السودان ـ غداة رفض البرهان.. الدعم السريع تعلن هدنة أحادية
خالد سلامة أ ف ب
٢٤ نوفمبر ٢٠٢٥
غداة إعلان قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان رفضه مقترحا دوليا بالهدنة قدمته الرباعية الدولية، أعلنت قوات الدعم السريع عن هدنة من طرف واحد لمدة ثلاثة أشهر. البرهان وجه اتهامات للرباعية الدولية والإمارات.
طوال العامين الماضيين، قام طرفا الحرب في السودان بخرق كافة اتفاقات الهدنة ما أدى إلى فشل جهود التفاوض.صورة من: Bandar Algaloud/Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
إعلان
أعلنت قوات الدعم السريع السودانية الاثنين (24 تشرين الثاني/نوفمبر 2025) هدنة إنسانية من طرف واحد تستمر ثلاثة أشهر.
وقال قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو في كلمة مسجلة "نعلن هدنة إنسانية تشمل وقف الأعمال العدائية لمدة ثلاثة أشهر" والموافقة على تشكيل آلية مراقبة دولية.
وطوال العامين الماضيين، قام طرفا الحرب في السودان بخرق كافة اتفاقات الهدنة ما أدى إلى فشل جهود التفاوض.
وكان عبد الفتاح البرهان أعلن الأحد رفضه لمقترح الهدنة معتبرا أنه "الأسوأ حتى الآن.. باعتبار أنها تلغي وجود القوات المسلحة وتطالب بحل جميع الأجهزة الأمنية وتبقي الميليشيا المتمردة في مناطقها".
وأكد دقلو في كلمته "التزامنا بمسار سياسي يشارك فيه الجميع ما عدا الحركة الإسلامية الإرهابية و الإخوان المسلمين والمؤتمر الوطني لأنهم يتحملون كل المأساة التي يعيشها شعبنا طيلة ثلاثة عقود".
وكان الموفد الأمريكي مسعد بولس قدم المقترح نيابة عن الرباعية الدولية التي تضم الولايات المتحدة والإمارات والسعودية ومصر.
البرهان: بولس "يتحدث بلسان الإمارات"
وفي كلمته الأحد خلال اجتماع مع ضباط القوات المسلحة قال البرهان، بحسب مقطع مصور نشرته حكومته عن اللقاء، إن "السودان يرى أن هذه الرباعية ليست مبرئة للذمة خاصة أن كل العالم شهد بأن دولة الإمارات هي التي تدعم المتمردين ضد الدولة السودانية". وتابع أن الوساطة التي تشارك فيها الولايات المتحدة ومصر والسعودية، "إذا واصلت السير بهذا المنحى، فهي وساطة غير محايدة".
إعلان
وتُتهم دولة الإمارات على نطاق واسع بتسليح قوات الدعم السريع السودانية التي تخوض حربا ضد الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان. لكن أبوظبي تنفي هذه الاتهامات.
وانتقدت أبو ظبي الإثنين رفض البرهان لمقترح الهدنة واتهمته بعرقلته. وقالت وزيرة الدولة الإماراتية لشؤون التعاون الدولي ريم الهاشمي "مرة أخرى يرفض الفريق البرهان مبادرات السلام. برفضه الخطة الأمريكية للسلام في السودان، ورفضه المتكرر لوقف إطلاق النار، يُظهر بشكل مستمر سلوكا معرقلا. ويجب قول ذلك بوضوح".
واعتبر البرهان في تصريحاته الأحد أن بولس "يتحدث بلسان الإمارات" ويقوم بترداد مواقفها. ونفى سيطرة الإخوان المسلمين على الجيش السوداني، وقال "نحن نسمع ذلك الكلام في الوسائط الإعلامية، إن الجيش والدولة يسيطر عليهما الإخوان المسلمون.. هذا الكلام لا وجود له سوى في رؤوسهم".
في الوقت نفسه، رحّب البرهان بمبادرة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لإنهاء الحرب في السودان أثناء لقائه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، معربا عن أمله أن "تستمع هذه المبادرة إلى أصوات السودانيين.. وأن تجنبنا دمار بلدنا".
