تبدأ اليوم محاكمة الرئيس السوداني السابق عمر البشير ومعه 16 آخرون بتهمة الانقلاب على حكومة منتخبة عام 1989. يقول ممثلوا الاتهام في القضية إن عقوبة الانقلاب قد تصل إلى الإعدام.
إعلان
يمثل الرئيس السوداني السابق عمر البشير ومعه 16 آخرون صباح الثلاثاء (21 يوليو/تموز 2020) أمام محكمة خاصة من ثلاثة قضاة في الخرطوم، بتهمة الانقلاب على الحكومة المنتخبة عام 1989 في قضية هي الأولى من نوعها قد تصل عقوبتها إلى الإعدام، حسب ممثلي الادّعاء.
ويقول معز حضره، من ممثلي الاتهام في القضية: "المتهمون يقدمون للمحاكمة بموجب المادة 96 من القانون الجنائي السوداني لسنة 1983 وهي تقويض النظام الدستوري والمادة 78 من نفس القانون وهي الاشتراك في الفعل الجنائي".
وفي حال أدين البشير بموجب المادة 96، فقد يواجه عقوبة أقصاها الإعدام، حسب ممثل الاتهام الذي أكد "لدينا أدلة وبينات قوية في مواجهة المتهمين"، موضحاً "أنها المرة الأولى في السودان التي يقدم فيها من قام بانقلاب عسكري إلى المحاكمة".
وأطاح الجيش السوداني بالبشير في نيسان/أبريل 2019 عقب احتجاجات شعبية استمرت اشهراً عدة. وتتولى الحكم في السودان حالياً سلطة انتقالية ستستمر لمدة ثلاث سنوات تجري بعدها انتخابات عامة.
وفي مايو/أيار 2019، حرك محامون الدعوى ولاحقا في مارس/آذار شكل النائب العام لجنة تحقيق في انقلاب 1989 وتم إنشاء هيئة اتهام مشتركة.
أبرز المتهمين في القضية
ومن أبرز المتهمين في القضية نائبا البشير على عثمان طه وبكري حسن صالح، بالاضافة إلى عسكريين ومدنيين تقلدوا مواقع وزارية وحكموا ولايات في عهد الرئيس السابق.
ويقول حضره "رفض البشير وبكري حسن صالح التحدث مع لجنة التحقيق ومع ذلك سوف يمثلان أمام المحكمة".
وكان انقلاب البشير الثالث منذ استقلال السودان عام 1956، بعد انقلابين قام بهما ابراهيم عبود (1959-1964) وجعفر نميري (1969-1985). واستولى البشير على السلطة من حكومة منتخبة برئاسة الصادق المهدي زعيم حزب الأمة، أبرز الاحزاب السودانية.
السودان: مبادرة خاصة للبحث عن المفقودين بالمظاهرات
03:10
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أدين البشير بالفساد وصدر حكم بالتحفّظ عليه في دار للإصلاح الاجتماعي لمدة عامين.
ويقول حضره "المحاكمة ترسل رسالة إلى كل من يحاول تقويض النظام الدستوري بأن الأمر يجرم وهذا يمثل حماية للديمقراطية".
"محاكمة سياسية"
ويرى فريق الدفاع عن البشير المؤلف من 150 محامياً، أنها "محاكمة سياسية". وقال هاشم الجعلي من فريق الدفاع: "رؤيتنا للمحاكمة أنها سياسية أُلبست ثوب القانون كما أنها تجري في مناخ عدائي للمتهمين من قبل أجهزة تنفيذ القانون". واعتبر الجعلي أن "هذه الوقائع سقطت بالتقادم إذ مضى على وقوعها أكثر من عشرة أعوام". ورأى أن "المحاكمة تستهدف الحركة الإسلامية السودانية ويريدون وصمها بالإرهاب ولكن لدينا من الأدلة ما يدحض ذلك وبأنه افتراء".
وحصل البشير في انقلابه العسكري عام 1989 على دعم "الجبهة الإسلامية القومية" بقيادة حسن الترابي الذي توفي عام 2016.
ودافع الجعلي عن البشير مشيراً إلى أنه قام بمصالحة وطنية مع زعيم المتمردين في جنوب السودان بتوقيع اتفاقية سلام في 2005 برعاية الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي. وعلّق: "هذا اعتراف دولي بنظام الإنقاذ"، في اشارة إلى الاسم الذي أطلقته حكومة البشير على نفسها.
