السودان ـ رفع المتاريس في محيط الاعتصامات قبيل مفاوضات حاسمة
١٨ مايو ٢٠١٩
رفع نشطاء الحراك الشعبي السودانية المتاريس من الشوارع بعد أن طلب المجلس العسكري الحاكم ذلك تمهيدا لجولة مفاوضات بين وفد "تحالف الحرية والتغيير" والسلطة العسكرية المؤقتة بشأن ترتيب العملية الانتقالية.
إعلان
قام مئات المتظاهرين مساء الجمعة بإزالة المتاريس والركام حول مكان اعتصامهم في الخرطوم، بعدما طالب المجلس العسكري الحاكم بإزالة الحواجز التي تعرقل حركة السير في بعض مناطق العاصمة قبل استئناف التفاوض حول العملية الانتقالية. وعلّق المجلس العسكري الحاكم الأربعاء المباحثات مع قادة التظاهرات لمدة 72 ساعة، بعدما أكد أن الأمن تدهور في العاصمة، حيث أقام المتظاهرون متاريس في شوارع عدة.
ويأتي قرار المجلس فيما كان مفترضاً أن يلتقي قادته مع زعماء التظاهرات لوضع التصور النهائي بشأن الفترة الانتقالية وتشكيل ثلاثة مجالس للسيادة والوزراء والتشريع خلال هذه المرحلة التي من المفترض أن تستمر ثلاث سنوات، وهي أكثر مسألة شائكة في المباحثات الجارية لتسليم السطلة لحكومة مدنية بعد أن تولى الجيش الحكم في أعقاب إطاحة الرئيس عمر البشير.
ودعا الفريق عبد الفتاح برهان رئيس المجلس العسكري المتظاهرين إلى "إزالة المتاريس جميعها خارج محيط الاعتصام"، وفتح خط السكك الحديد بين الخرطوم والولايات ووقف "التحرّش بالقوات المسلّحة وقوات الدعم السريع والشرطة واستفزازها".
وفي الساعات الأولى من أمس الجمعة، بدأ مئات المتظاهرين إزالة المتاريس مرددين هتافات ثورية في شارع النيل الرئيسي الذي أدى إغلاقه الى شلّ حركة السير في وسط الخرطوم أيّاماً عدّة. وأقام المتظاهرون المتاريس لممارسة ضغوط على المجلس العسكري الحاكم مع بدء التفاوض الاثنين. لكنّ المتاريس تسببت في صدامات بين المتظاهرين وقوات الأمن، حسب شهود. وقال المجلس العسكري إنّ وجود متاريس في ارجاء الخرطوم أمر "غير مقبول أبداً"، لكنّ قادة المجلس سيسمحون باستمرار الاعتصام أمام مقرّ الجيش.
في غضون ذلك، حضّ المجتمع الدولي الجمعة على "استئناف فوري للمحادثات" في السودان بين المجلس العسكري وقادة المتظاهرين بهدف التوصل إلى انتقال سياسي "يقوده مدنيّون بشكل فعلي"، وفق ما أعلن مسؤول أميركي في ختام اجتماع عُقِد في واشنطن. واجتمع مساعد وزير الخارجيّة الأميركي للشؤون الإفريقية تيبور ناجي مع ممثلين عن الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والنروج "لتنسيق الجهود بهدف حضّ" الأطراف "على إيجاد اتفاق بأسرع وقت ممكن حول حكومة انتقالية" تكون "انعكاساً لإرادة السودانيين".
وكتب ناجي على تويتر "رحّبنا مع شركائنا بالاتفاقات الأخيرة" بين المجلس العسكري الانتقالي والمعارضة المدنية "في ما يتعلق بالمؤسسات الجديدة". وأضاف "عبّرنا أيضا عن قلقنا حيال أعمال العنف الأخيرة من جانب قوات الأمن ضد المتظاهرين"، داعيا القادة العسكريين إلى "السماح بالتظاهرات السلمية وإلى محاسبة المسؤولين عن العنف". وأكّد أيضاً أن ممثلي البلدان الذين حضروا إلى واشنطن ناقشوا أيضا الدعم الذي سيُقَدّم إلى الحكومة المستقبلية بقيادة مدنيّة في السودان.
