السودان ـ اتفاق العسكر مع المحتجين.. بداية لحلحلة الأزمة؟
٢٩ أبريل ٢٠١٩
ربما تلوح في الأفق نهاية أزمة السودان السياسية إثر اتفاق تم التوصل إليه الليلة الماضية بين المحتجين المدنيين والمجلس العسكري لترتيب المرحلة الانتقالية عبر تشكيل حكومة مشتركة من الطرفين لإنهاء الأوضاع الاستثنائية.
إعلان
ربما تلوح في الأفق حلحلة لأزمة السودان السياسية إثر اتفاق تم التوصل إليه الليلة الماضية بين المحتجين المدنيين والمجلس العسكري لترتيب المرحلة الانتقالية عبر تشكيل "مجلس سيادي" لإدارة شؤون البلاد والتمهيد لانتخابات عامة.
توصّل قادة الاحتجاجات المدنية والجيش السّوداني الذي يتولّى الحكم في البلاد، إلى اتّفاق على تشكيل مجلس مشترك يضمّ مدنيّين وعسكريّين، في خطوة تُشكّل اختراقاً كبيراً قد يدفع نحو التوصّل إلى حلّ للأزمة التي اندلعت منذ أكثر من أسبوعين بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير.
وجاء هذا الاتّفاق تلبيةً لمطالب آلاف المتظاهرين المعتصمين منذ ثلاثة أسابيع أمام مقرّ القيادة العامّة للقوّات المسلّحة السودانيّة في الخرطوم للمطالبة بنقل السلطة إلى إدارة مدنيّة. وباتوا حالياً ينتظرون التشكيل الفعلي للمجلس المشترك الذي أُعلن عنه السبت، قبل اتّخاذ قرار بشأن مصير اعتصامهم.
وقال ممثّل المحتجّين أحمد الربيع، الذي شارك في الاجتماع الأوّل للّجنة المشتركة التي تضمّ ممثّلين عن الطرفين، "اتّفقنا على مجلس سيادي مشترك بين المدنيّين والعسكريّين". وأضاف "الآن المشاورات جارية لتحديد نسب (مشاركة) المدنيّين والعسكريّين في المجلس".
وبحسب ناشطين، سيضمّ المجلس 15 عضواً، هم ثمانية مدنيين وسبعة جنرالات. وسيشكّل هذا المجلس المشترك الذي سيحلّ محلّ المجلس العسكري السلطة العليا للبلاد وسيكون مكلّفاً تشكيل حكومة مدنيّة انتقاليّة جديدة لإدارة مرحلة انتقالية وتمهيد الطريق لأوّل انتخابات بعد البشير.
واجتمع الأحد مسؤولون في تحالف الحرّية والتغيير الذي يضمّ أحزاباً سياسيّة ومجموعات من المجتمع المدني تقود الاحتجاجات، من أجل النظر في نتائج المفاوضات مع الجيش. وفي وقت لاحق الأحد، كان مقرراً استكمال المحادثات بين الطرفين في اللجنة المشتركة، لكنها أُلغِيَت بحسب ما قال ناشطون مساء الأحد، من دون تحديد الأسباب.
ويُشكّل الاتّفاق الذي تمّ التوصّل إليه اختراقاً في الأزمة التي تبعث مخاوف من خروج الوضع عن السيطرة في هذا البلد الفقير، إذ إنّ العسكريّين يرفضون حتّى الآن التخلي عن الحكم رغم الدعوات المحلّية والدولية.
من جانب آخر، أصدر المجلس العسكري الأحد قراراً بتجميد نشاط النقابات والاتحادات المهنية والاتحاد العام لأصحاب العمل بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الرسمية.
كما قال المجلس العسكري في بيان إنّ تجمّعًا بدعوة من إمام متشدّد من أجل "حماية الشريعة الإسلامية" كان مرتقباً تنظيمه الاثنين، قد تم إلغاؤه.
ح.ع.ح/ع.ج.م(أ.ف.ب(
السودان ..مد وجزر بين مدنية السلطة وحكم العسكر
استولى عمر البشير على الحكم عبر انقلاب عسكري، ليطيح بحكومته ما يبدو انقلابا عسكريا آخر، في معترك احتجاجات واسعة في البلاد التي لم تكن الانقلابات العسكرية غريبة عنها. لمحة عن الحكومات العسكرية والمدنية التي عاشها السودان.
