السعودية واستغلال "داعش" للتضييق على الحريات العامة
سهام أشطو١٠ ديسمبر ٢٠١٤
وليد أبو الخير ورائف بدوي وغيرهم، نشطاء سعوديون في مجال حقوق الإنسان وجدوا أنفسهم يواجهون تهما ثقيلة في بلدهم، في وقت تُتهم فيه السعودية بتصعيد الرقابة والتضييق على حرية الأفراد والعمل السياسي.
إعلان
تزداد الانتقادات الموجهة للسعودية فيما يتعلق بموضوع انتهاكات حقوق الإنسان، مع تنامي نفوذ تنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابي في المنطقة. ويتحدث مهتمون بالشأن الحقوقي في السعودية عن حدوث العديد من الاعتقالات في صفوف مواطنين وناشطين وحقوقيين تتهمهم السلطات السعودية بالعمل مع تنظيم "داعش" أو جماعات متطرفة أخرى. ويرى هؤلاء أن تصاعد التنظيم المتطرف أصبح "حجة" من أجل تبرير التضييق على الحريات الذي تمارسه السلطات السعودية.
الملكيات العربية.. بين التوارث السلمي للسلطة والانقلابات العائلية
في بادرة غير مسبوقة في العالم العربي تنازل أمير قطر الشيح حمد بن خليفة آل ثاني عن الحكم بشكل طوعي وسلس لابنه الشيخ تميم في سابقة فريدة من نوعها في الملكيات العربية، حيث عادة ما ينتظر الشباب حتى يتوفى الكهول أو يطاح بهم.
صورة من: picture-alliance/dpa
الشيخ حمد.. حالة استثنائية
الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني (61 عاماً) يسجل سابقة في العالم العربي بتسليم السلطة سلمياً، رغم أنه كان قد ستولى على السلطة عام 1995 بعد الإطاحة بأبيه الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، الذي كان بدوره قد أنقلب على ابن عمه الشيخ أحمد عام 1972. وجاءت هذه الخطوة في الوقت الذي يتشبث فيه الحكام العرب، سواء كانوا من الملوك أو الأمراء أو الرؤساء، بالسلطة حتى الرمق الأخير من حياتهم، حتى لو كانوا على فراش الموت.
صورة من: picture-alliance/dpa
خطوة مثيرة للحسد
في دول الخليج التي يحكم معظمها كهول تجاوزوا الستينات والسبعينات والثمانينات من عمرهم ويرث عروش بعضهم أمراء من الفئة العمرية ذاتها، لاشك أن تولي الشيخ تميم (33 عاماً) الحكم بهذا الشكل من شأنه أن يثير حسد واهتمام الشبان من أفراد الأسر الحاكمة في مختلف أرجاء منطقة الخليج، خاصة الذين نفد صبرهم ترقباً لتولي المناصب العليا.
صورة من: picture-alliance/dpa
السعودية.. انتقال السلطة من كهل لآخر
تنتقل الخلافة بين أبناء الملك عبد العزيز آل سعود على أساس السن والخبرة ومكانته داخل العائلة، ما يجعل تولي المناصب العليا من نصيب الكهول الذين ينتظرون طويلاً وفاة من هم أعلى منهم في المنصب، فالملك الحالي عبد الله يبلغ 90 عاماً وخضع لعدة عمليات، لكنه لم يفكر في نقل السلطة بعد...
صورة من: picture-alliance/ZB
الملك فهد.. عشر سنوات على فراش المرض
الملك عبد الله نفسه كان قد أنتظر أكثر من عشر سنوات ولياً للعهد، قضاها أخيه الملك فهد على فراش المرض، بعد أن أُصيب بجلطة في عام 1995 حتى وفاته عام 2005...
صورة من: picture-alliance/dpa/dpaweb
منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر
ولي العهد السعودي الحالي، الأمير سلمان بن عبد العزيز يبلغ من العمر 82 عاماً، مازال ينتظر نحب أخيه، وكان قبله قد توفى اثنان من ولاة العهد قبل أن يتسلموا العرش، وهم الأمير نايف والأمير سلطان. وحتى الرجل الثالث في الأسرة الملكة، الذي تشير التوقعات إلى أنه مرشح لمنصب ولي العهد، قبل أن يصبح ملكاً بعد عمر طويل، وهو الأمير مقرن، يناهز عمره السبعين عاماً.
صورة من: picture-alliance/dpa
السلطان قابوس.. لن تتكرر مأساة أبيه
وفي سلطنة عمان يحكم السلطان قابوس البالغ من العمر 72 عاماً البلاد منذ 43 عاماً، ولم يختر خليفة له بعد ومن غير المعروف من ستولى بعده العرش، في ظل أنباء عن عدم وجود ذرية له. السلطان قابوس كان قد وصل إلى الحكم بعد انقلابه على أبيه سعيد بن تيمور عام 1970، وبالتالي فليس هناك من خوف من أن تتكرر مأساة الأب للابن.