في المقابل، باتت هذه المحاكمة مصدر ارتياح لصلاح مطر الذي كان ساعة وقوع الانقلاب يشغل منصب مدير الأمن الداخلي، لكنه أُحيل إلى التقاعد بعد أسبوع من وصول البشير إلى السلطة.
ويقول مطر: "قبل ستة أشهر من وقوع الانقلاب رصدنا اجتماعات للجبهة الإسلامية القومية وهي تُعد لانقلاب على الحكومة المنتخبة، وأعددنا تقريراً وسلمناه لوزير الداخلية مبارك الفاضل المهدي وقتها ولكنه تجاهل التقرير".
ع.ح./و.ب. (أ ف ب)
السودان.. محطات من صراع المعارضة مع العسكر
السودانيون بين الأمل والقلق حول مستقبل أوضاع بلادهم. في الصباح يستيقظون على أنباء إحباط محاولة إنقلابية وفي المساء تأتي أخبار بالتوصل لاتفاق بين العسكر وقوى المعارضة. في صور: محطات الصراع على السلطة بين المحتجين والجيش.
صورة من: AFP/Getty Images/A. Shazly
إعلان الوساطة الإفريقية الإثيوبية المُشتركة الجمعة (12 يوليو تموز 2019) بأن قوى إعلان الحرية والتغيير المعارضة والمجلس العسكري الإنتقالي في السودان توصلا إلى اتفاق كامل بشأن "الإعلان السياسي" المُحدد لكافة مراحل الفترة الإنتقالية، وخارطة طريق لتنظيم الانتخابات. هذا الإعلان يأتي في وقت لم تُبدد فيه بشكل نهائي المخاوف من تعطيل انتقال السلطة للمدنيين.
صورة من: AFP/Getty Images/A. Shazly
في الحادي عشر من يوليو/ تموز استيقظ السودانيون على بيان للمجلس العسكري الحاكم يعلن فيه أن مجموعة ضباط حاولوا القيام "بانقلاب عسكري" لتقويض اتفاق بين الجيش والمعارضة لاقتسام السلطة لفترة مدتها ثلاث سنوات يعقبها
إجراء انتخابات. الغموض ما يزال يحيط بأهداف مدبري محاولة الإنقلاب وارتباطاتهم.
صورة من: picture-alliance/AA
احتجاجات سلمية
لأسابيع طويلة صمد المتظاهرون السودانيون أمام مقر وزارة الدفاع. آلاف المحتجين كانوا يطالبون بمجلس انتقالي يحدد فيه المدنيون مستقبل البلاد. ولكن في مطلع حزيران/ يونيو 2019 تحرك العسكر لفض الاعتصام بقوة السلاح ما أسفر عن مقتل العشرات وجرح المئات.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Shazly
باسم الأمة..
متظاهر يحمل علم السودان بالقرب من المقر الرئيسي لقيادة الجيش. العلم يرمز إلى مطلب المتظاهرين في المشاركة بشكل متساو في رسم مستقبل البلاد، والمقصود مشاركة الشعب والجيش على قدم المساواة في ذلك. ولو حدث ذلك، سيكون خطوة مهمة على طريق الديمقراطية.
صورة من: Reuters
إشارات تحذيرية
قبل أيام من فض الاعتصام، كان هناك حضور قوي للجيش. ورأى الكثير من المتظاهرين في ذلك أن الجيش ربما لا يبدو مستعدا لتسليم السلطة للمدنيين، حسب ما كان يأمله السودانيون بعد الإطاحة بالديكتاتور عمر البشير.
صورة من: Getty Images/AFP
نهاية حقبة
هيمن الرئيس المخلوع عمر البشير على السلطة منذ عام 1993 وحتى الإطاحة به في نيسان/ أبريل 2019. قمع معارضيه بكل قسوة. ومن أجل الحفاظ على سلطته أمر البشير بحل البرلمان عام 1999. في تلك الفترة كان زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي أسامة بن لادن يجد في السودان ملاذا آمنا له. لكن اسم البشير يبقى مرتبطا بشكل وثيق مع الحر ب ضد الانفصاليين في إقليم دارفور.
