السودان- البرهان يعفي المدنيين من مجلس السيادة الحاكم
٦ يوليو ٢٠٢٢
أعفى قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان الأعضاء الخمسة المدنيين من عضوية مجلس السيادة الحاكم الذي يرأسه ليصبح كافة أعضاء المجلس من العسكريين وأعضاء حركات التمرد المسلحة. فكيف قابل المكون المدني هذا القرار؟
إعلان
أعفى قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان الأربعاء (السادس من يوليو/ تموز 2022) الأعضاء الخمسة المدنيين من عضوية مجلس السيادة الحاكم الذي يرأسه، بينما يواصل السودانيون المناهضون للحكم العسكري اعتصامهم منذ أسبوع في الخرطوم وضواحيها.
انسحاب القوات المسلحة من المفاوضات
وأفاد بيان مجلس السيادة بأن البرهان أصدر "مرسوماً دستورياً بإعفاء أعضاء مجلس السيادة المدنيين"، ليصبح المجلس مشكلاً من العسكريين وعلى رأسهم البرهان ونائبه قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو وأعضاء حركات التمرد المسلحة الذين وقعوا على اتفاق السلام مع الحكومة في جوبا.
وأتى قرار البرهان بالاعفاء بعد يومين من إعلانه "عدم مشاركة المؤسسة العسكرية في مفاوضات (الحوار الوطني) الجارية حالياً لإفساح المجال للقوى السياسية والثورية وتشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية المستقلة تتولى إكمال... (متطلبات) الفترة الانتقالية".
كذلك شمل إعلان البرهان أنه "سيتم حل مجلس السيادة وتشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة من القوات المسلحة والدعم السريع لتولى القيادة العليا للقوات النظامية ويكون مسؤولاً عن مهام الأمن والدفاع"، بعد تشكيل الحكومة المدنية. وهو الإعلان الذي قابله كل من المعتصمين وقوى المعارضة بالرفض.
دعوات لاستمرار التظاهرات
وعلى منصات التواصل الاجتماعي، انتشرت منشورات تحمل وسم "الموكب النسوي" تدعو السودانيات إلى الخروج للتظاهر الأربعاء والانضمام إلى الاعتصامات.
وأفاد صحافي من فرانس برس بأن مئات النساء خرجن على رأس موكب اتجه إلى مقر اعتصام وسط الخرطوم أمام مستشفى الجودة، وهن يرفعن لافتات كُتب على إحداهن "صحة وتعليم المرأة تعيش في أمان".
وهتفت النساء "العسكر إلى الثكنات .. الشارع فيه بنات"، وفي المقابل استقبل المعتصمون المتظاهرات وهم يهتفون "انا أمي كنداكة". والكنداكة هو الاسم الذي يطلقه السودانيون على الناشطات السودانيات اللاتي يشاركن في التظاهرات المطالبة بالديموقراطية، تيمنا بملكات النوبة.
ومساء الثلاثاء، بدأ المحتجون اعتصاماً وسط مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة التي تبعد 186 كلم جنوب الخرطوم، لتصبح نقطة الاعتصام الأولى خارج العاصمة. وقال محمود ميرغني أحد المعتصمين لفرانس برس عبر الهاتف "لن نغادر الاعتصام حتى تعود السلطة المدنية الكاملة ونضمن تقديم الذين قتلوا الشهداء إلى العدالة".
قوى الحرية والتغيير ترفض البيان
ورفضت قوى الحرية والتغيير التي تمثل ائتلاف المعارضة الرئيسي في السودان اعلان البرهان ووصفته الثلاثاء بأنه "خديعة" داعية إلى مواصلة الاحتجاجات.
وجاء في بيان للائتلاف المعارض أن "قرارات قائد السلطة الانقلابية هي مناورة مكشوفة وتراجع تكتيكي.. واجبنا جميعا الآن هو مواصلة التصعيد الجماهيري بكافة طرقه السلمية من اعتصامات ومواكب والاضراب السياسي وصولاً للعصيان المدني الذي يجبر السلطة الانقلابية على التنحي".
وخلال الفترة الماضية، مارست الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومجموعة دول شرق ووسط إفريقيا للتنمية (إيغاد) عبر ما يعرف باسم "الآلية الثلاثية"، ضغوطاً لإجراء حوار مباشر بين العسكريين والمدنيين. إلا أن كتل المعارضة الرئيسية، مثل قوى الحرية والتغيير وحزب الأمة، رفضت خوض هذا الحوار.
مناشدات دولية
وفي واشنطن، أعلن المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس أنّ الولايات المتّحدة تعتبر أنّ "من السابق لأوانه" تقييم أثر قرار البرهان المتعلق بانسحاب المكون العسكري من المحادثات السياسية. وأضاف أنّ واشنطن تناشد جميع الأطراف في السودان السعي للتوصّل إلى اتّفاق لتشكيل "حكومة يقودها مدنيون" وتنظيم "انتخابات حرّة ونزيهة".
من جهته، قال الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش إنّه يأمل أن يؤدّي قرار البرهان إلى "إيجاد فرصة للتوصّل لاتّفاق". ودعا غوتيريش في بيان إلى إجراء "تحقيق مستقلّ في أعمال العنف" في السودان.
ع.ح./ا.ح. (أ ف ب)
السودان.. انقلاب عسكري يعصف بالانتقال الديمقراطي
منذ اندلاع الثورة السودانية في ربيع 2019 شهد السودان تجاذبات بين القوى المدنية والعسكر. الرهان كان على المرحلة الانتقالية التي شهدت بدورها صراعات قوية تبدو أن ذروتها سجِّلت في ليلة انقض فيها العسكر على مكتسبات الثورة.