صورة من: Getty Images
الكويت.. نقل أو انتقال للسلطة بين آل الصباح
أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد (84 عاماً) عمل وزيراً للخارجية لمدة 40 عاماً قبل أن يتولى السلطة عام 2006، بعد وفاة الشيخ جابر الأحمد الصباح. نُقل إليه العرش بسبب مرض الشيخ سعد العبد الله الصباح، الذي لم يتول العرش سوى لأسبوعين فقط وهو على فراش المرض قبل تجريده من المنصب. أما ولي العهد الحالي الشيخ نواف الأحمد الصباح فيبلغ من العمر (75 عاماً). وتظهر من وقت لآخر تسريبات عن حالته الصحية.
صورة من: picture-alliance/dpa
البحرين.. الأولوية لحماية الملكية
ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة من مواليد 1950، تولى الحكم بعد وفاة والده عام 1999. كان قد تولى منصب ولي العهد عام 1964 وعمره كان حينها 14 عاماً...
صورة من: dapd
أما ولي عهد ملك البحرين وخليفته المنتظر فهو ولده الشيخ سلمان من مواليد 1969، ولا توجد مؤشرات على نقل السلطة إليه قريبا، لاسيما وأن مملكة البحرين شهدت ومازالت تشهد أحداثا سياسية كادت أن تعصف بالأسرة المالكة، لولا تدخل قوات درع الجزيرة.
صورة من: picture-alliance/ASA
الإمارات العربية.. ديمقراطية الشيوخ
الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان (65 عاماً) تولى رئاسة الدولة عام 2004 بعد موت أبيه، حيث انتخبه المجلس الأعلى لاتحاد الإمارات العربية المتحدة رئيساً للدولة، وفق دستور البلاد. ورغم أن نائب رئيس البلاد الحالي هو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي، فإن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان (52 عاماً)، شقيق الرئيس وولي عهد إمارة أبو ظبي هو المرشح لخلافته.
صورة من: Getty Images
الأسرة الهاشمية.. تاريخ من الانقلابات
الملك عبد الله (51 عاماً) تولى العرش بعد وفاة والده الملك حسين عام 1999. كان عمه الحسن ولياً للعهد لأكثر من ثلاثين عاماً قبل أن يعزله الملك حسين ليفسح الطريق لتولي ولده عبد الله العرش، فقام الأخير بعزل أخيه حمزة ليسمى فيما بعد نجله الحسين (من مواليد 1994) ولياً للعهد...
صورة من: picture alliance/dpa
الانقلابات داخل الأسرة الهاشمية لها تاريخ طويل فقد أُجبر الملك طلال على التنازل لولده حسين الذي تولى المنصب عام 1952 وهو في سن 17 عاماً. (الصورة للملك المتوفى حسين وأخيه الأمير حسن).
صورة من: picture-alliance/dpa
المغرب.. جيل ملكي شاب
تولى ملك المغرب محمد السادس (من مواليد 1963) العرش خلفاً لوالده المتوفي الحسن الثاني عام 1999. وحسب موسوعة ويكيبيديا يحمل الملك الشاب شهادة الدكتوراه ويتقن إلى جانب العربية اللغات الفرنسية والإسبانية والإنجليزية والأمازيغية. في عام 2003 رزق الملك وزوجته الحسناء للا سلمى مولوداً سُمي بـ"مولاي الحسن" وطبقاً للدستور المغربي فإن الأمير الصغير (في يسار الصورة) هو ولي العهد. الكاتب: عبده جميل المخلافي.
صورة من: picture-alliance/dpa
13 صورة1 | 13
اعتقال وتعذيب
وليد أبو الخير محام وناشط حقوقي سعودي، ورئيس مرصد حقوق الإنسان في السعودية وأحد أكثر الشخصيات العربية حضورا على تويتر، حسب تصنيف مجلة فوربس. اعتقلته السلطات السعودية في أبريل نيسان الماضي ونشرت تقارير صحفية أنه أول ناشط يحاكم ب"نظام جرائم الإرهاب وتمويله". سمر بدوي زوجة وليد تقول في حديث لـ DWعربية إن زوجها الآن يقبع منذ السنة الماضية في سجن الملز بالرياض.
وتمت متابعته بعدة تهم من بينها التواصل مع منظمات أجنبية، إنشاء جمعيتين غير مرخص لهما، والسعي لنزع الولاية الشرعية، الإساءة للنظام العام في الدولة والمسؤولين فيها وتشويه سمعة المملكة. هذه التهم وصفتها منظمة هيومن رايتس ووتش بالمبهمة والفضفاضة وبأنها نابعة فقط من نشاطه السلمي، بما في ذلك تصريحاته لوسائل الإعلام وتغرديات على موقع تويتر، انتقد فيها انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية. وقالت المنظمة الدولية إن المحاكم السعودية أصدرت سلسلة من الأحكام القاسية بحق نشطاء حقوقيين في الآونة الأخيرة، بالتزامن مع سعي الحكومة لإسكات منتقديها داخل المملكة.
