السودان: تشدد مع الجهود الدولية وتجدد المظاهرات ضد الانقلاب
٣٠ يناير ٢٠٢٢
قتل متظاهر في الخرطوم حيث أطلقت قوات الأمن السودانية الغاز المسيل للدموع على آلاف المحتجين على انقلاب الخامس والعشرين من تشرين الأول والمطالبين بالعدالة والديموقراطية، وسط مؤشرات على تشدد الخرطوم إزاء الجهود الأممية.
إعلان
بعد أكثر من ثلاثة أشهر على انقلاب قائد الجيش في السودان الفريق الأول عبد الفتاح البرهان، لا تهدأ التعبئة في السودان على الرغم من القمع الذي أوقع عشرات القتلى في صفوف المتظاهرين على امتداد ثلاثة أشهر، وفق نقابة أطباء موالية للقوى الديموقراطية.
وبعيد الظهر، خرج آلاف السودانيين مجددا في مسيرات توجهت نحو القصر الرئاسي في الخرطوم للمطالبة بتنحية العسكريين عن السلطة وبحكم مدني ديموقراطي في البلاد، فيما أطلقت قوات الأمن السودانية الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين.
وقتلت قوات الأمن السودانية الأحد محتجا كان يشارك في التظاهرات ضد انقلاب الفريق أول عبد الفتاح البرهان، بحسب لجنة الأطباء المركزية (نقابة موالية للمتظاهرين). وبمقتل هذا الشاب البالغ 27 عاما والذي أصيب اصابة قاتلة "في الصدر"، يرتفع إلى 79 عدد ضحايا قمع الاحتجاجات في السودان منذ الخامس والعشرين من تشرين الأول/اكتوبر، وفق المصدر نفسه.
وينتشر الجنود المسلحون الذين يغلقون الشوارع والجسور والكتل الأسمنتية التي تسد مداخل القصر الرئاسي مقر الجيش والسلطة في الخرطوم. ومع ذلك يواصل السودانيون احتجاجاتهم على الانقلاب الذي قاده البرهان ضد شركائه المدنيين في السلطة الانتقالية التي تشكلت عقب إطاحة الرئيس السابق عمر البشير في نيسان/ أبريل 2019 بعد انتفاضة شعبية استمرت أكثر من أربعة أشهر.
وفي ولاية الغضارف (شرق) كما في ولايتي دنقلة وعطبرة (شمال) هتف المتظاهرون الأحد "العين بالعين" و"العسكر إلى الثكنات"، فيما حذرت واشنطن من أن استمرار القمع قد تترتب عليه "عواقب".
وقالت السلطات من جهتها أنها تحقق وأنها "صادرت أسلحة" الجنود الذين يظهرون في مقاطع فيديو وهم يطلقون النار من بنادقهم الآلية على المتظاهرين. ولكنها تؤكد عبر وسائل الإعلام الرسمية أنها لاتزال بحاجة إلى شهادات من المتظاهرين.
وفي مواجهة الضغوط الدولية، أعلنت السلطات أنها تحقق كذلك في ملف آخر وهو "السفارات التي لا تلتزم بالأعراف الدبلوماسية"، وفق وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا). وعندما أعلنت الشرطة في منتصف كانون الثاني/يناير أن ضابطا برتبة عميد قتل طعنا بسكين اعتقل خلال ساعات شخص متهم بأنه مرتكب الجريمة.
وما زال السودان، أحد أفقر دول العالم، محروما من المساعدات الدولية احتجاجا على الانقلاب. وهو يعاني من مزيد من الانقسامات. وكما كان الحال قبل الانقلاب، فإن الشوارع تشهد مسيرات لمتظاهرين يتبنون مواقف متناقضة.
وتظاهر الموالون للجيش الأربعاء احتجاجا على مبادرة الأمم المتحدة للحوار أمام مقر بعثة المنظمة الدولية. ودان موفد الأمم المتحدة إلى السودان فولكر بيرثيس "أصدقاء" حزب الرئيس السابق عمر البشير "المؤتمر الوطني". ويتفق أنصار الجيش وخصومه على شيء واحد وهو رفض الحوار.
يشار إلى أن نائب رئيس مجلس السيادة، الذي يقوده الجيش، في السودان قال أمس السبت إن مبعوث الأمم المتحدة يجب أن يكون "مسهلا وليس وسيطا" مما يشير إلى نهج متشدد فيما يبدو تجاه الجهود الدولية لحل الأزمة السياسية. وبدأت بعثة الأمم المتحدة التي يقودها المبعوث الخاص فولكر برتيس محادثات هذا الشهر للمساعدة في حل الأزمة التي أعقبت انقلاب العام الماضي. ورحب مجلس السيادة في وقت سابق بمبادرة الأمم المتحدة وقال برتيس إن الجيش ليس لديه اعتراضات على وجوده.
وقال نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو في بيان "رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس) يجب أن يكون مسهلا وليس وسيطا بين الأطراف". وأضاف أن المجلس لا يعادي ولا يقاطع المجتمع الدولي لكنه "يرفض التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد". ولم يذكر دقلو في البيان ما الذي دفعه لهذا التعليق. ولم يتسن على الفور الاتصال بمبعوث الأمم المتحدة أو المجلس للتعليق.
ع.ش/ م.س (أ ف ب، رويترز)
السودان.. انقلاب عسكري يعصف بالانتقال الديمقراطي
منذ اندلاع الثورة السودانية في ربيع 2019 شهد السودان تجاذبات بين القوى المدنية والعسكر. الرهان كان على المرحلة الانتقالية التي شهدت بدورها صراعات قوية تبدو أن ذروتها سجِّلت في ليلة انقض فيها العسكر على مكتسبات الثورة.
