السودان.. الحرب تدخل يومها المئة ولا سلام يلوح في الأفق
٢٣ يوليو ٢٠٢٣
اندلعت اشتباكات في أجزاء من السودان مع دخول الحرب المستعرة بين الجيش وقوات الدعم السريع يومها المئة في ظل عدم تمكن جهود الوساطة التي تقوم بها قوى إقليمية ودولية من إيجاد سبيل للخروج من صراع بات مستعصيا على الحل.
إعلان
مع دخول الحرب فيالسودان يومها المئة، تحدثت أنباء اليوم الأحد (23 يوليو/ تموز 2023) عن اندلاع اشتباكات في أجزاء من البلاد، فيما قال شهود فينيالا، إحدى أكبر مدن البلاد وعاصمة جنوب دارفور، إن الاشتباكات مستمرة منذ يوم الخميس في مناطق سكنية.
وتقول مصادر طبية إن 20 شخصا على الأقل قتلوا. وتقول الأمم المتحدة إن 5000 أسرة شُردت. ويقول سكان إن منشآت رئيسية تعرضت للنهب.
وقال صلاح عبد الله (35 عاما) "الرصاص يتطاير إلى داخل المنازل. نشعر بالرعب ولا أحد يحمينا".
وأفسح القتال المجال لهجمات عرقية من ميليشيات عربية وقوات الدعم السريع في غرب دافور التي فر منها مئات الآلاف إلى تشاد. واتهم سكان قوات الدعم السريع بالقيام بعمليات نهب واحتلال مساحات شاسعة من العاصمة. وقالت قوات الدعم السريع إنها ستحقق في الأمر.
وفي حين أبدى الجانبان انفتاحا إزاء جهود الوساطة التي تقوم بها أطراف إقليمية ودولية لم تسفر أي من تلك الجهود عن وقف دائم لإطلاق النار. وأرسل الجانبان وفودا في محاولة لاستئناف المحادثات في جدة والتي سبق وأن أفضت إلى اتفاقات لوقف إطلاق النار جرى انتهاكها في كثير في الأحيان.
امتداد القتال إلى مناطق عديدة
بيد أن وزير الخارجية السوداني قال يوم الجمعة إن المحادثات غير المباشرة لم تبدأ بجدية. وترأس قائد الجيش وقائد قوات الدعم السريع مجلسا مشتركا منذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير في 2019 واختلفا حول الخطط الرامية للانتقال إلى الديمقراطية.
واتهمت جماعات سياسية مدنية وقوات الدعم السريع الجيش بغض الطرف عن الظهور العلني لموالين للبشير، مطلوبين للعدالة، في الآونة الأخيرة. وقالت قوى الحرية والتغيير، التحالف المدني الرئيسي، اليوم الأحد إنها تعقد اجتماعا في مصر التي تعرض نفسها كوسيط في الصراع.
واندلع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 أبريل/ نيسان بسبب الصراع على السلطة مما أشاع الدمار في العاصمة الخرطوم وتسبب في زيادة حادة في العنف العرقي في دارفور وشرد ما يزيد على ثلاثة ملايين منهم أكثر من 700 ألف فروا إلى دول مجاورة.
وتقول وزارة الصحة إن القتال أودى بحياة زهاء 1136 شخصا، لكن المسؤولين يعتقدون أن العدد أكبر من ذلك. ولم يتمكن الجيش ولا قوات الدعم السريع من تحقيق انتصار، إذ تصطدم هيمنة قوات الدعم السريع على الأرض في العاصمة الخرطوم بنيران سلاح الجو والمدفعية بالجيش.
وانهارت البنية التحتية والحكومة في العاصمة بينما امتد القتال غربا، لا سيما إلى منطقة دارفور الهشة، وكذلك إلى الجنوب حيث تحاول الحركة الشعبية لتحرير السودان-الشمال السيطرة على أراض. وتوغلت قوات الدعم السريع مطلع الأسبوع في قرى بولاية الجزيرة الواقعة جنوبي الخرطوم مباشرة حيث استهدفهم الجيش بضربات جوية وفقا لما ذكره شهود.
ع.ش/ ع.ج (رويترز)
في صور: دوامة الصراع على السلطة في السودان..أبرز القوى السياسية والعسكرية
منذ سقوط نظام البشير تتصارع قوى سياسية وعسكرية على السلطة في السودان. وتسبب الصراع في عدم استقرار الأحوال بالبلاد على مدى سنوات، إلى أن اندلع القتال الأخير بين الجيش وقوات الدعم السريع. فما هي أبرز تلك الجهات المتصارعة؟
صورة من: Ebrahim Hamid/AFP/Getty Images
قوى "إعلان الحرية والتغيير"
وهي تجمع لعدد من التيارات والمكونات السياسية الإئتلافات المدنية السودانية، منها "تجمّع المهنيين" و "الجبهة الثورية" و "تحالف قوى الإجماع الوطني" و "كتلة التجمع الاتحادي" و "كتلة قوى نداء السودان".
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
تأسيس "إعلان الحرية والتغيير"
تأسّست قوى الحرية في كانون الثاني/يناير 2019 خِلال الاحتجاجات التي اندلعت عام 2018 ضد حكم الرئيس السابق عمر البشير. قامت تلك القوى المعروفة اختصاراً باسم "قحت" بصياغة "إعلان الحرية والتغيير" و"ميثاق الحرية والتغيير" الذي دعا إلى إقالة البشير من السلطة وهو ما حدث في نيسان/أبريل عام 2019.
