السعوديون ينأون بأنفسهم عن مطلق النار في قاعدة بحرية أمريكية
٧ ديسمبر ٢٠١٩سعت المملكة العربية السعودية للنأي بنفسها عن متدرب عسكريّ سعودي قتل ثلاثة أشخاص داخل قاعدة عسكرية تابعة للبحرية الأمريكية في فلوريدا، فيما تسعى لإصلاح صورتها.
وذكرت تقارير أن المتدرب السعودي ندّد بالولايات المتحدة بوصفها "دولة شر" قبل أنّ يرتكب جريمته في قاعدة "بينساكولا" الجوية التابعة لسلاح البحرية في فلوريدا، الجمعة (6 ديسمبر/ كانون الأول 2019)، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة ثمانية آخرين.
ومن جهته قال وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر اليوم السبت إنه غير مستعد في هذه المرحلة لاعتبار الهجوم بأنه "إرهاب" وأضاف إسبر أمام منتدى ريغان للدفاع الوطني في ولاية كاليفورنيا "لا. لا أستطيع القول في هذه المرحلة إنه إرهاب". وتابع أنه يعتقد أنه يجب السماح للمحققين بأداء عملهم.
وقالت مجموعة تراقب المحتوى المتطرف على الإنترنت إن المشتبه به نشر على ما يبدو انتقادا لحروب الولايات المتحدة ونقل اقتباسا لزعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن على أحد مواقع التواصل الاجتماعي قبل ساعات من تنفيذه الهجوم.
انتكاسة لجهود "تحسين الصورة"
ويشكّل الحادث انتكاسة كبيرة لجهود المملكة المحافظة، التي تحاول تغيير سمعتها "كمصدر للتشدد" بعد تورط 15 من 19 شخصًا في هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001 كانوا من حملة الجنسية السعودية، وقد تدرّب بعضهم في مدرسة للطيران المدني في فلوريدا.
وانتشر باللغة العربية وسم #مجرم_فلوريدا_لا _يمثلنا، وآخر بالإنجليزية يقرأ بالعربية اسمه #SaudisStandWithAmerica (بالعربية: سعوديون يدعمون أمريكا) على موقع تويتر.
واتصل العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب وندد بـ"الجريمة الشنعاء" معتبراً أن مرتكبها "لا يمثل الشعب السعودي"، كما تعهد بالتعاون مع الجانب الأمريكي للتحقيق في الحادث.
واعتمدت أسرة مطلق النار، الذي تم تعريفه باسم محمد الشمراني، النهج ذاته، فقد نقلت صحيفة "عكاظ" المؤيدة للحكومة السعودية عن أحد أعمامه قوله إنّ ما فعله لا يعكس "إنسانية وإخلاص عائلته" لقيادة المملكة.
وقدّم الأمير خالد بن سلمان، الابن الأصغر للعاهل السعودي ونائب وزير الدفاع "خالص تعازيه" لذوي الضحايا. وكتب على تويتر بالانجليزية: "على غرار عسكريين سعوديين آخرين، فقد تلقيت تدريبات في قاعدة عسكرية أمريكية وقد استخدمنا هذا التدريب القيّم لنحارب جنباً إلى جنب مع حلفائنا الأمريكيين ضد الإرهاب وتهديدات أخرى".
وتابع أنّ "أعداداً كبيرة من الخريجين السعوديين في القاعدة الجوية التابعة للبحرية في بينساكولا خدموا مع نظرائهم الأمريكيين في جبهات القتال حول العالم مساهمين في الحفاظ على الأمن الإقليمي والعالمي. كل شخص في السعودية يدين هذا الحدث المأساوي بقوة".
علاقات ثنائية متينة
ومن غير المتوقع أن يؤثر هذا الحادث على العلاقات الوثيقة بين الرياض وواشنطن، مع سعي الحكومتين إلى تعزيز التعاون الدبلوماسي والعسكري لمواجهة النفوذ الإيراني المتزايد في المنطقة.
وفي محاولة لتأكيد العلاقات الوثيقة، أبرز العديد من السعوديين على وسائل التواصل الاجتماعي تقارير وسائل الإعلام الأمريكية عن طالبين في برنامج تبادل طلابي غرقاً العام الماضي في ولاية ماساتشوستس بعد أن قفزا في نهر لإنقاذ طفلين صغيرين.
لكنّ حاكم فلوريدا رون ديسانتيس قال في مؤتمر صحافي إن على الحكومة السعودية دفع تعويضات للضحايا، وأضاف انّ "حكومة السعودية تحتاج أن تجعل الحياة أفضل لهؤلاء الضحايا واعتقد أنها مدينة لنا لأن (مطلق النار) واحد من رعاياها".
ورفض مواطنون سعوديون على مواقع التواصل الاجتماعي بشدة طرح ديسانتيس، وكتب أحدهم على تويتر إنّ "الحكومة السعودية ليست مسؤولة عن كل فرد يحمل جواز سفر سعودي". وذهب آخرون إلى التشكيك في الرواية الأمريكية من الأصل:
فيما طالب آخرون بفتح تحقيق فيما أسموه "اغتيال" الشمراني، مبدين تشككهم من سبب حمل طالب متدرب لسلاح:
ويقاضي أقارب ضحايا هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001 المملكة للحصول على تعويض رغم أن الرياض نفت بشدة تورطها في الهجمات.
ويسعى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والحاكم الفعلي للبلاد بأمر الواقع، إلى إبراز صورة معتدلة لمملكته الصارمة والمرتبطة في أذهان الغرب على نطاق واسع بالإيديولوجية الجهادية. ويحاول ولي العهد، بحسب مراقبين، عدم التركيز على دور الدين مواصلاً "حملة تحديث اجتماعية شاملة" سمحت بتنظيم حفلات موسيقية مختلطة بين الجنسين، وأنهى حظراً استمر عقوداً طويلة على فتح دور السينما كما سمح للنساء بقيادة السيارات.
واستضافت السعودية، التي تحظر على اتباع الديانات الأخرى ممارسة معتقداتها، عدداً من ممثلي الطوائف المسيحية في الأشهر الأخيرة. لكنّ بن سلمان، الذي يصفه نفسه بأنه مصلح، واجه انتقادات عالمية لسجل المملكة السيئ في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك سجن العديد من الناشطات ورجال الدين والصحافيين.
ع.ح./ص.ش. (أ ف ب، رويترز)