سمر تقول إن زوجها تعرض لسوء معاملة على الصعيد النفسي والجسدي، إذ تم تعذيبه وضربه بشدة إلى أن فقد وعيه وقبلها تعرض للتعذيب النفسي في بداية اعتقاله بسجن الحائر، حيث وضع في زنزانة منفردة وسلطت عليه أضواء قوية. لكنها تضيف بالقول إنه بات يلقى معاملة جيدة خلال الآونة الأخيرة.
ويعلق حسن أبو هنية، الخبير الأردني في قضايا الإرهاب، على حالة وليد قائلا "هو ناشط في مجال حقوق الإنسان وله تواصل مع منظمات دولية تنشط في هذا المجال، وليس لديه أي سلوك ديني سلفي جهادي ومع ذلك اعتقل وهو في السجن منذ مدة طويلة ويحاكم بتهم ثقيلة بسبب نشاطه السلمي".
"داعش أصبحت حجة لقمع الناشطين"
ويقول الخبير الأردني في مقابلة أجرتها معه DWعربية "إنه أصبح واضحا أن السعودية تستغل موضوع الجماعات الإرهابية وخصوصا "داعش" لممارسة مزيد من الضغط والتضييق على الناس". ويضيف أبو هنية:"الأكيد أن كل قوانين الإرهاب التي سُنت بعد مرحلة تقوي "داعش"، تم استخدامها للتضييق على العمل السياسي والحريات، مع أننا نعلم بعدم وجود عمل سياسي بمفهومه الحقيقي في هذا البلد، إذ لا توجد أي تعددية سياسية حزبية ولا عمل نقابي واضح، لكن حتى من ينشط في حقوق الإنسان يتم التضييق عليه".
ويركز أبو هنية على تنظيم "داعش" رغم أن السعودية كانت تتابع الكثيرين أيضا داخل أراضيها بتهمة الانتماء لتنظيم القاعدة المتطرف أو حتى تأييده، ويقول في هذا السياق" لاشك أن تصاعد نفوذ "داعش" غير تعامل السعوديين مع موضوع الإرهاب، لأننا نعلم أن تنظيم "الدولة الإسلامية" ليس جديدا، هو ظهر مع أبو مصعب الزرقاوي ومر بمرحلة التحالف مع جبهة النصرة قبل إعلان أبو بكر البغدادي دولة الخلافة". ويعتبر الخبير أنه بعد مرحلة إعلان "دولة الخلافة" زاد حذر السعوديين أكثر وارتفعت وتيرة الإجراءات التي اتخذتها السعودية، كإصدار لائحة للمنظمات الإرهابية ضمت فيها "داعش" وجبهة النصرة، كما أنها تعتقل كل من يتعامل مع "داعش" أو حتى من يبدي تأييده لهذا التنظيم على الإنترنت أو في المساجد أو في أي فضاء آخر. ويشير الخبير الأردني إلى أن هناك 2400 سعودي يقاتلون مع تنظيم "داعش"، بالإضافة إلى متعاطفين معه، لكن السعودية تستغل وجود هذا التنظيم وخطورته لقمع ناشطين آخرين لا علاقة لهم به.
عشرة آلاف معتقل
وكان سفير السعودية لدى الأمم المتحدة في جنيف فيصل طراد قال إن بلاده "التي تفخر بإتباع الدين الإسلامي الحنيف شرعا ومنهاجاً تحرص على حماية وتعزيز حقوق الإنسان في إطاره الشرعي وبما يتوافق والتزاماتها الدولية". وأكد في مداخلة بمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الذي انعقد في جنيف في سبتمبر أيلول الماضي "أنه لا يوجد في المملكة موقوف أو سجين رأي، وأن أي شخص تم سجنه أو إيقافه يتم وفقا للأنظمة وبلائحة تهم واضحة وطبقاً لنظام إجراءات جزائية تكفل الحقوق لكل المواطنين الذين هم سواسية أمام قضاء مستقل وشفاف وواضح في أحكامه".
ويقول أبو هنية إنه لا توجد هناك أرقام أو معطيات رسمية حول عدد من اعتقلتهم السلطات السعودية، ويضيف أنها اعتقلت مؤخرا عشرات الأشخاص لكن لا توجد محاكمات واضحة لهؤلاء، ويضيف"لا توجد أرقام رسمية لأنه لا توجد تدخلات من منظمات دولية حقوقية بهذا الخصوص رغم أنها تصدر تقارير للتنديد بالاعتقالات والمحاكمات، لكن ما نحن متأكدون منه هو أنه زادت بشكل كبير في الآونة الأخيرة، وهناك معلومات عن أن عدد المعتقلين وصل إلى 10 آلاف شخص يتابَعون بتهم غير واضحة". وكانت السعودية أعلنت قبل أيام عن اعتقال 135 شخصا في قضايا إرهاب، 109 منهم سعوديون وقالت السلطات إن من بين الموقوفين أشخاصا ضالعين في دعم وتمويل تنظيمات متطرفة.