السودان: احتجاجات ضد الانقلاب ومقتل العشرات باشتباكات قبلية
١٧ يوليو ٢٠٢٢
شارك آلاف السودانيين في مظاهرات بالعاصمة الخرطوم لرفض "الانقلاب العسكري". ويرى مناهضو الانقلاب أن حل المشكلة يكمن في أيدي العسكريين من حركات التمرد السابقة، الذين يُتّهمون بمفاقمة التوترات لتحقيق مكاسب شخصية.
إعلان
أطلقت الشرطة السودانية الأحد (17 يوليو/ تموز 2022) قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق مئات المحتجين الذين حاولوا الوصول إلى القصر الرئاسي بوسط الخرطوم، بحسب ما افاد مراسلو فرانس برس. ويأتي هذا التحرك استكمالا للتظاهرات التي دعا إليها معارضو الانقلاب الذي نفذه قائد الجيش العام الماضي.
ومنذ صباح الأحد، انتشرت قوات الأمن السودانية في شوارع الخرطوم استباقاً لهذه الدعوات. وانتشرت القوات العسكرية في العاصمة الاحد، ووضعت كتلا خرسانية على الجسور التي تربط العاصمة بضواحيها، بهدف إغلاق الطرق الرئيسية المؤدية إلى مقر الجيش، المكان المعتاد للتظاهرات.
يوم دموي
ويعد يوم التعبئة هذا اختبارا للجبهة المناهضة للجيش التي أطلقت مواجهة مع السلطة في أوائل تموز/يوليو، غداة أشدّ أيام القمع دموية حين قُتل تسعة متظاهرين في 30 حزيران/يونيو. وأعقب ذلك بدء اعتصامات تعهدت الجبهة أنها ستكون غير محدودة.
وخارج العاصمة السودانية، خرج متظاهرون ضد الحكم العسكري بولاية ود مدني التي تبعد 186 كلم جنوب الخرطوم.
وقال أحد منظمي التظاهرة ويدعى عمار محمد في اتصال مع فرانس برس "قررنا أن تتوجه التظاهرة إلى مستشفى مدني للتبرع بالدم لأشقائنا جرحى القتال القبلي في (ولاية) النيل الازرق".
ومنذ الانقلاب العسكري الذي نفذه عبد الفتاح البرهان في 25 تشرين الأول/أكتوبر العام الماضي، قُتل 114 متظاهراً، بحسب لجنة أطباء السودان المركزية المناهضة للانقلاب.
وفي كسلا شرق البلاد، أغلق عشرات من قبيلة الهوسا المدخل الغربي للمدينة وقاموا بوضع الحجارة وحرق إطارات السيارات القديمة تضامنا مع مواطنيهم في النيل الأزرق.
عنف قبلي
أفاد شهود عيان بأن قوات عسكرية انتشرت الأحد في منطقة الرصيرص في النيل الازرق والتي كانت شهدت أحداث عنف السبت، ما دفع السلطات الأمنية إلى فرض حظر تجول بالمنطقة من الساعة 18,00 إلى الساعة 06,00 بالتوقيت المحلي.
كما أصدر حاكم الولاية أحمد العمدة قرارا "بحظر التجمعات والمواكب لمدة شهر" اعتبارا من الجمعة.
من جهتها، أكدت الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال بولاية النيل الأزرق عدم صحة تورطها في ما جرى مناشتباكات في الولاية. وقالت حركة التمرد السابقة الموقعة على اتفاق سلام مع الحكومة السودانية في جوبا عام 2020 في بيان "نرفض محاولة تشويه صورة الحركة الشعبية وقيادتها وسوف تواجه الحركة ذلك التشويه بكل قوة سياسياً وإعلامياً وقانونيا".
وأضافت أن "ما يشاع عن دعم وتسليح لبعض القبائل عار تماما عن الصحة".
وكان مسؤول طبي بمستشفى الرصيرص اشار السبت الى "نفاد أدوات الإسعافات الأولية".