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
الجيش يطيح باتفاق تقاسم السلطة
استمرت "قحت" في نشاطها ونظمت احتجاجات في وجه المجلس العسكري الذي حكم البلاد "نظريًا" بعد سقوط نظام البشير ثمّ دخلت في مرحلة مفاوضات مع الجيش حتى توصلت معه في 17 تموز/يوليو 2019 إلى خطة لتقاسم السلطة لكنها لم تصمد كثيراً، حيث أطاح الجيش السلطة المدنية واتُهم بتنفيذ "انقلاب".
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
الجيش الحاكم الفعلي منذ استقلال السودان
الحاكم الفعلي للبلاد منذ إعلان الجمهورية عام 1956. يحتل المركز 75 عالمياً في قائمة أقوى جيوش العالم ويصل عدد أفراده إلى نحو 200 ألف جندي بين قوات عاملة واحتياط. لدى الجيش السوداني 191 طائرة حربية متنوعة بين مقاتلات وطائرات هجومية وطائرات شحن عسكري وطائرات تدريب ومروحيات هجومية. كما يمتلك 170 دبابة وآلاف المدرعات وأنواع مختلفة من المدافع وراجمات الصواريخ إلى جانب أسطول بحري صغير.
صورة من: Sovereignty Council of Sudan/AA/picture alliance
انقلاب الجيش على الحكومة المدنية
استولى الجيش في أكتوبر/تشرين الأول 2021 على السلطة وأعلن حالة الطوارئ، منهياً اتفاق تقاسم السلطة بين المدنيين والعسكريين في خطوة وصفت بأنها انقلاب عسكري. تقول التيارات المدنية إن الجيش يرفض تسليم السلطة للمدنيين ما أدى لصدامات متعددة كان أبرزها ما سمى "بمجزرة القيادة العامة" في حزيران/يونيو 2019 وراح ضحيتها أكثر من 100 قتيلٍ في يومٍ واحد وتبرأ المجلس العسكري منها وأكد فتح تحقيقات بشأنها.
صورة من: Sudan Sovereignty Council Press Office/AA/picture alliance
الرجل القوي في الجيش السوداني
يقود الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان والذي برز اسمه في فبراير/شباط 2019، مع إعلان البشير ترقيته من رتبة فريق ركن إلى فريق أول. تولى العديد من المناصب داخل وخارج السودان. عقّدت الانقسامات بين قوات الدعم السريع والجيش جهود استعادة الحكم المدني. وسرعان ما دب الخلاف بين الرجلين القويين عبد الفتاح البرهان قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة ومحمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع ونائب البرهان.
صورة من: ASHRAF SHAZLY/AFP/Getty Images
قوات الدعم السريع..ميليشيات الجنجويد بالأمس
عمودها الأساسي ميليشيات الجنجويد وهي جماعات مسلحة كانت موالية للبشير، أثارت ذعراً شديداً منذ عام 2003 حين قامت بسحق تمرد في دارفور. اتهمت بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية. أضفى البشير الشرعية عليها لتتحول إلى "قوات الدعم السريع" وفق قانون أجازه المجلس الوطني في عام 2017". حصل قائدها محمد حمدان دقلو "حميدتي" على رتبة عسكرية وكان له مطلق الحرية في السيطرة على مناجم الذهب في دارفور.
صورة من: Hussein Malla/AP/picture alliance
قوات الدعم السريع..الرجال والعتاد
يُقدر عدد أفراد قوات الدعم السريع بنحو 100 ألف فرد ينتشرون في جميع أنحاء البلاد. تمتلك عدداً كبيراً من الأسلحة الخفيفة مثل البنادق والرشاشات والأسلحة المضادة للدروع والصواريخ الموجهة والمتفجرات اليدوية والأسلحة الثقيلة مثل المدافع والدبابات وآلاف من سيارات الدفع الرباعي وغيرها.
صورة من: Hussein Malla/AP/picture alliance
من هو محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع؟
"حميدتي" اللواء محمد حمدان دقل، هو تاجر جمال سابق وحاصل على قدر من التعليم الأساسي ويعد الرجل الثاني في السودان وأحد أثرى الأشخاص في البلاد. أدى دوراً بارزاً في السياسة المضطربة في السودان على مدى سنوات وساعد في إطاحة الرئيس البشير عام 2019، والذي كانت تربطه به علاقة وثيقة ذات يوم. تولى عدداً من أهم الملفات في السودان بعد سقوط البشير، بما في ذلك الاقتصاد المنهار ومفاوضات السلام مع جماعات متمردة.
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
"حميدتي" ..رجل من؟
يتمتع حميدتي بعلاقات دولية قوية مع عدة دول أجنبية مثل روسيا وإثيوبيا، وأخرى عربية منها السعودية والإمارات خاصة بعد أن أرسل قواته لدعمهما ضد الحوثيين في الحرب الأهلية اليمنية. يقول مراقبون إنه منذ سقوط البشير وهو يسعى ليصبح الرجل الأول في السودان.
صورة من: Russian Foreign Ministry Press Service/AP/picture alliance
كيانات التيار الإسلامي
وهي تنظيمات وتيارات وكيانات إسلامية متنوعة المشارب والاتجاهات، منها "حركة الإصلاح الآن" بقيادة غازي صلاح الدين العتباني وهو مستشار سابق للبشير، وأيضاً "الحركة الإسلامية السودانية" بقيادة حسن عمر و"منبر السلام العادل" و "حزب دولة القانون والتنمية".
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
موقف كيانات التيار الإسلامي
تقول قوى سياسية سودانية إن التيار الإسلامي في أغلبه يضم رموزاً من العهد السابق وأن أغلب مكوناته تنتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين. من جهتها تقول تلك التيارات الإسلامية إنها تعمل على حفظ السيادة الوطنية وجعل قيم الدين هي الحاكمة لجميع أوجه الحياة إضافة لإصلاح الشأن السياسي. إعداد: عماد حسن.