صورة من: Hannibal Hanschke/REUTERS
اعتقالات بالجملة
منذ فجر الاثنين 2021.10.25، تتوالى تقارير إعلامية من السودان تفيد باعتقال الجيش لعددٍ من الوزراء وسياسيين بارزين من بينهم قيادات "قوى الحرية والتغيير" المظلة المدنية التي قادت انتفاضة شعبية أطاحت بنظام الجنرال عمر حسن البشير 2019.04.11. رئيس الوزراء عبد اللّه حمدوك ذُكر في البداية إنه وضع تحت الإقامة الجبرية، وأكدت وزارة الثقافة والاعلام أنه نُقل بدوره إلى مكان مجهول بسبب "رفضه تأييد الانقلاب".
صورة من: Hannibal Hanschke/REUTERS
متمردون سابقون
قائمة المعتقلين حسب وسائل الإعلام تطول تباعا لتشمل أيضا ياسر عرمان، نائب الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان وفق ما نشر حسابه على تويتر. وكانت جماعته المتمردة قد وقعت اتفاق سلام في 2020 مع السلطات الانتقالية متعهدة بالاندماج في الجيش. وعمل ياسر عرمان مؤخرا كمستشار لعبد الله حمدوك.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/N. El-Mofty
إعلاميون وصحفيون
الاعتقالات طالت أيضا إعلاميين وصحفيين، فقد اقتحمت قوات عسكرية مقر الإذاعة والتلفزيون في أم درمان، واحتجزت عدداً من العاملين. فيما تمّ قطع الانترنت، في وقت تواترت فيه تقارير عن توجه عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي إلى تعليق العمل بالوثيقة الدستورية التي تنظم المرحلة الانتقالية في البلاد.
صورة من: Hussein Malla/AP Photo/picture alliance
إعلان طلاق
رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان أعلن الاثنين(2021.10.25) فرض حالة الطوارئ في السودان وحل مجلسي السيادة والوزراء. كما أعلن تعليق العمل ببعض بنود الوثيقة الدستورية، وتجميد عمل لجنة إزالة التمكين، وإنهاء عمل ولاة السودان، مشيرا إلى التمسك باتفاق جوبا للسلام. وزارة الإعلام السودانية وصفت إجراءات البرهان بأنها "انقلاب عسكري".
صورة من: picture-alliance/AA
غضب وإنزال أمني
على الفور خرج العشرات من المدنيين لشوارع الخرطوم وتم إحراق الإطارات، كما تم نشرت قوات الدعم السريع في شوارع العاصمة الخرطوم.
صورة من: REUTERS
دعوات للخروج إلى الشارع
مباشرة بعد الاعتقالات دعت القوى الثورية وعلى رأسها "تجمع المهنيين السودانيين" المعارض، في حسابه على فيسبوك، إلى "الخروج للشوارع واحتلالها وإغلاق كل الطرق بالمتاريس، والإضراب العام عن العمل وعدم التعاون مع الانقلابيين، والعصيان المدني في مواجهتهم". رئيس الوزراء حمدوك بدوره طالب بـ "احتلال الشوارع دفاعاً عن الثورة". ذات الدعوات أطلقها أيضا حزبا "الأمة" و"الشيوعي".
صورة من: ASHRAF SHAZLY/AFP via Getty Images
ردود فعل دولية
اجتمعت القوى الدولية بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على أن ما حدث في السودان فجر الاثنين انقلاب "مخالف للإعلان الدستوري والتطلعات الديمقراطية للشعب السوداني، وغير مقبول على الإطلاق"، كما جاء على لسان المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان الذي هدّد بوقف المساعدات إلى السودان.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Arboleda
قلق على مستقبل السودان
قلق بالغ على مستقبل السودان شددت عليه تصريحات مسؤولين من الأمم المتحدة ودول غربية وسط مطالبات حثيثة إلى إعادة العملية الانتقالية إلى مسارها الصحيح. الاتحاد الأوروبي دعا إلى الإفراج عن قادة السودان المدنيين وشدد على وجوب "تجنّب العنف وسفك الدماء"، من جهته دعا الإتحاد الأفريقي إلى "الاستئناف الفوري للمشاورات بين المدنيين والعسكريين في إطار الإعلان السياسي والإعلان الدستوري".
صورة من: Giscard Kusema
انقلاب بعد انقلاب
الانقلاب الجديد جاء بعد أربعة أسابيع عن محاولة انقلاب فاشلة لم تفهم تفاصيله بعد. وبعد يومين من تظاهرات حاشدة نزل فيها عشرات الآلاف من السودانيين إلى شوارع المدن، دعماً لانتقال كامل للحكم إلى المدنيين، فيما كان أنصار العسكر يواصلون اعتصاماً أمام القصر الجمهوري وسط العاصمة الخرطوم منذ السبت الماضي، في مؤشر على الانقسام المهيمن على المشهد.
صورة من: picture-alliance/Photoshot
مآل الثورة؟
المشهد اليوم يوحي بنهاية اتفاق 2019، حين وقّع العسكريون والمدنيون الذين كانوا يقودون الحركة الاحتجاجية التي أطاحت بالرئيس البشير، اتفاقًا لتقاسم السلطة نصّ على فترة انتقالية من ثلاث سنوات تم تمديدها لاحقا. وبموجبه، تم تشكيل سلطة تنفيذية من الطرفين، على أن يتم تسليم الحكم لسلطة مدنية إثر انتخابات حرة. غير أن الشروخ اتسعت بين فريق يسعى إلى عودة العسكر إلى الحكم وفريق آخر يريدها "مدنية..مدنية". و.ب