السودان.. أكثر من 1000 قتيل في انزلاق أرضي بإقليم دارفور
02:20
This browser does not support the video element.
تقارير عن عمليات قتل جماعي وعنف عرقي وجنسي بالفاشر
وكانت قوات الدعم السريع أعلنت في السابع من تشرين الثاني/نوفمبر موافقتها على مقترح الهدنة الإنسانية، غير أنها قامت في اليوم التالي بقصف الخرطوم وعطبرة الواقعتين تحت سيطرة الجيش.
وأعقب ذلك إعلانها وصول "حشود ضخمة" من مقاتليها إلى مدينة بابنوسة في غرب كردفان، في محاولة للسيطرة على مقر الجيش هناك فيما يستمر حصارها لمدينتي كادوغلي والدلنغ بجنوب كردفان.
وفي منتصف تشرين الثاني/نوفمبر استهدفت قوات الدعم السريع سد مروي الرئيسي في شمال السودان بضربات عدة بواسطة مسيّرات، كما قصفت مقر الجيش في المدينة.
وخسر الجيش في 26 تشرين الأول/أكتوبر مدينة الفاشر بعد حصار طويل من جانب قوات الدعم السريع التي باتت تسيطر على كل غرب السودان.
وامتدت المعارك من إقليم دارفور إلى منطقة كردفان المجاورة الغنية بالنفط والتي تربط العاصمة الخرطوم بغرب السودان.
ومنذ سقوط الفاشر تتوالى تقارير عن عمليات قتل جماعي وعنف عرقي وخطف واعتداءات جنسية، فيما أشارت منظمات حقوقية إلى وقوع عمليات قتل على أساس عرقي في المناطق الخاضعة لسيطرة الدعم السريع.
وبحسب المنظمة الدولية للهجرة، فرّ منذ نهاية الشهر الماضي أكثر من 100 ألف مدني من الفاشر إلى مدن مجاورة، إضافة إلى نحو 40 ألف نازح من شمال كردفان.
الفاشر.. مركز الانتهاكات الأكثر عنفًا في النزاع السوداني
تُعد الأزمة الإنسانية في السودان من بين الأسوأ عالميًا، حيث يعاني المدنيون أوضاعًا مأساوية، وتتزايد التقارير الصادمة عن إعدامات وانتهاكات جسيمة ارتكبتها قوات الدعم السريع بعد سيطرتها على الفاشر في دارفور وبارا بكردفان.
صورة من: Muhnnad Adam/AP Photo/dpa/picture alliance
نزوح جماعي
غادر نحو 26 ألف شخص مدينة الفاشر في الأيام الأخيرة، مضطرين للفرار من القتال وسط حالة من الرعب. تنقّل المدنيون بين نقاط التفتيش المسلحة، معرضين للابتزاز، والاعتقالات التعسفية، والاحتجاز، والنهب، والمضايقات، فضلاً عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان أثناء محاولتهم الوصول إلى برّ الأمان. وفقا لشهادات الوافدين إلى بلدة طويلة، الواقعة على بُعد نحو 50 كيلومترًا من الفاشر.
صورة من: Mohammed Jamal/REUTERS
قوات الدعم السريع متهمة بإعدامات وانتهاكات مروعة
أفادت تقارير بوقوع إعدامات ميدانية بحق مدنيين حاولوا الفرار، وسط مؤشرات على دوافع قبلية وراء بعض عمليات القتل، إضافة إلى استهداف أشخاص لم يعودوا يشاركون في الأعمال العدائية. وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو مقلقة تُظهر عشرات الرجال العزّل يتعرضون لإطلاق النار أو جثثهم ملقاة على الأرض، بينما يظهر مقاتلو قوات الدعم السريع حولهم وهم يتهمونهم بالانتماء إلى القوات المسلحة السودانية.
صورة من: STR/AFP/Getty Images
الفاشر تتحول إلى مركز للمواجهات الأعنف في دارفور
أعلن رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان أن القيادة ولجنة الأمن في الفاشر قررت مغادرة المدينة بعد الدمار والقتل الممنهج الذي تعرض له المدنيون، موضحًا أنه وافق على مغادرتهم إلى مكان آمن حفاظًا على ما تبقى من الأرواح والممتلكات.