جسر انقاذ جوي
وطالبت لجنة اطباء السودان المركزية المؤيدة للديموقراطية "وزارة الصحة الاتحادية بالتدخل العاجل وضرورة فتح جسر جوي مع الولاية لتلبية معينات العمل وإجلاء المرضى الذين يحتاجون إلى خدمات علاجية متقدمة".
وكانت اللجنة أشارت في بيان إلى أن "هذه الأحداث المؤسفة وقعت وسط صمتٍ مريب وتعتيم إعلامي من قبل حكومة ولاية النيل الأزرق، وعجز تام عن القيام بواجبها القانوني ومسؤولياتها الأخلاقية والإنسانية تجاه المواطنين".
ويرى مناهضو الانقلاب أن مفتاح حل المشكلة في أيدي العسكريين وحلفائهم من حركات التمرد السابقة، الذين يُتّهمون بمفاقمة التوترات العرقية والقبلية لتحقيق مكاسب شخصية.
وكان البرهان أعلن مطلع الشهر الجاري "عدم مشاركة المؤسسة العسكرية" في الحوار الوطني الذي دعت اليه الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي "لإفساح المجال للقوى السياسية والثورية... وتشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية المستقلة تتولى إكمال... (متطلبات) الفترة الانتقالية".
كذلك شمل إعلان البرهان أنه "سيتم حل مجلس السيادة وتشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة من القوات المسلحة والدعم السريع لتولي القيادة العليا للقوات النظامية ويكون مسؤولاً عن مهام الأمن والدفاع"، بعد تشكيل الحكومة المدنية.
إلا أن اعلان البرهان قوبل برفض المتظاهرين وقوى المعارضة. ووصفت قوى الحرية والتغيير، ائتلاف المعارضة الرئيسي في السودان، الإعلان بأنه "مناورة مكشوفة".
ع.أ.ج/ أ ح (أ ف ب)
السودان.. انقلاب عسكري يعصف بالانتقال الديمقراطي
منذ اندلاع الثورة السودانية في ربيع 2019 شهد السودان تجاذبات بين القوى المدنية والعسكر. الرهان كان على المرحلة الانتقالية التي شهدت بدورها صراعات قوية تبدو أن ذروتها سجِّلت في ليلة انقض فيها العسكر على مكتسبات الثورة.
صورة من: Hannibal Hanschke/REUTERS
اعتقالات بالجملة
منذ فجر الاثنين 2021.10.25، تتوالى تقارير إعلامية من السودان تفيد باعتقال الجيش لعددٍ من الوزراء وسياسيين بارزين من بينهم قيادات "قوى الحرية والتغيير" المظلة المدنية التي قادت انتفاضة شعبية أطاحت بنظام الجنرال عمر حسن البشير 2019.04.11. رئيس الوزراء عبد اللّه حمدوك ذُكر في البداية إنه وضع تحت الإقامة الجبرية، وأكدت وزارة الثقافة والاعلام أنه نُقل بدوره إلى مكان مجهول بسبب "رفضه تأييد الانقلاب".
صورة من: Hannibal Hanschke/REUTERS
متمردون سابقون
قائمة المعتقلين حسب وسائل الإعلام تطول تباعا لتشمل أيضا ياسر عرمان، نائب الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان وفق ما نشر حسابه على تويتر. وكانت جماعته المتمردة قد وقعت اتفاق سلام في 2020 مع السلطات الانتقالية متعهدة بالاندماج في الجيش. وعمل ياسر عرمان مؤخرا كمستشار لعبد الله حمدوك.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/N. El-Mofty
إعلاميون وصحفيون
الاعتقالات طالت أيضا إعلاميين وصحفيين، فقد اقتحمت قوات عسكرية مقر الإذاعة والتلفزيون في أم درمان، واحتجزت عدداً من العاملين. فيما تمّ قطع الانترنت، في وقت تواترت فيه تقارير عن توجه عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي إلى تعليق العمل بالوثيقة الدستورية التي تنظم المرحلة الانتقالية في البلاد.