صورة من: Hannibal Hanschke/REUTERS
اعتقالات بالجملة
منذ فجر الاثنين 2021.10.25، تتوالى تقارير إعلامية من السودان تفيد باعتقال الجيش لعددٍ من الوزراء وسياسيين بارزين من بينهم قيادات "قوى الحرية والتغيير" المظلة المدنية التي قادت انتفاضة شعبية أطاحت بنظام الجنرال عمر حسن البشير 2019.04.11. رئيس الوزراء عبد اللّه حمدوك ذُكر في البداية إنه وضع تحت الإقامة الجبرية، وأكدت وزارة الثقافة والاعلام أنه نُقل بدوره إلى مكان مجهول بسبب "رفضه تأييد الانقلاب".
صورة من: Hannibal Hanschke/REUTERS
متمردون سابقون
قائمة المعتقلين حسب وسائل الإعلام تطول تباعا لتشمل أيضا ياسر عرمان، نائب الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان وفق ما نشر حسابه على تويتر. وكانت جماعته المتمردة قد وقعت اتفاق سلام في 2020 مع السلطات الانتقالية متعهدة بالاندماج في الجيش. وعمل ياسر عرمان مؤخرا كمستشار لعبد الله حمدوك.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/N. El-Mofty
إعلاميون وصحفيون
الاعتقالات طالت أيضا إعلاميين وصحفيين، فقد اقتحمت قوات عسكرية مقر الإذاعة والتلفزيون في أم درمان، واحتجزت عدداً من العاملين. فيما تمّ قطع الانترنت، في وقت تواترت فيه تقارير عن توجه عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي إلى تعليق العمل بالوثيقة الدستورية التي تنظم المرحلة الانتقالية في البلاد.
صورة من: Hussein Malla/AP Photo/picture alliance
إعلان طلاق
رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان أعلن الاثنين(2021.10.25) فرض حالة الطوارئ في السودان وحل مجلسي السيادة والوزراء. كما أعلن تعليق العمل ببعض بنود الوثيقة الدستورية، وتجميد عمل لجنة إزالة التمكين، وإنهاء عمل ولاة السودان، مشيرا إلى التمسك باتفاق جوبا للسلام. وزارة الإعلام السودانية وصفت إجراءات البرهان بأنها "انقلاب عسكري".
صورة من: picture-alliance/AA
غضب وإنزال أمني
على الفور خرج العشرات من المدنيين لشوارع الخرطوم وتم إحراق الإطارات، كما تم نشرت قوات الدعم السريع في شوارع العاصمة الخرطوم.
صورة من: REUTERS
دعوات للخروج إلى الشارع
مباشرة بعد الاعتقالات دعت القوى الثورية وعلى رأسها "تجمع المهنيين السودانيين" المعارض، في حسابه على فيسبوك، إلى "الخروج للشوارع واحتلالها وإغلاق كل الطرق بالمتاريس، والإضراب العام عن العمل وعدم التعاون مع الانقلابيين، والعصيان المدني في مواجهتهم". رئيس الوزراء حمدوك بدوره طالب بـ "احتلال الشوارع دفاعاً عن الثورة". ذات الدعوات أطلقها أيضا حزبا "الأمة" و"الشيوعي".
صورة من: ASHRAF SHAZLY/AFP via Getty Images
ردود فعل دولية
اجتمعت القوى الدولية بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على أن ما حدث في السودان فجر الاثنين انقلاب "مخالف للإعلان الدستوري والتطلعات الديمقراطية للشعب السوداني، وغير مقبول على الإطلاق"، كما جاء على لسان المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان الذي هدّد بوقف المساعدات إلى السودان.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Arboleda
قلق على مستقبل السودان
قلق بالغ على مستقبل السودان شددت عليه تصريحات مسؤولين من الأمم المتحدة ودول غربية وسط مطالبات حثيثة إلى إعادة العملية الانتقالية إلى مسارها الصحيح. الاتحاد الأوروبي دعا إلى الإفراج عن قادة السودان المدنيين وشدد على وجوب "تجنّب العنف وسفك الدماء"، من جهته دعا الإتحاد الأفريقي إلى "الاستئناف الفوري للمشاورات بين المدنيين والعسكريين في إطار الإعلان السياسي والإعلان الدستوري".
صورة من: Giscard Kusema
انقلاب بعد انقلاب
الانقلاب الجديد جاء بعد أربعة أسابيع عن محاولة انقلاب فاشلة لم تفهم تفاصيله بعد. وبعد يومين من تظاهرات حاشدة نزل فيها عشرات الآلاف من السودانيين إلى شوارع المدن، دعماً لانتقال كامل للحكم إلى المدنيين، فيما كان أنصار العسكر يواصلون اعتصاماً أمام القصر الجمهوري وسط العاصمة الخرطوم منذ السبت الماضي، في مؤشر على الانقسام المهيمن على المشهد.
صورة من: picture-alliance/Photoshot
مآل الثورة؟
المشهد اليوم يوحي بنهاية اتفاق 2019، حين وقّع العسكريون والمدنيون الذين كانوا يقودون الحركة الاحتجاجية التي أطاحت بالرئيس البشير، اتفاقًا لتقاسم السلطة نصّ على فترة انتقالية من ثلاث سنوات تم تمديدها لاحقا. وبموجبه، تم تشكيل سلطة تنفيذية من الطرفين، على أن يتم تسليم الحكم لسلطة مدنية إثر انتخابات حرة. غير أن الشروخ اتسعت بين فريق يسعى إلى عودة العسكر إلى الحكم وفريق آخر يريدها "مدنية..مدنية". و.ب