السودان: اتفاق أولي نحو السلام بين السيادي والحركات المسلحة
١١ سبتمبر ٢٠١٩
وقع المجلس الحاكم بالسودان والحركات المسلحة في جنوب البلاد على اتفاق مبادئ يؤسس لخارطة طريق لمحادثات سلام، ويهدف التوقيع إلى تنفيذ إجراءات بناء الثقة الواردة في الإعلان الدستوري المؤسس للمرحلة الانتقالية.
إعلان
قال مسؤولون في مجلس السيادة الحاكم في السودان ومن المتمردين اليوم الأربعاء(11 أغسطس/أيلول) إن الجانبين اتفقا على خارطة طريق لمحادثات سلام من المتوقع أن تبدأ في أكتوبر تشرين الأول وتستمر نحو شهرين. وجعل المجلس صنع السلام مع المتمردين الذين يقاتلون الخرطوم ضمن أولوياته الرئيسية نظرا لأن ذلك شرط أساسي لرفع البلاد من قائمة الولايات المتحدة للدول الراعية للإرهاب.
وتولى المجلس مقاليد الحكم في أغسطس/آب بعدما وقع المجلس العسكري الانتقالي وأحزاب مدنية وجماعات الاحتجاجات اتفاقا لتقاسم السلطة لثلاث سنوات بعد شهور من الصراع عقب الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في أبريل/نيسان.
واستضاف جنوب السودان أعضاء من المجلس وزعماء للمتمردين من عدة مناطق.
وقُتل الآلاف في حروب أهلية بالسودان بما في ذلك الصراع في منطقة دارفور بغرب البلاد، حيث يقاتل المتمردون الحكومة منذ عام 2003. ووقع مسؤولون ومتمردون سودانيون اتفاقا أوليا أمام دبلوماسيين يحدد مهلة شهرين للمحادثات، بدءا من 14 أكتوبر تشرين الأول وحتى منتصف ديسمبر كانون الأول.
وقال ياسر عرمان، نائب رئيس الجيش الشعبي لتحرير السودان-الشمال، إن التوقيع اليوم يهدف إلى تنفيذ إجراءات بناء الثقة الواردة في الإعلان الدستوري. ووقع الفريق أول محمد حمدان دقلو، عضو مجلس السيادة وقائد قوة الرد السريع، الاتفاق نيابة عن الحكومة. وقال دقلو إن الحكومة تريد طمأنة الشعب السوداني بأن زمن الحرب قد انتهى بلا رجعة. وأضاف أن من المحتمل أن تتناول المحادثات المسائل المتعلقة بكيفية مراقبة أي وقف للقتال وتحديد آليات إتاحة وصول المساعدات الإنسانية لجميع مناطق دارفور والنيل الأزرق.
وخاضت الحكومة حربا في دارفور مع جماعات محلية متمردة ينحدر كثير منها من قبائل أفريقية تعيش على الزراعة وتشكو من الإهمال، وهو الصراع الذي تسبب في نزوح نحو 2.5 مليون شخص. وهدأت وتيرة الحرب على مدى الأعوام الأربعة الماضية في دارفور حيث تنشط حركة العدل والمساواة وفصيلان من جيش تحرير السودان، لكن لا تزال تقع مناوشات.
والتزم متمردو الجيش الشعبي لتحرير السودان-الشمال، في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق الواقعتين في جنوب البلاد، إلى حد بعيد بوقف إطلاق النار على مدى العامين الماضيين. ويناهض المتمردون حكومة الخرطوم منذ أن انتهى بهم الأمر على الجانب السوداني من الحدود بعد انفصال جنوب السودان في عام 2011.
ويعيش في جنوب كردفان والنيل الأزرق عدد كبير ممن وقفوا في صف الجنوب خلال الحرب الأهلية مع الخرطوم على مدى عشرات السنين. ويقول كثير منهم إنهم تعرضوا للتهميش من جانب حكومة الخرطوم منذ إعلان جنوب السودان استقلاله في يوليو تموز بموجب اتفاق سلام عام 2005.
ي.ب/ ع.ج.م (رويترز)
في صور.. عهد جديد في السودان بعد اتفاق تقاسم السلطة
اتفقت القيادة العسكرية والمعارضة على التوزيع المستقبلي للسلطة في السودان: بيد أن الأمر لن يخلو من وجود العسكر، ومع ذلك، فإن الفرحة في السودان كبيرة، لأنه ستكون هناك انتخابات في غضون ثلاث سنوات.
صورة من: Getty Images/AFP/E. Hamid
فرحة عظيمة وأمل كبير للسودانيين
الفرحة عظيمة، فقد اتفق الجيش والمعارضة على تشكيل حكومة انتقالية. وينص الحل الوسط، الذي تفاوض عليه الاتحاد الأفريقي، على إنشاء مجلس سيادي مكون من خمسة مدنيين وخمسة عسكريين، على أن ينتخب هؤلاء العضو الحادي عشر. ومن المفترض أن تستغرق الفترة الانتقالية مدة تزيد قليلاً عن ثلاث سنوات.