ح.ع.ح/ع.ج.م(أ.ف.ب)
السودان ..مد وجزر بين مدنية السلطة وحكم العسكر
استولى عمر البشير على الحكم عبر انقلاب عسكري، ليطيح بحكومته ما يبدو انقلابا عسكريا آخر، في معترك احتجاجات واسعة في البلاد التي لم تكن الانقلابات العسكرية غريبة عنها. لمحة عن الحكومات العسكرية والمدنية التي عاشها السودان.
صورة من: Getty Images/AFP
مد وجزر
الفترات الزمنية التي حكم فيها العسكر السودان فاقت بكثير الفترات التي استلمت فيها حكومات مدنية السلطة في البلاد. فقد بدأت سلسلة الانقلابات العسكرية في السودان ضد أول حكومة ديمقراطية انتخبت في عام 1957.
صورة من: Reuters
حكومة عسكرية
بعد استقلال السودان في عام 1956، لم تهنأ البلاد بحكم مدني لأكثر من عامين، حيث نجح أول انقلاب عسكري في عام 1958 بقيادة ابراهيم عبود ضد حكومة ائتلاف ديمقراطية بين حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي التي كان يرأسها مجلس السيادة المكون من الزعيم إسماعيل الأزهري وعبد الله خليل.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/S.Bol
حكومة مدنية
في عام 1964 أطاحت أكبر ثورة شعبية شهدتها البلاد بحكومة عبود، وعاد المدنيون إلى الحكم بانتخابات جرت عام 1965 بإشراف حكومة انتقالية. غير أن الحكومة الجديدة اتسمت بعدم الاستقرار. في الصورة مبنى القصر الرئاسي بالخرطوم.
صورة من: EBRAHIM HAMID/AFP/Getty Images
انقلاب جعفر محمد نميري
وفي ظل اضطرابات سياسية نفذ العقيد جعفر محمد نميري انقلابا عسكريا في عام 1969 بالتعاون مع عدد من الضباط من اليسار السوداني من الحزب الشيوعي على وجه الخصوص. استمر حكم النميري لمدة 16 عاماً تخللتها عدة محاولات انقلابية فاشلة أُعدم نتيجتها 3 ضباط من الحزب الشيوعي الذين سعوا إلى الاستيلاء على السلطة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Shazly
عبد الرحمن سوار الذهب والاستثناء!
أطاحت انتفاضة شعبية كبيرة عرفت بـ"انتفاضة إبريل" بنظام النميري، اذ أعلن حينها المشير عبد الرحمن سوار الذهب أعلى قادة الجيش، تنحية النميري واستلام الجيش للسلطة في 6 نيسان 1985 وقاد البلاد لعام واحد رئيساً للحكومة الانتقالية، ليسلم السلطة بعد ذلك لحكومة منتخبة ترأسها زعيم حزب الأمة الصادق المهدي عام 1986. وسوار الذهب هو الرئيس العسكري الوحيد في تاريخ السودان الذي يفي بوعده بتسليم السلطة للمدنيين.
صورة من: Getty Images/AFP/K. Desouki
انقلاب عمر البشير
ومجدداً في عام 1989 جاء انقلاب الرئيس عمر البشير بمساعدة الإسلاميين في السودان بزعامة الدكتور حسن عبدالله الترابي وحزبه "الجبهة الإسلامية القومية". استمر حكم البشير لمدة 30 عاماً شهدت البلاد خلالها تقسيم البلد إلى دولتين في الشمال والجنوب، وصراعات دموية من ضمنها حرب دارفور الأهلية التي صدر بحقه نتيجتها مذكرة اعتقال دولية من المحكمة الجنائية.
صورة من: Reuters/Z. Bensemra
الحراك السوداني
وفي أواخر عام 2018 شهدت السودان احتجاجات شعبية على الغلاء وسوء الخدمات تحولت فيما بعد للمطالبة بإسقاط البشير الذي انتهت فترة حكمه في صباح اليوم الخميس (11 نيسان/أبريل 2019)، إذ أعلن الجيش الإطاحة به وتشكيل مجلس انتقالي لإدارة البلاد. الكاتبة: ريم ضوا
صورة من: Reuters
العسكر أم المدنيون؟
فور إعلان عزل الرئيس البشير، سُلطت الأضواء على دور الجيش..الجيش الذي انضم للحراك الشعبي ورفض قمع المتظاهرين، لكن إعلانه الإطاحة بالبشير يؤشر على ما يبدو إنقلابا عسكريا..فإلى أي أين تسير دفة الحكم في أكبر بلد أفريقي ..للعسكر أم المدنيين؟