صورة من: Rapid Support Forces (RSF)/AFP
التجويع كسلاح حرب
مئات الآلاف من المدنيين ظلّوا محاصرين في هذه المدينة لأكثر من 500 يوم، حيث منعتهم قوات الدعم السريع من الوصول إلى الغذاء، ما يُعد استخدامًا للتجويع كسلاح حرب. وخلال الفترة بين 2 و4 تشرين الأول/أكتوبر، نزح نحو 770 شخصًا من المدينة إلى منطقة طويلة بسبب تزايد انعدام الأمن.
صورة من: UNICEF/Xinhua/IMAGO
انتهاكات جسيمة
قالت نقابة أطباء السودان إن نحو 177 ألف شخص ما زالوا محاصرين داخل مدينة الفاشر، معتبرة أن ما تشهده المدينة من أحداث يرقى إلى "إبادة جماعية وتطهير عرقي ممنهج وجرائم حرب مكتملة الأركان".كما حددت اللجنة "مقتل خمسة من متطوعي جمعية الهلال الأحمر السوداني في مدينة بارا شمال كردفان.
صورة من: Rapid Support Forces (RSF)/AFP
انهيار الوضع الأمني في بارا
في شمال كردفان، أفاد الناجون بتكرار أنماط مماثلة من العنف وانتهاكات حقوق الإنسان عقب سقوط مدينة بارا مؤخراً، ما أسفر عن نزوح آلاف السكان داخل الولاية. هناك قلق بالغ إزاء احتمال حصار مدينة الأبيض، التي تأوي عشرات الآلاف من النازحين داخلياً، الأمر الذي قد يؤدي إلى تفاقم الاحتياجات الإنسانية في المنطقة.
صورة من: AFP/Getty Images
طويلة عانت من تفشي الكوليرا
بلدة طويلة بولاية شمال دارفور عانت من تفشي سريع للكوليرا، حيث سُجِّل أكثر من 1.180 إصابة، منها نحو300 طفل، وما لا يقل عن 20 وفاة منذ ظهور أول حالة في21 يونيو/ حزيران 2025. البلدة التي تستضيف أكثر من 500 ألف نازح فرّوا جراء النزاع العنيف منذ أبريل/ نيسان، واجهت وضعاً إنسانياً هشاً للغاية تطلب تدخلاً عاجلاً.
صورة من: Mohammed Jamal/REUTERS
الخوف من الانتهاكات الجنسية
من بين الانتهاكات الجسيمة المبلغ عنها والتي تهدد سلامة المدنيين، انتشار الاعتداءات الجنسية ضد النساء والفتيات على يد الجماعات المسلحة، سواء أثناء الهجمات أو خلال فرارهن. وكان المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام قد وثق استخدام العنف الجنسي كأسلوب من أساليب الحرب، وقد وثّق المركز 51 حادثة اعتداء جنسي ضد النساء والفتيات في محليتي وشاطئ بحرينتي وقارسيلا بوسط دارفور.
صورة من: AFP
تقديم الإسعافات لعشرات الجرحى في طويلة
ذكرت منظمة أطباء بلا حدود أن فرقها الطبية العاملة على بُعد نحو 60 كيلومترًا من الفاشر في مدينة طويلة، اساقبلت، عشرات المرضى الفارين من المدينة إلى مستشفى طويلة المكتظ. خلال ليلة 26–27 أكتوبر/تشرين الأول وصل نحو ألف شخص من الفاشر على متن شاحنات إلى مدخل المدينة، حيث أقامت الفرق نقطة صحية ميدانية لتقديم الرعاية الطارئة وإحالة الحالات الحرجة مباشرة إلى المستشفى.
صورة من: Mohammed Jamal/REUTERS
غوتيريش يشدد على حماية المدنيين
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لا يتوانى عن تجديد دعواته إلى وقف القتال فورًا في الفاشر، مع التأكيد على حماية المدنيين وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية بأمان وباستمرار. كما شدد على توفير ممر آمن لأي مدنيين يريدون مغادرة المنطقة طوعًا.