صورة من: Hussein Malla/AP Photo/picture alliance
إعلان طلاق
رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان أعلن الاثنين(2021.10.25) فرض حالة الطوارئ في السودان وحل مجلسي السيادة والوزراء. كما أعلن تعليق العمل ببعض بنود الوثيقة الدستورية، وتجميد عمل لجنة إزالة التمكين، وإنهاء عمل ولاة السودان، مشيرا إلى التمسك باتفاق جوبا للسلام. وزارة الإعلام السودانية وصفت إجراءات البرهان بأنها "انقلاب عسكري".
صورة من: picture-alliance/AA
غضب وإنزال أمني
على الفور خرج العشرات من المدنيين لشوارع الخرطوم وتم إحراق الإطارات، كما تم نشرت قوات الدعم السريع في شوارع العاصمة الخرطوم.
صورة من: REUTERS
دعوات للخروج إلى الشارع
مباشرة بعد الاعتقالات دعت القوى الثورية وعلى رأسها "تجمع المهنيين السودانيين" المعارض، في حسابه على فيسبوك، إلى "الخروج للشوارع واحتلالها وإغلاق كل الطرق بالمتاريس، والإضراب العام عن العمل وعدم التعاون مع الانقلابيين، والعصيان المدني في مواجهتهم". رئيس الوزراء حمدوك بدوره طالب بـ "احتلال الشوارع دفاعاً عن الثورة". ذات الدعوات أطلقها أيضا حزبا "الأمة" و"الشيوعي".
صورة من: ASHRAF SHAZLY/AFP via Getty Images
ردود فعل دولية
اجتمعت القوى الدولية بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على أن ما حدث في السودان فجر الاثنين انقلاب "مخالف للإعلان الدستوري والتطلعات الديمقراطية للشعب السوداني، وغير مقبول على الإطلاق"، كما جاء على لسان المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان الذي هدّد بوقف المساعدات إلى السودان.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Arboleda
قلق على مستقبل السودان
قلق بالغ على مستقبل السودان شددت عليه تصريحات مسؤولين من الأمم المتحدة ودول غربية وسط مطالبات حثيثة إلى إعادة العملية الانتقالية إلى مسارها الصحيح. الاتحاد الأوروبي دعا إلى الإفراج عن قادة السودان المدنيين وشدد على وجوب "تجنّب العنف وسفك الدماء"، من جهته دعا الإتحاد الأفريقي إلى "الاستئناف الفوري للمشاورات بين المدنيين والعسكريين في إطار الإعلان السياسي والإعلان الدستوري".
صورة من: Giscard Kusema
انقلاب بعد انقلاب
الانقلاب الجديد جاء بعد أربعة أسابيع عن محاولة انقلاب فاشلة لم تفهم تفاصيله بعد. وبعد يومين من تظاهرات حاشدة نزل فيها عشرات الآلاف من السودانيين إلى شوارع المدن، دعماً لانتقال كامل للحكم إلى المدنيين، فيما كان أنصار العسكر يواصلون اعتصاماً أمام القصر الجمهوري وسط العاصمة الخرطوم منذ السبت الماضي، في مؤشر على الانقسام المهيمن على المشهد.
صورة من: picture-alliance/Photoshot
مآل الثورة؟
المشهد اليوم يوحي بنهاية اتفاق 2019، حين وقّع العسكريون والمدنيون الذين كانوا يقودون الحركة الاحتجاجية التي أطاحت بالرئيس البشير، اتفاقًا لتقاسم السلطة نصّ على فترة انتقالية من ثلاث سنوات تم تمديدها لاحقا. وبموجبه، تم تشكيل سلطة تنفيذية من الطرفين، على أن يتم تسليم الحكم لسلطة مدنية إثر انتخابات حرة. غير أن الشروخ اتسعت بين فريق يسعى إلى عودة العسكر إلى الحكم وفريق آخر يريدها "مدنية..مدنية". و.ب