صورة من: Getty Images/AFP
مد وجزر
الفترات الزمنية التي حكم فيها العسكر السودان فاقت بكثير الفترات التي استلمت فيها حكومات مدنية السلطة في البلاد. فقد بدأت سلسلة الانقلابات العسكرية في السودان ضد أول حكومة ديمقراطية انتخبت في عام 1957.
صورة من: Reuters
حكومة عسكرية
بعد استقلال السودان في عام 1956، لم تهنأ البلاد بحكم مدني لأكثر من عامين، حيث نجح أول انقلاب عسكري في عام 1958 بقيادة ابراهيم عبود ضد حكومة ائتلاف ديمقراطية بين حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي التي كان يرأسها مجلس السيادة المكون من الزعيم إسماعيل الأزهري وعبد الله خليل.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/S.Bol
حكومة مدنية
في عام 1964 أطاحت أكبر ثورة شعبية شهدتها البلاد بحكومة عبود، وعاد المدنيون إلى الحكم بانتخابات جرت عام 1965 بإشراف حكومة انتقالية. غير أن الحكومة الجديدة اتسمت بعدم الاستقرار. في الصورة مبنى القصر الرئاسي بالخرطوم.
صورة من: EBRAHIM HAMID/AFP/Getty Images
انقلاب جعفر محمد نميري
وفي ظل اضطرابات سياسية نفذ العقيد جعفر محمد نميري انقلابا عسكريا في عام 1969 بالتعاون مع عدد من الضباط من اليسار السوداني من الحزب الشيوعي على وجه الخصوص. استمر حكم النميري لمدة 16 عاماً تخللتها عدة محاولات انقلابية فاشلة أُعدم نتيجتها 3 ضباط من الحزب الشيوعي الذين سعوا إلى الاستيلاء على السلطة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Shazly
عبد الرحمن سوار الذهب والاستثناء!
أطاحت انتفاضة شعبية كبيرة عرفت بـ"انتفاضة إبريل" بنظام النميري، اذ أعلن حينها المشير عبد الرحمن سوار الذهب أعلى قادة الجيش، تنحية النميري واستلام الجيش للسلطة في 6 نيسان 1985 وقاد البلاد لعام واحد رئيساً للحكومة الانتقالية، ليسلم السلطة بعد ذلك لحكومة منتخبة ترأسها زعيم حزب الأمة الصادق المهدي عام 1986. وسوار الذهب هو الرئيس العسكري الوحيد في تاريخ السودان الذي يفي بوعده بتسليم السلطة للمدنيين.
صورة من: Getty Images/AFP/K. Desouki
انقلاب عمر البشير
ومجدداً في عام 1989 جاء انقلاب الرئيس عمر البشير بمساعدة الإسلاميين في السودان بزعامة الدكتور حسن عبدالله الترابي وحزبه "الجبهة الإسلامية القومية". استمر حكم البشير لمدة 30 عاماً شهدت البلاد خلالها تقسيم البلد إلى دولتين في الشمال والجنوب، وصراعات دموية من ضمنها حرب دارفور الأهلية التي صدر بحقه نتيجتها مذكرة اعتقال دولية من المحكمة الجنائية.
صورة من: Reuters/Z. Bensemra
الحراك السوداني
وفي أواخر عام 2018 شهدت السودان احتجاجات شعبية على الغلاء وسوء الخدمات تحولت فيما بعد للمطالبة بإسقاط البشير الذي انتهت فترة حكمه في صباح اليوم الخميس (11 نيسان/أبريل 2019)، إذ أعلن الجيش الإطاحة به وتشكيل مجلس انتقالي لإدارة البلاد. الكاتبة: ريم ضوا
صورة من: Reuters
العسكر أم المدنيون؟
فور إعلان عزل الرئيس البشير، سُلطت الأضواء على دور الجيش..الجيش الذي انضم للحراك الشعبي ورفض قمع المتظاهرين، لكن إعلانه الإطاحة بالبشير يؤشر على ما يبدو إنقلابا عسكريا..فإلى أي أين تسير دفة الحكم في أكبر بلد أفريقي ..للعسكر أم المدنيين؟