صورة من: Getty Images/AFP/E. Hamid
لحظة تاريخية بالنسبة للسودان
"الوثيقة الدستورية" التي تتضمن بنود الاتفاق وقع عليها في الخرطوم السبت (17 أغسطس/ آب 2019) كل من نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي، وممثل تحالف "إعلان قوى الحرية والتغيير" أحمد الربيع بحضور رؤساء دول وحكومات أفريقية وممثلين عن الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ووزراء ومسؤولين من دول خليجية وعربية.
صورة من: picture-alliance/Anadolu Agency/C. Ozdel
شخصية عسكرية تتولى الرئاسة
وعلى الرغم من أن التسوية، التي تم التوصل إليها قد استوفت الكثير من المطالب المدنية، إلا أن الجيش سيستمر في لعب دور مهم في المستقبل، فالجنرال عبد الفتاح البرهان سيكون رئيسا خلال الفترة الانتقالية. هذا الاختيار لا يعجب الجميع بالضرورة، غير أنه يلقى تأييد كثيرين أيضا وخصوصا هؤلاء المتظاهرين في الصورة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Shazly
رجل الأمم المتحدة كرئيس للوزراء
كان يفترض أن يتم في اليوم التالي، الأحد (18 أغسطس/ آب 2019) الإعلان عن تشكيل المجلس الانتقالي، ليتم بعده الإعلان عن اسم رئيس الوزراء. وقد وافق المحتجون على عبد الله حمدوك، وهو مسؤول سابق، رفيع المستوى، بالأمم المتحدة ليتولى المنصب. كان حمدوك قد عُين عام 2016 كقائمٍ بأعمال الأمين التنفيذي للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا، غير أنه تخلى عن منصبه في عام 2018.
صورة من: picture-alliance/G. Dusabe
عطل مؤقت بسبب قوى الحرية والتغيير
لكن المجلس العسكري أعلن الاثنين (19 أغسطس/ آب) إرجاء تشكيل مجلس السيادة لمدة 48 ساعة بناء على طلب من "قوى الحرية والتغيير"، ونقلت وكالة الأنباء السودانية "سونا" عن الفريق الركن شمس الدين الكباشي، المتحدث باسم المجلس القول بأن قوى الحرية والتغيير (الصورة أرشيف) طلبت الإرجاء حتى تتمكن من الوصول لتوافق بين مكوناتها على قائمة مرشحيها الخمسة لمجلس السيادة.
صورة من: picture-alliance/AA/O. Erdem
المدنيون يحددون ممثليهم بالمجلس السيادي
وفي نفس اليوم بدأ اجتماع لقوى الحرية والتغيير (الصورة من الأرشيف) وامتد حتى فجر اليوم التالي (الثلاثاء 20 أغسطس/ آب). وبعد توتر وملاسنات تم الاتفاق على كل من عائشة موسى وحسن شيخ إدريس ومحمد الفكي سليمان وصديق تاور ومحمد حسن التعايشي، ممثلين للقوى المدنية في المجلس السيادي.
صورة من: Ethiopian Embassy Khartoum
فترة انتقالية لنحو 40 شهرا
بعد تشكيل المجلس السيادي والحكومة فعليا، ستدوم الفترة الانتقالية 39 شهرًا، وفي نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2022، سيتم انتخاب حكومة جديدة. وحتى ذلك الحين، ستسير أمور البلاد، التي يزيد عدد سكانها عن أكثر من 40 مليون شخص، الحكومة الانتقالية، طبقا للوثيقة الدستورية.
صورة من: AFP
تأكيد على دور المرأة بالهيئة التشريعية
من المقرر أيضا أن يتم تشكيل الهيئة التشريعية خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، على أن تكون نسبة 40 في المائة من أعضائها على الأقل من النساء. وبهذا ينبغي التأكيد على الدور المهم للمرأة السودانية خلال الاحتجاجات السلمية، التي بدأت نهاية 2018.
صورة من: Getty Images/AFP/E. Hamid
سقوط البشير بعد عقود من القبضة القوية
بداية من ديسمبر/ كانون الأول 2018، خرج مواطنو السودان إلى الشوارع للمطالبة بالتغيير، بعد 30 عامًا من حكم الرئيس عمر البشير البلاد. خلال كل هذه السنوات حكم البشير بيد قوية، فقد تم تقليص عمل المعارضة، وجرى قمع المجتمع المدني وتعذيب المنتقدين بل وقتلهم. وتحت ضغوط من الاحتجاجات الجماهيرية المستمرة عزل الجيش عمر البشير من رئاسة الدولة في أبريل/ نيسان.
صورة من: picture-alliance/NurPhoto/A. Widak
الجيش سيواصل لعب دور
سقوط البشير لم يكن النهاية، فقد تواصلت المظاهرات عندما أصر المجلس العسكري على حكم البلاد خلال المرحلة الانتقالية حتى التحول إلى الانتخابات الديمقراطية. لكن الحركة الاحتجاجية وعلى رأسها "قوى الحرية والتغيير" دعت إلى تشكيل حكومة مدنية دون أي تدخل عسكري. هذا الشرط لم يتحقق بالكامل، ففي فترة الحكومة المؤقتة، سيستمر الجيش السوداني في لعب دور. اعداد: ديانا هودالي/ صلاح شرارة