صورة من: Reuters/M. Nureldin Abdallah
الديكتاتور أمام المحكمة
كثير من السودانيين كانوا يأملون في رؤية الديكتاتور وهو يمثل أمام المحكمة. أمل تحقق بالفعل عندما بدأت جلسة محاكمة عمر البشير في الـ 16من حزيران/ يونيو. وكانت التهم الأولية الموجهة إليه تتمثل في الفساد وحيازة عملات أجنبية بكميات كبيرة. فبعد سقوطه وجد رجال الأمن في قصره أكياسا مليئة بالدولارات قدرت بأكثر من 100 مليون دولار.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/M. Hjaj
حضور قوي للمرأة
كان للمرأة السودانية حضور قوي في الاحتجاجات، حيث تتمتع المرأة بحرية أكبر منذ بدء الاحتجاجات. المرأة السودانية لا تقوي الاحتجاجات من حيث العدد فقط، بل تدعمها نوعيا أيضا، فهي التي أعطت الاحتجاجات وجها سلميا آخر. حضور المرأة في الاحتجاجات جسد رغبة الكثير من المواطنين في الديمقراطية والمساواة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Shazly
أيقونة الثورة!
أصبحت طالبة كلية الهندسة المعمارية آلاء صلاح، وجها بارزا من وجوه الثورة. وهذه الصورة التاريخية التقطها مصور كان حاضرا عندما صعدت آلاء إلى سطح سيارة لتلقي خطابا أمام المحتجين. ومنذ ذلك الوقت تشهد هذه الصورة على مواقع التواصل الاجتماعي مشاركة واسعة. صور من هذا النوع تعتبر من أدوات الثورة المهمة، فهي ترمز إلى الهوية الانتماء.
صورة من: Getty Images/AFP
تضامن عالمي
بفضل شبكات التواصل الاجتماعي تنتشر أخبار الاحتجاجات بسرعة حول العالم، وهذا ما حدث مع احتجاجات السودان. التي حظيت بعم معنوي عالمي كبير، كما تظهر هذه الصورة بمدينة ادينبورغ في سكوتلندا، حيث تطالب سيدة بوقف قتل المدنيين في السودان. كما أعلن وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي عن موقفهم في بيان رسمي للاتحاد الأوروبي طالبوا فيه بوقف فوري لكل انواع العنف ضد الشعب السوداني.
صورة من: picture-alliance/EdinburghEliteme/D. Johnston
دعم للجيش أيضا
لكن ليس كل السودانيين شاركوا في الاحتجاجات ضد العسكر. فهناك من يدعمهم، حيث يأملون في تشكيل حكومة صارمة. ويعتقد أنصار الجيش أنه فقط ومن خلال العسكر يمكن ضمان مستقبل مزدهر للبلاد. ويضعون أملهم هذا في شخص الجنرال عبدالفتاح برهان رئيس المجلس العسكري الذي يحملون صورته.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Shazly
في انتظار فرصته
لكن الرجل القوي الفعلي في السودان هو الجنرال محمد حمدان دقلو المعروف باسم "حميدتي". فهو الرجل الذي يعتقد أنه أمر القوات بفض الاعتصام أمام مقر القيادة العسكرية بقوة السلاح. وكان الجنرال قائدا لميليشيات "بالجنجويد" التي قمعت المتمردين بكل قسوة ووحشية في دارفور. ويخشى المتظاهرون من أن يصبح هذا الجنرال الرجل الأول في البلاد.
صورة من: Reuters/M.N. Abdallah
قلق في الخليج
أثارت أحداث السودان قلق السياسيين في دول أخرى، مثل محمد بن زايد آل ثاني، ولي العهد في دولة الإمارات العربية المتحدة. كما تخشى السعودية، حالها في ذلك حال الإمارات، من أن نجاح الاحتجاجات في السودان يعتبر بمثابة نجاح الثورة "من تحت" وقد يصبح مثالا يحتذى به في المنطقة. ولهذا تدعم السعودية والإمارات عسكر السودان.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Ministry of Presidential Affairs/M. Al Hammadi
الجار الشمالي يراقب بقلق!
في القاهرة تتجه الأنظار بكثير من القلق والريبة والشكوك إلى الخرطوم. وتخشى حكومة الرئيس عبدالفتاح السيسي أن تساهم أحداث السودان في زيادة نفوذ جماعة الإخوان المسلمين التي تحاربها في مصر بكل قوة. وإذا تمكنت الجماعة من ترسيخ أقدامها في السودان، كما تخشى مصر، فإن ذلك قد يساهم في إعادة القوة إليها في مصر أيضا.
صورة من: picture-alliance/Photoshot/MENA
احتجاجات لا تنتهي
في غضون ذلك تستمر الاحتجاجات في السودان. ففي يوم الجمعة (14 حزيران/يونيو 2019) طالب صادق المهدي أحد قادة المعارضة السودانية منذ عقود، بتحقيق رسمي في عملية فض الاعتصام بالقوة. الطلب أثار غضب العسكر. والاحتجاجات في السودان تدخل في مرحلة جديدة. كيرستن كنب/ ح.ع.ح