي تدخلت لإخماد الثورة البحرينيةصورة من: picture alliance / dpa

وقد أطلقت مجموعة شبابية من نشطاء الإنترنت السعوديين حملة على الشبكة العنكبوتية في يناير/ كانون الثاني من العام الجاري، دعت فيها إلى مجموعة من الإصلاحات السياسية. وطالبت المجموعة بنظام ملكي دستوري ومحاربة الفساد وبتوزيع عادل للثروة. واقتصر الاحتجاجات حتى الآن على مظاهرات قليلة في شرق البلاد المنتج للنفط، حيث نظمت الأقلية الشيعية سلسلة من الوقفات تضامناً مع شيعة البحرين وللمطالبة بحريات سياسية في الداخل. ويرى الخبير الألماني أن النظام السعودي يمكنه تأجيل مطالب الإصلاح إلا أنه لن يتمكن من القضاء عليها نهائياً، وأضاف قائلاً: "هذا النظام سينتهي يوماً ما، لكن هذا اليوم ليس بالقريب".

توظيف الورقة الإيرانية

نجحت الرياض في فرض رؤيتها على المجتمع الدولي الذي غض الطرف نسبياً عن البحرين ووجه انتقاداته لسوريا وليبيا في ظل مخاوف الغرب من الطموحات الإقليمية لطهران، فضلاً عن عامل النفط الذي تشكل السعودية أكبر مصدريه في العالم. واعتبرت السعودية احتجاجات البحرين مساساً مباشراً بمصالحها الحيوية وبمستقبل نظامها السياسي. وبخصوص توظيف الرياض للورقة الإيرانية أوضح الخبير الألماني أن الأمر يتعلق بقضية معقدة "فمن جهة هناك تنافس ومواجهة حقيقية بين السعودية وإيران، وهي مواجهة واقعية وفعلية، ولا شك أن الرياض قلقة مثلاً من إمكانية التقارب بين مصر ما بعد مبارك وإيران"، إلا أن بوخن يضيف في الوقت ذاته أن "هناك مبالغة (في تصوير الخطر الإيراني) وهي مبالغة تخدم مصالح مختلفة، أبرزها الصناعات العسكرية الأمريكية التي نجحت في بيع أسلحة للسعودية بأكثر من خمسين مليار دولار خلال السنوات الماضية".

ورأى بوخن أن السعودية تشتري بكثافة من سوق السلاح العالمية، وأشار بهذا الصدد إلى صفقة الدبابات الألمانية المثيرة للجدل. وأضاف أن هذه الأسلحة هي رسمياً لدرء الخطر الإيراني، إلا انه لم يستبعد "استعمالها في مواجهة أي احتجاجات شعبية كما حدث في البحرين". ويتضح الهاجس الإيراني أيضاً في دعوة كل من المغرب والأردن إلى الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي، وهو ما رأى فيه المراقبون ائتلافاً للملكيات العربية القائمة في مواجهة إيران مع تجنب أي تحول ديمقراطي حسبما تمليه موجة الثورات العربية.

حسن زنيند

مراجعة: عماد غانم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW