السفينة الجانحة.. عملاق من العولمة وسط مشهد ريفي بالسويس
٢٩ مارس ٢٠٢١
يبدو أن جنوح السفينة العملاقة "إيفر غيفن" في قناة السويس قد أنشأ علاقة "صداقة" مع السكان الريفيين في المناطق المجاروة. فبعد أن ألفوا "الجارة الجديدة" على إمتداد أيام قد تتوقف الأضواء في محيطهم مع قرب نهاية الأزمة!
إعلان
أصبح القرويون الذين يعيشون على ضفتي قناة السويس يألفون تواجد جار جديد غير عادي لهم، وهو سفينة الحاويات العملاقة "إيفر غيفن" التي جنحت يوم الثلاثاء الماضي، والتي تحمل حاويات قيمة ما بها حوالي مليار دولار، وربما باتوا يتساءلون هل حان وقت رحيلها.
وذكرت وكالة "بلومبرغ" للانباء في تقرير لها، أن السفينة شاهقة الارتفاع، تقف مثل "نصب تذكاري للعولمة" تقطعت بها السبل وسط مشهد ريفي مصري نموذجي، حيث تطل على منازل منخفضة الارتفاع مبنية من الطوب الأحمر، وقطعان من الجاموس، وأراضي زراعية خضراء تنتشر بها أشجار النخيل.
ومنذ أن أدى جنوح السفينة إلى توقف أحد أكثر طرق التجارة ازدحاما في العالم، حظى سكان القرى المجاورة لمكان جنوحها "بمقاعد فريدة في الصفوف الأمامية"، لمتابعة حدث تعتبر تداعياته بالغة الاهمية بالنسبة للاقتصاد العالمي.
وقالت امرأة من السكان المحليين، طلبت أن يطلق عليها اسم فاطمة، وهي من السكان الذين أمضوا حياتهم بالقرب من القناة واعتادوا على سماع أصوات أبواق سفن الشحن: "لم نشهد جنوح أية سفن هنا منذ فترة طويلة للغاية". وأشارت إلى سفينة "إيفر غيفن" الضخمة وقالت: "لقد نشات صداقة بيننا وبينها بالفعل".
واستمتع الصغار الذين يعيشون بالقرب من السفينة الجانحة، بلعبة "الغميضة" ليلا على أضواء كشافات الاضاءة الخاصة بها.
وفي الوقت الذي شهد تسابق الحفارات وقوارب السحب وفرق المهندسين من أجل إعادة تعويم السفينة، استمتع سكان المناطق الريفية النائية الواقعة شمال مدينة السويس بالتمتع برؤية شىء غير مألوف.
ففي الوقت الذي قام البعض فيه بالتقاط صور ذاتية (سيلفي) مع وجود السفينة العملاقة كخلفية، أو بالتلويح لطاقم السفينة، انشغل آخرون من أمثال فاطمة بتصور ما تنقله السفينة إلى الأسواق العالمية.
وتضحك فاطمة وتقول بينما تلقى بنظرة تمني إلى السفينة المحملة بآلاف الحاويات ذات اللونين الأزرق والأخضر: "أحتاج إلى غرفة نوم وصالون لمنزلي الجديد؛ وأريدهما على الطراز الفرنسي".
وقد تأتي السفن التي تبحر في الممر المائي الشهير، من جميع أنحاء العالم، ولكن بالنسبة للسكان المحليين، تعتبر القناة التي يبلغ طولها
120 ميلا، والتي تربط بين البحرين الأحمر والمتوسط، والتي تم افتتاحها في عام 1869، "مصدر فخر للمصريين"، بحسب "بلومبرغ".
وبعد هذه المبادرة، تم تشديد الاجراءات الأمنية حول القناة، حيث تم وضع سياج حولها في عام 2014، حالت دون وصول القرويين إلى حافة القناة. ويقول القرويون إنه لولا ذلك لربما كانوا أقاموا علاقات صداقة مع جيرانهم المؤقتين.
وبالنسبة لأشخاص مثل محمد عوض (39 عاما)، الذي ولد في الإسماعيلية - وهي واحدة من المدن الثلاث المطلة على القناة، إلى جانب بورسعيد - فإن القناة تمثل "طريقة للعيش" بالنسبة للأجيال. وقد نشأ عوض على ممارسة الصيد في القناة مع والده، كما عمل جده على واحدة من الحفارات التي كانت تقوم برفع حطام السفن التي غرقت أثناء الحرب التي خاضتها مصر مع إسرائيل في عام 1973.
وشأنه شأن كل أولئك الذين يعيشون بالقرب من القناة ممن أجرت وكالة "بلومبرغ" مقابلات معهم، يتذكر عوض الرياح القوية والعاصفة الرملية التي حولت السماء إلى اللون الأصفر وأدت إلى حجب الرؤية، في اليوم الذي جنحت فيه السفينة "إيفر غيفن".
ونقلت "بلومبرغ" عن هيئة قناة السويس المصرية، القول إن توقف حركة الملاحة فى القناة بسبب جنوح السفينة يتسبب في خسارتها ما يصل إلى 14 مليون دولار يوميا.
وكانت القناة حققت في العام الماضي دخلا للحكومة بلغت قيمته 5,6 مليار دولار، أي حوالي 10في المائة من إجمالي إيراداتها.
ويقول عوض: "لقد أصبت بالذعر عندما سمعت لأول مرة عن حادث السفينة... فأنا أعرف مدى أهمية القناة بالنسبة لنا جميعا."
وتعتبر سفينة الحاويات البنمية الجانحة واحدة من أكبر السفن في العالم حيث يبلغ طولها 400 متر، وعرضها 59 مترا، فيما تبلغ حمولتها الإجمالية 224 ألف طن.وتجري عمليات تحريكها وتعويمها منذ حوالي أسبوع وبدأت صباح الاثنين تتحرك.
ومن جانبه، كشف رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، السبت عن أن هناك 321 سفينة تنتظر حاليا في مدخل قناة السويس لحين تعويم السفينة الجانحة.
وأوضح أن سرعة الرياح ليست وحدها المسؤولة عن جنوح السفينة لأنه من المعتاد إبحار السفن في ظل رياح سرعتها أكبر من سرعة الرياح الحالية، حيث عبرت 12 سفينة قبل السفينة الجانحة و30 سفينة من الشمال، وأكد أن السفينة سبق لها عبور قناة السويس.
م.س/ع.ج.م (د ب أ)
بالصور: استئناف الملاحة في قناة السويس بعد تعويم "إيفر غيفن"
أعلنت هيئة قناة السويس استئناف حركة الملاحة في القناة بعد النجاح إعادة تعويم سفينة الحاويات الضخمة "إيفر غيفن" التي سدت الممر المائي لقرابة أسبوع. آثار الحادث قد تستمر لأسابيع وربما أشهر على حركة نقل البضائع العالمية.
صورة من: Suez Canal Authority/REUTERS
أعلنت هيئة قناة السويس المصرية استئناف حركة الملاحة في القناة بعد إعادة تعويم سفينة الحاويات الضخمة "إيفر غيفن" التي سدت الممر المائي لقرابة أسبوع. وتم تعديل وضع السفينة التي تزيد حمولتها عن 200 ألف طن فجر الاثنين بمشاركة أكثر من 10 قاطرات.
صورة من: Suez Canal Authority/REUTERS
وكانت الشركة المالكة للسفينة قد أعلنت السفينة التي جمحت لستة أيام، قد "استدارت" بزاوية 30 درجة نحو القناة بعد مناورات الشد لتعويم السفينة العملاقة. بدوره قال أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس إن 369 سفينة على الأقل تنتظر عبور القناة ومن بينها عشرات من سفن الحاويات وسفن البضائع الصب وناقلات النفط وناقلات الغاز الطبيعي المسال أو غاز البترول المسال.
صورة من: AFP/Getty Images
وحتى مع عودة الحركة في القناة فإن الاضطرابات في حركة نشاط الشحن العالمي "قد يستغرق زوالها أسابيع وربما تمتد لأشهر"، كما قالت مجموعة ميرسك للشحن، وهي أكبر شركة لشحن الحاويات في العالم، في بيان استشاري لها.
صورة من: Suez Canal Authority/dpa/picture alliance
فجر الثلاثاء 24 مارس/ آذار جنحت ناقلة الحاويات العملاقة "إم في إيفر غيفن" لتسد قناة السويس في مصر بسبب رياح قوية وارتطامها بالأرض. الناقلة كانت متجهة إلى ميناء روتردام في هولندا.
صورة من: Suez Canal Authority/REUTERS
رغم أن مصر قامت ببناء وافتتاح فرع جديد لقناة السويس في عام 2015 من أجل الحد من أوقات انتظار السفن على جانبي القناة، إلا أن هذا الفرع يبدأ شمال موقع الحادث، ما أدى إلى تعطل حركة الملاحة في القناة بشكل كامل.
صورة من: Reuters/A. Abdallah Dalsh
تعبر القناة يوميا في المتوسط حوالي 50 سفينة مختلفة الأحجام والأوزان. وبحسب شركة أخبار وبيانات الشحن العالمية "لويدز ليست" فان "طابور انتظار عبور قناة السويس" يضم أكثر من 200 سفينة "عالقة الآن بسبب الغلق"في يومه الرابع. وأشارت "لويدز ليست" إلى أن "الحسابات التقريبية" تفيد بأن حركة السفن اليومية من آسيا إلى أوروبا تُقّدر قيمتها بحوالي 5,1 مليار دولار ومن أوروبا إلى آسيا تُقّدر بنحو 4,5 مليار دولار.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Shaker
توفر قناة السويس على السفن التجارية الكثير من الوقت والتكلفة. فعلى سبيل المثال، فإن الرحلة من سنغافورة إلى روتردام في هولندا تقصّرها القناة من 11755 إلى 8281 ميلاً بحرياً، أي أنها أقصر بنحو 30 في المائة.
صورة من: Yan Liang/Xinhua/Zuma/picture alliance
تحاول السلطات المصرية، باستخدام قوارب قطر، إخراج السفينة من موقع الارتطام وإدارتها فيها القناة، بحيث تتمكن من الحركة مجدداً. عملية تعويم السفينة الجانحة ما تزال تجري عن كثب، وأبدت دول عديدة استعدادها لمساعدة مصر.
صورة من: AP/picture-alliance
تعتبر "إم في إيفر غيفن"، التي ترفع علم بنما، من أضخم الناقلات البحرية في العالم، إذ تستطيع حمل حوالي 20 ألف حاوية نقل. وكان من المفترض أن تصل إلى روتردام في الأول من أبريل/ نيسان. ولكن يبدو أنها لن تتمكن من الالتزام بهذا الموعد!
صورة من: Gehad Hamdy/dpa/picture alliance
في تاريخ 2019.05.11 عبرت حاملة الطائرات الأمريكية ابراهام لينكولن قناة السويس باتجاه بحر الخليج. و"أبراهام لنكولن" هي حاملة طائرات عملاقة من فئة "نيمتز"، وتعد من أضخم السفن الحربية في العالم. وشاركت في عام 1991 في عملية عاصفة الصحراء لتحرير الكويت، كما قادت قوة المهام الموحدة في الصومال في عامي 1992-1993، وفي مطلع القرن الحالي، شاركت في غزو أفغانستان عام 2001 وغزو العراق عام 2003.
صورة من: picture-alliance/ZUMA Wire/US Navy
تحيي مصر سنويا ذكرى حرب اكتوبر (1973.10.06) التي يطلق عليها في القاموس الاسرائيلي حرب يوم (عيد) كيبور التي اطلقتها اسرائيل، لكن الجيش المصري أحدث المفاجأة باجتياز خط برليف وتحرير قناة السويس التي كانت عبر العصور أيضا مسرحا لحروب. حرب 1973 أعقبتها مفاوضات قادت إلى معاهدة كامب ديفيد للسلام التاريخية بين مصر وإسرائيل سنة 1978.
صورة من: picture-alliance/dpa
يعود افتتاح قناة السويس إلى 1869 واستغرق بناؤها 10 سنوات، وساهم في عملية الحفر ما يقرب من مليون عامل مصري، تقول مصادر أنه مات منهم أكثر من 120 ألف أثناء عملية الحفر نتيجة الجوع والعطش والأوبئة والمعاملة السيئة. وفي منتصف نوفمبر تشرين ثاني من عام 1869افتتح الخديو اسماعيل مشروع قناة السويس في حفل ضخم.
إعداد. يان دافيد فالتر/ ي.أ/م.س