1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

السعودية بعد الأمير نايف: مستقبل الأسرة الحاكمة والإصلاح

٢١ يونيو ٢٠١٢

طرحت وفاة الأمير نايف بن عبد العزيز، الذي لم يمكث في منصب ولي العهد سوى بضعة أشهر، واختيار شقيقه الأمير نايف خلفا له، العديد من علامات الاستفهام حول مستقبل الأسرة الحاكمة، وحول مستقبل الإصلاحات في السعودية.

epa03267795 (FILE) A file photo dated 01 November 2011 shows Saudi Arabia's Crown Prince Deputy Prime Minister and Interior Minister Naif Bin Abdul Aziz looking on as he attends an annual military parade of the Saudi armed forces held few days before the Muslim's Hajj Pilgrimage 2011, near Mecca, Saudi Arabia. According to Saudi state media reports on 16 June 2012, Saudi crown Prince Naif Bin Abdul Aziz has died. EPA/AMEL PAIN
صورة من: picture-alliance/dpa

بعد تولي العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز مقاليد الحكم في السعودية عمل على إيجاد آلية جديدة لاختيار القيادة في البلاد، فقام بتأسيس "هيئة البيعة"، التي يفترض أن تتولى اختيار الملك وولي العهد. وأسست الهيئة في شهر أكتوبر/ تشرين أول من عام 2006، وتم تشكيلها بموجب المرسوم الملكي الصادر بتاريخ العاشر من ديسمبر/ كانون أول 2007، والذي تضمن تشكيل هيئة للبيعة في السعودية من أبناء الملك عبد العزيز آل سعود، أو من ينوب عنهم من أبنائهم، في حالة وفاتهم أو مرضهم. ولا يكون انتقال الحكم في السعودية من الأب إلى ابنه الأكبر، وإنما بين الإخوة، وهم أبناء مؤسس المملكة عبد العزيز آل سعود، الذي توفي قبل حوالي 60 عاما.

ونظمت المادة السابعة من نظام هيئة البيعة كيفية تسمية ولي العهد، وذلك بأن يقوم الملك، بعد التشاور مع أعضاء الهيئة، باختيار واحد، أو اثنين، أو ثلاثة، ممن يراه مناسبا لولاية العهد ويعرض هذا الاختيار على الهيئة التي عليها بذل الجهد للوصول إلى ترشيح واحد من هؤلاء بالتوافق لتتم تسميته وليا للعهد.

ولقد قامت هيئة البيعة بأداء وظيفتها عند اختيار الأمير الراحل نايف بن عبد العزيز، كولي للعهد، خلفا لأخيه الراحل الأمير سلطان. ولم يبقى الأمير نايف في منصب ولي العهد سوى أقل من ثمانية أشهر، بسبب وفاته بتاريخ 16 يونيو/ حزيران 2012. وبعد رحيل الأمير نايف، جرى، وعلى عجل، اختيار ولي عهد جديد. ووقع الاختيار على شقيقه الأمير سلمان بن عبد العزيز، الأمير السابق لمنطقة الرياض.

دور هيئة البيعة

ولكن هذه المرة لم يعلن فيما إذا كان اختيار الأمير سلمان لولاية العهد قد جاء بعد التشاور مع أعضاء هيئة البيعة أم لا. ولكن أحد أعضاء هيئة البيعة كسر جدار الصمت حول هذا الموضوع. فقد نقلت صحيفة "القدس العربي" على لسان الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود، شقيق العاهل السعودي، قوله: "إن هيئة البيعة، التي هو من الأمراء الرئيسيين فيها، لم تُدعَ للاجتماع مطلقا، للتشاور حول تعيين الأمير سلمان بن عبد العزيز وليا للعهد"، مثلما ينص عليه نظام الهيئة. وقال إن مجلس العائلة الذي يضم أبناء وأحفاد الملك عبد العزيز لم يجتمع أيضا منذ أشهر.

الأمير طلال بن عبد العزيزصورة من: picture alliance / dpa

هذا الانتقاد يراه البعض في غير محله، لأن من حق الملك أن يتخذ القرار بناء على ما يملكه من حق تسمية ولي العهد، خاصة وأن نظام هيئة البيعة ينص على أن أحكامه "تسري على الحالات المستقبلية ولا تسري على الملك وولي العهد الحاليين".

كما أن هناك من يعتبر طريقة الملك السعودي في اتخاذ القرار سليمة، مثل الدكتور محمد بن عبدالله آل زلفة، لأن الملك اختار "من تتوفر فيه الشروط الكاملة، بإجماع الأسرة المالكة السعودية"، وإن لم تجتمع الهيئة بكاملها، لأن ظروف الوفاة وتوقيتها، ربما منعت اجتماع كل أعضاء هيئة البيعة، "لأن فصل الصيف يشهد مغادرة الكثير من السعوديين إلى خارج المملكة"، كما يقول عضو مجلس الشورى السعودي السابق آل زلفة، الذي يضيف، في حوار مع DW، بأن الملك تشاور بالتأكيد مع الجميع، و"كل أبناء الأسرة الحاكمة أيدوا تسمية الأمير سلمان وليا للعهد، باستثناء الأمير طلال بن عبد العزيز، الذي سبق وأن انسحب من الهيئة".

وبالفعل سبق وأن قدم الأمير طلال بن عبد العزيز استقالته من هيئة البيعة السعودية، ورفع قراره إلى العاهل السعودي الملك عبد الله. ولم يتم توضيح أسباب الاستقالة حينها، إلا أنه يُعتقد بأن الاستقالة جاءت تعبيرا عن سخط الأمير طلال ورفضه آنذاك تعيين أخيه الأصغر الأمير نايف بن عبد العزيز وليا للعهد في المملكة، خلفا للأمير سلطان. وجاء تعيين الأمير نايف متجاوزا نحو ستة من أخوته الأمراء، الذين مازالوا على قيد الحياة، ممن يكبرونه سنا.

مستقبل الأسرة الحاكمة

ولم تقتصر تحذيرات الأمير طلال بن عبد العزيز على دور هيئة البيعة، وإنما على أهمية إشراك شباب العائلة في المسؤولية بصورة أكبر. وشبّه الأمير طلال، في تصريحاته للقدس العربي، الوضع في السعودية بما "حدث في الأيام الأخيرة للاتحاد السوفياتي"، وعبر عن خشيته من أن يتكرر ذلك، حيث أدى الدفع بمسؤولين كبار في السن إلى قمة الحكم إلى الانهيار".

الأمير سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي الجديدصورة من: picture-alliance/dpa

هذا التشابه بين الحالتين يستبعده الدكتور محمد بن عبد الله آل زلفة، إلا أنه يتوقع حدوث تغييرات قادمة على مستوى المناصب القيادية. ويتوقع أن يحسم الأمر في عهد الملك عبد الله وولي عهده الأمير سلمان، ولكنه يستبعد أن ينتقل الحكم للجيل الثاني من أسرة آل سعود (أي إلى أحفاد الملك عبد العزيز آل سعود)، لأن "هناك من بين أبناء الملك عبد العزيز، من هم في سن جيدة تساعدهم، وبنفس الوقت مؤهلون تأهيلا علميا في كبريات الجامعات، ويحملون رؤية الجيل الثاني وتوجهاته، إضافة إلى أنهم يحظون بتأييد شعبي". وأبرز هؤلاء، كما يرى آل زلفة، هو الأمير أحمد بن عبد العزيز، الذي عُين مؤخرا وزيرا للداخلية، بعد أن بقي لأكثر من سبعة وثلاثين عاما نائبا لوزير الداخلية.

إصلاحات منتظرة أم مؤجلة؟

وإلى جانب مسألة تنظيم اختيار الملك وولي عهده والمناصب القيادية، ترتفع باستمرار أصوات مطالبة بالإصلاح السياسي في السعودية، خاصة في ظل ما تعيشه المنطقة العربية من أحداث اصطلح على تسميتها "الربيع العربي". الأمير طلال بن عبد العزيز كرر تأييده لتحول الملكيات العربية إلى ملكيات دستورية، معتبرا أن الملكيات المطلقة لم تعد تتماشى مع لغة العصر، مشددا على ضرورة وجود برلمان يتولى التشريع والرقابة والمساءلة. وهذا ما يتفق معه الدكتور آل زلفة أيضا، معتبرا أن الزمن له متطلباته. ويعتقد بأن الحكماء سواء في السعودية أو حتى في منطقة الخليج سيعملون على تجاوز المرحلة بإصلاحات ترضي الشعوب.

ولا تقتصر المطالب الإصلاحية في السعودية على مسألة الملكية الدستورية والإصلاح السياسي، بل ترتفع باستمرار الأصوات المطالبة بإصلاحات أخرى، وخاصة فيما يتعلق بحقوق المرأة، كقيادة السيارة مثلا. الدكتور آل زلفة، عضو مجلس الشورى السابق، يعتبر أحد أوائل من طالب بمنح المرأة حق قيادة السيارة، إلا أنه يرفض "ربط الإصلاح بحق المرأة في قيادة السيارة"، ويرى بأن هناك حركة إصلاحية كبيرة في السعودية، في عهد الملك عبدالله، مثل عضوية المرأة في مجلس الشورى والمجالس البلدية، معتبرا ذلك أهم بكثير من السماح بقيادة السيارة.

ولكن آل زلفة يعترف بأن هناك العديد من الأمور الإصلاحية قد تم رفضها، ربما من قبل ولي العهد الراحل الأمير نايف بن عبد العزيز (وزير الداخلية لأكثر من 37 عاما). ولكنه يستدرك بالقول، بأن "الأمير نايف لم يعارض تلك الإصلاحات لأسباب رافضة للإصلاح، ولكن تقديرا للظروف الاجتماعية الحالية".

ولا يُخفِ الدكتور آل زلفة تفاؤله بحدوث تقدم في العملية الإصلاحية، مبديا أملا كبيرا لأن هناك "تناغما كبيرا بين الملك عبدالله والأمير سلمان، وانسجاما مع أفراد الأسرة المالكة للاستجابة لمزيد من الإصلاحات". ويعتقد آل زلفة بأن الأمير سلمان يحمل رؤى إصلاحية مشابهة لرؤى الملك السعودي.

فلاح آل ياس

مراجعة: محمد المزياني

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW